الموتى لا يحررون شهادة وفاتهم…

(فَلَمَّا قَضَيْنَا عَلَيْهِ الْمَوْتَ مَا دَلَّهُمْ عَلَىٰ مَوْتِهِ إِلَّا دَابَّةُ الْأَرْضِ تَأْكُلُ مِنسَأَتَهُ ۖ فَلَمَّا خَرَّ تَبَيَّنَتِ الْجِنُّ أَن لَّوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ الْغَيْبَ مَا لَبِثُوا فِي الْعَذَابِ الْمُهِينِ)

كل وظائف الدولة الحيوية قد فشلت وتوقفت تماماً، كافة العلامات الحيوية تشير إلى موت الدولة.

درجة الوعي بوصفها إحدى أهم العلامات الحيوية، قد تدنت إلى مستوى فقدان الوعي بالكلية، فلم تعد الدولة تشعر ببتر أطرافها، ولا بألم المواطن ولا حتى انهيارها، مما يعني أنها قد ماتت بالفعل اكلينيكياً.

ولكنها مازالت حيَّة (رقطاء) في مخيال الشعب، الذي ينظر إليها من خلال (الصورة الذهنية) التي ترسخت في عقله و وجدانه طيلة ثلاث عقود، بينما لم يعد هنالك أي مكافئ موضوعي لهذه الصورة الذهنية في الواقع.

فالناس خائفون، ربما، من مواجة حقيقة تداعيات ذهابها، لأن (الوِلِف كَتَّال)، أو ربما هي عادتنا أن نتفاجأ بالعيد كل عام، وأن ندعو الله أن يُؤجَل ثبوت العيد إلى ما بعد غدٍ، حتى نعد له العدة.

الشعب غير مؤهل لسماع خبر الوفاة، هكذا قالت (الجن)، فالجن في الوقت الراهن مشغولون فيما بينهم في كيفية تجهيز الجثمان ومواراته الثرى، والكل خائف ويتوجس خيفة من النزول إلى حفرة القبر، خوفا من أن تهال عليه التراب فيدفن معها، ويذهب أهل الدثور بالأجور..

لذلك بدأت (الجن) تعيد ترميم صورة (الإمام الغائب) التي تهالكت وتآكلت بفعل الزمن وعوامل التعرية، لتعيد لها الحياة عن طريق المقابلات الصحفية، ونشر الروشتات التي يكتبها، عبثاً، لتأخير إعلان حالة الوفاة من ناحية، ولاتخاذه واجهة (درقه) من ناحية أخرى في حال تسرب خبر الوفاة للعامة، وفي الايام القليلة القادمة ستبدأ الجن أيضاً في انعاش صور بعض (الديناصورات) التي تعود لنفس الزمن الاركيولوجي.

وبما أن الانسان حيوان (منتمي) ولا يعيش إلا في جماعة منظمة، وفي محاولة للإلتفاف حول هاجس غياب الدولة، بدأت (الجن) في خلق أجسام موازية للدولة فتوسلت بالتاريخ المأزوم، في محاولة مؤلمة لتزييف الوعي، فأتت (بالأمويين) و(بالعباسيين) و(المكوك) و نظَّار العموم (ناظر عموم الميرفاب ناظر عموم الشاقياب والانقرياب ناظر عموم الرباطاب ناظر عموم الجعلياب ومانجل العبدلاب) من مرقدهم، كما هو الحال في اللجنة التي تم تشكيلها لتحرير رجل الأعمال المحكوم عليه بالمؤبد في دولة عربية، بالنايبة عن الدولة الغائبة، والغريب أن أعضاء اللجنة جلهم من (البروفيسورات).

هذا ومازل (الجن الأحمر) يجهل مكانيزمات العقل السوداني الذي يرفض أن يتحرر ويصر على أن يكون عبداً للأعراب وتابعاَ ذليلاً لهم، بلا رؤية وبلا وعي وبلا ارادة.

“عزيز أنت يا وطني، برغم قساوة المحن، برغم صعوبة المشوار، ورغم ضراوة التيار، سنعمل نحن يا وطني لنعبر حاجز الزمن”.

صديق النعمة الطيب
[email][email protected][/email]

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..