مقالات سياسية

أنا النبي لا كذب (15) الحدود حريتك، والقرآن ليس دستورا، والشريعة مفترى عليها…

الحدود هي الفواصل بين الأشياء من دون تسوير أو حواجز عالية. والحدود يوردها الله تعالى مقرونة بإسمه سبحانه دوما ب “حدود الله”، حيث ذكرت حوالي اربعة عشر مرة في القرآن الكريم. وقد وضعها الله عز وجل لعباده ليميزهم بها ويرى من أكثرهم تقوى له سبحانه في عدم تعدي حدوده جل وعلا. والتقوى بين العبد وربه. وليس هناك أحد مخول بالمعاقبة بتعدي “حدود الله” غيره سبحانه، ولا يمكنه أن يدري إن شخصا تعداها أصلا.
وإذا تدبرنا كلام الله نجد ان أغلب “حدود الله” المذكورة في القرآن هي بين تعامل الرجل وزوجته، في الطلاق والمعاملات الأسرية و الإجتماعية بين الأفراد وفي الميراث. فمثلا: ((ولا تباشروهن وأنتم عاكفون في المساجد، تلك حدود الله فلا تقربوها، كذلك يبين الله آياته للناس لعلهم يتقون)) [البقرة: 187]. أو ((الطلاق مرتان فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان…. تلك حدود اللّه فلا تعتدوها ومن يتعد حدود اللّه فأولئك هم الظالمون)) [البقرة: 229]. ((لا تخرجوهن من بيوتهن ولا يخرجن إلا أن يأتين بفاحشة مبينة ۚ وتلك حدود الله ومن يتعد حدود الله فقد ظلم نفسه لا تدري لعل الله يحدث بعد ذلك أمرا)) [الطلاق: 1]. وفي الميراث ((ولكم نصف ما ترك أزواجكم … من بعد وصية يوصى بها أو دين غير مضار ۚ وصية من الله ۗ والله عليم حليم*تلك حدود الله ۚ ومن يطع الله ورسوله يدخله جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها ۚ وذٰلك الفوز العظيم)) [النساء: 13].

إذا حدود الله هي الحدود الشخصية التي رسمها الله عز وجل للمؤمن لحدود حرية تعاملاته. وبما أن حرية الإختيار هي المقوم الأساسي لعبادة رب العزة عبادة سليمة وعن قناعة تامة، فإن “حدود الله” هي حدود “حرية الفرد” للمؤمن التي يجب أن يلتزم بها أسريا ومجتمعيا وفي عبادته لله سبحانه وتعالى. بالتالي لا يمكن لأحد أن يدعي بأنه يطبق “حدود الله” مطلقة، لأنه لا يعلم ذلك. فمثلا لايعلم أحد معاملة رجل لزوجته في الطلاق، أو عدم مباشرته إذا كان معتكفا إلا الشخص نفسه والله العليم بذات الصدور.

ولكن “حدود الله” أصبحت أداة لإرهاب الناس وقهرهم وسلب حرياتهم والتحكم بهم وإستبدادهم فأفرغت من معناها الأصلي. فقد إستخدمها السلاطين وبعض رجال الدين والسياسيين “الإسلاميين” وجعلوها قفاز في أيديهم، وحقوق وكالة من الله عز وجل لتطبيقها عنه سبحانه وإعانته- ونستغفر الله العلي العظيم-، كيف؟ الله أعلم.
وقد خلطوا أمور كثيرة بمفهوم الحدود. فمن الممكن القول بأن ما نهى عنه الله تعالى منهيات لم يسمها الله ب”حدود الله” في القرآن الكريم، ولكن لا بأس إن سميناها حدودا في سبيل تقوى الله عز وجل. ك: ((لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى حتى تعلموا ما تقولون ولا جنبا إلا عابري سبيل حتى تغتسلوا)) [النساء: 43]، ((ولا تقربوا الفواحش ما ظهر منها وما بطن)) [الأنعام: 151]، ((ولا تقربوا الزنى إنه كان فاحشة وساء سبيلا)) [الإسراء: 32]، ((ولا تقربوا مال اليتيم إلا بالتي هي أحسن)) [الأنعام: 152- الإسراء: 34].
فهذه بالأحرى أوامر ويمكنك أن ترسم حدودا لكي لا تقربها، ويمكنك أن تتعداها إذا كنت لا تتقي الله عز وجل. وهناك الكثير من الذي يأمر به الله وينهى عنه و يمكنك فعله دون أن يدرى عنك بشر. إذا الحدود هي مسألة إختيار فردي وهي حدود تقوى العبد وإلتزامه وعدم إقترابه لما ينهى الله عنه. وبإختصار فإن حدود الله هي حدود للحرية الشخصية.

العقوبات ليست الحدود..

ولا يجب أن يخلط مفهوم الحدود بالعقوبات. فما يطبقه الناس من عقوبات هو تطبيق لعقوبة تعدي المخالفين لحدودهم الشخضية ودخولهم في حدود حرية الأخرين. فمن المهم وضع القوانين التي تحفظ للفرد حريته، وبالمقابل يحفظ كل واحد من الناس حدوده مع الآخرين ويعاقب من يتعداها. وبذلك يحافظوا على مجتمعاتهم.
وفي القرآن الكريم 6236 آية منها تسع آيات فقط تتحدث عن عقوبات معينة. والعقوبات هي: القصاص (قتل النفس بالنفس أو الدية)، الزنى (الجلد 100 جلدة-للكل متزوجون أو عزاب كما وضحنا)، قذف المحصنات المؤمنات، أي الحرائر “متزوجات وغيرهم” (الجلد 80 جلدة)، السرقة (قطع اليد)، الحرابة أي قطع الطريق للسرقة والقتل والإعتداء (القتل أو الصلب، أو قطع الأيدي والأرجل من خلاف، أو النفي).
فهذه العقوبات الصريحة التي نصها الله تعالى في كتابه العزيز. ونستشف هنا رحمة الله وعدله لعباده. فمثلا عقوبة الزنى من الصعب جدا إثباتها. بينما القتل، والسرقة، والحرابة، وقذف الحرائر فإثباتها ليس صعبا مثل الزنى. وإذا نظرنا لكل العقوبات التي نص عليها كتاب الله، فهي تمثل نوعا من أنواع التعدي السافر والإنتهاك الصارخ على الحريات الشخصية والتي يريد الله سبحانه الحزم في القضاء عليه.
وإذا كانت الدول التي تدعي تطبيق حدود الله أو الشريعة فعليا لرأينا كثيرا من الرجال يجلدون. فهناك الكثير من يتعرض بالقذف للنساء وإتهامهن بمجرد أن يرى المرأة سافرة أو متبرجة ولا تعجبه. فهذا حد صريح في كتاب الله تعالى بالجد 80 جلدة لقذف المحصنات (أي الحرائر: الحرة: زوجة، عازبة أو مطلقة) المؤمنات الغافلات وإثباته ليس صعبا مثل الزنى. ولأنهم يريدون بتطبيق الحدود والشريعة غير ذلك فنجد النساء يقهرن ويذللن.

إن من الجائز جدا وضع حدود ونص عقوبات اخرى يتعارف عليها الناس لحفظ حدود حرية الأفراد و لصيانة مجتمعاتهم حسب أعرافهم وتقاليدهم. أي يمكننا رسم حدود حرية الأفراد في المجتمع. و حرية الإنسان في المجتمع تبدأ من الشخص وتنتهي في إطار حرية الشخص الآخر والتي يجب أن لا يتعداها. وهنا يمكن وضع القانون والذي لا يمكن أن نسميه حدود.

القرآن ليس دستورا ولكنه أخلاق..

الدستور (بالإنجليزية: Constitution)، هو القانون الأعلى للدولة الذي يحدد الخطوط الأساسية العريضة لشكل الدولة ويرسم الحدود العامة بين السلطة والأفراد أو بين المواطن والدولة، وبين مؤسسات الحكومة المختلفة مع
بعضها البعض. فمثلا يحدد شكل الدولة (بسيطة أم مركبة) ونظام الحكم (ملكي أم جمهوري) وشكل الحكومة (رئاسية أم برلمانية) وينظم السلطات العامة، ويشمل وضع لائحة اختصاصات السلطات الثلاث (السلطة التشريعية والسلطة القضائية والسلطة التنفيذية) فيها من حيث التكوين والاختصاص والعلاقات التي بينها وحدود كل سلطة، والواجبات والحقوق الأساسية للأفراد والجماعات ويضع الضمانات لها تجاه السلطة. وبإختصار فإن الدستور يجب أن ينص على حقوق المواطن الأساسية، حق الحياة وحق الحرية، ويحفظ كرامة المواطن الذي يعيش في موطنا ما لكي ليكون إنسانا حرا ومواطنا له واجبات وعليه حقوق في وطنه.

والدستور مصطلح حديث لم يورد ذكره في القرآن الكريم نهائيا وإستخدمه بعض السياسيين”الإسلاميين” حديثا للكسب السياسي فقط بعبارة: “القرآن دستورنا”. فكما أوضحنا بأن حدود الله هي حدود إلتزام المؤمن. والدين عموما مبني على حرية الإختيار، بينما القانون مبني على الإلتزام والإجبار. لذلك لا يمكن ان نقول بأن القرآن دستورا. فالله لا يجبر أحدا على عبادته والإلتزام بذلك.
والقانون يهتم بحفظ حقوق الأفراد في تعاملاتهم وعدم تعدي حدود الآخرين. بينما الدين يهتم بصيانة سلوك الفرد لحفظ تعاملاته ذاتيا وعدم تعدي حدود الآخرين. فالدين والقانون يلتقيان في نقطة واحدة ولكن طرق التنفيذ تختلف.
والقانون ليس له دخل بالنوايا لأنه يهتم بالسلوك الفعلي الصادر، فالنيات بينك وبين الله تعالى. ولكن الدين يعنى بالبواعث والنيات لذلك فإن الدين المعاملة وإنما الأعمال بالنيات. فالدين إذا أخلاق والقانون لا يطلب منك أن تكون على خلق ولكن يجبرك أن تحترمه. فالقانون يهتم بحسن الفعل أو الظاهر من الأفعال والمعاملات فقط. بينما الدين يهتم بحسن الفعل وحسن الفاعل، أي بالجوهر والظاهر منه. فالقانون يهذب المجتمع والعلاقات بين كل اطرافه، بينما الدين أخلاق، والأخلاق تهذب الفرد. فمثلا إذا ضبط أحد الأشخاص متلبسا، سارقا مثلا، فلا يعفيه القانون من إتهامه ومعاقبته لأنه يقيم الليل أو يصوم الإثنين والخميس مثلا. وبالمقابل القانون لا يعاقب أحدا من طرف لأنه لا يصلي أو لا يصوم ناهيك عن أنه لم يرتكب جريمة أساسا. والقانون لا يعاقب مثلا على الغيبة والنميمة، ولكن الدين يعاقب على كل هذا والجزاء الأوفى لكل الأعمال يوم الدين. لذلك فإن الدستور والقانون يستدعي التقيد الظاهر فقط مهما كان خلقك. وبما أن القرآن خلق، فالقرآن ليس دستورا إنما أخلاق.

إذن الواجب الإلتزام بالقانون ولكن الحق الإلتزام بالدين. لذا لابد هنا من التفريق بين الحقوق والواجبات. فالعبادة ليست من الواجبات بل من الحقوق التي تعود بمنفعتها على نفسك ولا تضر أحدا إذا فعلتها أم لا. مثلا ((قد أفلح المؤمنون*الذين هم في صلاتهم خاشعون…))، ((ومن الليل فتهجد به نافلة لك))، ((قد أفلح من زكاها*وقد خاب من دساها)). فكل هذه عوائد فردية.
وللمفارقة المحزنة فإن البلدان التي يسمونها كافرة وعلمانية تجدها محترمة أكثر من البلدان التي تسمى نفسها إسلامية. فهي تضع القوانين المختلفة لحماية حرية أفرادها إبتداء من الحرية الدينية إلى أبسط نوع من الحرية الفردية والقانون يلزم بنيل كل مواطن حقوقه كاملة. أما المنظمات العالمية التي يرأسها كما يقولون الكفار والملحدون والعلمانيون فتسعى لوضع قوانين لحقوق الإنسان والتي هي نفسها ينص عليها كتابنا العزيز، من الحرية وحرية الإختيار، والعيش في سلام وأمان دون حروب، وحقوق المرأة، وحقوق الفقراء، البيئة….إلخ. ولكن حرفت تلك المفاهيم بواسطة مجموعة من السلاطين وفقهائهم لتسلب من معانيها ويستخدمون عكسها في الإستبداد وكبت الحريات لأجل الحكم.

إن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم لم يكن حاكما أساسا بالمعنى الذي يريد أن يصوره لنا المخادعون. فهو كان نبيا مبشرا ونذيرا وليس مسيطر على أحد. فهو مربي ومأدب، بينما القانون مسيطر ومعاقب.
وبحسب معارف ذلك الزمان، وضع رسول الله صلى الله عليه واله وسلم ميثاق في المدينة كنموذج ينص على حفظ حقوق الحريات والإلتزام بالتعايش السلمى بين الناس بمختلف طوائفهم. وبحسب الروايات جاء فيه: (وأنه لا يحول هذا الكتاب دون ظالم أو آثم، وأنه من خرج آمن ومن قعد آمن بالمدينة إلا من ظلم أو آثم، وأن الله جار لمن بر واتقى، ومحمد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)). فهذه هي أخلاق القرآن.

