أخبار الرياضة

منع شارات دعم المثلية والكحول في ملاعب المونديال.. احترام ثقافة أو انتهاك للحريات؟

كمّ لاعبو المنتخب الألماني أفواههم خلال الصورة الرسمية قبيل مباراتهم مع اليابان، في أحدث تعبير عن الانتقادات والجدل الذي أثير بشأن الحقوق والحريات في بطولة كأس العالم، وتحديدا فيما يتعلق بشرب الكحول في الملاعب وشارات دعم المثليين، في البلد الخليجي المحافظ المستضيف. 

وقالت صحيفة “وول ستريت جورنال” إن قرار “اللحظة الأخيرة” بحظر تقديم الجعة خارج ملاعب مونديال قطر “جاء مباشرة من العائلة المالكة في الإمارة” الخليجية وذلك بعد القلق المتزايد بين القطريين المحافظين بشأن هذه المسألة.

وبعد 12 عاما من التخطيط لاستضافة كأس العالم لكرة القدم للمرة الأولى في دولة مسلمة، امتد الارتباك والغموض بشأن هذه القضية إلى ما قبل يومين فقط من المباراة الافتتاحية، حيث ألغى المنظمون خططهم لبيع البيرة بمحيط الملاعب وداخلها.
“انتصار ثقافي”

وفي هذا الإطار، يقول المحلل القطري، علي الهيل، إن الجدل الحاصل بشأن الحريات الشخصية في المونديال هو “جدل ثقافي”.

وأضاف في حديثه لموقع “الحرة” أن “دولة قطر استطاعت أن تنتصر بثقافتها الإسلامية والعربية”.

وتابع: “أرادوا (المنظمون) أن يفرضوا علينا بيع الخمور داخل الملاعب وخارجها، وقلنا لا، الخمور موجودة في الفنادق، ومن يريد أن يشرب فليذهب إلى هناك”.

وأوضح الهيل أنه “من خلال التجارب في بطولات أخرى، حصلت بعض حوادث التدافع نتيجة شرب الخمور، وحصلت مشاكل بين بعض الجماهير (…) ونحن آثرنا أن لا نبيع الخمور وانتصرنا للأجندة القطرية”.

وبموجب القواعد الجديدة، لن تتوفر المشروبات الكحولية إلا في فنادق معينة ومناطق مخصصة للمشجعين في الهواء الطلق بعيدا عن الملاعب. 

وستكون المشروبات الكحولية متاحة للأشخاص الذين اشتروا باقات الضيافة باهظة الثمن التي توفر غرف مغلقة داخل ملاعب كأس العالم.
القانون الدولي

من ناحيته، قال المتخصص في الحوكمة والقانون الرياضي، أيمن الرفاعي إن “الدولة (قطر) وقيادتها محكومة بالقانون الدولي واتفاقية فيينا، بغض النظر عن الرياضة أو غيرها”.

واتفاقية فيينا لقانون المعاهدات (VCLT) هي اتفاقية دولية تنظم المعاهدات بين الدول.

وأوضح الرفاعي في حديثه لموقع “الحرة” أن “هذه الاتفاقيات حفظت السيادة لكل دولة، فكون الدولة (قطر) اليوم مسلمة والكحول والمثلية تخالف أحكام الشريعة الإسلامية، فهذا حق محفوظ لها (منع ذلك) بقوة اتفاقية فيينا”.

واستبعد الرفاعي وجود ضغوط قطرية على الفيفا، وقال ما طالبت به قطر هو “حق مشروع لها في إطار القانون الدولي واتفاقية فيينا”.
شعارات دعم المثلية

وأعلنت 7 منتخبات أوروبية مشاركة في مونديال قطر 2022، الاثنين، أنها عدلت عن قرارها بارتداء قادتها شارة لدعم المثليين خلال المباريات لتجنب العقوبات.

وأصدرت منتخبات إنكلترا، ويلز، بلجيكا، الدنمارك، هولندا، ألمانيا وسويسرا بيانا قالت فيه إن “فيفا كان واضحا جدا في أنه سيفرض عقوبات رياضية إذا ارتدى قادتنا شارات (داعمة للمثليين) في الملعب”.

