إهمال.. له كلفة عالية

هل سنتحدث مرة أخرى عن تدخل متأخر من السلطات المختصة في قضية ما بعد فوات الأوان، فمثل تدخل الحكومة في موضوع السيخ غير المطابق بعد عامين من تداوله في السوق ها هي السلطات الصحية تريد أن تتدخل (يا دوب) للسيطرة على ضبط عملية بيع وصرف الأدوية المؤثرة عقلياً في الصيدليات .
في هذه المساحة تحديداً قبل عامين كتبنا مقالاً للتحذير ولفت الانتباه إلى ظاهرة انتشار المخدرات بين طلاب الجامعات وخاصة (الخرشة) التي يمكن لمتعاطيها أن يحصل عليها من الأجزخانة بسهولة أو بصعوبة مقدور عليها.. بل قصدنا حينها أن نستفز السلطات بغرض تحريكها وبسرعة للسيطرة على الأمور حين تساءلنا: (هل هي صفقة غير معلنة وغير مكتوبة بين السلطة والمجتمع تقضي بغض الطرف عن الكثير من الظواهر بل الكوارث الأخلاقية في المجتمع السوداني.. مقابل الانصراف عن السياسة؟)..!
وتساءلنا: (هل أرخت السلطات الحبل للشباب والشابات بدرجة ما ولم تعد تتشدد في ملاحقة ومكافحة الكثير من الظواهر الخطيرة؟!) .
ولو كان تدخل الحكومة المتأخر لحماية المواطنين من السيخ المضروب بعد استخدامهم له في تشييد منازلهم، لو كان هذا التدخل المتأخر يشترط إجراءات صعبة لفحص واكتشاف المنازل التي تم استخدام هذا السيخ الفاسد فيها وإخلائها وهدمها بالكامل.. فإن تدخل المجلس القومي للأدوية والسموم الآن وبعد أن أدمن من أدمن ابتلاع الخرشة وضاع من ضاع من جيل الشباب، لن يفيد كثيراً بشكله الحالي، بافتراض أن هناك زبائن أدمنوا تعاطي الخرشة ولن يتعافوا منها بمجرد منعهم منها بل يحتاج الكثير منهم إلى الخضوع لعلاج الإدمان..
الموضوع ليس موضوع حديد تسليح يمكن معالجته بكلفة هدم وإعادة بناء بل هو موضوع إدمان شباب وطلاب لهذه العقاقير وستظهر آثار حرمانهم المفاجئ منها على سلوكهم ولها تداعياتها التي تتطلب المتابعة والمعالجة .
تخيلوا أن يتم تجفيف البلاد تماماً من الحشيش (البنقو) المعروف.. كم من المدمنين على تعاطي البنقو قد لا تظهر آثار إدمانهم في حالة تعاطيهم للجرعة مثلما ستظهر تداعياتها الخطيرة على حياتهم وعلى حياة الآخرين في حالة الحرمان المفاجئ.
نقول هذا الحديث من باب التنبيه لآثار المعالجة المتأخرة نفسها والتي لو نجحت فعلاً وجففت حقائب المدمنين من هذه العقاقير فعلى وزارة الصحة أن تستعد لاستقبال مدمنين يفتقدون المخدر.. وعلى وزارة الداخلية والشرطة أيضاً أن تتوقع استقبال مدمنين متورطين في جرائم جنائية واعتداء على الآخرين بسبب افتقادهم للمخدر وانهيار أعصابهم .
هل تخيلتم الصورة الأوسع إطاراً لنتائج التدخل المتأخر وإهمال القضايا الخطيرة..؟
شوكة كرامة
لا تنازل عن حلايب وشلاتين
اليوم التالي