ولكن بحسب زماننا فإن الدساتير أصبحت تصاغ بواسطة لجنة تتكون من كل ألوان الطيف السياسي. وبعد صياغته ومن ثم مناقشة بنوده والإتفاق على صيغة نهائية يتم إستفتاء الشعب عليه. وإذا إختارت الأغلبية الدستور، عليهم الإلتزام به جميعا في داخل رقعة وطنهم. ومن الدستور تنبثق القوانين الأخرى التي يضعها المجلس التشريعي -المنتخب من الشعب أيضا- لصيانة وحفظ المجتمع ورعايته بحسب ما يتعارفون عليه، وذلك توافقا مع الآية: ((خذ العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين)) [الأعراف: 199].
وكل هذه العملية لا يجب أن يكون فيها طغيان لفئة على فئة. فالإنتخاب النزيه الشفاف أولا ورضاء كل الأطراف هو من أهم العوامل لنجاح الدستور. فلا يمكن أن تحتكر فئة كتابة الدستور بمفردها، وتخدع بأن هذا من أجل التمكين. فالتمكين هو من عند الله وحده فقط. بقوله عز وجل: ((وكذلك مكنا ليوسف)) [يوسف: 21- 56]، ((إنا مكنا له)) [الكهف: 84]. ولاحظ لأن التمكين فردي ليوسف فقط. وهذا التمكين ليس من أجل الإستيلاء والتحكم في عباد الله. فيوسف عليه الصلاة والسلام عندما مكنه الله بعلمه، فصار وزيرا ?للمالية والإقتصاد- في حكومة ملك ربما كان “كافرا” ولم يطلب بأن يستولي على الحكم هو نفسه لأنه نبي وأفضل من الملك نفسه. بل عمل في حكومته كفرد عادي. والتمكين أساسا هو للدين وليس للدولة، والله وحده هو المتكفل بإنجازه بقوله: ((وليمكنن لهم دينهم الذي أرتضى لهم)) [النور: 55].

والدستور أيضا لايمكن أن يكون هو القرآن لأن الدستور يمكن ان يتجدد ويتغير ولكن القرآن مبادئ وأخلاق ثابتة. و كل تلك المفاهيم خلطت لتضليل الناس وإستخدام الشعارات الرنانة للمآرب الشخصية والمكاسب الدنيوية. ومن يتخذ هذا إما مخادع أو مخدوع. ولم يكتفي المخادعون والمخدوعون بذلك بل أتوا بفرية أخرى بتسمية “دستور الشريعة”.

الشريعة المفترى عليها…

الشريعة ليست لها علاقة بالقوانين بتاتا. فالإمتثال لحدود الله ونواهيه هو الشريعة.
يقول تعالى: ((ولقد آتينا بني إسرائيل الكتاب والحكم والنبوة ورزقناهم من الطيبات وفضلناهم على العالمين* وآتيناهم بينات من الأمر فما اختلفوا إلا من بعد ما جاءهم العلم بغيا بينهم إن ربك يقضي بينهم يوم القيامة فيما كانوا فيه يختلفون* ثم جعلناك على “شريعة” من الأمر فاتبعها ولا تتبع أهواء الذين لا يعلمون* إنهم لن يغنوا عنك من الله شيئا وإن الظالمين بعضهم أولياء بعض والله ولي المتقين* هذا بصائر للناس وهدى ورحمة لقوم يوقنون)) [الجاثية: 20]. فقد وردت كلمة شريعة التي صدعت بها أذاننا مرة واحدة في القرآن العظيم. ومن خلال السياق فهو ما شرعه الله تعالى لرسوله صلى الله عليه وآله وسلم بإتباعه.
فإذا لا شئ إسمه تطبيق الشريعة في الدولة أو المجتمع، فتطبيقها معناه السير الفردي بحسب منهاج الرسول صلى الله عليه وآله وسلم. لذلك تطبيق الشريعة لا يعني بتاتا تطبيق العقوبات القرآنية الخمس، أو القوانين التي يتم صياغتها وتنعت بالإسلامية.

لقد شوه مفهوم الشريعة بحصره في هذا الإطار الضيق الكاذب، وجعله محور تنازع وتراشق بين الخصوم السياسيين. فالفريق الأول يرى إنه يريد تطبيق الشريعة ويبرر بذلك تسلطه وأحقية سطوه على السلطة وكل وسائله وأفعاله المخالفة للأخلاق للوصول لتلك الغاية؟! أي بإسلوب “الغاية تبرر الوسيلة”، ومن التناقض ان الشريعة نفسها تلزم من يتبعها بالإنضباط الأخلاقي.
أما الفريق الثاني فبلع الطعم وقبل أن تكون الشريعة والتي أساسها الفرد معترك للمعركة ومحل هجوم منه مقدما أسبابا ك: للدين قدسية فى النفوس تحول التنافس السياسي إلى مواجهة مزيفة مع الدين، والشريعة تشتمل على تنوع فى الآراء واختلاف فى الاجتهادات تسمح لكل طرف بالإحتجاج بما يناسب رؤيته، و وجود غير المسلمين فى البلد يجعل من إلزامهم بأحكام الشريعة نوعاً من الظلم، ومن الإستحالة تطبيق منهج مضى عليه أربعة عشر قرناً تغير العالم خلالها تغيراً جذرياً.
وكل هذه قرائن منطقية ولكن ليس لها صلة بالموضوع الذي إنجروا ورائه وجعل الشريعة محلا للإستهداف. فأنخدعوا بلعبة المعاني والصطلحات. فالشريعة اولا أساسها الفرد وليست معنية بالدولة، وهي ليست أمرا من الله إجباري يجب على الفرد التقيد به، وهي ليست منهج إنتقائي يأخذ منه الفرد ما يتوافق أو ما يحلو ويترك بعضه. ولكن هي منهج إختياري للفرد للسير والتقيد به.

و للأسف صارت الشريعة مفهوم نظري، يستخدم في المعارك السياسية. والمفاهيم السياسية النابعة من مصادر عقائدية ما خطر رهيب على الناس من حيث القمع و الإرهاب. ويحكي التأريخ ماذا فعل الأمويون فى مواجهة معارضيهم. لقد وصل بهم الأمر إلى هدم الكعبة، وإلى استحلال نساء المدينة لمدة ثلاثة أيام. و تكرر ذلك من قبل السلطة ومن قبل المعارضة أيضا على مدار تاريخ المسلمين من الأمويين إلى العباسيين، إلى العثمانيين، ومن الخوارج إلى القرامطة إلى الإسماعيلية. فلقد كان تحويل الخلاف السياسي إلى عقائدي أحد أسباب التقاتل والحروب بوهم كل طرف بأنه على حق، وإنه سيطبق الشريعة.
وهل أثبت التأريخ بأن دول الشريعة أو تطبيق الشريعة بمفهوم المدعين لتطبيقها سيصلح حال الناس والمجتمع وتزدهر الدولة وتتقدم الأمة؟. وهل كانت تلك الدول الآنف ذكرها نموذجا يحتذى به لنعيد امجاده؟. لن أجيب لأن محور النقاش أساسا خاطئ، فلذلك لايجب أن الخوض في الحديث والجدل الذي ليس لديه فائدة ولن يصل فيه طرف إلى نتيجة.
ولكن عموما، ليس معنى أن هناك حاكم عادل معناه إنه مسلم، وليس معنى أن هناك حاكم مسلم بالضرورة سيكون عادلا. وليس بالضرورة إذا كان الحاكم كافرا انه سيكون ليس عادلا، أو ان الحاكم ليس عادلا فيعني أن الحاكم كافرا.

و الشريعة ليست قانون، ولكن إذا أعتبرنا هذا مجازا فإن الدكتور خالد المذكور رئيس اللجنة الاستشارية العليا للعمل على استكمال تطبيق أحكام الشريعة الإسلامية بالكويت، يقول: “نحن درسناها في اللجنة واكتشفنا أن القوانين الفرنسية، معظمها مأخوذ من الفقه الإسلامي”، ويضيف: “لم نعدل من القانون المدني الذي يضم 1080 مادة سوى 40 مادة، والبقية لا تتعارض مع الشريعة”، ثم يقول: “إن أكثر من 95 % من أحكام الشريعة، اجتهاد بشري متروك لمصالح الناس والكليات الخمس”.

إن الشريعة طريق الإستقامة الذي كان يسير عليه نبينا صلوات الله وسلامه عليه. فهي تطبيق في الذات لكل ما أمر ونهى عنه الله عز وجل. فقد نهى الله عز وجل مثلا عن الهمز واللمز والغمز والتجسس والتابز والغيبة والنميمة والكفر والفسوق والعصيان. فهل فعلنا ذلك لنقول إننا طبقنا الشريعة في أنفسنا؟. و يقول الحق جل وعلا ((قالت الأعراب آمنا قل لم تؤمنوا ولكن قولوا أسلمنا ولما يدخل الإيمان في قلوبكم وإن تطيعوا الله ورسوله لا يلتكم من أعمالكم شيئا إن الله غفور رحيم* إنما المؤمنون الذين آمنوا بالله ورسوله ثم لم يرتابوا وجاهدوا بأموالهم وأنفسهم في سبيل الله أولئك هم الصادقون* قل أتعلمون الله بدينكم والله يعلم ما في السماوات وما في الأرض والله بكل شيء عليم* يمنون عليك أن أسلموا قل لا تمنوا علي إسلامكم بل الله يمن عليكم أن هداكم للإيمان إن كنتم صادقين)) [الحجرات: 17]. فالشريعة ليست إدعاء ومن على الله بعلم دينه وأخذا الوكالة والوصاية، من دون الناس، بتطبيقه على خلق الله. فكم من مسئ للإسلام يتخذ هذا النهج وهو يسئ ويشوه صورة الإسلام اكثر من أعداءه الحقيقيين.
فمناصري الشريعة إتخذوها مطية ليبرروا بها سيطرتهم وإستبدادهم على الناس وقمعهم، والرسول صلى الله عليه وآله وسلم وشريعته أساسا لم يكن عليهم بمسيطر. فيقول له الله عز وجل له قل: ((قل لست عليكم بوكيل)) [الأنعام: 66]. والله تعالى بذاته العلية لم يسطير على أحد. ((ولله ما في السموات وما في الأرض وكفى بالله وكيلا)) [النساء: 132]. فكفى بالله تسترا وبدينه تدثرا وبرسوله تبليا. ف: ((إن الله لا يأمر بالفحشاء أتقولون على الله ما لا تعلمون)) [الأعراف: 28].

إتباع الشريعة في الحكم هي “العدل”..

ويقول الله تعالى: ((إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم لعلكم تذكرون)) [النحل: 90]، فهذه شريعة من الله والمرء حر في إتباعها. ويقول أيضا: ((إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل إن الله نعما يعظكم به إن الله كان سميعا بصيرا)) [النساء: 58]. وعليك بملاحظة في الآيتين ورود إن هذا “وعظ” من الله. ونعما يعظكم: أي نعم الذي يعظكم به الله عز وجل ما ذكر. فالله يأمر إذا أقيم حكم بين الناس أن يكون بالعدل. فهذه هي شريعة الله في الحكم، و هي العدل “بين الناس” ولم يفرق في ذلك بين مسلمين وإسلاميين أومسيحيين و وثنيين ولا دينيين. فمن يأتي للحكم بإتفاق الجميع ويسعى جديا لإقامة العدل، فإنه بذلك يطبق الشريعة، بغض النظر عن مرجعيته السياسية، إن كان إسلامي أو شيوعي أو علماني.

وبالمقابل فإن عدم العدل أي ?الظلم- هو خلاف شريعة الله سبحانه وتعالى وعكس ما كان عليه نبينا الكريم صلوات الله وسلامه عليه. فكتابنا العزيز الذي نزل على قلبه صلوات الله وسلامه، لم ينص على شريعة بل عدم الركون للظلم و الثورة ضد الطغاة الظالمين.

