من السلطة إلى الدولة – تحديات بناء السودان ما بعد الاستقلال- من التعدد إلى الوحدة.. كيف تُبنى جبهة وطنية داعمة لميثاق السودان التأسيسي؟ (١٣)

د.أحمد موسى قريعي
تُعد التحالفات السياسية والمدنية في السودان عنصرًا حاسمًا في إنجاح أي مشروع تغييري. إلا أن تجارب الماضي أثبتت أن هذه التحالفات غالبًا ما تنهار بسبب الصراعات الشخصية، وتضارب المصالح، وغياب مشروع وطني جامع. فهل يستطيع ميثاق السودان التأسيسي أن يكون القاسم المشترك لبناء جبهة وطنية موحدة؟ وكيف يمكن إدارة هذا التنوع من دون الوقوع في فخ الانقسام؟
1. *لماذا تفشل التحالفات عادةً في السودان؟*
*غياب الرؤية المشتركة:* التحالفات غالبًا ما تُبنى على ردود الأفعال لا على مشاريع واضحة.
*الصراع على القيادة:* تتحول كثير من المبادرات إلى صراع بين “من يقود؟” بدلًا من “إلى أين نمضي؟”
*الإقصاء داخل التحالفات:* رغم الحديث عن الشمول، كثير من القوى تُستبعد باسم “النقاء الثوري” أو “الخبرة.”
2. *ما الذي يقدمه الميثاق كمنصة جامعة؟*
*مشروع سياسي واضح:* الميثاق لا يكتفي بالشعارات، بل يقترح إصلاحات دستورية، أمنية، واقتصادية قابلة للتنفيذ.
*أولوية لبناء الدولة لا تقاسم السلطة:* التحالفات الداعمة للميثاق يجب أن تنطلق من رؤية مشتركة لبناء الدولة لا تقسيم المناصب.
*شروط موضوعية للانضمام:* لا تستند على الولاء الحزبي، بل على الالتزام بمبادئ الميثاق.
3. *كيف تُبنى الجبهة الوطنية الداعمة للميثاق؟*
*خارطة طريق مشتركة:* تتفق فيها الأطراف على أهداف زمنية ومهام محددة، تُراقب بشكل دوري.
*مجلس سياسي تنسيقي:* يضم ممثلين من القوى المدنية والسياسية ينسقون الجهود ولا يحتكرون القرار.
*لجان فنية مشتركة:* لصياغة السياسات وتقديم المقترحات للحكومة الانتقالية، بعيدًا عن الارتجال السياسي.
4. *ما المطلوب من القوى السياسية؟*
*التخلي عن الذاتية الحزبية:* لا يمكن للوطن أن يُبنى من مقرات الأحزاب، بل من اتساع الرؤية الوطنية.
*قبول مبدأ القيادة الجماعية:* لا قائد أوحد، بل مشروع تُدار قيادته بشفافية وتوافق.
*الاعتراف بالتنوع السياسي:* الجبهة يجب أن تشمل القوى ذات الخلفيات المختلفة ما دامت تلتزم بالميثاق.
5. *تحديات تشكيل الجبهة الوطنية*
*الاختراقات والانقسامات:* القوى المعادية للتغيير ستسعى لإضعاف التحالف من الداخل.
*ضغط الشارع المتقلب:* إذا لم تتواصل الجبهة مع الشارع وتفسر خطواتها، فستفقد شرعيتها.
*التنافس مع السلطة الانتقالية:* يجب أن يُفهم أن الجبهة ليست بديلًا عن الحكومة، بل سندًا لها وناقدًا بنّاءً.
*خاتمة: لا ميثاق بلا كتلة حامية*
الميثاق التأسيسي لا يمكنه الصمود وحده دون تحالف وطني واسع يلتف حوله. المطلوب اليوم ليس فقط نصوصًا مكتوبة، بل قوى مؤمنة وقادرة على حمل هذه النصوص نحو الواقع.
(في المقال القادم: ما دور الشباب في تحويل الميثاق من وثيقة إلى مشروع تغييري ملموس؟)