مقالات وآراء

شمال كردفان فرص التنمية واحتمالات الفشل(2)

طرحت استطلاعاً للرأي، في وسائط التواصل الاجتماعي، حول فرص النجاح واحتمالات الفشل لوالي شمال كردفان الأستاذ خالد مصطفى، وما يتوقع منه أهالي الولاية، والمعطيات التي يمكن أن يرتكز عليها، فتباينت الآراء بدرجة متفاوتة. أولاً يرى البعض أن السيد الوالي يفتقر للحاضنة السياسية والشعبية، وهو من جانبه لم يعلن، حتى الآن، عن برنامج واضح أو خطة مدروسة لإدارة ولايته، سيما وأنه تنقصه الخبرة اللازمة في العمل السياسي، خاصة وأنه قد تولى الأمر في ظرف استثنائي يصعب حتى على ذوي الكفاءات والخبرة التراكمية ويتمتعون بقبول مجتمعي واسع النطاق وعظيم التأثير. في هذه الظروف، وحسب هذه المعطيات، يبدو أن الوالي يعول كثيراً على التأييد القبلي كما يستشف من زياراته لزعماء وأمراء القبائل من المقيمين في حاضرة الولاية، باستثناء من كان رئيساً لمجلس شورى المؤتمر الوطني.
وإذا اعتمد الوالي على هذا المنحى فسيجد نفسه في خضم تنافس قبلي سيفضي به إلى الفشل والتخبط لا محالة، فقد يضطره ذلك لنوع من المحاصصة القبلية، دون اختيار الكفاءات! وفي المقابل يرجى من الوالي عدم الزج بإنسان الولاية في أتون الصراعات والخلافات القبلية بتقريب البعض وإقصاء البعض الآخر.
من جانب آخر، يرى البعض ضرورة تقديم الدعم للوالي وتبصيره بمتطلبات المرحلة بغض النظر عن انتمائه الحزبي والفكري، الذي لم يتضح للناس بعد، فالمهم هو إيجاد قواسم مشتركة من شأنها أن توفر بعض الفرص التنموية والخدمية لإنسان شمال كردفان. ويرى آخرون أن من أوجب مهام الوالي المحافظة على النسيج الاجتماعي في الولاية؛ خاصة في هذه الظروف التي تمور بمشكلات مستجدة مع ظهور تكوينات جديدة يصعب السيطرة عليها. وبشكل عام، فإن نجاح الوالي مرهون بحرصه على توحيد الجهود الشعبية واستكشاف المعوقات من أجل إزالتها أو على أقل تقدير التعايش معها بحيث لا تؤثر على سير العمل في الولاية، مع السعي الدؤوب لإيجاد حلول ولو مرحلية للمشكلات التي ظلت هذه الولاية تعاني منها منذ عقود مضت ولا تزال.
الوالي لا يملك عصا موسى، ولكن يجب عليه تحري الشفافية والتزام مبدأ المساءلة، والحرص على الالتزام بالأولويات فيما يتعلق بشأن الولاية عامة، والابتعاد عن “الشللية” وإلا كان الفشل الذريع حليفة بلا محالة! وباختصار، ينبغي على السيد الوالي العمل على لم شمل مكونات مجتمع الولاية دون محاباة أو تحيز لفئة أياً كانت، وبدون تصفية حسابات شخصية أو حزبية لأن ذلك لن يكون من صالحه أو من صالح هذا الولاية الوادعة.
يقول بعض من شارك في الاستطلاع أن من المهم، في هذه المرحلة، الالتفات إلى معاش الناس وأمنهم وتقديم الخدمات الضرورية؛ مع العلم أن الوالي يواجه رفضاً عنيداً من مكونات قحت في الولاية وفي المركز بالرغم أن ترشيحه قد كان من قبل نداء السودان، أحد مكونات قحت الرئيسة، ولذلك فإن الحكومة المركزية يجب أن تكون ملزمة دستورياً وأخلاقياً بدعم هذا الرجل؛ حتى يحقق الأهداف المرجوة من فترة ولايته.
ومن سوء حظ السيد خالد أنه ورث مشروع نفير نهضة شمال كردفان، الذي حرك بركة التنمية الراكدة في الولاية، بطريقة أبهرت المراقبين، ولذلك ينصح أحد الإداريين الوالي بالاستفادة من معطيات وثيقة نفير نهضة شمال كردفان، فهي ملك مشاع لأهل الولاية ولا تخص حقبة أو حكومة بعينها وقد شارك فيها أناس ومؤسسات مرموقة من داخل الولاية وخارجها.
وبشكل عام نستطيع القول بأن الآراء تراوحت بين التفاؤل والتخوف من الفشل، ولكن من المهم جداً أن يحافظ الوالي على تماسك النسيج الاجتماعي وفق مقاربة تضمن له التواصل مع كل الأطراف وتعريفهم ببرنامجه والتسامي فوق الخلافات الحزبية، والمواقف المعلنة لبعض مكونات قحت، بحيث يستطيع العبور من خلال خضم هائل من المعوقات والمتاريس السياسية التي تستدعي قدراً عالياً من الحصافة والحنكة.
أحد الخبراء أدلى برأيه قائلا: “على الوالي أن يدرك أنه والي على الولاية بجميع مكوناتها، وأن يستلهم ماضي من حكموا كردفان، عبر مختلف الحقب؛ حتى يستنبط لنفسه طريقاً خاصاً، وعليه أن يكون أريحياً، سمحاً، عادلاً، غير متهاون في إنفاذ القانون، مع السعي لبذل أقصى ما يمكن من جهد لاستغلال موسم الخريف من أجل تحقيق الأمن الغذائي وتوفير مخزون احتياطي من الغلال، تحسباً لأي فجوة قد تحدث. كما عليه الاستعانة بذوي الخبرات والكفاءة والنزاهة لإدارة هذه المرحلة.”
بالطبع هذه الآراء تعبر عما يجيش بخاطر الكثيرين، وقد أدلى بها الإخوة بكل تجرد وشفافية أملاً منهم أن تنير ردهات السياسة ودهاليز العمل التنفيذي في ولايتنا الحبيبة، في هذه الفترة، التي تولاها الأستاذ خالد مصطفى، بتكليف من الحكومة الانتقالية.

محمد التجاني عمر قش
[email protected]

 

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..