وأضاف البيان”لا يمكننا وضع لاعبينا في موقف يمكنهم من خلاله مواجهة عقوبات رياضية.. لذلك طلبنا من القادة عدم محاولة ارتداء الشارات” في مباريات كأس العالم.

وكان مرتقبا أن يرتدي قائد المنتخب الإنكليزي، هاري كين، شارة عليها شعار لدعم المثليين، في إطار رسالة إلى الدولة المضيفة التي طالتها انتقادات عدة بانتهاكها لحقوق الإنسان والعمال المهاجرين والمثليين على مدى الأعوام الماضية، وفقا لفرانس برس.

ولكن الاتحاد الدولي للعبة، لوح بفرض عقوبات صارمة على اللاعبين في حال خرقت لوائحه.
“أمر محزن”

ويرى الناشط في حقوق مجتمع الميم، جورج قزي، أن منع رفع أعلام وشعارات المثليين في المونديال “أمر محزن”.

ويقول قزي في حديثه لموقع “الحرة”: “كمثلي عربي كنت فخورا أن هناك دولة عربية تستقبل المونديال (…) والمحزن هو وجود خوف من علم يرمز للاختلاف وتقبل الآخر”.

وأضاف أن علم المثليين “ليس علما شيطانيا، وعلى العكس تماما هو علم للحب، وكمثلي عربي لم أجد نفسي في المونديال، وهو أمر محزن ولم أفرح في المونديال بدولة عربية فقط لأني مثلي الجنس”.

وتابع “الخوف من الاختلاف هو المشكلة الأساسية (…) ومنع ذلك يعتبر انتهاكا لحرية التعبير عن الرأي، ورفع العلم ليس اعتداء على أحد، ولا ينتهك حرية أحد”.

وفي رأي آخر، يقول الهيل إنه “قطر ترحب بالجميع ولكن الحريات الشخصية تنتهي عندما تبدأ حرية الآخرين، ونحن انتصرنا لهويتنا وثقافتنا، واستطعنا أن نفرض الأجندة الخاصة بنا ونجحنا في ذلك”.

وفي رده على أن رفع علم المثليين ينتهك الثقافة العربية والإسلامية، يتساءل قزي “هل كل الذين وصلوا إلى قطر من جميع أنحاء العالم يحترمون الثقافة الإسلامية؟ لا أعتقد ذلك، فليس كل النساء محجبات، وهناك ناس تشرب الكحول في الفنادق (…) ولماذا تفرض القواعد الإسلامية على المثليين فقط؟”.

وواجهت قطر انتقادات شديدة من جماعات حقوقية بشأن معاملتها للعمال المهاجرين، الذين يشكلون مع أجانب آخرين الجزء الأكبر من سكان البلاد، وفقا لرويترز.

واستدعت وزارة الخارجية القطرية الشهر الماضي السفير الألماني بسبب تصريحات لوزيرة الداخلية، نانسي فيزر، قالت فيها إن سجل حقوق الإنسان في أي بلد يجب أن يؤخذ في الاعتبار لتقرير ما إذا كان سيتم اختيارها لاستضافة كأس العالم.

وقال وزير الخارجية محمد بن عبد الرحمن آل ثاني في مقابلة مع صحيفة “فرانكفورتر ألجماينه تسايتونغ” الألمانية: “من ناحية، يتم تضليل الشعب الألماني من قبل السياسيين الحكوميين. ومن الناحية الأخرى، ليست لدى الحكومة (الألمانية) مشكلة معنا عندما يتعلق الأمر بشراكات أو استثمارات في مجال الطاقة”.

وأضاف:”نحن مستاؤون من ازدواجية المعايير”، مشيرا إلى أن قطر واجهت حملة ممنهجة ضدها على مدى 12 عاما منذ اختيارها لاستضافة كأس العالم، وهي حملة لم تواجهها أي دولة أخرى حظيت بحق استضافة هذه البطولة.

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..