امريكا والارهاب

بعد أحداث 11 سبتمبر جعلت امريكا محاربة الارهاب هدفاً إستراتيجياً في سياستها الخارجية ولكنها لم تعرف وتفسر لنا معنى الارهاب الذي تقصده وتعنيه لأنها في يوم من الأيام أعتبرت حركات التحرير حركات ارهابية بماذا نعني الآن بالارهاب هل هو ارهاب الدولة أو منظمات متطرفة أو ارهاب اقتصادي .. عسكري .. سياسي … الخ ولكن امريكا محقة في عدم تعريف الارهاب الذي تقصده لأنها مارست ولا زالت تمارس كل أنواع هذا الارهاب … فأي نظام يختلف معها فكرياً أو اقتصادياً تحاربه .. حاربت الاتحاد السوفيتي سابقاً لسنوات ولا تزال وحاربت دخول الصين للأمم المتحدة لسنوات وحاربت دخول انجولا لمنظمة الوحدة الافريقية وحاربت دولة صغيرة كفيتنام عسكرياً وخرجت مهزومة وذليله وكان لمخابرات امريكا اليد الطولى في اغتيال رؤساء تختلف معهم لدرجة أن الكنجرس شكل لجنة برئاسة السناتور (church) لدراسة هذا الأمر وكان تقريره فضيحة كبرى حينما تكشف عن اغتيال اليندي في شيلي ومحاوله اغتيال كاسترو وعبدالناصر ومسكارنو وغيرهم وشكل التقرير فضيحة كبرى لدولة عظمى مفترض أن تحمي السلام العالمي ومارست سياسة يعجز التعبير عنها في امريكا اللاتينية عن طريق مخابراتها وشركاتها والذي يطلع على كتاب الشركة (The Company) لا يصدق أن دولة متحضرة يمكن أن تفعل هذا بينما العالم يتفرج وامريكا وصلت بها الغطرسة أن خطفت (نوريقا) ووضعه في السجن إلى أن مات ولم يرفع العالم ولا الأمم المتحدة صوتاً وامريكا سيطرت على الأمم المتحدة ومنظماتها ومجلس الأمن لدرجة أن سكرتير الأمم المتحدة الذي لا يلتزم بسياستها يفقد منصبه كما حدث مع الراحل بطرس غالي , وسيطرت على البنك الدولي وصندوق النقد الدولي لخدمة سياستها مما أفقر دول العالم الثالث وتفرض عقوبات على بعض الدول والشركات وكان مضحكاً أن ترسل الأمم المتحدة تهنئة لحكومة السودان بعد رفع امريكا العقوبات عنها مما ينعكس عجز الأمم المتحدة وسيطرت امريكا.
أذكر في ستينيات القرن الماضي هاجم السناتور (باري قولد ووتر) سياسة امريكا قائلاً أن امريكا تصرف ملايين الدولارات في رشوة وزراء ونواب دول العالم بينما الاتحاد السوفيتي سابقاً يقيم المصانع والخزانات والمستشفيات مما جعل شعوب تلك الدول تلتف حوله مما جعل مندوب امريكا بالأمم المتحدة يهاجم سطوة الأغلبية بالجمعية العامة للأمم المتحدة.
امريكا حرمت شعوب افريقيا من الحرية والديمقراطية بعد الاستقلال بالانقلابات العسكرية التي أدخلتها ضد الأنظمة التي تختلف معها ولا زالت شعوب افريقيا تعاني حتى اليوم من تلك الأنظمة الفاسدة القمعية التي أفقرت الشعوب وتدهورت حياتهم لدرجة أن البروفيسور علي مزروعي كتب مقالاً مقترحاً اعادة استعمار تلك الدول لأن تلك الشعوب فقدت حتى ما تركه المستعمر وكان غريباً أن رئيس امريكا السابق (اوباما) يقف مخاطباً رؤساء دول افريقيا في اديس ابابا متسائلاً كيف يستمر أي منهم في الحكم لمدة ثلاثين أو أربعين عاماً ولم يجرؤ أي منهم على الرد … امريكا احتضنت نظاماً عنصرياً بغيضاً في جنوب افريقيا ورودسيا (زمبابوي الآن) ضد ارادة العالم بينما هزمها مارتن لوثر كنج في عقر دارها ولا تزال تحتضن نظاماً صهيونياً وعنصرياً في اسرائيل ضد شعب مشرد منذ عشرات السنين ومع ذلك تتحدث عن حقوق الانسان والحريات والديمقراطية وامريكا استغلت الاسلام لمحاربة الشوعية مما أدى إلى خلق القاعدة وداعش وغيرهما والآن سوف تدفع ثمن ذلك وتسعى الآن لاستغلال الصراع الشيعي السني لمصلحتها العالم الإسلامي ينساق كالأعمى , امريكا تصدر السلاح مع غيرها من الدول في مناطق الصراعات مما يهدد الأمن والاستقرار فيها وهي نفسها تعاني من السلاح بداخلها حيث عجز أي رئيس امريكا على وضع حد لامتلاك السلاح مما جعل المواطن الامريكي غير آمن لا في الكنائس ولا المدارس ولا الشارع وتستغل امريكا المواد الغذائية (الدقيق والفحم) وسيلة وسيلة للابتزاز السياسي امريكا تريد أن توجه كل شئ لمصلحتها دون مراعاة لمصالح الأخرين فمثلاً الانبعاث الحراري مع أنها تشهد كل فترة أعاصير وزوابع وفيضانات وحرائق مدمرة ومع ذلك لا تتعظ ويذكرنا هذا بموقف فرعون حينما ما رسل إليه سبحانه وتعالى الفيضانات والقمل والضفادع وغير ذلك ولم يتعظ إلى أن غرق ويبدو أن ربنا سبحانه وتعالى يفعل نفس الشئ مع امريكا علها تتعظ فقدرة الله أكبر .. الغريب أن امريكا تغض الطرف عن الذين يمولون الارهاب اذن كيف تحارب الارهاب.