* الحلقة القادمة الإثنين بإذن الله.
[email][email protected][/email]

تعليق واحد

  1. يا هذا نعم النبي لا يكذب …وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَىٰ
    { وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى } أي: ليس نطقه صادرا عن هوى نفسه

    1/ و لكن أنت تكذب … قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( كفى بالمرء كذبا أن يحدث بكل ما سمع )

    لكي تتحدث عن الشريعة و القوانين تجب أن تعلم أولا … معنى كلمة الدين في اللغة العربية و منها يمكن أن تعرف معني كلمة شريعة و قانون يا هذا

    أنك لا تعلم شي عن الدين فلا تفتري الكذب و الدجل على الله يا هذا لان من معاني كلمة الدين .. القوانين و التشريع …

    التحقيق اللغوي
    تستعمل كلمة الدين في كلام العرب بمعان شتى وهي:

    (1) القهر والسلطة والحكم والأمر، والإكراه على الطاعة، واستخدام القوة القاهرة (Sovereignty) فوقه، وجعله عبداً، ومطيعاً، فيقولون (دان الناس) أي قهرهم على الطاعة، وتقول (دنتهم فدانوا) أي قهرتهم فأطاعوا. و (دنت القوم) أي أذللتهم واستعبدتهم، و (دان الرجل) إذا عز و (دنت الرجل) حملته على ما يكره. و (دُيّن فلان) إذا حمل على مكروه. و (دنته) أي سسته وملكته. و (ديَّنته القوم) وليته سياستهم، ويقول الحطيئة يخاطب أمه:

    لقد دينت أمر بنيك حتى

    تركتهم أدق من الطحين
    وجاء في الحديث النبوي على صاحبه الصلاة والسلام: (الكيس من دان نفسه وعمل لما بعد الموت) أي قهر نفسه وذللها، ومن ذلك يقال (ديان) للغالب القاهر على قطر أو أمة أو قبيلة والحاكم عليها، فيقول الأعشى الحرمازي يخاطب النبي صلى الله عليه وسلم: يا سيد الناس وديان العرب

    وبهذا الاعتبار يقال (مدين) للعبد والمملوك و (المدينة) للأمة فـ (ابن المدينة) معناه ابن الأمة كما يقول الأخطل: ربت وربا في حجرها ابن مدينة

    وجاء في التنزيل:

    (فلولا إن كنتم غير مدينين. ترجعونها إن كنتم صادقين) (الواقعة: 86-87)

    (2) الإطاعة والعبدية والخدمة والتسخر لأحد والائتمار بأمر أحد، وقبول الذلة والخضوع تحت غلبته وقهره. فيقولون (دنتهم فدانوا) أي قهرتهم فأطاعوا، و (دنت الرجل) أي خدمته، وجاء في الحديث، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (أريد من قريش كلمة تدين بها العرب) أي نطيعهم ونخضع لهم. بهذا المعنى يقال للقوم المطيعين (قوم دين) بهذا المعنى نفسه قد وردت كلمة الدين في حديث الخوارج (يمرقون من الدين مروق السهم من الرمية)

    (3) الشرع والقانون والطريقة والمذهب والملة والعادة والتقليد، فيقولون (ما زال ذلك ديني وديدني) أي دأبي وعادتي. ويقال (دان) إذا اعتاد خيراً أو شراً. وفي الحديث (كانت قريش ومن دان بدينهم) أي من كان على طريقتهم وعادتهم، وفيه (أنه عليه السلام كان على دين قومه) أي كان يتبع الحدود والقواعد الرائجة في قومه في شؤون النكاح والطلاق والميراث وغير ذلك من الشؤون المدنية والاجتماعية.

    (4) الجزاء والمكافأة والقضاء والحساب. فمن أمثال العرب (كما تدين تدان) أي كما تصنع يصنع بك. وقد روى القرآن قول الكفار (أإنا لمدينون) أي هل نحن مجزيون محاسبون؟ وفي حديث ابن عمر رضي عنهما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (لا تسبوا السلاطين، فإن كان لا بد فقولوا اللهم دنهم كما يدينون) أي افعل بهم كما يفعلون بنا. ومن هنا تأتي كلمة (الديان) بمعنى القاضي وحاكم المحكمة وسئل أحد الشيوخ عن علي كرم الله وجهه فقال: (إنه كان ديان هذه الأمة بعد نبيها) أي كان أكبر قضاتها بعده.

    استعمال كلمة (الدين) في القرآن
    فيتبين مما تقدم أن كلمة (الدين) قائم بنيانها على معان أربعة، أو بعبارة أخرى هي تمثل الذهن العربي تصورات أربعة أساسية:

    أولها: القهر والغلبة من ذي سلطة عليا.

    والثاني: الإطاعة والتعبد والعبدية من قبل خاضع لذي السلطة.

    والثالث: الحدود والقوانين والطريقة التي تتبع.

    والرابع: المحاسبة والقضاء والجزاء والعقاب.

    وكانت العرب تستعمل هذه الكلمة قبل الإسلام بهذا المعنى تارة أخرى حسب لغاتهم المختلفة؛ إلا أنهم لما لم تكن تصوراتهم لتلك الأمور الأربعة واضحة جلية ولا كان لها من السمو والبعد نصيب، كان استعمال كلمة (الدين) مشوباً بشوائب اللبس والغموض، ولذلك لم يتح لها أن تكون مصطلحاً من مصطلحات نظام فكر متين، حتى نزل القرآن فوجد هذه الكلمة ملائمة لأغراضه؛ فاقتناها واستعملها لمعانيه الواضحة المتعينة، واصطنعها مصطلحاً له مخصوصاً. فأنت ترى أن كلمة (الدين) في القرآن تقوم مقام نظام بأكلمه، يتركب من أجزاء أربعة هي:

    1- الحاكمية والسلطة العليا.

    2- الإطاعة والإذعان لتلك الحاكمية والسلطة.

    3- النظام الفكري والعملي المتكون تحت سلطان تلك الحاكمية.

    4- المكافأة التي تكافئها السلطة العليا على اتباع ذلك النظام والإخلاص له أو على التمرد عليه والعصيان له.

    ويطلق القرآن كلمة (الدين) على معنيها الأول والثاني تارة، وعلى المعنى الثالث أخرى وعلى الرابع ثالثة، وطوراً يستعمل كلمة (الدين) ويريد بها ذلك النظام الكامل بأجزائه الأربعة في آن واحد. ولإيضاح ذلك يجمل بنا النظر فيما يأتي من الآيات الكريمة:

    الدين بالمعنيين الأول والثاني:

    (الله الذي جعل لكم الأرض قراراً والسماء بناءً وصوركم فأحسن صوركم ورزقكم من الطيبات ذلكم الله ربكم فتبارك الله رب العالمين، هو الحي لا إله إلا هو فادعوه مخلصين له الدين الحمد لله رب العالمين) (غافر: 64-65)
    (قل إني أمرت أن أعبد الله مخلصاً له الدين. وأمرت لأن أكون أول المسلمين) .. (قل الله أعبد مخلصاً له ديني. فاعبدوا ما شئتم من دونه)
    (والذين اجتنبوا الطاغوت أن يعبدوها وأنابوا إلى الله لهم البشرى) .. (إنا أنزلنا إليك الكتاب بالحق فاعبد الله مخلصاً له الدين. ألا لله الدين الخالص) (الزمر: 11-12 و 17، و 2-3)
    (وله ما في السماوات والأرض وله الدين واصباً أفغير الله تتقون) (النحل: 52)
    (أفغير دين الله يبغون وله أسلم من في السماوات والأرض طوعاً وكرهاً وإليه يرجعون) (آل عمران: 82)
    (وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء) (البينة: 5)

    في جميع هذه الآيات قد وردت كلمة (الدين) بمعنى السلطة العليا، ثم الإذعان لتلك السلطة وقبول إطاعتها وعبديتها. والمراد بإخلاص الدين لله ألا يسلم المرء لأحد من دون الله بالحاكمية والحكم والأمر، ويخلص إطاعته وعبديته لله تعالى إخلاصاً لا يتعبد بعده لغيره الله ولا يطيعه إطاعة مستقلة بذاتها.
    الدين بالمعنى الثالث

    (قل يا أيها الناس إن كنتم في شكٍ من ديني فلا أعبدُ الذين تعبدون من دون الله ولكن أعبد الله الذي يتوفاكم وأمرت أن أكون من المؤمنين. وأن أقم وجهك للدين حنيفاً ولا تكونن من المشركين) (يونس: 104-105)
    (إن الحُكم إلا لله أمر أن لا تعبدوا إلا إياه ذلك الدين القيم) (يوسف: 40)
    (وله من في السماوات والأرض كلٌ له قانتون) ..
    (ضرب لكم مثلاً من أنفسكم هل لكم مما ملكت أيمانكم من شركاء فيما رزقناكم فأنتم فيه سواءٌ تخافونهم كخيفتكم أنفسكم) ? (بل اتّبع الذين ظلموا أهواءهم بغير علم)? (فأقم وجهك للدين حنيفاً فطرة الله التي فطر الناس عليها لا تبديل لخلق الله ذلك الدين القيم ولكن أكثر الناس لا يعلمون) *(الروم: 26 و 28، 29، 30)
    (الزانية والزاني فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة ولا تأخذكم بهما رأفة في دين الله) (النور: 2)
    (إنّ عدة الشهور عند الله اثنا عشر شهراً في كتاب الله يوم خلق السماوات والأرض، منها أربعة حرمٌن ذلك الدين القيم) (التوبة: 36)
    (كذلك كدنا ليوسف ما كان ليأخذ أخاه في دين الملك) (يوسف: 76)
    (وكذلك زين لكثير من المشركين قتل أولادهم شركاؤهم ليردوهم وليلبسوا عليهم دينهم) (الأنعام: 137)
    (أم لهم شركاء شرعوا لهم من الدين ما لم يأذن به الله) (الشورى: 21)
    (لكم دينكم ولي دين) (الكافرون: 6)
    المراد بـ (الدين) في جميع هذه الآيات هو القانون والحدود والشرع والطريقة والنظام الفكري والعملي الذي يتقيد به الإنسان فإن كانت السلطة التي يستند إليها المرء لاتباعه قانوناً من القوانين أو نظاماً من النظم سلطة الله تعالى، فالمرء لا شك في دين الله عز وجل، وأما إن كانت تلك السلطة سلطة ملك من الملوك، فالمرء في دين الملك، وإن كانت سلطة المشايخ والقسوس فهو في دينهم. وكذلك إن كانت تلك السلطة سلطة العائلة أو العشيرة أو جماهير الأمة، فالمرء لا جرم في دين هؤلاء. وموجز القول أن من يتخذ المرء سنده أعلى الأسناد وحكمه منتهى الأحكام ثم يتبع طريقاً بعينه بموجب ذلك، فإنه ?لا شك- بدينه يدين.

    الدين بالمعنى الرابع:

    (إنَّ ما توعدون لصادق وإن الدين لواقع) (الذاريات: 5-6)
    (أرايت الذي يكذب بالدين. فذلك الذي يدع اليتيم. ولا يحض على طعام المسكين) (الماعون 1-3)
    (وما أدراك ما يوم الدين. ثم ما أدراك ما يوم الدين. يوم لا تملك نفسٌ لنفسٍ شيئاً والأمر يومئذ لله) (الانفطار: 17-19)
    قد وردت كلمة (الدين) في هذه الآيات بمعنى المحاسبة والقضاء والمكافأة.

    الدين: المصطلح الجامع الشامل :

    إلى هذا المقام قد استعمل القرآن كلمة (الدين) فيما يقرب من معانيها الرائجة في كلام العرب الأول. ولكننا نرى بعد ذلك أنه يستعمل هذه الكلمة مصطلحاً جامعاً شاملاً يريد به نظاماً للحياة يدعن فيه المرء لسلطة عليا لكائن ما، ثم يقبل إطاعته واتباعه ويتقيد في حياته بحدوده وقواعده وقوانينه ويرجو في طاعته العزة والترقي في الدرجات وحسن الجزاء، ويخشى في عصيانه الذلة والخزي وسوء العقاب. ولعله لا يوجد في لغة من لغات العالم مصطلح يبلغ من الشمول والجامعية أن يحيط بكل هذا المفهوم. وقد كادت كلمة (State) تبلغ قريباً من ذلك المفهوم ولكنها تفتقر إلى مزيد من الاتساع لأجل إحاطتها بحدود معاني كلمة (الدين). وفي الآيات التالية قد استعمل (الدين) بصفة هذا المصطلح الجامع:

    (الأول والثاني) ……………… (الرابع) ……………………. (الثالث)

    (قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر ولا يحرّمون ما حرّم الله ورسوله ولا يدينون دين الحق من الذين أوتوا الكتاب حتى يعطوا الجزية عن يدٍ وهم صاغرون) (التوبة: 29)

    (الدين الحق) في هذه الآية كلمة اصطلاحية قد شرح معانيها واضح الاصطلاح نفسه عز وجل، في الجمل الثلاث الأولى، وقد أوضحنا بوضع العلامات على متن الآية أنه قد ذكر الله تعالى فيها جميع معاني كلمة (الدين) الأربعة، ثم عبر عن مجموعها بكلمة (الدين الحق).

    (وقال فرعون ذروني أقتل موسى وليدعُ ربّه إني أخاف أن يبدّل دينكم أو يظهر في الأرض الفساد) (غافر: 26)

    وبملاحظة جميع ما ورد في القرآن من تفاصيل لقصة موسى عليه السلام وفرعون، لا يبقى من شك أن كلمة (الدين) لم ترد في تلك الآيات بمعنى النحلة والديانة فحسب، أريد بها الدولة ونظام المدينة أيضاً. فكان مما يخشاه فرعون ويعلنه: أنه إن نجح موسى عليه السلام في دعوته، فإن الدولة ستدول وإن نظام الحياة القائم على حاكمية الفراعنة والقوانين والتقاليد الرائجة سيقتلع من أصله. ثم إما أن يقوم مقامه نظام آخر على أسس مختلفة جداً، وإما ألا يقوم بعده أي نظام. بل يعم كل المملكة الفوضى والاختلال.

    (إن الدين عند الله الإسلام) (آل عمران: 16)
    (ومن يبتغ غير الإسلام ديناً فلن يقبل منه) (آل عمران: 85)
    (هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون) (التوبة: 33)
    (وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة ويكون الدين كله لله) (الأنفال: 39)
    (إذا جاء نصر الله والفتح ورأيتَ الناس يدخلون في دين الله أفواجاً فسبح بحمد ربك واستغفره إنه كان تواباً) (سورة النصر)
    المراد بـ (الدين) في جميع هذه الآيات هو نظام الحياة الكامل الشامل لنواحيها من الاعتقادية والفكرية والخلقية والعملية.

