
الشاب سعد ، شاب فقير وهميم. يدرس في المدرسة الثانوية بصعوبة بالغة. فهو لا يملك قوت يومه؛ ناهيك عن معينات الدراسة. امه ، تعمل فراشة في مدرسة الحي ، وتبيع الشاي . والده ، انقطعت اخباره عندما ذهب إلى ليبيا ليبحث عن رزق جديد .
سعد، وصل لقناعة ، بأن عليه أن يعمل ليعين أسرته ودراسته ما أمكن . استمر سعد في مزاولة عمله كعامل بناء في عطلة نهاية الاسبوع .. عمله هذا مرهق ويزلزل جسده النحيل .
في مرة ، كان يعمل في مشتل حي الرياض ، الراقي ..
المشتل فيه انواع منتخبة من الزهور والورود ، وشجيرات الزينة الطبيعية.
صاحب المشتل ، زراعي شاب فاضل ؛ ورثه عن أبيه الزراعي المعروف .
فاتح سعد ، صاحب المشتل بفكرة مشروعه ، وهو أن يأخذ بعض باقات الورود ويقوم بعرضها وبيعها في بعض الأماكن المختارة بعنابة ..
وافق صاحب المشتل ، وزاد عليه ، بأنه لن يحاسبه على أي باقات ورد لم تبع . ثم قال مخاطبا سعد ، الناس همها الأن ، في الأكل والشراب.
ثم سأل الصبي ،
وأين ستبيع هذه الورود؟.
في مداخل أحياء ، الرياض والمتشية والعمارات وأمام المستوصفات الطبية . قال الصبي .
في اليوم التالي ، وأمام مستوصف دكتور فضيل المشهور ، ومن على طاولة ، رخيصة ، قام سعد بعرض، باقات الورد .
مرت سوبعات قليلة ، ولم يحقق سعد أي نجاح يذكر…
رجلان ، يبدو انهما ليسا من السودان . اشتريا بعض باقات الورد ، ودسا في يده مبلغا سخيا .
حمل سعد أغراضه ، وتوجه نحو مدخل العمارات ؛ قبالة مقابر فاروق .
مرت سيارة ، هيئة دبلوماسية من أمامه ، ثم وقفت .
نزلت منها أمرأة ، في منتصف العمر ..
سألته ، بعد أن حيته بلغة عربية ركيكة ،
كم باقة ورد ، معك؟ .
حوالي عشرة . أجاب سعد.
اريدها كلها ، عندنا احتفال اليوم .. كم المبلغ؟.
سعد ، ادفعي ما تريدين ، أن تدفعيه.
حسنا ، ايها الشاب . انت كريم .
تفضل هذا هو المبلغ . وهمت بأن تأخذ كل الباقات .
استوقفها سعد ، واخذ أحدى باقات الورد منها ثم أخبرها،
بأن باقة الورد الأخيرة هذه ، مححوزة.
ودعته المرأة ببسمة عريضة ، ثم انصرفت .
تحسس سعد المبلغ بيديه ، فوجده مبلغا محترما .
ارتسمت على وجهه ، بسمه لطيفة ؛ تبعتها زفرة فرح ونصر ..
أخذ سعد باقة الورد الأخيرة وتوجه نحو مقابر فاروق .
هناك ، قام بوضع كل وردة وبرفق ، فوق كل قبر ؛ حتى خلصت كل الباقة ..
النهاية