مصر والسودان تسعيان إلى مزيد من التعاون لمواجهة خطر نقص مياه النيل

وقعت مصر والسودان في 22 أبريل مذكرة تفاهم لتأسيس شركة مصرية سودانية مشتركة تركز أعمالها على الزراعة والإنتاج الحيواني والصناعات الغذائية، في محاولة لدعم الأمن الغذائي والاقتصاد القومي في البلدين. مخاطرة كبيرة وسط تعثر المفاوضات بشأن سد النهضة الإثيوبي، ويخشى البلدان أن يؤثر ملء السد وتشغيله على حصتهما من مياه نهر النيل.
يشتهر السودان بالماشية التي تستوردها مصر بشكل متكرر، وكثف البلدان التعاون على عدة مستويات، بما في ذلك المستويات العسكرية والثقافية والاقتصادية، مما أظهر تقاربًا ملحوظًا أكثر من أي وقت مضى.
قال وزير التموين والتجارة الداخلية المصري، علي المصيلحي، في تصريح صحفي يوم 22 إبريل، إن التعاون الاقتصادي بين مصر والسودان رائع، وإن توقيع المذكرة يهدف إلى تعزيز التبادل التجاري والأمن الغذائي لأهالي مصر. وأشار إلى أن المذكرة هي ثمرة عمل جاد ورائع مستمر منذ سنوات وتجسد مع خطط تأسيس الشركة.
وتابع مصيلحي أن تأسيس الشركة المشتركة برأس مال كبير يهدف إلى تحقيق المزيد من التعاون على مستوى التبادل الاقتصادي والسلعي والتجاري وصناعة الأغذية، مع تحقيق الأمن الغذائي في مجالات اللحوم والزراعة والسلع، وبالتالي دعمها.
وقال محمد الياس، سفير السودان بالقاهرة، في بيان صحفي يوم 22 أبريل، إن تأسيس شركة مصرية سودانية هو انعكاس حقيقي للتكامل الاستراتيجي بين مصر والسودان. وأشار إلى أن إنشاء هذه الشركة سيوسع القاعدة الإنتاجية بين البلدين ويمهد الطريق لأسواق تجارية مفتوحة.
قال هاني رسلان، رئيس وحدة السودان ودول حوض النيل في مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية ، لـ “المونيتور” إن العلاقات بين مصر والسودان قوية حاليًا، وإن الاتفاقيات يتم تفعيلها وتنفيذها خلال فترة وجيزة. الوقت، على عكس الماضي.
وأضاف رسلان أن المذكرة تأتي في وقت تنطلق فيه العلاقات المصرية السودانية مرحلة جديدة حيث يعمل البلدان على تعزيز التعاون في مختلف المجالات سعياً لتعزيز التعاون الثنائي وتحقيق المصالح المشتركة بين البلدين.
لكنه حذر من المبالغة في التفاؤل بشراكة مصر والسودان في الإنتاج الزراعي والحيواني، حيث تظهر التجارب السابقة بين البلدين أن الأمر يتطلب قدرًا كبيرًا من الصبر.
وأوضح رسلان أن البيئة الاجتماعية والثقافية والسياسية في السودان منقسمة ومستقطبة بشدة، وأن هناك مشاكل كبيرة تعترض حيازة وملكية الأراضي الزراعية بالخرطوم مما يشكل عقبة أمام المشروع مع مصر. وتابع: لذلك، فإن حل هذه المشاكل وتوحيد الصفوف السودانية أمر بالغ الأهمية من أجل تحقيق البلدين للفوائد المرجوة.
وأشار إلى أن التعنت الإثيوبي في أزمة سد النهضة وقرارها المضي قدمًا في التعبئة الأولى في يوليو 2020 دون اتفاق مع مصر والسودان، والأضرار الجسيمة التي سببتها للخرطوم والتعدي الإثيوبي على الحدود مع السودان من العوامل. التي ساهمت بشكل كبير في التقارب القوي بين القاهرة والخرطوم.
وصرح جمال بيومي، مساعد وزير الخارجية السابق والأمين العام لاتحاد المستثمرين العرب، لـ “المونيتور” عبر الهاتف بأن الاتفاقية المصرية السودانية في الإنتاج الحيواني والزراعي خطوة مهمة في الاتجاه الصحيح لدعم الوطن.
وقال بيومي إن هناك أوجه قصور خطيرة في العالم العربي فيما يتعلق بالأمن الغذائي والاستثمار في الصناعة ، حيث تركز (80٪) من الاستثمارات العربية على الخدمات والإسكان والبنوك، مقابل (9٪) للصناعة و(2٪) للزراعة. ودعا الحكومات العربية إلى دعم الاستثمار في الصناعة والزراعة وتقديم الحوافز للمستثمرين.
وأشار بيومي إلى أن الاتفاقية المصرية السودانية مهمة للغاية في الوقت الحاضر لأنها تدعم الأمن الغذائي في البلدين، وهي امتداد لمستوى التنسيق العالي بين القاهرة والخرطوم في مسعاهما لمواجهة تحديات كبيرة مثل سد النهضة وحماية الأمن القومي للبلدين والحفاظ على حقوقهما التاريخية وتحقيق الانتعاش الاقتصادي.
وقال إن السودان يمتلك أراضي زراعية خصبة شاسعة، بينما تتمتع مصر بخبرة كبيرة في مجالات الإنتاج الزراعي والحيواني والصناعات الغذائية، لذا فإن التعاون بين البلدين سيكون ذا فائدة كبيرة للجانبين. لكنه أضاف أن الخرطوم مطالبة بتوحيد صفوفها ونبذ الخلافات لاستغلال ثروتها بالتعاون مع القاهرة.
ووافق بسنت فهمي، العضو السابق في اللجنة الاقتصادية البرلمانية وأستاذ الاقتصاد بجامعة القاهرة. وقالت لـ “المونيتور” عبر الهاتف، إن مصر والسودان قوى لا مثيل لها في الإنتاج الحيواني والزراعي والصناعات المرتبطة بها، وإن التعاون الثنائي والتكامل بين الخرطوم والقاهرة يؤثر بشكل إيجابي على الاقتصاد القومي والأمن الغذائي للبلدين.
وقال فهمي إن الخرطوم والقاهرة لديهما إرادة سياسية لتحقيق مستويات عالية من التعاون والتكامل، ومن هنا جاءت مذكرة التفاهم التي لها فرص نجاح كبيرة بسبب الموارد الطبيعية المتاحة والعناصر البشرية والخبرة المصرية الواسعة.
وأشارت إلى أن مصر لا تألو جهدًا في دعم الأمن القومي العربي وتحقيق المنفعة المتبادلة مع جميع الشركاء من خلال التكتلات الإقليمية. وقبل الاتفاق مع السودان أبرمت اتفاقيات مع ليبيا والعراق والأردن ودول الخليج وشرق المتوسط لتحقيق منافع اقتصادية متبادلة مع التكتلات الاقتصادية المختلفة.
وكالات