    فقد قال الله تعالى في الآيتين الأولين إن نظام الحياة الصحيح المرضي عند الله هو النظام المبني على إطاعة الله وعبديته. وأما ما سواه من النظم المبنية على إطاعة السلطة المفروضة من دون الله، فإنه مردود عند، ولم يكن بحكم الطبيعة ليكون مرضياً لديه، ذلك بأن الذي ليس الإنسان إلا مخلوقه ومملوكه، ولا يعيش في ملكوته إلا عيشة الرعية، لم يكن ليرضى بأن يكون للإنسان الحق في أن يحيا حياته على إطاعة غير سلطة الله وعبديتها، أو على اتباع أحد من دون الله.

    وقال في الآية الثالثة أنه قد أرسل رسوله صلى الله عليه وسلم بذلك النظام الحق الصحيح للحياة الإنسانية -أي الإسلام- وغاية رسالته أن يظهره على سائر النظم للحياة.

    وفي الرابعة قد أمر الله المؤمنين بدين الإسلام أن يقاتلوا من في الأرض ولا يكفوا عن ذلك حتى تمحي الفتنة، وبعبارة أخرى حتى يمحي جميع النظم القائمة على أساس البغي على الله، وحتى يخلص لله تعالى نظام الإطاعة والعبدية كله.

    وفي الآية الأخيرة الخامسة قد خاطب الله تعالى نبيه صلى الله عليه وسلم حين الانقلاب الإسلامي بعد الجهد والكفاح المستمر مدة ثلاث وعشرين سنة، وقام الإسلامبالفعل بجميع أجزائه وتفاصيله نظاماً للعقيد والفكر والخلق والتعليم والمدنية والاجتماع والسياسة والاقتصاد، وجعلت وفود العرب تتابع من نواحي القطر وندخل في حظيرة هذا النظام، فإذا ذاك ? وقد أدى النبي رسالته التي بعث لأجلها ? يقول له الله تعالى: إياك أن تظن أن هذا العمل الجليل الذي قد تم على يديك من كسبك ومن سعيك، فيدركك العجب به، وإنما المنزه عن النقص والعيب والمنفرد بصفة الكمال هو ربك وحده، فسبح بحمده واشكره على توفيقه إياك للقيام بتلك المهمة الخطيرة وأسأله: الله اغفر لي ما عسى أن يكون قد صدر مني من التقصير والتفريط في واجيي خلال الثلاث والعشرين سنة التي قد قمت بخدمتك فيها.

    وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين

    و لنا بغية باذن الله تعالى

  2. الجبهة الاسلاميه بقيادة الشيخ الترابى قامت بانقلاب وطبقت دولة الشريعة والاسلام.وخاضت حرب الجنوب لابادة الشعب الجنوبى الكافر ونشر الرسالة فى الجنوب الافريقى .. وقدمت الشهداء وقال البشير انهم قدموا 16000شهيد فى جنوب السودان ( الدولة المستقله الان ) وكانت تقاتل معهم الملائكة والقرود والطيور وسحائب المزن ونحن صدقنا..ساند نظام الدولة الاسلامى اغلب الشيوخ ..الكاروروى وصادق عبدالله عبدالماجد.. ورزق .وعبدالحى ومحمد عبدالكريم واحمد على الامام .وعصام البشير .وهيئة علماء السودان .والجامعات الاسلاميه والمعاهد الدينيه . بعد ربع قرن من الحكم الاسلامى بالشريعه ..انهارت دولة السودان وضربتها المجاعة والحروب وتفتت نسيجها الاجتماعى واصبح الوطن مهدد بالزوال والتلاشى .. قالوا لناان الجبهة الاسلاميه فشلت لانها لا تملك النسخة الاصليه ولم تطبق الشريعه .. الكاتب الاستاذ سيف الحق حسن قدم نسخة وشتمه احد المعلقين ( المسلمين ) وقال له انك كذاب ونسختك غير صحيحة .وقدم المعلق سودانى نسخته باعتبارها الاصليه( غير الكاذبه) .. اما المعلق abcdef فقدم نسخة كرر فيها كلمة ( قال ) اكثر من الف مرة وادعى بأنها اصليه لان كتابها ماتوا قبل اكثر من ثلاثة عشرة قرنا .. نحن المساكين الما فاهمين العاملننا حقل تجارب نسأل ببراءة ..من يملك النسخة الاصليه السريه ؟.افيدونا يرحكمكم الله ..

  3. هُوَ الَّذِي أَنزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُّحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ ۖ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ ۗ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ ۗ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِّنْ عِندِ رَبِّنَا ۗ وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ
    هو الذي أنزل عليك الكتاب

    القول في تأويل قوله تعالى : { هو الذي أنزل عليك الكتاب } يعني بقوله جل ثناؤه : { هو الذي أنزل عليك الكتاب } أن الله الذي لا يخفى عليه شيء في الأرض ولا في السماء , { هو الذي أنزل عليك الكتاب } يعني بالكتاب : القرآن . وقد أتينا على البيان فيما مضى عن السبب الذي من أجله سمي القرآن كتابا بما أغنى عن إعادته في هذا الموضع .منه آيات محكمات هن أم الكتاب وأخر متشابهات

