فصل الإسلام عن الثقافة العروبية و سودنته

في البدء يجب أن نفرق بين اللغة العربية كاداة للتواصل و التخاطب و النقل المعرفي و بين اللغة كحامل ثقافي لايدولوجيا محددة و استخدامها السيء في هذا المجال.
انتشرت اللغة العربية في السودان لأسباب كثيرة سياسية و إقتصادية و اجتماعية و دينية. لكن ارتباط اللغة العربية بالسياسة المركزية في الخرطوم أدي لاستخدامها كاداة للقهر و الازلال و هضم الحقوق الثقافية و السياسية للاثنيات السودانية المختلفة،
المناهج الدراسية الرسمية منذ بخت الرضا تحتفل بالثقافة العروبية بصورة غريبة من العصر الجاهلي العروبي و مروراً بصدر الإسلام حتي أصبحنا نعيش في غربة زمانية و مكانية و حدث لنا استلاب بالكامل في فترات الطفولة الأولي.
لكن الكثير من السودانيين الآن لا يزال مشوّها و مستلبا ثقافيا و فكريا و يعيش بخياله مع عنترة بن شداد و عمر بن أبي ربيعة في الجزيرة العربية و هشام بن عبدالملك في قصر الرصافة.
من هذه العقلية الأسطورية المشوهة المستلبة نشأ فكر الاسلام السياسي و داعش و غيرهم من تنظيمات السودان الإرهابية التي تعيش في مكان ليس مكاننا و زمان ليس زماننا.
كان الأحري بمن يضع المناهج الدراسية و يصيغ الخطاب الإعلامي للمركز العروبي العنصري في الخرطوم عبر اجهزته الرسمية أن يستخدم اللغة العربية للاحتفاء بالثقافات السودانية المختلفة و ترجمة التراث الثقافي المحلي الي العربية و الاحتفاء بالجغرافيا و المكان السوداني بدلاً من الاحتفاء بمضارب قبائل بكر و تغلب و سقط اللوي و حومل و أطلالها و التي لا تتماشي مع روح العصر و التكنولوجيا و لا تنتج إنسان سوي متصالح مع ذاته و لونه و ثقافته و وطنه.
أيضا الاحتفاء المتكرر بالتراث الاداري القبلي العروبي و ثقافة دار الندوة في مكة و دولة بني أمية بصورة غريبة يسد الأفق تماما تجاه بناء الدولة المدنية العلمانية المعاصرة و هنا لعبت المسلسلات الدينية التاريخية المنحطة فنيا و فكرياً دوراً رهيبا في تشويه ما تبقي من العقل السوداني و أسطرته بالكامل.
إقصاء اللغات السودانية المحلية من المشهد الثقافي و المعرفي لصالح اللغة العربية فيه قصر نظر كبير لان الاهتمام باللغات المحلية و تطويرها و كتابتها و تعليمها في المدارس يمكن أن يمشي جنبا الي جنب مع اللغة العربية كما يحدث في دول كثيرة من العالم تعلم اللغة الإنجليزية الي جانب لغاتها المحلية.
في الهند مثلاً يكاد يكون غالبية الشعب الهندي يتكلم اللغة الانجليزية و يستخدمها في نقل التراث الهندي الثقافي و الديني و التواصل اليومي و لكنه يجهل تماما في الغالب أي شيء عن الأدب الثقافي البريطاني و لا يهتم كثيرا بشكسبير أو غيره لان اللغة الانجليزية أصبحت لغة هندية محلية تعبر عن هموم و تطلعات المواطن المحلي الهندي و لا تعبر عن أيدولوجيا ثقافية أو سياسية توسعية عابرة للحدود و تغذي الارهاب كما هو حال اللغة العربية في السودان.
يجب كذلك ان نفصل بين الاسلام كدين روحي لتهذيب الفرد و بين الثقافة العروبية كايدولوجيا سياسية توسعية إمبريالية لقهر الشعوب و هضم حقوقها الثقافية و تهميشها.
