طلاب دارفور بين مطرقة الحكومة و سندانة المعارضة و الحركات

طلاب دارفور في الجامعات ضحايا فشل السياسة السودانية, على الطلاب وقف العنف والتركيز على حياتهم الاكاديمية, وسوف يكون هنالك وقت اخر للنضال السياسي لمن شاء منكم اذا امد الله في الاعمار. Stop violence and concentrate on your academic life, you will have another time for political struggling.
موقفي هذا ينبوع من تحليلي للراهن السوداني و محاولة التعامل بسياسة افضل السيئاتThe best of the worst choices .
أولا : الحكومة السودانية و ايدولوجيتها “الاسلام السياسي” واستنادها لمنهج الإخوان المسلمين الفاسد تقوم قاعدتها على سياسة التمكين المنبثقة من الفساد والمحاباة و المحسوبية، وبالتالي زعماء هذا الحزب او الجماعة غير جديرين بمعرفة حقوق الإنسان من عدمها. وانتم تعلمون ذلك ان الحكومة ومكوناتها (المؤتمر الوطني واحزاب الفكة و المطبلاتية من أبناء الهامش) تفتقر لإرادة و وازي اخلاقي لايجاد حلول مستدامة للمشكلات الراهنة بما فيها مشاكل الطلاب. وعلى ذمة التجربة، الإضراب والمظاهرات ومواجهة الاجهزة الامنية لم و لن تغير شئ من سياستها بل سوف تعطي النظام مبررات لاستهدافكم طالما لا يشاركم بقية السودان وتعطي فرص انتصارات وهمية للنظام عبر الاعتقالات والفصل التعسفي و السجن و التنكيل بحياتكم و وصفكم بانكم اجنحة المتمردين في الشارع العام. هذه الاتهامات اصبحت ضايقة على ابناءنا في الجامعات حتى السكن في الاحياء او الداخليات الخاصة, اصبح الناس لا ترحب بوجود ابناء دارفور من حولهم باعتبارهم مصدر قلق او مخاطر امنية.
ثانيا:
الذين يحركون طلاب دارفور من خلف الكواليس وهي المعارضة الكرتونية من (الاحزاب السياسية المعارضة والحركات المتمردة وبعد الشخصيات ذات اجندات خاصة للحصول على مكتسبات سهلة), وهم أنفسهم لا يحملون رؤية حقيقة لبناء مجتمع ديمقراطي ومتطور و نظام حكم بديل يحقق العدل والاستقرار للمواطن السوداني, نقول لكم تبا لكم, اتركوا شان طلاب دارفور. للامانة غالبية هذه الجماعات تصارع من اجل الهيمنة الشعبية ومن ثم المشاركة في السلطة والحصول على مخصصات وفوائد من النظام لاغراضهم الخاصة سواء كانوا حركات مسلحة او قبائل او كيانات جهوية او أحزاب عقائدية ولا نحتاج لسرد الامثلة لإثبات ذلك حتى من داخل أبناء دارفور.
واقولها بأمانة ان إقحام و تشجيع طلاب دارفور لمواجهة الاجهزة الامنية اليوم باعتبارهم مناضلين لمقاومة النظام في الجامعات, ذلك العمل هو نوع من الانواع الانتحار وعملية ممنهجة لاستخدام الطلاب كدروع بشرية وهو اشبه بقيام دولة إفريقية بمواجهة الولايات المتحدة الامريكية وحلفائها و النتيجة محسومة مسبقا.
الطلاب وحدهم دون بقية الشعب السوداني, لا حول ولا قوة لهم والنظام يمتلك أدوات عنف فتاكة من موارد بشرية وآليات عسكرية وأمنية و يسيطر على الأجهزة القانونية والعدلية و الإعلام المرئي و المسموع و المقروء فماذا تمتلك المعارضة الخادعة والكاذبة لحمياتكم عندما تتعرضون للتعذيب والموت و الحرمان من ابسط حقوقوهم الانسانية؟!!
ثالثا :
الشارع السوداني لا يتجاوب مع الاحداث نتيجة لظروف المعيشية الطاحنة حيث اصبح 90% من سكان السودان يعيشون تحت خط الفقر (و10% هم المستفيدين من النظام او الذين يعيشون خلف الازمات المصطتنعة بواسطة النظام) وبالتالي حياة الغلابة تتكل على رزق اليوم باليوم ولم تترك لهم ثانية واحدة للتفكير في التغيير. والذين يتوقعون ثورة الجياع hungry uprising هذه المرحلة تجاوزتها المواطن السوداني، اليوم الكادحين يعيشون في مرحلة الصراع من اجل البقاء struggling for survival ولا يعنيهم كثيرا من يحكم وكيف يحكم السودان.

الخلاصة:

يجب علينا مراجعة أنفسنا و ضبط النفس وعدم الانجراف خلف كل ما يقال من حولنا, شعارات المعارضة ان نظام متهالك و انه على وشك الانهيار هي شعارات كاذبة ومضللة, كنا نسمع ذلك الدعايا منذ عهد التجمع الوطني الديمقراطي ونحن طلاب. هذا لا يعني الاستسلام لسياسات الحكومة او الأحزاب الكرتونية او كل من تسول له نفسه للمساس بكرامة وقيم المجتمع الدارفوري، لكن لكل نضال ظروف وزمان و مكان. اليوم طلاب دارفور مواجهين تحديات اخرى مثلا ظروف النزوح و الحرب الاهلية والضايقة المعيشية الطاحنة وبالتالى مواجهة الحكومة قد يفقد البعض منكم فرص التعليم نهائيا والخاسر الاول والاخير هو الطالب نفسه واسرته. نلجا لعملية حسابية الربح والخسارة في اتخاذ اي موقف او قرار, كما ذكرت انفا في احدي مقالتي, المصلحة ثم المصلحة, للاسف نلاحظ مواصلة جميع طلاب السودان تعليمهم الجامعي باستثناء ابنا دارفور الذين يضيعوا جل اوقاتهم في اركان النقاش و تنظيم مظاهرات, ليتخرجوا بعد 6 او 7 سنوات من النضال لينضموا الي صف العاطلين و لن يشفع لهم ذلك النضال امام الشارع او المعارضة!.
نصيحتي يا طالب دارفور ناضل بطرق اخرى بعيدا عن العنف الطلابي واستفيد من الفرص المتاحة و واصل نضالك اذا شئت بعد التخرج، هذه الازمة لن تحل حتى برحيل الحكومة الحالية لان المشلكة تكمن في الصراع بين المركز و الهامش و والتشوهات والتصدعات السياسية والاجتماعية هذه نشأت منذ استقلال السودان. وجذورها تعود الي فشل النخبة الحاكمة من بناء هوية سودانية يقوم على اساس المواطنة وفشل الاستفادة من التنوع العرقي والقبلي والثقافي وتحويله الي عامل ايجابي لبناء دولة قوية، وبالتالي تأزم انعدام التوازن التنموي من خدمات و توزيع عادل للموارد و السلطة وهي ازمة مزمنة وبالتالي سوف يبقى الصراع طويلا ولن تحل بالمظاهرات او استخدام الملتوف ضد شرطة مكافحة الشغب.

[email][email protected][/email]
زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..