    وأما قوله : { منه آيات محكمات } فإنه يعني من الكتاب آيات , يعني بالآيات آيات القرآن . وأما المحكمات : فإنهن اللواتي قد أحكمن بالبيان والتفصيل , وأثبتت حججهن وأدلتهن على ما جعلن أدلة عليه من حلال وحرام , ووعد ووعيد , وثواب وعقاب , وأمر وزجر , وخبر ومثل , وعظة وعبر , وما أشبه ذلك . ثم وصف جل ثناؤه هؤلاء الآيات المحكمات بأنهن هن أم الكتاب , يعني بذلك أنهن أصل الكتاب الذي فيه عماد الدين والفرائض والحدود , وسائر ما بالخلق إليه الحاجة من أمر دينهم , وما كلفوا من الفرائض في عاجلهم وآجلهم . وإنما سماهن أم الكتاب , لأنهن معظم الكتاب , وموضع مفزع أهله عند الحاجة إليه , وكذلك تفعل العرب , تسمي الجامع معظم الشيء أما له , فتسمي راية القوم التي تجمعه في العساكر أمهم , والمدبر معظم أمر القرية والبلدة أمها . وقد بينا ذلك فيما مضى بما أغنى عن إعادته . ووحد أم الكتاب , ولم يجمع فيقول : هن أمهات الكتاب , وقد قال هن لأنه أراد جميع الآيات المحكمات أم الكتاب , لا أن كل آية منهن أم الكتاب , ولو كان معنى ذلك أن كل آية منهن أم الكتاب , لكان لا شك قد قيل : هن أمهات الكتاب . ونظير قول الله عز وجل : { هن أم الكتاب } على التأويل الذي قلنا في توحيد الأم وهي خبر ل ” هن ” قوله تعالى ذكره : { وجعلنا ابن مريم وأمه آية } 23 50 ولم يقل آيتين , لأن معناه : وجعلنا جميعهما آية , إذ كان المعنى واحدا فيما حملا فيه للخلق عبرة . ولو كان مراده الخبر عن كل واحد منهما على انفراده , بأنه جعل للخلق عبرة , لقيل : وجعلنا ابن مريم وأمه آيتين ; لأنه قد كان في كل واحد منهما لهم عبرة . وذلك أن مريم ولدت من غير رجل , ونطق ابنها فتكلم في المهد صبيا , فكان في كل واحد منهما للناس آية . وقد قال بعض نحويي البصرة : إنما قيل : { هن أم الكتاب } ولم يقل : ” هن أمهات الكتاب ” على وجه الحكاية , كما يقول الرجل : ما لي أنصار , فتقول : أنا أنصارك , أو ما لي نظير , فتقول : نحن نظيرك . قال : وهو شبيه ” دعني من تمرتان ” , وأنشد لرجل من فقعس : تعرضت لي بمكان حل تعرض المهرة في الطول تعرضا لم تأل عن قتلا لي حل أي يحل به , على الحكاية , لأنه كان منصوبا قبل ذلك , كما يقول : نودي : الصلاة الصلاة , يحكي قول القائل : الصلاة الصلاة ! وقال : قال بعضهم : إنما هي أن قتلا لي , ولكنه جعله ” عن ” لأن أن في لغته تجعل موضعها ” عن ” والنصب على الأمر , كأنك قلت : ضربا لزيد . وهذا قول لا معنى له , لأن كل هذه الشواهد التي استشهد بها , لا شك أنهن حكايات حالتهن بما حكى عن قول غيره وألفاظه التي نطق بهن , وأن معلوما أن الله جل ثناؤه لم يحك عن أحد قوله : أم الكتاب , فيجوز أن يقال : أخرج ذلك مخرج الحكاية عمن قال ذلك كذلك . وأما قوله { وأخر } فإنها جمع أخرى . ثم اختلف أهل العربية في العلة التي من أجلها لم يصرف ” أخر ” , فقال بعضهم : لم يصرف أخر من أجل أنها نعت واحدتها أخرى , كما لم تصرف جمع وكتع , لأنهن نعوت . وقال آخرون : إنما لم تصرف الأخر لزيادة الياء التي في واحدتها , وأن جمعها مبني على واحدها في ترك الصرف , قالوا : وإنما ترك صرف أخرى , كما ترك صرف حمراء وبيضاء في النكرة والمعرفة لزيادة المدة فيها والهمزة بالواو , ثم افترق جمع حمراء وأخرى , فبني جمع أخرى على واحدته , فقيل : فعل أخر , فترك صرفها كما ترك صرف أخرى , وبني جمع حمراء وبيضاء على خلاف واحدته , فصرف , فقيل حمر وبيض . فلاختلاف حالتيهما في الجمع اختلف إعرابهما عندهم في الصرف , ولاتفاق حالتيهما في الواحدة اتفقت حالتاهما فيها . وأما قوله : { متشابهات } فإن معناه : متشابهات في التلاوة , مختلفات في المعنى , كما قال جل ثناؤه : { وأتوا به متشابها } 2 25 يعني في المنظر : مختلفا في المطعم , وكما قال مخبرا عمن أخبر عنه من بني إسرائيل أنه قال : { إن البقر تشابه علينا } 2 70 يعنون بذلك : تشابه علينا في الصفة , وإن اختلفت أنواعه . فتأويل الكلام إذا : إن الذي لا يخفى عليه شيء في الأرض ولا في السماء , هو الذي أنزل عليك يا محمد القرآن , منه آيات محكمات بالبيان , هن أصل الكتاب الذي عليه عمادك وعماد أمتك في الدين , وإليه مفزعك ومفزعهم فيما افترضت عليك وعليهم من شرائع الإسلام , وآيات أخر هن متشابهات في التلاوة , مختلفات في المعاني . وقد اختلف أهل التأويل في تأويل قوله : { منه آيات محكمات هن أم الكتاب وأخر متشابهات } وما المحكم من آي الكتاب , وما المتشابه منه ؟ فقال بعضهم : المحكمات من آي القرآن : المعمول بهن , وهن الناسخات , أو المثبتات الأحكام ; والمتشابهات من آيه : المتروك العمل بهن , المنسوخات . ذكر من قال ذلك : 5163 – حدثني يعقوب بن إبراهيم , قال : ثنا هشيم , قال : أخبرنا العوام , عمن حدثه , عن ابن عباس في قوله : { منه آيات محكمات } قال : هي الثلاث الآيات التي ههنا : { قل تعالوا أتل ما حرم ربكم عليكم } 6 151 إلى ثلاث آيات , والتي في بني إسرائيل : { وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه } 17 23 إلى آخر الآيات . 5164 – حدثني المثنى , قال : ثنا أبو صالح , قال : ثنا معاوية بن صالح , عن على بن أبي طلحة , عن ابن عباس قوله : { هو الذي أنزل عليك الكتاب منه آيات محكمات هن أم الكتاب } المحكمات : ناسخه , وحلاله , وحرامه , وحدوده , وفرائضه , وما يؤمن به , ويعمل به . قال : { وأخر متشابهات } والمتشابهات : منسوخه , ومقدمه , ومؤخره , وأمثاله , وأقسامه , وما يؤمن به , ولا يعمل به . 5165 – حدثني محمد بن سعد , قال : ثني أبي , قال : ثني عمي , قال : ثني أبي , عن أبيه , عن ابن عباس في قوله : { هو الذي أنزل عليك الكتاب } إلى : { وأخر متشابهات } فالمحكمات التي هي أم الكتاب : الناسخ الذي يدان به ويعمل به ; والمتشابهات : هن المنسوخات التي لا يدان بهن . 5166 – حدثني موسى , قال : ثنا عمرو , قال : ثنا أسباط , عن السدي في خبر ذكره , عن أبي مالك , وعن أبي صالح , عن ابن عباس , وعن مرة الهمداني , عن ابن مسعود , وعن ناس من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم : { هو الذي أنزل عليك الكتاب منه آيات محكمات هن أم الكتاب } إلى قوله : { كل من عند ربنا } أما الآيات المحكمات : فهن الناسخات التي يعمل بهن ; وأما المتشابهات : فهن المنسوخات . 5167 – حدثنا بشر , قال : ثنا يزيد , قال : ثنا سعيد , عن قتادة : { هو الذي أنزل عليك الكتاب منه آيات محكمات هن أم الكتاب } والمحكمات : الناسخ الذي يعمل به ما أحل الله فيه حلاله وحرم فيه حرامه ; وأما المتشابهات : فالمنسوخ الذي لا يعمل به ويؤمن 5168 – حدثنا الحسن بن يحيى , قال : أخبرنا عبد الرزاق , قال : أخبرنا معمر , عن قتادة في قوله : { آيات محكمات } قال : المحكم : ما يعمل به . 5169 – حدثنا المثنى , قال : ثنا إسحاق , قال : ثنا ابن أبي جعفر , عن أبيه , عن الربيع : { هو الذي أنزل عليك الكتاب منه آيات محكمات هن أم الكتاب وأخر متشابهات } قال : المحكمات : الناسخ الذي يعمل به , والمتشابهات : المنسوخ الذي لا يعمل به , ويؤمن به . 5170 – حدثني المثنى , قال : ثنا عمرو , قال : ثنا هشيم , عن جويبر , عن الضحاك في قوله : { آيات محكمات هن أم الكتاب } قال : الناسخات , { وأخر متشابهات } قال : ما نسخ وترك يتلى . * – حدثني ابن وكيع , قال : ثنا أبي , عن سلمة بن نبيط , عن الضحاك بن مزاحم , قال : المحكم ما لم ينسخ , وما تشابه منه : ما نسخ . * – حدثني يحيى بن أبي طالب , قال : أخبرنا يزيد , قال : أخبرنا جويبر , عن الضحاك في قوله : { آيات محكمات هن أم الكتاب } قال : الناسخ , { وأخر متشابهات } قال : المنسوخ . 5171 – حدثني المثنى , قال : ثنا إسحاق , قال : ثنا ابن أبي جعفر , عن أبيه , عن الربيع : { هو الذي أنزل عليك الكتاب منه آيات محكمات هن أم الكتاب وأخر متشابهات } قال : المحكمات : الذي يعمل به . * – حدثت عن الحسين بن الفرج , قال : سمعت أبا معاذ يحدث , قال : أخبرنا عبيد بن سليمان , قال : سمعت الضحاك يقول في قوله : { منه آيات محكمات } يعني : الناسخ الذي يعمل به , { وأخر متشابهات } يعني المنسوح , يؤمن به ولا يعمل به . * – حدثني أحمد بن حازم , قال : ثنا أبو نعيم , قال : ثنا سلمة , عن الضحاك : { منه آيات محكمات } قال : ما لم ينسخ , { وأخر متشابهات } قال : ما قد نسخ . وقال آخرون : المحكمات من آي الكتاب : ما أحكم الله فيه بيان حلاله وحرامه ; والمتشابه منها : ما أشبه بعضه بعضا في المعاني وإن اختلفت ألفاظه . ذكر من قال ذلك : 5172 – حدثني محمد بن عمرو , قال : ثنا أبو عاصم , عن عيسى , عن ابن أبي نجيح , عن مجاهد في قوله : { منه آيات محكمات } ما فيه من الحلال والحرام وما سوى ذلك , فهو متشابه يصدق بعضه بعضا , وهو مثل قوله : { وما يضل به إلا الفاسقين } 2 26 ومثل قوله : { كذلك يجعل الله الرجس على الذين لا يؤمنون } 6 125 ومثل قوله : { والذين اهتدوا زادهم هدى وآتاهم تقواهم } 47 17 * – حدثني المثنى , قال : ثنا أبو حذيفة , قال : ثنا شبل , عن ابن أبي نجيح , عن مجاهد . مثله . وقال آخرون : المحكمات من آي الكتاب : ما لم يحتمل من التأويل غير وجه واحد ; والمتشابه منه : ما احتمل من التأويل أوجها . ذكر من قال ذلك : 5173 – حدثنا ابن حميد , قال : ثنا سلمة , عن محمد بن إسحاق , قال : ثني محمد بن جعفر بن الزبير : { هو الذي أنزل عليك الكتاب منه آيات محكمات } فيهن حجة الرب , وعصمة العباد , ودفع الخصوم والباطل , ليس لها تصريف ولا تحريف عما وضعت عليه . وأخر متشابهة في الصدق , لهن تصريف وتحريف وتأويل , ابتلى الله فيهن العباد كما ابتلاهم في الحلال والحرام , لا يصرفن إلى الباطل ولا يحرفن عن الحق . وقال آخرون : معنى المحكم : ما أحكم الله فيه من آي القرآن وقصص الأمم ورسلهم الذين أرسلوا إليهم , ففصله ببيان ذلك لمحمد وأمته . والمتشابه : هو ما اشتبهت الألفاظ به من قصصهم عند التكرير في السور فقصة باتفاق الألفاظ واختلافه المعاني , وقصة باختلاف الألفاظ واتفاق المعانى . ذكر من قال ذلك : 5174 – حدثني يونس , قال : أخبرنا ابن وهب , قال : قال ابن زيد وقرأ : { الر كتاب أحكمت آياته ثم فصلت من لدن حكيم خبير } 11 1 قال . وذكر حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم في أربع وعشرين آية منها , وحديث نوح في أربع وعشرين آية منها . ثم قال : { تلك من أنباء الغيب } 11 49 ثم ذكر : { وإلى عاد } فقرأ حتى بلغ : { واستغفروا ربكم } 11 90 ثم مضى ثم ذكر صالحا وإبراهيم ولوطا وشعيبا , وفرغ من ذلك . وهذا يقين , ذلك يقين أحكمت آياته ثم فصلت . قال : والمتشابه ذكر موسى في أمكنة كثيرة , وهو متشابه , وهو كله معنى واحد ومتشابه : { اسلك فيها } 23 27 { احمل فيها } 11 40 { اسلك يدك } 28 32 { أدخل يدك } 27 12 { حية تسعى } 20 20 { ثعبان مبين } 7 107 قال . ثم ذكر هودا في عشر آيات منها , وصالحا في ثماني آيات منها وإبراهيم في ثماني آيات أخرى , ولوطا في ثماني آيات منها , وشعيبا في ثلاث عشرة آية , وموسى في أربع آيات , كل هذا يقضي بين الأنبياء وبين قومهم في هذه السورة , فانتهى ذلك إلى مائة آية من سورة هود , ثم قال : { ذلك من أنباء القرى نقصه عليك منها قائم وحصيد } 11 100 وقال في المتشابه من القرآن : من يرد الله به البلاء والضلالة , يقول : ما شأن هذا لا يكون هكذا , وما شأن هذا لا يكون هكذا ؟ وقال آخرون : بل المحكم من آي القرآن : ما عرف العلماء تأويله , وفهموا معناه وتفسيره ; والمتشابه : ما لم يكن لأحد إلى علمه سبيل مما استأثر الله بعلمه دون خلقه , وذلك نحو الخبر عن وقت مخرج عيسى ابن مريم , ووقت طلوع الشمس من مغربها , وقيام الساعة , وفناء الدنيا , وما أشبه ذلك , فإن ذلك لا يعلمه أحد . وقالوا : إنما سمى الله من آي الكتاب المتشابه الحروف المقطعة التي في أوائل بعض سور القرآن من نحو الم , والمص , والمر , والر , وما أشبه ذلك , لأنهن متشابهات في الألفاظ , وموافقات حروف حساب الجمل . وكان قوم من اليهود على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم طمعوا أن يدركوا من قبلها معرفة مدة الإسلام وأهله , ويعلموا نهاية أكل محمد وأمته , فأكذب الله أحدوثتهم بذلك , وأعلمهم أن ما ابتغوا علمه من ذلك من قبل هذه الحروف المتشابهة لا يدركونه ولا من قبل غيرها , وأن ذلك لا يعلمه إلا الله . وهذا قول ذكر عن جابر بن عبد الله بن رئاب أن هذه الآية نزلت فيه , وقد ذكرنا الرواية بذلك عنه وعن غيره ممن قال نحو مقالته في تأويل ذلك في تفسير قوله : { الم ذلك الكتاب لا ريب فيه } 2 1 : 2 وهذا القول الذي ذكرناه عن جابر بن عبد الله أشبه بتأويل الآية , وذلك أن جميع ما أنزل الله عز وجل من آي القرآن على رسول الله صلى الله عليه وسلم , فإنما أنزله عليه بيانا له ولأمته وهدى للعالمين , وغير جائز أن يكون فيه ما لا حاجة بهم إليه , ولا أن يكون فيه ما بهم إليه الحاجة , ثم لا يكون لهم إلى علم تأويله سبيل . فإذا كان ذلك كذلك , فكل ما فيه لخلقه إليه الحاجة , وإن كان في بعضه ما بهم عن بعض معانيه الغنى , وإن اضطرته الحاجة إليه في معان كثيرة , وذلك كقول الله عز وجل : { يوم يأتي بعض آيات ربك لا ينفع نفسا إيمانها لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في إيمانها خيرا } 6 158 فأعلم النبي صلى الله عليه وسلم أمته أن تلك الآية التي أخبر الله جل ثناؤه عباده أنها إذا جاءت لم ينفع نفسا إيمانها لم تكن آمنت من قبل ذلك , هي طلوع الشمس من مغربها . فالذي كانت بالعباد إليه الحاجة من علم ذلك هو العلم منهم بوقت نفع التوبة بصفته بغير تحديده بعد بالسنين والشهور والأيام , فقد بين الله ذلك لهم بدلالة الكتاب , وأوضحه لهم على لسان رسول صلى الله عليه وسلم مفسرا . والذي لا حاجة لهم إلى علمه منه هو العلم بمقدار المدة التي بين وقت نزول هذه الآية ووقت حدوث تلك الآية , فإن ذلك مما لا حاجة بهم إلى علمه في دين ولا دنيا , وذلك هو العلم الذي استأثر الله جل ثناؤه به دون خلقه , فحجبه عنهم , وذلك وما أشبهه هو المعنى الذي طلبت اليهود معرفته في مدة محمد صلى الله عليه وسلم وأمته من قبل قوله : الم , والمص , والر , والمر , ونحو ذلك من الحروف المقطعة المتشابهات , التي أخبر الله جل ثناؤه أنهم لا يدركون تأويل ذلك من قبله , وأنه لا يعلم تأويله إلا الله . فإذا كان المتشابه هو ما وصفنا , فكل ما عداه فمحكم , لأنه لن يخلو من أن يكون محكما بأنه بمعنى واحد لا تأويل له غير تأويل واحد , وقد استغني بسماعه عن بيان يبينه , أو يكون محكما , وإن كان ذا وجوه وتأويلات وتصرف في معان كثيرة , فالدلالة على المعنى المراد منه إما من بيان الله تعالى ذكره عنه أو بيان رسوله صلى الله عليه وسلم لأمته , ولن يذهب علم ذلك عن علماء الأمة لما قد بينا . القول في تأويل قوله تعالى : { هن أم الكتاب } قد أتينا على البيان عن تأويل ذلك بالدلالة الشاهدة على صحة ما قلنا فيه , ونحن ذاكرو اختلاف أهل التأويل فيه . وذلك أنهم اختلفوا في تأويله , فقال بعضهم : معنى قوله : { هن أم الكتاب } هن اللائي فيهن الفرائض والحدود والأحكام , نحو قيلنا الذي قلنا فيه . ذكر من قال ذلك : 5175 – حدثنا عمران بن موسى القزاز , قال : ثنا عبد الوارث بن سعيد , قال : ثنا إسحاق بن سويد , عن يحيى بن يعمر أنه قال في هذه الآية : { محكمات هن أم الكتاب } قال يحيى : هن اللاتي فيهن الفرائض والحدود وعماد الدين , وضرب لذلك مثلا فقال : أم القرى مكة , وأم خراسان مرو , وأم المسافرين الذين يجعلون إليه أمرهم , ويعنى بهم في سفرهم , قال : فذاك أمهم . 5176 – حدثني يونس , قال : أخبرنا ابن وهب , قال : قال ابن زيد في قوله : { هن أم الكتاب } قال : هن جماع الكتاب . وقال آخرون : بل معني بذلك فواتح السور التي منها يستخرج القرآن . ذكر من قال ذلك : 5177 – حدثنا عمران بن موسى , قال : ثنا عبد الوارث بن سعيد , قال : ثنا إسحاق بن سويد , عن أبي فاختة أنه قال في هذه الآية : { منه آيات محكمات هن أم الكتاب } قال : أم الكتاب : فواتح السور , منها يستخرج القرآن ; { الم ذلك الكتاب } 2 1 : 2 منها استخرجت البقرة , و { الم الله لا إله إلا هو } منها استخرجت آل عمران .فأما الذين في قلوبهم زيغ

