مقالات سياسية

طريق الأمية

معروف أن الأمية تنتشر لعدة أسباب سياسية واجتماعية واقتصادية وثقافية، منها ضعف كفاءة أنظمة التعليم التي تؤدي إلى تسرب الأطفال من المدارس، وعدم تطبيق التعليم الإلزامي بشكل كامل، و عدم جدوى الإجراءات التي تتخذ بشأن مكافحة الأمية وتعليم الكبار، عدم ربط التنمية الثقافية والاجتماعية بالتنمية التعليمية، وتدني مستوى المعيشة وانخفاض مستوى الدخل وعدم وجود الرعاية الصحية وغيرها، كل هذه الأسباب متوفرة الآن في السودان زائداً إنه لا يوجد صرف يذكر على التعليم، ومالم يتغير هذا الوضع لا يمكن للأمية أن تنخفض فالوضع في السودان اليوم لا يسمح للكثيرين بمجرد التفكير في التعليم ويساعد آخرين على تركه، ولذلك تنتشر الأمية ويزداد عدد المتسربين من المدارس والجامعات، فالطريق إلى الجهل والأمية ممهد وإلى العلم وعر ومحفوف بالمخاطر. في أغسطس 2015 كشفت وزارة التربية والتعليم العام عن وجود أكثر من (9.691.795) مواطن أمي بالسودن، و في أكتوبر 2016 أعلنت وزيرة التربية والتعليم سعاد عبد الرازق وأمام البرلمان إن عدد الأميين في السودان يساوي نفس الرقم لم ينقص ولم يزد، هذا الرقم نفسه صدر من الجهاز المركزي للإحصاء واليونسيف عام 2008 وبناء عليه أوضح أن نسبة الأمية وسط النساء بلغت (50)% ووسط الرجال (31)% ، ولا يمكن أن يكون الرقم ما زال ثابتاً فهناك أسباب كثيرة تساهم في انخفاضه وارتفاعه حتى وان لم توجد برامج موجهة، ولكن ما دامت الحكومة تتحدث كثيراً عن برامج محو أمية مستمرة وتتحدث عن الآلاف يرتادون التعليم ويتخرجون لا يجب أن تتحدث عن نفس الرقم 10 سنوات، هذا الأمر يعكس إن هناك خللاً في برامج محو الأمية ولا يوجد تحديث مستمر ومراجعة وكل ما تقوم به الحكومة هو عمل استعراضي، وعليه نحتاج دراسات جديدة لنعرف أين يقف السودان بالضبط، وأشك إنه لم يتحرك. أول أمس كشف النائب الأول لرئيس الجمهورية، عن انخفاض الأمية من (51)% في 2003 إلى (24)% في العام 2017م، في أعقاب محاربتها خلال (15) عاماً وقال إن الفقر، الحرب، التهميش الاجتماعي والتفكك الأسري، هي أهم الأسباب وراء الأمية مؤكداً أن الحكومة وضعت حلولاً جذرية لمحاصرة الفقر في أدنى معدلاته، هذا كلام غير مبشر فالفقر فقر يجب أن يحارب ولا يحاصر فهو أينما وجد وجدت الأمية، ثم إن 15 سنة كافية لأن تقضي على الأمية تماماً بل خمس سنوات تكفي إذا كانت الحكومة مجتهدة، وهذه النسبة التي انخفضت تعتبر فشلاً وليس نجاحاً، فما زالت الأمية منشرة وما زال السودان ضمن قائمة أسوأ الدول من حيث التعليم. وزيرة التربية والتعليم أيضاً كشفت عن تحرير ما يفوق الـمليون دارس ودارسة من الأمية خلال العامين المنصرمين، ولا أظن ان هذا الرقم حقيقي فما زالت ظروف المواطنين الاقتصادية والاجتماعية لا تسمح بتعليم الأطفال فكيف تسمح للكبار حتى إن آخر تقرير لليونسف قال إن هناك 3 ملايين طفل خارج أسوار المدرسة، وتظل الظروف المعيشية هي السبب الوحيد الذي يمهد للمواطن الطريق إلى العلم ثم إلى آفاق أرحب في العلم.
التيار

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..