كلهم سواسية

خالد عثمان
قلتها من قبل واكررها اليوم : انا لست سياسيا ..
واذا سالتني لماذا اقول لك السياسي لا يكون سياسيا اذا لم يكذب وينافق ويتامر ويقتل ..
امس استضافت قناة الجزيرة مباشر القيادي بالمؤتمر الوطني ابراهيم غندور ..
تابعت اللقاء من أوله لاخره..
لا يهمني ما قاله غندور لانه كان يكذب ..
ولا تقل لي هات الدليل ..
الدليل هو وجود غندور نفسه في قناة الجزيرة ..
علما بان غندور ينتمي لذات الحزب الذي ظل يحكم البلاد لثلاثة عقود من الظلم والقهر والفساد والاستبداد ..
وقريبا سوف يتم اطلاق سراح البشير وبقية قيادات المؤتمر الوطني ..
اليس كل هذا كذبا ..
فكيف للشعب الذي قدم ملايين الضحايا بين قتيل ومغتصب ومشرد مقابل اسقاط نظام الاخوان في السودان ان يصدق ان ذات النظام يعود للحكم مرة اخري ..
انا لا افهم في السياسية لانها لعبة تافهة وقذرة..
ولكن الذي افهمه ان البرهان قائد انقلاب 25 اكتوبر 2021م يعيد ترميم النظام البائد في اطار اللعبة السياسية القذرة للتمكين لانقلابه ..
البرهان يريد ان يقول لمصر والسعودية والامارات اذا لم تنقذوا انقلابي فاني سوف اعيد نظام الاخوان للحكم ..
أي بمعني ان البرهان يستخدم الكيزان وبقايا الحركات المتمردة والمليشيات المسلحة ومن يقبل ان تشتري ذمته بالسلطة والمال من طرق (متصوفة) وادارات اهلية صنيعة النظام البائد ..
وهذا التحالف المتناقض هو من يقود بلادنا الان نحو جرف هار ..
ومن ساعد هذا التحالف علي تحقيق اهدافه ان الوحدة القوية التي حققها السوداني تحت شعار (تسقط بس) لم تقم علي برنامج سياسي واقتصادي واجتماعي للتغيير المنشود..
لذلك سرعان ما اصاب الوهن قوي الحرية والتغيير فاستغل الكيزان هذا الضعف السياسي البائن لصالح مخططاتهم للانقضاض علي الثورة التي اطاحت بنظامهم والعودة للحكم عبر بوابة الانتقام ..
الانتقام من من .. من الشعب الذي قدم المئات من خيرة شبابه في سبيل تحقيق شعار (حرية سلام وعدالة) ..
هذه هي السياسة ..
لا يصلح البرهان لحكم السودان لسبب بسيط للغاية لا علاقة له بالسياسية البتة وهو ان عمر حكم العسكر منذ استقلال السودان في العام 1956م يساوي اكثر من 50 عاما ..
وان عمر فترات الحكم الديمقراطي تساوي نحو (6) سنوات ..
ماذا حصدنا من حكم العسكر غير انفصال الجنوب وتراجع الناتج المحلي وانهيار البني التحتية للاقتصاد السوداني وتجويع وتشريد الشعب السوداني بالقهر والاستبداد واراقة وسفك الدماء عبر حروب عبثية في كل ارجاء الوطن ..
ماذا اورثنا حكم العسكر الذي نما وترعرع في كنف الايدلوجية السياسية لاحزاب اليمين واليسار غير البؤس والشقاء الابدي..
ومهما كانت الاسباب وراء الانقلابات العسكرية من ضعف للمكونات السياسية والاجتماعية ..
فان حصادها هو (الهشيم)..
والمخرج ليس هو (الحكم المدني) ..
بل الفهم السليم للحكم المدني ..
وهذا الفهم لن يسود في مجتمع كالمجتمع السوداني الذي عاش تحت حكم شمولي استبدادي احدث فيه ..
أي المجتمع .. شرخ عظيم يحتاج ترميمه لسنوات طوال من العمل الدؤوب لهذا الجيل الرائع من الشباب الشجعان الذين لم يتوقفوا يوما عن النضال السلمي رغم العنف المفرط والقتل والاعتقال والتعذيب ..
هذا الجيل لديه افكار نيرة لاعادة بناء السودان وهو ليس كما يحاول البعض تصويرهم لكونهم مجرد (شفع) مخروشين مساطيل وسكاري ..
ومن يقول عنهم ذلك هم الساسة الذين يقفون خلف انقلاب البرهان ويدعمونه..
والبرهان في هذا الوقت بالذات يستغل الكيزان وبقايا الحركات المسلحة والمليشيات ومن يقبل ان تشتري ذمته بالمال والسلطة ..
وهذا التحالف هش في داخله لانه يجمع خليط ممن يبغضون بعضهم بعضا ولن يستمر طويلا ..
فلماذا بدلا من ان يسوق الساسة والعسكر السودان الي مصير قاتم تسوده الفوضي الامنية التي نراها الان ..
لماذا لا يصغي الجميع لصوت هذا الجيل ..
ولماذا يسوق البرهان وحميدتي وحلفاءهم من بقايا الحركات المتمردة والكيزان نظامهم الجديد للخارج للخروج من الازمة السياسية والاقتصادية الطاحنة..
متي وجدت اجابة علي سؤالي هذا اكون قد فهمت السياسة علي اصولها ..
لذلك كثيرا ما احمد الله انه لم يجعلني عضوا في أي حزب أو جماعة سياسية ..
وكثيرا ما احمد الله علي انه ابقاني حيا يرزق لاري هذا الجيل وهو يعمل بقوة وعزم لوضع حد للانقلابات العسكرية ..
وهو حتما منتصر لرؤيته الثاقبة في بناء سوداننا الجديد .