بنات الفِكْس

في بداية تسعينيات القرن الماضي، كان يشدنا منظر فتيات صينيات جميلات، يتوزعْنَ واقفات كعساكر الحراسة علي أركان فرندات السوق العربي بالخرطوم.

جمال هؤلاء الفتيات لم يكن هو السر الذي أثار انتباهنا، ولكن شيئاً آخر من الفضول الذي يبحث عن أجابات هو الذي حرك فينا كل نوازع التقرب من التعرف علي عالمهُنَ الغريب….!!

هؤلاء الفتيات رغم قدومَهُنَ من دولة عظيمة متقدمة كالصين، كُنَّ يعملْنَ كبائعات متجولات في بلد فقير نامي كالسودان. وكُنَّ يبعْنَ منتج خفيف الوزن، صغير الحجم، ومتواضع الثمن. هذا المنتج كان عبارة عن دهان (الفِكْس)، وهو مضاد للاحتقان يتكون من (زيت الكافور، والمنتول، زيت ورق الأرز، والثايمول).
وهو فعال جداً في تثبيط نشاط الفيروسات في حالة السعال، والزكام، والرشح، والآم العضلات.

وعن نفسي كنت مندهشاً لعظمة قناعة هؤلاء الفتيات اللائي يعملْنَ مقابل أجرٍ زهيد من عائدات هذا المنتج لا أظنه يكفي لتسديد نفقات طعام اليوم.

الآن أختفت بنات الفِكْس من شوارع السوق العربي، ولكن أمتلأت كل أسواق السودان بالمنتجات الصينية. وبذلك أصبحنا نرتدي جلباباً سودانياً صُنع في الصين من مخلفات التدوير رُغم إنتاجنا للقطن، أو ندخل مساجدنا وعلي يدنا مسبحة من صُنع الصين التي هدمت فيها المساجد لتُقام علي أنقاضها المصانع وذلك تماشياً مع ثورتها الصناعية.

سألت أحد المتخصصين المهتمين بالشأن الآسيوي فأجابني دون تردد بأنها سياسة الصين التي تسعي لغزو العالم تجارياً بإرسال الباحثين الاجتماعيين، والاختصاصين في علم النفس والسلوك، للعمل كباعة متجولين من أجل أكتشاف وتحليل الشعوب ومن ثم غزوها تجارياً.

متي نغزو العالم بمنتج واحدٍ علي الأقل، كُتب عليه صُنع في السودان، خصوصاً تلك المنتجات التي نتميز عالمياً بإنتاج موادها الأولية (فول سوداني، صمغ عربي، قطن، سنمكة، ثمار التبلدي، مانجو، ليمون، وغيرها من الخيرات التي لا تُعد).

أن معدلات النمو الاقتصادي المُضْطَرِدة التي تحققها الصين هي نتاج لعمل إستراتيجي مدروس، يتجاوز عمليات الانتاج والتسويق التقليدية، ويتغلغل في عمق سوق الاستهلاك، ويدرس ويحلل سلوكيات الشعوب المستهدفة بعمليات الانتاج والتوزيع. هذا بالاضافة الي القدرة الكبيرة التي تمتعت بها هذه الدولة في التعرف علي الظروف المحيطة بالمنافسين والعمل علي تخطيهم بشكل مخطط. ويظهر ذلك في تخطي التنين الصيني لغيره من المنافسين الآخرين ليُصبح ثاني أكبر اقتصاد في العالم متخطياً اليابان. ولا أستبعد بان تتربع الصين علي قمة الاقتصاد العالمي متخطيةً الولايات المتحدة الامريكية في وقت قريب.

جامعة طوكيو للطب والاسنان.
محاضر بجامعة الخرطوم، كلية الصحة العامة.
[email][email protected][/email]

تعليق واحد

  1. كلمة تخطيط اقتصادي وتنمية ومصالح الدول لا يفهمها حمار البشير واعوانه
    والتخطيط الذي يفهمونه هو استعمال السلاح ضد المدنيين وتدمير المشاريع والبنى التحتية والتخطيط لتشغيل ابناء القبيلة والتخطيط لجمع الضرائب والاتاوات والتخطيط لملء صناديق الاقتراع وخجها ويضحكون
    عمن تتكلم؟

  2. Brother Izzeldin Fadol Adam Salam
    I visited China with 2 of my colleagues when we used to work in Sudan Gazira Board Scheme, in 1973. That visit during the late President of China Mao and during that period the birth of new generations was controlled. Any new married couples if they had twins, they had to pay penalty and that Chinese ladies who used to stand around corners in some of our streets were selling Abu Fass to pay that penalty not to study our markets and invade it later on. This is for correction, because nobody at that time would be allowed to do any studies against the communism theory. Wa Allah aalm.

  3. كلام جميل دولة عظيمة ومحترمة درست توجه الشعب وامكانية البلد والتخطيط السليم ثم نهضت

  4. كيف الكلام دا انت ما قريت عبارة (صنع بفخر في السودان) في كاتشب (لذيذ طعم لذيذ)
    شر البلية ما يضحك

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..