الشعبي من مايو الى الانقاذ 2

عندما عرض الرئيس الاسبق الراحل جعفر نميري المشاركة في الحكم على الحركة الاسلامية بعد المصالحة التي اعقبت غزوة 76 انقسم الاسلامين الى فريقين فريق كان مع المشاركة يتزعمه دكتور الترابي وهم الاغلبية وفريق كان يرى في الابتعاد عن مشاركة النميري حكمة كل الخير يتزعم هذا الفريق علي عثمان طه..
في نهاية الامر وكما هو معلوم كانت الغلبة لفريق المشاركة في الحكم وتمت المشاركة بالفعل واستفادت الحركة الاسلامية ايما استفادة من هذه المشاركة ، حيث قامت ببناء منظومتها الاعلامية الفتاكة وقوتها الاقتصادية المتمثلة في شركت التامين وبعض البنوك وعلى راسها بنك فيصل الاسلامي ..
بقية القصة في علم الكافة الى ان قامت الانتفاضة التي اطاحت بالنميري ليجد الاسلامين نفسهم يمثلون الحزب الثالث في السودان من حيث ميزان القوة بعد الحزبين العريقين الامة والاتحادي ..
اليوم وكأن التاريخ يعيد نفسه يجد الشعبي نفسه في مفترق طرق ما بين المشاركة في الحكومة التي كان له قصب السبق في تثبيتها وما بين الاعراض حتى يرى ما ينادي به من حريات تسعى بن الناس في وضح النهار..
الترابي مهندس الحوار وعراب الوطني والشعبي ان جاز التعبير كان يرى في عدم المشاركة في الجهاز التنفيذي والاكتفاء بالمشاركة في الهيئة التشريعية كل الخير لحزبه حتى يتفرغ لانتخابات 2020 والمنظومة الخالفة ..
الا انه يبدو وبرحيله المفاجئ قد غمض الطريق على خلفة الذين كانوا مسار اعجاب في تماسكهم بعد فاجعة الرحيل حيث قام مؤتمرهم العام واكتمل هيكلهم التنظيمي باماناته المختلفة…
غير ان ورقتهم المعنية بامر الحريات مثلت الاختبار الاكثر حدة في مسعاهم في طريق الحوار الوطني الذي كان لشيخهم القدح المعلى فيه..
هدد الشعبي ان وثيقة الحريات تمثل خطا احمر ورفض “تغير شولة ” من محتوياتها الا ان الوطني خيب ظنه واسقطها عبر برلمانه دون ان يعير تهديدات الشعبي ادنى التفاتة..
بدأ التراجع من قبل الشعبي من مواقفه العنترية المتصلبة رويدا رويدا بدأها بتصريح شهير لامينه العام الدكتور على الحاج الذي قال ان “الحريات في البلد كويسة” الى ان وصل الحزب الى مرحلة المشاركة في الحكومة القادمة بوزراء تنفيذيين وااعضاء في البرلمان ومجلس الولايات.في خاتمة المطاف..
كمال عمر والذي يبدو انه كان من ضمن القلة التي لاترى في المشاركة في الحكومة الا كل الجحود والتنكر لرؤية شيخه الراحل آثر الانسحاب بتقديمه استقالته من الامانة السياسية لحزبه والاعتذار عن قبول عضوية البرلمان.
علي الحاج ورهطه واصلوا التقرب من الحكومة دون التوقف كثيرا عند محطة كمال عمر وشرف الدين بانقا..ولسان حالهم يقول ان التقرب من دوائر الحكومة ودواوينها في عهد النميري هو الذي ساهم في بناء الحركة القاعدي وساعدها في انطلاقتها الكبرى بعد ذلك الى ان توجت مساعيها بالتربع فوق عرش السلطة منفردة لاكثر من ربع قرن من الزمان ..
ترى هل تفلح رؤية علي الحاج في العمل على بناء الشعبي وهم داخل السلطة ام ان وفاء كمال عمر وجماعته لرؤية الاب الروحي هي التي سيستبين نفعها في الآخر؟
[email][email protected][/email]