    القول في تأويل قوله تعالى : { فأما الذين في قلوبهم زيغ } يعني بذلك جل ثناؤه : فأما الذين في قلوبهم ميل عن الحق , وانحراف عنه . يقال منه : زاغ فلان عن الحق , فهو يزيغ عنه زيغا وزيغانا وزيوغة وزيوغا , وأزاغه الله : إذا أماله , فهو يزيغه , ومنه قوله جل ثناؤه : { ربنا لا تزغ قلوبنا } لا تملها عن الحق { بعد إذ هديتنا } 3 8 وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك : 5178 – حدثنا ابن حميد , قال : ثنا سلمة , قال : ثني ابن إسحاق , عن محمد بن جعفر بن الزبير : { فأما الذين في قلوبهم زيغ } أي ميل عن الهدى . 5179 – حدثني محمد بن عمرو , قال : ثنا أبو عاصم , عن عيسى , عن ابن أبي نجيح , عن مجاهد في قول الله : { في قلوبهم زيغ } قال : شك . * – حدثني المثنى , قال : ثنا أبو حذيفة , قال : ثنا شبل , عن ابن أبي نجيح , عن مجاهد , مثله . 5180 – حدثني المثنى , قال : ثنا عبد الله بن صالح , قال : ثني معاوية بن صالح , عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس : { فأما الذين في قلوبهم زيغ } قال : من أهل الشك . 5181 – حدثني موسى بن هارون , قال : ثنا عمرو , قال : ثنا أسباط , عن السدي في خبر ذكره عن أبي مالك , وعن أبي صالح , عن ابن عباس , وعن مرة الهمداني , عن ابن مسعود , وعن ناس من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم : { فأما الذين في قلوبهم زيغ } أما الزيغ : فالشك . 5182 – حدثنا القاسم , قال : ثنا الحسين , قال : ثني حجاج , عن ابن جريج , عن مجاهد , قال : { زيغ } شك . قال ابن جريج { الذين في قلوبهم زيغ } المنافقون .فيتبعون ما تشابه منه

    القول في تأويل قوله تعالى : { فيتبعون ما تشابه منه } يعني بقوله جل ثناؤه : { فيتبعون ما تشابه منه } ما تشابهت ألفاظه وتصرفت معانيه بوجوه التأويلات , ليحققوا بادعائهم الأباطيل من التأويلات في ذلك ما هم عليه من الضلالة والزيغ عن محجة الحق تلبيسا منهم بذلك على من ضعفت معرفته بوجوه تأويل ذلك وتصاريف معانيه . كما : 5183 – حدثني المثنى , قال : ثنا عبد الله بن صالح , قال : ثني معاوية , عن علي , عن ابن عباس : { فيتبعون ما تشابه منه } فيحملون المحكم على المتشابه , والمتشابه على المحكم , ويلبسون , فلبس الله عليهم . 5184 – حدثنا ابن حميد , قال : ثنا سلمة , عن ابن إسحاق , عن محمد بن جعفر بن الزبير : { فيتبعون ما تشابه منه } أي ما تحرف منه وتصرف , ليصدقوا به ما ابتدعوا وأحدثوا , ليكون لهم حجة على ما قالوا وشبهة . 5185 – حدثنا القاسم , قال : ثنا الحسين , قال : ثني حجاج , عن ابن جريج , عن مجاهد في قوله : { فيتبعون ما تشابه منه } قال : الباب الذي ضلوا منه وهلكوا فيه ابتغاء تأويله . وقال آخرون في ذلك بما : 5186 – حدثني به موسى بن هارون , قال : ثنا عمرو , قال : ثنا أسباط , عن السدي في قوله : { فيتبعون ما تشابه منه } يتبعون المنسوخ والناسخ , فيقولون : ما بال هذه الآية عمل بها كذا وكذا مجاز هذه الآية , فتركت الأولى وعمل بهذه الأخرى ؟ هلا كان العمل بهذه الآية قبل أن تجيء الأولى التي نسخت . وما باله يعد العذاب من عمل عملا يعد به النار وفي مكان آخر من عمله فإنه لم يوجب النار . واختلف أهل التأويل فيمن عني بهذه الآية , فقال بعضهم : عني به الوفد من نصارى نجران الذين قدموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم , فحاجوه بما حاجوه به , وخاصموه بأن قالوا : ألست تزعم أن عيسى روح الله وكلمته ؟ وتأولوا في ذلك ما يقولون فيه من الكفر . ذكر من قال ذلك : 5187 – حدثني المثنى , قال : ثنا إسحاق , قال : ثنا ابن أبي جعفر , عن أبيه , عن الربيع , قال : عمدوا – يعني الوفد الذين قدموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم من نصارى نجران – فخاصموا النبي صلى الله عليه وسلم , قالوا : ألست تزعم أنه كلمة الله وروح منه ؟ قال : ” بلى ” , قالوا : فحسبنا ! فأنزل الله عز وجل : { فأما الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة } ثم إن الله جل ثناؤه أنزل : { إن مثل عيسى عند الله كمثل آدم } . .. الآية . 3 59 وقال آخرون : بل أنزلت هذه الآية في أبي ياسر بن أخطب , وأخيه حيي بن أخطب , والنفر الذين ناظروا رسول الله صلى الله عليه وسلم في قدر مدة أكله وأكل أمته , وأرادوا علم ذلك من قبل قوله : الم , والمص والمر , والر فقال الله جل ثناؤه فيهم : { فأما الذين في قلوبهم زيغ } يعني هؤلاء اليهود الذين قلوبهم مائلة عن الهدى والحق , { فيتبعون ما تشابه منه } يعني معاني هذه الحروف المقطعة المحتملة التصريف في الوجوه المختلفة التأويلات ابتغاء الفتنة . وقد ذكرنا الرواية بذلك فيما مضى قبل في أول السورة التي تذكر فيها البقرة . وقال آخرون : بل عنى الله عز وجل بذلك كل مبتدع في دينه بدعة مخالفة لما ابتعث به رسوله محمدا صلى الله عليه وسلم بتأويل يتأوله من بعض آي القرآن المحتملة التأويلات , وإن كان الله قد أحكم بيان ذلك , أما في كتابه وإما على لسان رسوله . ذكر من قال ذلك : 5188 – حدثنا الحسن بن يحيى , قال : أخبرنا عبد الرزاق , قال : أخبرنا معمر , عن قتادة في قوله : { فأما الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة } . وكان قتادة إذا قرأ هذه الآية : { فأما الذين في قلوبهم زيغ } قال : إن لم يكونوا الحرورية والسبئية فلا أدري من هم . ولعمري لقد كان في أهل بدر والحديبية الذين شهدوا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بيعة الرضوان من المهاجرين والأنصار , خبر لمن استخبر , وعبرة لمن استعبر , لمن كان يعقل أو يبصر . إن الخوارج خرجوا وأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يومئذ كثير بالمدينة والشام والعراق وأزواجه يومئذ أحياء , والله إن خرج منهم ذكر ولا أنثى حروريا قط , ولا رضوا الذي هم عليه ولا مالئوهم فيه , بل كانوا يحدثون بعيب رسول الله صلى الله عليه وسلم إياه ونعته الذي نعتهم به , وكانوا يبغضونهم بقلوبهم ويعادونهم بألسنتهم وتشتد والله عليهم أيديهم إذا لقوهم . ولعمري لو كان أمر الخوارج هدى لاجتمع , ولكنه كان ضلالا فتفرق , وكذلك الأمر إذا كان من عند غير الله وجدت فيه اختلافا كثيرا , فقد ألاصوا هذا الأمر منذ زمان طويل , فهل أفلحوا فيه يوما أو أنجحوا ؟ يا سبحان الله كيف لا يعتبر آخر هؤلاء القوم بأولهم ؟ لو كانوا على هدى قد أظهره الله وأفلجه ونصره , ولكنهم كانوا على باطل أكذبه الله وأدحضه , فهم كما رأيتهم كلما خرج لهم قرن أدحض الله حجتهم , وأكذب أحدوثتهم , وأهرق دماءهم ; وإن كتموا كان قرحا في قلوبهم وغما عليهم , وإن أظهروه أهرق الله دماءهم , ذاكم والله دين سوء فاجتنبوه . والله إن اليهود لبدعة , وإن النصرانية لبدعة , وإن الحرورية لبدعة , وإن السبئية لبدعة , ما نزل بهن كتاب ولا سنهن نبي . * – حدثنا بشر , قال : ثنا يزيد , قال : ثنا سعيد , عن قتادة : { فأما الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله } طلب القوم التأويل فأخطئوا التأويل , وأصابوا الفتنة , فاتبعوا ما تشابه منه فهلكوا من ذلك . لعمري لقد كان في أصحاب بدر والحديبية الذين شهدوا بيعة الرضوان . وذكر نحو حديث عبد الرزاق , عن معمر , عنه . 5189 – حدثني محمد بن خالد بن خداش ويعقوب بن إبراهيم , قالا : ثنا إسماعيل بن علية , عن أيوب , عن عبد الله بن أبي مليكة , عن عائشة قالت : قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم : { هو الذي أنزل عليك الكتاب } إلى قوله : { وما يذكر إلا أولوا الألباب } فقال : ” فإذا رأيتم الذين يجادلون فيه فهم الذين عنى الله فاحذروهم ” . * – حدثنا ابن عبد الأعلى , قال : ثنا المعتمر بن سليمان , قال : سمعت أيوب , عن عبد الله بن أبي مليكة , عن عائشة أنها قالت : قرأ نبي الله صلى الله عليه وسلم هذه الآية : { هو الذي أنزل عليك الكتاب } إلى : { وما يذكر إلا أولوا الألباب } . قالت : فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ” فإذا رأيتم الذين يجادلون فيه ” أو قال : ويتجادلون فيه فهم الذين عنى الله فاحذروهم قال مطر , عن أيوب أنه قال : ” فلا تجالسوهم , فهم الذين عنى الله فاحذروهم ” . * – حدثنا ابن بشار , قال : ثنا عبد الوهاب , قال : ثنا أيوب , عن ابن أبي مليكة , عن عائشة , عن النبي صلى الله عليه وسلم , بنحو معناه . * – حدثنا الحسن بن يحيى , قال : أخبرنا عبد الرزاق , قال : أخبرنا معمر , عن أيوب , عن ابن أبي مليكة , عن عائشة , عن النبي صلى الله عليه وسلم , نحوه . 5190 – حدثني يونس , قال : أخبرنا ابن وهب , قال : أخبرنا الحارث , عن أيوب , عن ابن أبي مليكة عن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم قالت : قرأ رسول الله هذه الآية : { هو الذي أنزل عليك الكتاب منه آيات محكمات هن أم الكتاب وأخر متشابهات } . .. الآية كلها , فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ” إذا رأيتم الذين يتبعون ما تشابه منه والذين يجادلون فيه فهم الذين عنى الله أولئك الذين قال الله : فلا تجالسوهم ” . 5191 – حدثنا ابن وكيع , قال : ثنا أبو أسامة , عن يزيد بن إبراهيم , عن ابن أبي مليكة , قال : سمعت القاسم بن محمد يحدث عن عائشة , قالت : تلا النبي صلى الله عليه وسلم هذه الآية : { هو الذي أنزل عليك الكتاب منه آيات محكمات هن أم الكتاب } ثم قرأ إلى آخر الآيات , فقال : ” إذا رأيتم الذين يتبعون ما تشابه منه , فأولئك الذين سمى الله فاحذروهم ” . 5192 – حدثنا علي بن سهل , قال : ثنا الوليد بن مسلم , عن حماد بن سلمة , عن عبد الرحمن بن القاسم , عن أبيه , عن عائشة , قالت : نزع رسول الله صلى الله عليه وسلم : { يتبعون ما تشابه منه } فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ” قد حذركم الله , فإذا رأيتموهم فاعرفوهم ” . 5193 – حدثنا علي , قال : ثنا الوليد , عن نافع , عن عمر , عن عائشة , قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ” إذا رأيتموهم فاحذروهم ! ” , ثم نزع : { فأما الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه } ” ولا يعلمون بمحكمه ” . * – حدثني أحمد بن عبد الرحمن بن وهب , قال : أخبرنا عمي , قال : أخبرني شبيب بن سعيد , عن روح بن القاسم , عن ابن أبي مليكة , عن عائشة : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل عن هذه الآية : { فأما الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله وما يعلم تأويله إلا الله والراسخون في العلم } فقال : ” فإذا رأيتم الذين يجادلون فيه فهم الذين عنى الله فاحذروهم ” . * – حدثني محمد بن عبد الله بن عبد الحكم , قال : ثنا خالد بن نزار , عن نافع , عن ابن أبي مليكة , عن عائشة في هذه الآية : { هو الذي أنزل عليك الكتاب } . .. الآية . يتبعها : يتلوها , ثم يقول : ” فإذا رأيتم الذين يجادلون فيه فاحذروهم فهم الذين عنى الله ” . * – حدثنا ابن وكيع , قال : ثنا يزيد بن هارون , عن حماد بن سلمة , عن ابن أبي مليكة , عن القاسم , عن عائشة , عن النبي صلى الله عليه وسلم في هذه الآية : { هو الذي أنزل عليك الكتاب منه آيات محكمات هن أم الكتاب } إلى آخر الآية , قال : ” هم الذين سماهم الله , فإذا رأيتموهم فاحذروهم ” . قال أبو جعفر : والذي يدل عليه ظاهر هذه الآية أنها نزلت في الذين جادلوا رسول الله صلى الله عليه وسلم بمتشابه ما أنزل إليه من كتاب الله إما في أمر عيسى , وإما في مدة أكله وأكل أمته , وهو بأن تكون في الذين جادلوا رسول الله صلى الله عليه وسلم بمتشابهه في مدته ومدة أمته أشبه , لأن قوله : { وما يعلم تأويله إلا الله } دال على أن ذلك إخبار عن المدة التي أرادوا علمها من قبل المتشابه الذي لا يعلمه إلا الله . فأما أمر عيسى وأسبابه , فقد أعلم الله ذلك نبيه محمدا صلى الله عليه وسلم وأمته وبينه لهم , فمعلوم أنه لم يعن إلا ما كان خفيا عن الآحاد .ابتغاء الفتنة

