البلابل…. ماركة الطرب الأصيل ….!!

الخرطوم : محمد الاقرع
إذا كان ثمة زمن جميل مر على عجل فوق هذه الأرض فـ(البلابل) أبرز الأصوات والشواهد الداله على ذلك ، فقد اختزلن عبر تلك الأنغام ملامح المدنية الجديدة مع جماليات الريف والحكايات المعتقة مع “موضات” الحداثة ، تحنان الطيبين ، وأشواق الغربة ، هتاف الثائرين ،أحلام العاشقين جميع تلك الحالات مُزجت لتخرج في قالب غنائي مبدع وممتع تحلقت حوله أجيال على مدار أربع عقود ، كانت البداية كما تشير الأحداث انه في سبعينيات القرن الماضي كان البحث جاري عن أصوات نسائية لتأدية أغنية لفرق الفنون الشعبية و وقع الأختيار بعد اشادة من الموسيقار بشير عباس على الاخوات الثلاث (هادية ، آمال ، حياة) بنات الاستاذ الجامعي محمد عبدالمجيد طلسم الذي بدوره بارك الفكرة وقدم لهن ما يحتاجن من دعم وتشجيع ، ومن جمال الصدف أن تأتي أول الأعمال التي يتغنون بها تحت عنوان (على طريق المحب مشينا) وكأنها كانت بمثابة “المنفستو” الذي وضح العلاقة وفسر حالات الحب الذي تميزوا بها فيما بينهم كفريق اولاً وبينهم و المستمعين . عموماً كانت ضربة البداية وعبر برنامج (تحت الأضواء) الذي كان يقدم المذيع “حمدي بولاد” خرج ذلك الصوت الثلاثي وتلك الأغنية معلنه بداية عهد جديد في فخامة الاغنيات وعذوبتها .
كسر القيود وجاذبية الاغنيات …!!
لم يكن الدرب محفوف بالورود ولكن يمكن القول (البلابل) استطعن كأمتداد لرائدات الغناء السوداني من كسر الحاجز الفولازي الذي كان يضرب لتعتيم صوت المرأة الغنائي ، في السابق كانت مسألة تغنى المرأة علناً امر في غاية التعقيد و الرفض و كان الويل والثبور لمن اردت ان تسلك هذا الطريق ، و على ذلك كان صوت المرأة يتجول في حدود ضيق جداً مصحوب بخجل وخوف فصك القبول العرفي ، ان وجد كان يمنح للكبار منهن اللاتي عرفن بالحكمة اكثر في التطريب الادائي (الحكامات) كما يمنح احياناً في مناسبات أسرية مع خصوصية الضيوف و اشتراكهم جميعاً بصفة قرابة الدم من الدرجة الاولى ، استطاعن “البلابل” وعبر تقديم أغنيات جادة وجيد مع سلوك فني رفيع التخلص من تلك القيود فتبدلت النظرة وتطرأ تحولات كبيره في المجتمع و قبلت بعض الأسرة على حياء غناء فتياتهن على المسارح و وسائط الأعلام و بيتوتات المناسبات وبالرغم من هذا القبول الضمني الا انه أنتج أعمال غنائية متميزة جداً فأصبحت المرأة لا تقل شأن في توجيه و تتدعيم مسار الأغنية السودانية واستطعن جذب الاضواء وتكوين أرضية جماهيرية مقدرة .
اغنيات ومساهمات …!!
“البلابل” ايضاً كن مسار تحول آخر حيث يعتبرن من اوائل الاصوات النسائية اللواتي اقتحمن “شباك التذاكر” فأصبحت حفلاتهن الجماهيرية من أنجح الحفلات التي يتسابق الجمهور لحضورها ولعل الاكثر تميزاً المحافظ على تلك المكانة طوال العقود الماضية فالى الآن مجرد ظهور “بوست” إعلاني لحفلة تحيها “البلابل” يعني ذلك الازدحام والتدافع وتعالي أصوات الطرب و التصفيق .
حصاد ما قدمت “البلابل” من اغنيات تفوق الـ(50) عمل خاص (اللي بسأل ما بتوه ، نحيك ما بتحيينا ، قطار الشوق ، رجعنالك ، البريدو تايه ، شارع بيتنا ، حلوين حلاوة ، سلافة الفن ، …..الخ) توزعت في شتى الدروب الغنائية (الغزل ، الفخر ، الشوق ، الحماس ….الخ) كما حفظت “بهارمونيتها الادائية” في وجدان وأذن الشعب السوداني . كذلك قدمت ” البلابل” مجموعة مقدرة من أغنيات الغير و الحقيبة والتراث كما قمنا بمشاركة عدد من الفنانين في انتاج اعمال مشتركة وعلى رأس اؤلئك الفنان الراحل محمد وردي والفنان عبدالكريم الكابلي .
التغريد الموسمي …!!
عموماً ” البلابل” سطرن أسماءهن ضمن قائمة رائدت الاغنية النسائية الجماعية الجاد وكان على الدوام ظهورهن حدث فني كبير تحتفي به الساحة . استطاعن ان يقدمن اغنيات تميزت بطلاوة الطرب الدائم فتعاقب الأجيال ومازالت بنفس الالق ، لقبهن (البلابل) أصبح ماركة ابداعية مسجلة تشير للأصالة والتجويد والطرب وانطبقت عليهن أغنيتهم المشهورة التي تقول في مطلعها …….
حلوين حلاوة .. غالين غلاوة
إن كنت داير تنسى القشاوة
جيب المحنة قبل العداوة
بنعيش انحنا بكلمة طيبة
لذكرى حلوة وعيون حبيبة
دمعتنا ياما للعين قريبة
كتر الحنية كيفن تتداوة
عمرنا كلو منظوم محبة
نحن الثلاثه اخوات احبة
دنيا الأغتراب ابعدهن مؤخراً عن معانقة جمهورهم بصورة متواصلة فأكتفين بالتغريد الموسمي واقامت الحفلات في الأعياد والمناسبات العامة ولعل بعض الجمهور الآن ينتظر بشقف عن قدوم احتفالات مثل “ذكرى الثورة وشم النسيم ورأس السنة” ليزدادوا بأغنيات تكون له بمثابة الترياق للأحزان و (قيدومه) للأفراح الأتية .