مقالات وآراء

التحالفات السياسية.. تجارب من ماضٍ قريب!!

 

نقوش

لؤي قور

تحالفات سياسية شتى، نشأت بين الأحزاب المعارضة لنظام الإنقاذ البائد خلال العقود الماضية، تباينت فيها وجهات النظر بين الأحزاب المكونة لهذه التحالفات في عدد من المُنحنيات والمواقف. نشأت تحالفات بين أحزاب سياسية ومدنية وحركات مسلحة، وجاء وقت كانت فيه أحزاب سياسية من تلك التحالفات ترفع شعار إسقاط النظام، بينما تفاوض مكونات عسكرية من ذات التحالفات نظام الإنقاذ.

لكن القوى السياسية المعارضة استطاعت الاتفاق حول الهدف الاستراتيجي حينها– على اختلاف الوسائل- وهو إنهاء الديكتاتورية، وإقامة البديل الديمقراطي.

أدى تراكم هذه النضالات المختلفة لنجاح ثورة ديسمبر، في الإطاحة بنظام المخلوع البشير في نهاية المطاف. واليوم، يصبح استدعاء مثل هذه النماذج واجباً، للاستفادة من دروس الماضي القريب. فليس أشد بأساً على الثورة من الانقسام، والانشغال عن الهدف الاستراتيجي، وهو إكمال مسيرة التحول الديمقراطي.

ثورة ديسمبر المجيدة.. تسقط بس.. شعار أرهق آلة قمع النظام البائد!

في العام (1989) تأسس التجمع الوطني الديمقراطي، بقيادة مولانا السيد (محمد عثمان الميرغني)، كتحالف سياسي لمعارضة انقلاب الثلاثين من يونيو. وضم المجلس القيادي للتجمع: (الحزب الاتحادي الديمقراطي، حزب الأمة، الحركة الشعبية لتحرير السودان، الحزب الشيوعي السوداني، بالإضافة لعدد من الأجسام وشخصيات وطنية مستقلة). وفي الثامن عشر من يونيو (2005)، وعقب توقيع اتفاقية نيفاشا للسلام، وقع التجمع اتفاقاً مع الحكومة السودانية، نص على أن تكون (المواطنة هي أساس الحقوق والواجبات، وعلى كفالة المساواة بين المواطنين، واحترام معتقداتهم وتقاليدهم، وعدم التمييز بينهم بسبب الدين أو المعتقد أو العرق أو النوع، والالتزام باحترام حقوق الإنسان والحريات الأساسية المنصوص عليها في العهود والمواثيق الدولية، على أن تكون المواد الحاكمة في الدستور الانتقالي). لكن كان لنظام المؤتمر الوطني الحاكم آنذاك، طرقه الفريدة في التملص من الالتزامات، وأن ينكث بالعهود والمواثيق، فلم تفض كل هذه الاتفاقيات الموقعة معه إلى شيء، وكأنها لم تكن. باستثناء الاستفتاء على انفصال الجنوب، ليصير دولة مستقلة في نهاية المطاف.

وفي السادس والعشرين من سبتمبر، انعقد مؤتمر جوبا، بمشاركة كافة القوى السياسية والوطنية السودانية، (عدا حزب المؤتمر الوطني). وفي ختام المؤتمر، صدر إعلان جوبا متضمناً عدداً من النقاط هي: (الحوار والإجماع الوطني، والمصالحة الوطنية، وأزمة دارفور، والتحول الديمقراطي، والوضع الاقتصادي والاجتماعي، والسياسة الخارجية). وحدد الإعلان موعداً أقصاه الثلاثين من نوفمبر (2009)، لتعديل القوانين المُقيدة للحريات، حتى تتوافق مع الدستور الانتقالي لسنة (2005)، واعتبار ذلك شرطاً لمشاركة القوى المشاركة في المؤتمر في الانتخابات القادمة (انتخابات 2010). وتكون تحالف قوى الإجماع الوطني المُعارض لديكتاتورية الإنقاذ، بزعامة الأستاذ الراحل (فاروق أبو عيسى)، ليضم (17) حزباً وتنظيماً معارضاً هي: (حزب الأمة، والحزب الشيوعي السوداني، وحزب المؤتمر الشعبي، والاتحاديين الأحرار، والبعث الأصل، والحركة الاتحادية، والمؤتمر السوداني، والبعث القومي، والتحالف السوداني، وحركة حق، والبعث السوداني، والحزب الناصري حشد الوحدوي، والحزب القومي، والاتحادي الموحد، والبعث العربي الاشتراكي، بالإضافة للجنة المفصولين). ونادى التحالف بإسقاط نظام الإنقاذ الديكتاتوري، والتحول إلى نظام ديمقراطي.

وفي العام (2014)، تكون تحالف قوى نداء السودان بالعاصمة الإثيوبية أديس أبابا، بقيادة الإمام الراحل السيد (الصادق المهدي)، ليضم قوى سياسية مدنية، وقوى مسلحة هي: (حزب الأمة، وتحالف قوى الإجماع الوطني، والحركة الشعبية قطاع الشمال، وحركة العدل والمساواة، وحزب التواصل، ومبادرة المجتمع المدني، وحركة جيش تحرير السودان)، وتكون التحالف بهدف حل الأزمة السودانية، وتشكيل حكومة مؤقتة لإدارة مهام الفترة الانتقالية. أما في يناير من العام (2019)، فقد تكون تحالف قوى إعلان الحرية والتغيير، وتشكَّل من (5) مكونات رئيسية هي: (تحالف قوى الإجماع الوطني، والتجمع الاتحادي، وتحالف نداء السودان، بالإضافة لتجمع المهنيين، وتحالف القوى المدنية، ليمثل أكبر تحالف سياسي في تاريخ السودان). وقام التحالف بصياغة (إعلان الحرية والتغيير)، و(ميثاق الحرية والتغيير)، قبل توقيع الوثيقة الدستورية بين التحالف والمجلس العسكري الذي كان قائماً آنذاك، والتي ظلت سارية حتى انقلاب الخامس والعشرين من أكتوبر من العام الماضي.

واليوم، لا ضير من تعدد التحالفات السياسية المدنية المُنادية بالتحول الديمقراطي على اختلاف وسائلها، كما أنه ليس من المستحيل التنسيق فيما بينها على أساس الهدف الاستراتيجي، وهو تحقيق مبادئ وشعارات ثورة ديسمبر الخالدة في استعادة الوضع الانتقالي، وإقامة حكم مدني، خلال فترة انتقالية، تنتهي بانتخابات حُرة، ونزيهة.

الديمقراطي

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..