    القول في تأويل قوله تعالى : { ابتغاء الفتنة } اختلف أهل التأويل في تأويل ذلك , فقال بعضهم : معنى ذلك : ابتغاء الشرك . ذكر من قال ذلك : 5194 – حدثني موسى بن هارون , قال : ثنا عمرو بن حماد , قال : ثنا أسباط , عن السدي : { ابتغاء الفتنة } قال : إرادة الشرك . 5195 – حدثني المثنى , قال : ثنا إسحاق , قال : ثنا ابن أبي جعفر , عن أبيه , عن الربيع في قوله : { ابتغاء الفتنة } يعني الشرك . وقال آخرون : معنى ذلك ابتغاء الشبهات . ذكر من قال ذلك : 5196 – حدثني محمد بن عمرو , قال : ثنا أبو عاصم , عن عيسى , عن ابن أبي نجيح , عن مجاهد : { ابتغاء الفتنة } قال : الشبهات بها أهلكوا . * – حدثني المثنى , قال : ثنا أبو حذيفة , قال : ثنا شبل , عن ابن أبي نجيح , عن مجاهد في قوله : { ابتغاء الفتنة } الشبهات , قال : هلكوا به . * – حدثنا القاسم , قال : ثنا الحسين , قال : ثنا حجاج , عن ابن جريج , عن مجاهد : { ابتغاء الفتنة } قال : الشبهات , قال : والشبهات ما أهلكوا به . 5197 – حدثنا ابن حميد , قال : ثنا سلمة , عن ابن إسحاق , عن محمد بن جعفر بن الزبير : { ابتغاء الفتنة } أي اللبس . وأولى القولين في ذلك بالصواب قول من قال : معناه : إرادة الشبهات واللبس . فمعنى الكلام إذا : فأما الذين في قلوبهم ميل عن الحق وحيف عنه , فيتبعون من آي الكتاب ما تشابهت ألفاظه , واحتمل صرفه في وجوه التأويلات , باحتماله المعاني المختلفة إرادة اللبس على نفسه وعلى غيره , احتجاجا به على باطله الذي مال إليه قلبه دون الحق الذي أبانه الله فأوضحه بالمحكمات من آي كتابه . وهذه الآية وإن كانت نزلت فيمن ذكرنا أنها نزلت فيه من أهل الشرك , فإنه معني بها كل مبتدع في دين الله بدعة , فمال قلبه إليها , تأويلا منه لبعض متشابه آي القرآن , ثم حاج به وجادل به أهل الحق , وعدل عن الواضح من أدلة آيه المحكمات إرادة منه بذلك اللبس على أهل الحق من المؤمنين , وطلبا لعلم تأويل ما تشابه عليه من ذلك كائنا من كان , وأي أصناف البدعة كان من أهل النصرانية كان أو اليهودية أو المجوسية , أو كان سبئيا , أو حروريا , أو قدريا , أو جهميا , كالذي قال صلى الله عليه وسلم : ” فإذا رأيتم الذين يجادلون به فهم الذين عنى الله فاحذروهم ” . وكما : 5198 – حدثني يونس , قال : أخبرنا سفيان , عن معمر , عن ابن طاوس , عن أبيه , عن ابن عباس : وذكر عنده الخوارج , وما يلقون عند الفرار , فقال : يؤمنون بمحكمه , ويهلكون عند متشابهه . وقرأ ابن عباس : { وما يعلم تأويله إلا الله } . .. الآية . وإنما قلنا : القول الذي ذكرنا أنه أولى التأويلين بقوله : { ابتغاء الفتنة } لأن الذين نزلت فيهم هذه الآية كانوا أهل شرك , وإنما أرادوا بطلب تأويل ما طلبوا تأويله اللبس على المسلمين والاحتجاج به عليهم ليصدوهم عما هم عليه من الحق , فلا معنى لأن يقال : فعلوا ذلك إرادة الشرك , وهم قد كانوا مشركين .وابتغاء تأويله

    القول في تأويل قوله تعالى : { وابتغاء تأويله } اختلف أهل التأويل في معنى التأويل الذي عنى الله جل ثناؤه بقوله : { وابتغاء تأويله } فقال بعضهم معنى ذلك : الأجل الذي أرادت اليهود أن تعرفه من انقضاء مدة أمر محمد صلى الله عليه وسلم وأمر أمته من قبل الحروف المقطعة من حساب الجمل ” الم ” , و ” المص ” , و ” الر ” , و ” المر ” وما أشبه ذلك من الآجال . ذكر من قال ذلك : 5199 – حدثني المثنى , قال : ثنا عبد الله بن صالح , قال : ثني معاوية , عن علي , عن ابن عباس : أما قوله : { وما يعلم تأويله إلا الله } يعني تأويله يوم القيامة إلا الله . وقال آخرون : بل معنى ذلك . عواقب القرآن . وقالوا : إنما أرادوا أن يعلموا متى يجيء ناسخ الأحكام التي كان الله جل ثناؤه شرعها لأهل الإسلام قبل مجيئه , فنسخ ما قد كان شرعه قبل ذلك . ذكر من قال ذلك : 5200 – حدثني موسى , قال : ثنا عمرو , قال : ثنا أسباط , عن السدي : { وابتغاء تأويله } أرادوا أن يعلموا تأويل القرآن , وهو عواقبه , قال الله : { وما يعلم تأويله إلا الله } , وتأويله عواقبه , متى يأتي الناسخ منه فينسخ المنسوخ . وقال آخرون : معنى ذلك : وابتغاء تأويل ما تشابه من آي القرآن يتأولونه – إذ كان ذا وجوه وتصاريف في التأويلات – على ما في قلوبهم من الزيغ , وما ركبوه من الضلالة . ذكر من قال ذلك : 5201 – حدثنا ابن حميد , قال : ثنا سلمة , عن ابن إسحاق , عن محمد بن جعفر بن الزبير : { وابتغاء تأويله } وذلك على ما ركبوا من الضلالة في قولهم , خلقنا وقضينا . والقول الذي قاله ابن عباس من أن ابتغاء التأويل الذي طلبه القوم من المتشابه هو معرفة انقضاء المدة , ووقت قيام الساعة , والذي ذكرنا عن السدي من أنهم طلبوا وأرادوا معرفة وقت هو جاء قبل مجيئه أولى بالصواب , وإن كان السدي قد أغفل معنى ذلك من وجه صرفه إلى حصره على أن معناه : إن القوم طلبوا معرفة وقت مجيء الناسخ لما قد أحكم قبل ذلك . وإنما قلنا : إن طلب القوم معرفة الوقت الذي هو جاء قبل مجيئه المحجوب علمه عنهم وعن غيرهم بمتشابه آي القرآن , أولى بتأويل قوله : { وابتغاء تأويله } لما قد دللنا عليه قبل من إخبار الله جل ثناؤه أن ذلك التأويل لا يعلمه إلا الله , ولا شك أن معنى قوله : ” قضينا ” و ” فعلنا ” , قد علم تأويله كثير من جهلة أهل الشرك , فضلا عن أهل الإيمان وأهل الرسوخ في العلم منهم .وما يعلم تأويله إلا الله

    القول في تأويل قوله تعالى : { وما يعلم تأويله إلا الله } يعني جل ثناؤه بذلك : وما يعلم وقت قيام الساعة وانقضاء مدة أكل محمد وأمته وما هو كائن , إلا الله , دون من سواه من البشر الذين أملوا إدراك علم ذلك من قبل الحساب والتنجيم والكهانة . وأما الراسخون في العلم , فيقولون : آمنا به كل من عند ربنا , لا يعلمون ذلك , ولكن فضل علمهم في ذلك على غيرهم العلم بأن الله هو العالم بذلك دون من سواه من خلقه . واختلف أهل التأويل في تأويل ذلك , وهل الراسخون معطوف على اسم الله , بمعنى إيجاب العلم لهم بتأويل المتشابه , أو هم مستأنف ذكرهم بمعنى الخبر عنهم أنهم يقولون آمنا بالمتشابه , وصدقنا أن علم ذلك لا يعلمه إلا الله ؟ فقال بعضهم : معنى ذلك : وما يعلم تأويل ذلك إلا الله وحده منفردا بعلمه . وأما الراسخون في العلم فإنهم ابتدئ الخبر عنهم بأنهم يقولون : آمنا بالمتشابه والمحكم , وأن جميع ذلك من عند الله . ذكر من قال ذلك : 5202 – حدثني محمد بن عبد الله بن عبد الحكم , قال : ثنا خالد بن نزار , عن نافع , عن ابن أبي مليكة , عن عائشة , قوله : { والراسخون في العلم يقولون آمنا به } قالت : كان من رسوخهم في العلم أن آمنوا بمحكمه ومتشابهه , ولم يعلموا تأويله . 5203 – حدثنا الحسن بن يحيى , قال : أخبرنا عبد الرزاق , قال : أخبرنا معمر , عن ابن طاوس , عن أبيه , قال : كان ابن عباس يقول : { وما يعلم تأويله إلا الله } يقول الراسخون : آمنا به . 5204 – حدثني يونس , قال : أخبرنا ابن وهب , قال : أخبرني ابن أبي الزناد , قال : قال هشام بن عروة : كان أبي يقول في هذه الآية : { وما يعلم تأويله إلا الله والراسخون في العلم } أن الراسخين في العلم لا يعلمون تأويله , ولكنهم يقولون : { آمنا به كل من عند ربنا } 5205 – حدثنا ابن حميد , قال : ثنا يحيى بن واضح , قال : ثنا عبيد الله , عن أبي نهيك الأسدي قوله : { وما يعلم تأويله إلا الله والراسخون في العلم } فيقول : إنكم تصلون هذه الآية وإنها مقطوعة { وما يعلم تأويله إلا الله والراسخون في العلم يقولون آمنا به كل من عند ربنا } فانتهى علمهم إلى قولهم الذي قالوا . 5206 – حدثنا المثنى , قال : ثنا ابن دكين , قال : ثنا عمرو بن عثمان بن عبد الله بن موهب , قال : سمعت عمر بن عبد العزيز يقول : { الراسخون في العلم } انتهى علم الراسخين في العلم بتأويل القرآن إلى أن قالوا : { آمنا به كل من عند ربنا } 5207 – حدثني يونس , قال : أخبرنا أشهب , عن مالك في قوله : { وما يعلم تأويله إلا الله } قال : ثم ابتدأ فقال : { والراسخون في العلم يقولون آمنا به كل من عند ربنا } وليس يعلمون تأويله . وقال آخرون : بل معنى ذلك : وما يعلم تأويله إلا الله والراسخون في العلم , وهم مع علمهم بذلك ورسوخهم في العلم { يقولون آمنا به كل من عند ربنا } ذكر من قال ذلك : 5208 – حدثني محمد بن عمرو , قال : ثنا أبو عاصم , عن عيسى , عن ابن أبي نجيح , عن مجاهد , عن ابن عباس أنه قال : أنا ممن يعلم تأويله . 5209 – حدثني محمد بن عمرو , قال : ثنا أبو عاصم , عن عيسى , عن ابن أبي نجيح , عن مجاهد . { والراسخون في العلم } يعلمون تأويله ويقولون آمنا به . حدثني المثنى , قال : ثنا أبو حذيفة , قال : ثنا شبل , عن ابن أبي نجيح , عن مجاهد : { والراسخون في العلم } يعلمون تأويله ويقولون آمنا به . 5210 – حدثت عن عمار بن الحسن , قال : ثنا ابن أبي جعفر , عن أبيه , عن الربيع : { والراسخون في العلم } يعلمون تأويله ويقولون آمنا به . 5211 – حدثنا ابن حميد , قال : ثنا سلمة , عن ابن إسحاق , عن محمد بن جعفر بن الزبير : { وما يعلم تأويله } الذي أراد ما أراد إلا الله والراسخون في العلم يقولون آمنا به . ( فكيف يختلف وهو قول واحد من رب واحد ؟ ) ثم ردوا تأويل المتشابهة على ما عرفوا من تأويل المحكمة التي لا تأويل لأحد فيها إلا تأويل واحد , فاتسق بقولهم الكتاب , وصدق بعضه بعضا , فنفذت به الحجة , وظهر به العذر , وزاح به الباطل , ودمغ به الكفر . فمن قال القول الأول في ذلك , وقال : إن الراسخين لا يعلمون تأويل ذلك , وإنما أخبر الله عنهم بإيمانهم وتصديقهم بأنه من عند الله , فإنه يرفع ” الراسخين في العلم ” بالابتداء في قول البصريين , ويجعل خبره ” يقولون آمنا به ” . وأما في قول بعض الكوفيين فبالعائد من ذكرهم في ” يقولون ” , وفي قول بعضهم بجملة الخبر عنهم , وهي ويقولون ” . ومن قال القول الثاني , وزعم أن الراسخين يعلمون تأويله عطف بالراسخين على اسم الله فرفعهم بالعطف عليه . والصواب عندنا في ذلك , أنهم مرفوعون بجملة خبرهم بعدهم وهو ” يقولون ” , لما قد بينا قبل من أنهم لا يعلمون تأويل المتشابه الذي ذكره الله عز وجل في هذه الآية , وهو فيما بلغني مع ذلك في قراءة أبي : ” ويقول الراسخون في العلم ” كما ذكرناه عن ابن عباس أنه كان يقرؤه ; وفي قراءة عبد الله : إن تأويله إلا عند الله ” والراسخون في العلم يقولون ” . وأما معنى التأويل في كلام العرب : فإنه التفسير والمرجع والمصير , وقد أنشد بعض الرواة بيت الأعشى : على أنها كانت تأول حبها تأول ربعي السقاب فأصحبا وأصله من آل الشيء إلى كذا , إذا صار إليه ورجع يئول أولا وأولته أنا : صيرته إليه . وقد قيل : إن قوله : { وأحسن تأويلا } 4 59 أي جزاء , وذلك أن الجزاء هو الذي آل إليه أمر القوم وصار إليه . ويعني بقوله : وتأول حبها ” : تفسير حبها ومرجعه , وإنما يريد بذلك أن حبها كان صغيرا في قلبه , فآل من الصغر إلى العظم , فلم يزل ينبت حتى أصحب فصار قديما كالسقب الصغير الذي لم يزل يشب حتى أصحب فصار كبيرا مثل أمه . وقد ينشد هذا البيت : على أنها كانت توابع حبها توالى ربعي السقاب فأصحباوالراسخون في العلم يقولون آمنا به

