مقالات سياسية

ستغرق الخرطوم كل عام

إذا وجهنا سؤالاً لوالي الخرطوم الحالي عبد الرحيم لماذا تغرق الخرطوم كل عام سيجيب إنه لا توجد مصارف، وإذا سألناه لماذا لا توجد مصارف؟ سيقول إنه وجدها هكذا من سلفه، وإذا سألناه لماذا لم يغير هو في الأمر فسيقول مشكلتنا المال كما سبق وأن قال فعلاً، هذا هو حال كل الولاة لا يقومون بمعالجة ما ورثوه من أخطاء وفشل، ودائما يشكون من قلة المال، مع إنهم لا يفلحون في شيء مثلما يفلحون في جمع المال من المواطنين بالحق وبالباطل، بل وتعدوا الأمر إلى بيع ممتلكات الشعب، ورغم أن الولاية تحصد من كل ذلك مبالغ خيالية إلا إنها تهدر بسوء الإدارة.

أولو الأمر في الخرطوم خلال ثلاثة عقود يتعاملون مع مصارف المياه بطريقة ساقية جحا (تشيل من البحر وتكب في البحر) وبما أن الفكرة تعكس سوء تصرف من جحا، إلا إنه بالنسبة لحكومة ولاية الخرطوم فلا أحد يعلم من المستفيد، لو لاحظتم باستمرار هناك مصارف سطحية تحفر أثناء كل خريف وقبل أن يأتي الخريف القادم تكون قد دفنت تلقائياً بالتراب أو النفايات وحين يأتي الخريف الآخر تحفر مرة أخرى وهكذا 30 سنة بهذا الحال، هذا إضافة إلى المشروع السنوي الذي يسمى الاستعداد للخريف الذي تتبناه الولاية عبر عدد من الوزارات.
في شهر مارس الماضي وزير الوزارة التي تسمى وزارة الشؤون الاستراتيجية والمعلومات بولاية الخرطوم بروفيسور محمد حسين أبو صالح العام الماضي قال إنه سيتم إيقاف حفر مجاري الخريف السطحية نسبة لإهدار 8 ترليون جنيه خلال العشرين سنة الماضية، وقال نتطلع لعمل شبكات ومجاري ومصارف مستدامة وخطة استراتيجية بمعاونة المستثمرين والقطاع الخاص وأن الولاية تحتاج إلى ميزانية 20 سنة لتنفيذ شبكات صرف صحي متكامل، السيد أبو صالح يفكر لهم في استراتيجية هدر أخرى ويريدنا أن ننتظرهم عشرين سنة أخرى لينجزوا مهمة اخفقوا فيها 30 سنة مع إنه خلال هذه المدة نجحت حكومات كثيرة في بناء دول كاملة. ثم السؤال المهم ماذا فعلوا من ذلك الوقت وحتى الآن وقد مضى على كلام أبوصالح سنة ونصف، إن كان هناك فعلاً فكرة استراتيجية لظهر منها شيء ولكنه (يتجمل ولا يكذب) علينا.

ليست المصارف وحدها ما يهدر المال العام بل مثلها مشروع النظافة والكهرباء والمياه، والصحة والتعليم، بل الحكومة تتعامل مع كل شيء بنظرية المجاري السطحية لا يوجد لديها حل جذري أبداً لأية مشكلة والمواطن يدفع ثمن كل هذه الإخفاقات مالاً وشقاء، ثم يخرج إلينا المسؤولون بلا مسؤولية ليخبرونا إنهم يفكرون في استراتيجيات مستقبلية تحتاج سنوات وترليونات أخرى ويطلبون منا أن ننتظر ونتحمل ونصبر.
إن ما يصرف على ما يسمى بالمجاري السطحية سنوياً ما يساوي 400 مليار جنيه حسب أبو صالح، يمكنه أن يؤسس للخرطوم مجاري بأعلى المواصفات والأمر لا يحتاج إلى سنوات ولا مستثمرين وشركات تتبع لهم ولأهلهم، وإنما يحتاج حكومة رشيدة محبة لشعبها وتملك الإرادة والعزيمة والرغبة الصادقة في تطوير البلد، وهذا ما نفتقده.

التيار

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..