هذه بعض نماذج سياسات امريكا التي من شأنها تولد التطرف والذي بدأ يطولها لأن ما زرعته سوف تحصده واذا كانت امريكا جادة في محاربة التطرف ووضع حد للارهاب فعليها أن تبدأ بنفسها وتعالج أسبابه وتتخذ من الخطوات ما يساعد على ذلك لأنه بدون معالجة الأسباب لن يتوقف الارهاب والعالم مصالح وعلى امريكا أن تضع مصالح الأخرين في اعتبارها حتى يعيش العالم في أمن وسلام ودون استعلال وبذلك فقط يتوقف الارهاب.
لذلك نقترح الآتي:
1/ أن تعرف وتفهم أن الحرية والديمقراطية وحقوق الانسان للجميع وليس لامريكا فقط ولذلك يجب عليها وقف مساندة أنظمة فاسدة قمعية مستبدة تخدم مصالح امريكا قبل مصالح شعوبها ولذلك نجد ان مجرد سقوط أحد هذه الأنظمة تتجه الشعوب نحو سفارات امريكا منددين مساندتها لذلك النظام وعلى امريكا أن تعرف أن الشعوب هي الباقية والأنظمة زائلة مهما طال بها الأمد وأن مصلحتها مع الشعوب.
2/ على امريكا أن تعرف أن الوعي السياسي قد تطور مع ثورة الاعلام والدول لن تظل مورد للموارد الأولية واسواق للمنتجات الامريكية فقط لأن هذا يخلق بطالة وفقر وهو ما يقود إلى التطرف والحقد والكراهية.
3/ أن توقف تصدير السلاح مع غيرها إلى مناطق الصراعات ووضع حد للحروب بالوكالة لأن هذه الحروب تعطل التنمية والاستقرار والأمن مما يخلق الفوضى والعطالة والفقر وكل هذه ستقود إلى التطرف والارهاب والحقد والكراهية.
4/ أن لا تمارس سياسة الابتزاز في الغذاء فهذه سياسة عواقبها خطرة ومنها التطرف.
5/ على امريكا أن تحترم سيادة الدول وارادة شعوبها في اختيار النظام السياسي والاجتماعي الذي تريده لأنها هي الأجدر على معرفة ما يصلح لها ووضع حد للوصاية وان توقف اجبار دول لاتخاذ سياسات تخدم مصالحها مثل قطع العلاقات مع دول وغيرها.
6/ على امريكا أن تتصرف كدولة مسئولة عن السلام العالمي وليس كدولة تحكم العالم وأت تتعامل مع العالم من أجل المصلحة المشتركة لأن هذا من شأنه خلق سلام عادل واستقرار عالمي وآمن والتاريخ يحدثنا أن كل الامبرطوريات التي لم تراعي ذلك سقطت , الوصول إلى القمة ممكن ولكن البقاء فيه صعب ومن أجل ذلك لابد من التعاون للمصلحة العامة إلا فإن الخاسر الوحيد هو الذي يعتقد أنه سيظل كما يريد بفرض سيطرته بدون وعي هذا هو السبيل لوقف الارهاب لأن معالجة أسباب الارهاب هي الوسيلة الوحيدة لوقفه ومن غير ذلك سوف يطول الارهاب كل من يعتقد أنه بعيد عنه ولن تحول الامكانيات وكفاءة المخابرات وغير ذلك لأنه هو أي الارهاب يتطور أيضاً ولذلك من المصلحة أن نعالجه ولا نعتقد أن البعض قادر على محاربته وما يحدث الآن في كل دول العالم يوضح خطورة الأمر.
المدهش والغريب ان امريكا هي التي تصنف دول العالم الراعية للارهاب والتي لا تحترم حقوق الانسان وليس الأمم المتحدة فأين هي من ذلك ؟

[email][email protected][/email]
زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..