    القول في تأويل قوله تعالى : { والراسخون في العلم يقولون آمنا به } يعني بالراسخين في العلم : العلماء الذين قد أتقنوا علمهم ووعوه فحفظوه حفظا لا يدخلهم في معرفتهم وعلمهم بما علموه شك ولا لبس , وأصل ذلك من رسوخ الشيء في الشيء , وهو ثبوته وولوجه فيه , يقال منه : رسخ الإيمان في قلب فلان فهو يرسخ رسخا ورسوخا . وقد روي في نعتهم خبر عن النبي صلى الله عليه وسلم , وهو ما : 5212 – حدثنا موسى بن سهل الرملي , قال : ثنا محمد بن عبد الله , قال : ثنا فياض بن محمد الرقي , قال : ثنا عبد الله بن يزيد بن آدم , عن أبي الدرداء وأبي أمامة , قالا : سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم من الراسخ في العلم ؟ قال : ” من برت يمينه , وصدق لسانه , واستقام له قلبا , وعف بطنه , فذلك الراسخ في العلم ” . 5213 – حدثني المثنى وأحمد بن الحسن الترمذي , قالا : ثنا نعيم بن حماد , قال : ثنا فياض الرقي , قال : ثنا عبد الله بن يزيد الأودي – قال : وكان أدرك أصحاب رسول الله – قال : حدثنا أنس بن مالك وأبو أمامة وأبو الدرداء : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل عن الراسخين في العلم , فقال : ” من برت يمينه , وصدق لسانه , واستقام به قلبه , وعف بطنه وفرجه ; فذلك الراسخ في العلم ” . وقد قال جماعة من أهل التأويل : إنما سمى الله عز وجل هؤلاء القوم الراسخين في العلم بقولهم : { آمنا به كل من عند ربنا } . ذكر من قال ذلك : 5214 – حدثنا ابن وكيع , قال : ثنا أبي , عن سفيان , عن جابر , عن مجاهد , عن ابن عباس , قال : { الراسخون في العلم يقولون آمنا به } قال : الراسخون الذين يقولون آمنا به كل من عند ربنا . 5215 – حدثني موسى , قال : ثنا عمرو , قال : ثنا أسباط , عن السدي : { والراسخون في العلم } هم المؤمنون , فإنهم { يقولون آمنا به } بناسخه ومنسوخه { كل من عند ربنا } 5216 – حدثنا القاسم , قال : ثنا الحسين , قال : ثني حجاج , قال : قال ابن جريج : قال ابن عباس : قال عبد الله بن سلام : { الراسخون في العلم } وعلمهم قولهم . قال ابن جريج : { الراسخون في العلم يقولون آمنا به } وهم الذين يقولون : { ربنا لا تزغ قلوبنا } ويقولون : { ربنا إنك جامع الناس ليوم لا ريب فيه } . .. الآية . وأما تأويل قوله : { يقولون آمنا به } فإنه يعني : أن الراسخين في العلم يقولون صدقنا بما تشابه من آي الكتاب , وأنه حق , وإن لم نعلم تأويله . وقد : 5217 – حدثني أحمد بن حازم , قال : ثنا أبو نعيم , قال : ثنا سلمة بن نبيط , عن الضحاك : { والراسخون في العلم يقولون آمنا به } قال : المحكم والمتشابه .كل من عند ربنا

    القول في تأويل قوله تعالى : { كل من عند ربنا } يعني بقوله جل ثناؤه : { كل من عند ربنا } كل المحكم من الكتاب والمتشابه منه من عند ربنا , وهو تنزيله ووحيه إلى نبيه محمد صلى الله عليه وسلم كما : 5218 – حدثنا ابن وكيع , قال : ثنا أبي , عن سفيان , عن جابر , عن مجاهد , عن ابن عباس في قوله : { كل من عند ربنا } قال : يعني ما نسخ منه , وما لم ينسخ . 5219 – حدثنا بشر , قال : ثنا يزيد , قال : ثنا سعيد , عن قتادة قوله : { وما يعلم تأويله إلا الله والراسخون في العلم } قالوا : { كل من عند ربنا } آمنوا بمتشابهه , وعملوا بمحكمه . 5220 – حدثت عن عمار بن الحسن , قال : ثنا ابن أبي جعفر , عن أبيه , عن الربيع في قوله : { كل من عند ربنا } يقولون : المحكم والمتشابه من عند ربنا . 5221 – حدثني محمد بن سعد , قال : ثني أبي , قال : ثني عمي , قال : ثني أبي , عن أبيه , عن ابن عباس : { والراسخون في العلم يقولون آمنا به كل من عند ربنا } يؤمن بالمحكم ويدين به , ويؤمن بالمتشابه ولا يدين به , وهو من عند الله كله . 5222 – حدثنا يحيى بن أبي طالب , قال : ثنا يزيد , قال : أخبرنا جويبر , عن الضحاك في قوله : { والراسخون في العلم } يعملون به , يقولون : نعمل بالمحكم ونؤمن به , ونؤمن بالمتشابه ولا نعمل به , وكل من عند ربنا . واختلف أهل العربية في حكم ” كل ” إذا أضمر فيها . فقال بعض نحويي البصريين : إذا جاز حذف المراد الذي كان معها الذي ” الكل ” إليه مضاف في هذا الموضع لأنها اسم , كما قال : { إنا كل فيها } 40 48 بمعنى : إنا كلنا فيها , قال : ولا يكون ” كل ” مضمرا فيها وهي صفة , لا يقال : مررت بالقوم كل , وإنما يكون فيها مضمر إذا جعلتها اسما لو كان إنا كلا فيها على الصفة , لم يجز , لأن الإضمار فيها ضعيف لا يتمكن في كل مكان . وكان بعض نحويي الكوفيين يرى الإضمار فيها وهي صفة أو اسم سواء , لأنه غير جائز أن يحذف ما بعدها عنده إلا وهي كافية بنفسها عما كانت تضاف إليه من المضمر , وغير جائز أن تكون كافية منه في حال , ولا تكون كافية في أخرى , وقال : سبيل الكل والبعض في الدلالة على ما بعدهما بأنفسهما وكفايتهما منه , بمعنى واحد في كل حال , صفة كانت أو اسما , وهذا القول الثاني أولى بالقياس , لأنها إذا كانت كافية بنفسها مما حذف منها في حال لدلالتها عليه , فالحكم فيها أنها كلما وجدت دالة على ما بعدها , فهي كافية منه .وما يذكر إلا أولو الألباب

    القول في تأويل قوله تعالى : { وما يذكر إلا أولوا الألباب } يعني بذلك جل ثناؤه : وما يتذكر ويتعظ وينزجر عن أن يقول في متشابه آي كتاب الله ما لا علم له به إلا أولو العقول والنهى . وقد : 5223 – حدثنا ابن حميد , قال : ثنا سلمة , عن ابن إسحاق , عن محمد بن جعفر بن الزبير : { وما يذكر إلا أولوا الألباب } يقول : وما يتذكر في مثل هذا , يعني في رد تأويل المتشابه إلى ما قد عرف من تأويل المحكم حتى يتسقا على معنى واحد , إلا أولو الألباب .

  4. لا توجد شريعة إسلامية منذ إنتهى الحكم العثماني .. أو الخلافة الاسلامية إلى يومنا هذا .. و كل من يقول توجد في إي مكان في العالم ألان شريعة فهو يكذب و دجال

    و على كذابين و دجالين الموتمر الوثني أن يرجعوا إلى كتب سيد قطب ..

    عن أبي أمامة الباهلي رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( لتنقضن عرى الإسلام عروة عروة ، فكلما انتقضت عروة تشبث الناس بالتي تليها ، وأولهن نقضاً الحكم وآخرهن الصلاة

    ومعنى قوله في الحديث : ( وأوله نقضاً الحكم ) معناه ظاهر وهو عدم الحكم بشرع الله وهذا هو الواقع اليوم في غالب الدول المنتسبة للإسلام

    لا توجد شريعة إسلامية منذ إنتهى الخلافة العثمانية…

    وقال سبحانه : ( وأن احكم بينهم بما أنزل الله ولا تتبع أهواءهم واحذرهم أن يفتنوك عن بعض ما أنزل الله إليك فإن تولوا فاعلم أنما يريد الله أن يصيبهم ببعض ذنوبهم وإن كثيراً من الناس لفاسقون أفحكم الجاهلية يبغون ومن أحسن من الله حكماً لقوم يوقنون

    ومعلوم أن الواجب على الجميع هو الحكم بشريعة الله في كل شيء والحذر من الحكم بالقوانين والأعراف المخالفة للشرع المطهر لقوله سبحانه : ( فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجاً مما قضيت ويسلموا تسليماً )

    الشريعة الاسلامية هي كل الدين .. و ليس بعض القوانين الاسلامية و بعض غير إسلامي ..

    أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ ۚ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِّقَوْمٍ يُوقِنُونَ
    قوله تعالى “أفحكم الجاهلية يبغون ومن أحسن من الله حكما لقوم يوقنون” ينكر تعالى على من خرج عن حكم الله المحكم المشتمل على كل خير الناهي عن كل شر وعدل إلى ما سواه من الآراء والأهواء والاصطلاحات التي وضعها الرجال بلا مستند من شريعة الله كما كان أهل الجاهلية يحكمون به من الضلالات والجهالات مما يضعونها بآرائهم وأهوائهم وكما يحكم به الشارع من السياسات الملكية المأخوة عن ملكهم جنكز خان الذي وضع لهم الياسق وهو عبارة عن كتاب مجموع من أحكام قد اقتبسها عن شرائع شتى: من اليهودية والنصرانية والملة الإسلامية وغيرها وفيها كثير من الأحكام أخذها من مجرد نظره وهواه فصارت في بنيه شرعا متبعا يقدمونها على الحكم بكتاب الله وسنة رسول الله – صلى الله عليه وسلم- فمن فعل ذلك فهو كافر يجب قتاله حتى يرجع إلى حكم الله ورسوله فلا يحكم سواه في قليل ولا كثير قال تعالى” أفحكم الجاهلية يبغون ” أي يبتغون ويريدون وعن حكم الله يعدلون” من أحسن من الله حكما لقوم يوقنون ” أي ومن أعدل من الله في حكمه لمن عقل عن الله شرعه وآمن به وأيقن وعلم أن الله أحكم الحاكمين وأرحم بخلقه من الوالدة بولدها فإنه تعالى هو العالم بكل شيء القادر على كل شيء العادل في كل شيء وقال ابن أبي حاتم حدثنا أبي حدثنا هلال بن فياض حدثنا أبو عبيدة الناجي قال: سمعت الحكم يقول: من حكم بغير حكم الله فحكم الجاهلية.

    وأخبرنا يونس بن عبد الأعلى قراءة حدثنا سفيان بن عيينة عن ابن أبي نجيح قال: كان طاوس إذا سأله رجل: أفضل بين ولدي في النحل؟ قرأ” أفحكم الجاهلية يبغون ” الآية.
    وقال الحافظ أبو القاسم الطبراني: حدثنا أحمد بن عبد الوهاب بن نجدة الحوطي حدثنا أبو اليمان الحكم بن نافع أنا شعيب بن أبي حمزة عن عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي حسين عن نافع بن جبير عن ابن عباس قال: قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم-:” أبغض الناس إلى الله عز وجل من يبتغي في الإسلام سنة الجاهلية وطالب دم امرئ بغير حق ليريق دمه” وروى البخاري عن أبي اليمان بإسناده نحوه بزيادة.

  5. معنى كلمة حد يتضمن ما يلي:
    حَدَّ الفَوْضى : قَيَّدَ ، وَقَفَ حائِلاً دونَ انْتِشارِها
    حَدَّ اللَّهُ عَنَّا الشَّرَّ : كَفَّهُ وَصَرَفَهُ عَنَّا

    أي أن كلمة حد من معانيها وقف الشيء و منع انتشاره و بالتالي اطلاقها على بعض العقوبات اتى من باب ان هذه العقوبات تردع و تمنع من انتشار تلك الجرائم

    من المعروف ان الكلمة في اللغة العربية يمكن ان تستخدم في عدة معان

    مثلا كلمة محصنات يمكن ان تعني
    عفيفات
    جرائر
    متزوجات

    و يفهم المعنى من السياق

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..