مقالات سياسية

العنف ما بحلك

أطياف

صباح محمد الحسن

ليت الوقت يتوقف قليلاّ حتى لا يسجل التاريخ أسوأ ماتقوم به السلطات الانقلابية، من إساءة واضحة للمؤسسة العسكرية بارتكابها أفظع الجرائم في حق شعبها، وهي تواجه الشارع الثوري بكل هذه القسوة بدافع التهور الذي يكشف عن حالة الاضطراب النفسي لهذه السلطات، وماحدث امس الأول في مدينة أمدرمان كشف عن الضعف والتصدع الذي يعاني منه البيت الانقلابي الذي بات أهون من بيوت العنكبوت.

وتتجه السلطات الانقلابية لإستخدام اسلوب جديد من أساليب الخدعة والمُكر ، وذلك عبر ظاهرة النشر المكثف للقوات العسكرية في عدد من المناطق الطرفية واستعراض قوات الشرطة والجيش وتنظيم حملات بحجة محاربة ٩ طويلة، ولكن كل هذه العروض المسرحية العسكرية تستخدمها السلطات الانقلابية لتشغل المواطن عن أفظع ماترتكبه من جرائم في الشارع العام ضد الثوار السلميين العُزل، وأحياناً لأغراض عسكرية كلما اشتد صراع الداخل الخفي وضاقت به الجُدر ذات الأبواب المغلقة.

وماحدث من استخدام للعنف وما تعرضت له مواكب مدينة أم درمان للقمع المفرط بالرصاص الحي وسلاح الخرطوش والقنابل الصوتية والتصويب المباشر لعبوات الغاز المسيل للدموع على أجساد الثوار، مما أدى إلى سقوط شهيد وعشرات الإصابات، يكشف ان السلطات الانقلابية اعلنت افلاسها السياسي في مايتعلق بمسيرتها في الحكم، واعلان افلاس خزينة الاخلاق والمبادئ عندها، عندما لطخت اسم المؤسسة العسكرية بدماء الشهداء وحولتها الى قوات قتل الشعب المسلحة.

ومن اللا منطق ان نلوم جهاز أمن نظام البشير او عناصر النظام البائد وكتائب الظل وما ترتكبه من جرائم، فجهاز الأمن توقف عن ارتكاب جرائمه بعد أن جردته الوثيقة الدستورية من مهامه وأصبح جهازاً لجمع المعلومات فقط، لكن من الذي اعاد جهاز الأمن الى الواجهة من جديد من الذي منحه الصلاحيات واطلق له حرية التصرف ان يستخدم العنف ضد الثوار، ويمارس هوايته المفضلة في القتل والقنص والاعتقال، انه رئيس المجلس الانقلابي، الذي يقصد ويتعمد ذلك، من أجل سلامته فقط، وإن كان حقاً ان الجهاز يشكل مصدر ازعاج للسلطة الانقلابية ويمارس اخطاء دون رغبتها وارادتها، لأعادته الى ماكان عليه بجرة قلم وجردته من صلاحياته وحاسبت منسوبيه لكنها تعلم مهمته الخاصة جداً التي عاد من أجلها.

وذكرنا من قبل ان اطلاق سراح المعتقلين من عناصر المخلوع ومن قبلها عودة صلاحيات الجهاز كلها صفقات تمت بين المجلس الانقلابي وبين القيادات الكيزانية، فكلاهما يتوق الى العيش بسلام حتى وان كان ثمن هذا السلام الحرب والقتل والدمار، فعودة العنف الذي تمارسه السلطات الإنقلابية ماهو إلا مهمات تنفذ حسب بنود الصفقة فكلما مارس جهاز الأمن عنفا أكبر وأكثر توهم الانقلابيون وشعروا ان عمرهم يزيد يومياً.

والثورة تنتصر لطالما انها تشكل خطرًا يتطلب خروج كل هذه القوات العسكرية والامنية والشرطية لتخوض معارك يومية بهذا الثقل، الثورة تنتصر بعد ان هزمت الانقلاب خارجياً وداخلياً واقتصادياً وأمنياً وسياسياً، وجعلت اعضاء المجلس الانقلابي والحكومة المكلفة من البرهان ( بلا شغل ولا مشغلة )، الثورة تنتصر لطالما عجز قادة الإنقلاب ليس في تحقيق القبول عند الشعب السوداني ولكن فشلوا حتى في قبول أنفسهم، فمن يصبح معزولا عن مجتمعه ومحيطه وشعبه لا يبحث إلا عن أدوات الإيذاء ، التي يستخدمها ضد من حوله طول الوقت ليحمي نفسه ولو مؤقتاً، سيما أنه يسيطر عليه الإحساس بالخوف والرعب من كونه ينهار حتى بصوت الهتاف.