الدخول في الاسلام لا يعني و يشترط التعريب و التخلي عن اللغات و الثقافة السودانية المحلية كما هو موجود في دول كثيرة مثل تركيا و باكستان و دول جنوب شرق آسيا المسلمة و التي في نفس الوقت تحتفي بلغاتها و ثقافاتها المحلية و يقتصر دور اللغة العربية عندهم في الجوانب التعبدية الشعائرية. ما الذي يمنع أن تكون خطبة الجمعة في السودان بلغة البجا و النوبة و الفور و الزغاوة و الانقسنا و ترجمة المعاني الدينية الي هذه اللغات و تفسير القران نفسه الي داخل اللغات السودانية المختلفة.
باستطاعتك أن تكون مسلم معاصر و في نفس الوقت تحتفظ و تعتز بلغتك و ثقافتك المحلية و تطورها و تنميها و تطالب بحقوقك الثقافية في وجه التوحش العروبي الشرس في المركز الذي يعيش في غربة زمانية و مكانية.
بفصل الاسلام كدين روحي من الثقافة العروبية نكون قد حررنا الإسلام هو الآخر من كثير من التشوهات و الترسبات التاريخية التي اختلطت به و غطت علي جوهره كخطاب قيمي و روحي لتهذيب الفرد و ترقية السلوك.
الحركة الفكرية في السودان يجب أن تتجه كما أري الي الفصل بين اللغة العربية كاداة للتواصل و الثقافة العروبية كايدولوجيا من جهة و الفصل من جانب اخر بين الاسلام كدين روحي من جهة و الثقافة العروبية و لغتها التواصلية كمركب حضاري حتي نصل الي مرحلة السودنة الكاملة للدين الإسلامي و لغته الشعائرية متسامين بكل هذا من أجل اللحاق بروح العصر.
هذه النظرة التفكيكية غابت في ثلاثينات القرن الماضي علي السيد محمد احمد المحجوب و غيره من النخب السياسية و الفكرية لإشكالات متعلقة بتلك الفترة التأسيسية في عمر الدولة السودانية.
[email][email protected][/email]
مقال يثلج الصدر ومادام هناك امثالك فنحن بخير ومهما طالت الظلام ستنقشع شمس الحريه يوما….ربك يمهل ولايهمل
ا
مقال يثلج الصدر ومادام هناك امثالك فنحن بخير ومهما طالت الظلام ستنقشع شمس الحريه يوما….ربك يمهل ولايهمل
ا
مقال رائع ذو فكر تحليلى هادف لفصل الثقافة العربية التى امتزجت بالدين الاسلامى واصبح الغالبية لايعرف ان يفرق بينهما
احسنت النشر د التيجانى
واشكرك جدا على مقالك الرائع السابق تشريح مفهوم الاله المنشور بالراكوبة
وقد كان ثريا بالمفاهيم والفلسفة والفكر الدينى او قل كدراسة لللاهوت ونرجو المزيد من هذا النوع من المقالات المفيدة للجميع وكشمعة تنير الدرب للاخريين
هذا هو السودان الذي نريد…يديك العافية ياخي..
نعم صحيح.
ومن جهة أخرى، اصلا الحال لن يبقى على ما هو عليه الان . اذ ان انتشار الإسلام سينزع مركزة الإسلام عن العرب والعالم المتاخم المجاور إيران باكستان. الخ. وكل ثقافات العالم ومن بينها البوذية، الهندوسية وغيرها مع الإسلام أيضا لن تظل ممركزة في مواطنها الاصل.
لك التحية ول
Koy tpeuw
المشكلة ليست مشكلة لغة و انما مشكلة نفسية في الاساس , فنحن لوننا يخبرنا كل لحظة بأننا نختلف عن العربان و لكن هذا الامر جعل الكثير من النخبة يتصرفون عكس الواقع و يفعلون المستحيل لكي يخدعوا أنفسهم بانهم عرب أقحاح . هذه هي المشكلة الحقيقية.
هناك أمور كثيرة في بنية الشخصية السودانية بنيت على خطأ و يجب معالجتها أولا و هي تتعدى المسألة اللغوية بمراحل.