كل هذا يحدث و عضو المجلس الانقلابي ابوبكر حجر يحدثنا عن ضرورة نبذ الكراهية والعنصرية وانه لابد من بذل الجهود لتحقيق دولة يجد كل إنسان فيها نفسه، محييا التضحيات الكبيرة التي يجب أن يكون ثمنها التغيير الجذري لمستقبل افضل للسودان، وان ثوره ديسمبر أكدت للجميع ان الكراهية والعنصرية ولى زمنها.

وحجر من أكثر الذين يعلمون الأسباب الاساسية لتفشي ظاهرة الكراهية والعنصرية بين ابناء الوطن الواحد ومن أهم هذه الأسباب هو الظلم وقتل نفوس الابرياء دون حق، وعدم تحقيق العدالة ،كل هذه الأسباب وغيرها تمارسها السلطات الانقلابية يوميا ًوالتي تتعمد ذلك.

فحكومة توفر لك المناخ الجيد لتنامي هذه الظواهر وتستدعي عندك مشاعر البغض والكراهية ان كان بقتلها او بظلمها او مُكرها، ومع ذلك تطالبك بضرورة أن تكون شخصاً سوياً !

وكيف تبذل الجهود لبناء دولة يجد فيها كل شخص نفسه كما يقول حجر، ألا يعلم حجر ان الانقلاب الذي أسس على اللا عدالة ولا قانون ولا مؤسسية يبذل الكثير من الجهد (الرهيب) حتى يهدم دولة، او ربما يريدها بلا أشخاص !!.

طيف أخير:

نعي ما معنى أن ينظر المرء بخيبةٍ لذات الأمور التي حدّق فيها بأمل، ولكننا نعي أيضاً أن إرادتنا أقوى.

الجريدة

 

‫4 تعليقات

  1. بلد غرقانة حتى اخمص قدميها في الوسخ والزبالة كأوسخ دولة في العالم دون شك تحتاج بشدة أن تراجع مسارها ومسيرتها وتنظر للصورة الكبيرة بدل من الخوض في الوحل وفي أكياس الزبالة والصور الصغيرة كما تفعل هذه الصحفية وكثير من الصحفيين والكتاب.
    لا بد أن يجلس الجميع مدنيهم وعسكريهم وشيوعييهم وكيزانهم وكبيرهم وصغيرهم ورجالهم ونساءهم في الأرض ويتفقوا على الحد الادنى من اجل احداث التغيير ، غير كدا قسما عظما سنظل في حالة انهيار مستمر وبقوة اندفاع نحو الهاوية تزيد كل يوم!
    واحد حمار يجي يقول ليك دا كوز ودا هبوط ناعم ودا رجعي ودا ودا ودا..
    بطلوا هذا العبط واتفقوا بدل حالة الحرب الضروس التي يعيشها السودان
    تقول الكاتبة: نعي ما معنى أن ينظر المرء بخيبةٍ لذات الأمور التي حدّق فيها بأمل!
    وفي ظل هذ االتشتت ستظلي تحدقي لهذه الأمور بخيبة الى يوم القيامة العصر لأن الخيبة الحقيقية في الخلاف والحرب الداخلية والنزاع!!

  2. هههههههه
    الأمور اللي تنظري لها بخيبة زي ايش؟
    كلنا كنا نطير فرحا بعد الثورة مستيقننين أن
    ان الاقتصاد سينصلح فأصبح اسوأ الف مرة
    الامن ينصلح فصار أسوأ الف مرة
    الفساد يقيف فزاد الف مرة
    البلد تتعافي فتضاعف مرضها الف مرة
    الكلمة تتوحد فتفرقت الف مرة
    خدمات الطرق والكهرباء والطاقة تتطور فساءت الف مرة واسعارها زادت الف مرة
    كنا نهتف الجوع ولا الكيزان فاستجاب الله لدعائنا الف اجابة!!!
    ولا حولة ولا قوة الا بالله!!

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..