أكمثال فقط , من الواضح ان الروح الوطنية في السودان ضعيفة , و مما يدلل على ذلك انفصال دولة جنوب السودان , فالجنوبيون كان هدفهم الوحيد من الانفصال هو الانفصال و الانفصال فقط مما يعني انهم لم يكونوا يشعرون بأن هناك ترابا واحدا يجمعهم مع بقية انحاء السودان القديم
ممتاز ومن اراد التبحر فعليه بدراسة اللسان العربي المضمن في القرءان وأسلوبه وسياقاته الخاصة به بعيدا عن الموروث والثقافة العربية الشعبوية القبلية العنصرية والتي انعكست على تفسير ات العربان بمختلف مذاهبهم السلفية والحداثية ورؤيتهم لاسلامهم وهي رؤية لا تختلف عن رؤية اليهود لديانتهم فالعربان لا يعترفون بالمساواة التي اقرها الاشلام بين العربي الابيض والاعجمي الأسود وبالتالي فلا حاجة للمسلمين من غير العرب بالثقافة العروبية واتركونا منهم فثقافتنا لا تأبى الغير فيها متسع للفهم الصحيح للأديان والتسامح مع الاختلاف والتواضع لله رب العالمين على السواء والسواسية بلا تمييز ولا فضل لحد على حد الا بالتقوى لله والنفع لعباده
مقال رائع ذو فكر تحليلى هادف لفصل الثقافة العربية التى امتزجت بالدين الاسلامى واصبح الغالبية لايعرف ان يفرق بينهما
احسنت النشر د التيجانى
واشكرك جدا على مقالك الرائع السابق تشريح مفهوم الاله المنشور بالراكوبة
وقد كان ثريا بالمفاهيم والفلسفة والفكر الدينى او قل كدراسة لللاهوت ونرجو المزيد من هذا النوع من المقالات المفيدة للجميع وكشمعة تنير الدرب للاخريين
هذا هو السودان الذي نريد…يديك العافية ياخي..
نعم صحيح.
ومن جهة أخرى، اصلا الحال لن يبقى على ما هو عليه الان . اذ ان انتشار الإسلام سينزع مركزة الإسلام عن العرب والعالم المتاخم المجاور إيران باكستان. الخ. وكل ثقافات العالم ومن بينها البوذية، الهندوسية وغيرها مع الإسلام أيضا لن تظل ممركزة في مواطنها الاصل.
لك التحية ول
Koy tpeuw
المشكلة ليست مشكلة لغة و انما مشكلة نفسية في الاساس , فنحن لوننا يخبرنا كل لحظة بأننا نختلف عن العربان و لكن هذا الامر جعل الكثير من النخبة يتصرفون عكس الواقع و يفعلون المستحيل لكي يخدعوا أنفسهم بانهم عرب أقحاح . هذه هي المشكلة الحقيقية.
هناك أمور كثيرة في بنية الشخصية السودانية بنيت على خطأ و يجب معالجتها أولا و هي تتعدى المسألة اللغوية بمراحل.
أكمثال فقط , من الواضح ان الروح الوطنية في السودان ضعيفة , و مما يدلل على ذلك انفصال دولة جنوب السودان , فالجنوبيون كان هدفهم الوحيد من الانفصال هو الانفصال و الانفصال فقط مما يعني انهم لم يكونوا يشعرون بأن هناك ترابا واحدا يجمعهم مع بقية انحاء السودان القديم
ممتاز ومن اراد التبحر فعليه بدراسة اللسان العربي المضمن في القرءان وأسلوبه وسياقاته الخاصة به بعيدا عن الموروث والثقافة العربية الشعبوية القبلية العنصرية والتي انعكست على تفسير ات العربان بمختلف مذاهبهم السلفية والحداثية ورؤيتهم لاسلامهم وهي رؤية لا تختلف عن رؤية اليهود لديانتهم فالعربان لا يعترفون بالمساواة التي اقرها الاشلام بين العربي الابيض والاعجمي الأسود وبالتالي فلا حاجة للمسلمين من غير العرب بالثقافة العروبية واتركونا منهم فثقافتنا لا تأبى الغير فيها متسع للفهم الصحيح للأديان والتسامح مع الاختلاف والتواضع لله رب العالمين على السواء والسواسية بلا تمييز ولا فضل لحد على حد الا بالتقوى لله والنفع لعباده