روعة الإيجاز

*(أعظم المواهب الاختصار، وعدم استعمال
كلمتين إذا كانت كلمة واحدة تكفي..).
– توماس جيفرسون –
.. على الرغم من قلة الشخوص وبساطة المظهر في مسرحية (في انتظار غودو) لصموئيل بيكيت تحاول هذه المسرحية أن تكشف عن بنية الوجود الإنساني ومادة نسيجه وألوان خيوطه، ومن الحوار الذي يدور بين شخصين على الخشبة يعرف المتفرج أنهما ينتظران وهماً تحت شجرة شخصاً يسمى (غودو). وهما لا يعرفان عنه شيئاً ولم يقابلاه فيما مضى، وتمتد المسرحية ويمشي الحوار هادئاً بطيئاً دون جدوى ودون أن يأتي (غودو) المنتظر. وينتهي الفصل بالأول ليبدأ الفصل الثاني وما زال الرجلان ينتظران، وتنتهي المسرحية عندما يدخل غلام إلى المسرح ليخبر الرجلين أن السيد غودو يعتذر عن الحضور!
هذه المسرحية من مسرح العبث أو (اللامعقول)، وهي مع ذلك تريد أن تشير إلى هذا الخيط الذي يشدّ بني الإنسان إلى الحياة، إنه الأمل أو الحلم الذي لا حياة بدونه، ولا يمكن الاستمرار في العيش إلا به وبصحبته. وما قيمة الحياة وما طعمها وما مبرر الاستمرار في تحمل أعبائها وعبثيتها إذا انقطع الخيط، خيط الأمل؟ وإذا انسدّت الآفاق فلا رجاء، وضاق المدى فلا انفراج.
من هذا الموقف الفكري انطلق الشاعر الطغرائي حينما قال:
أعلّلُ النفسَ بالآمـــــــــال أرقبُــــــــــــها
ما أضيقَ العيشَ لو لا فسحُة الأمل.
فلخص المشكلة بألفاظ معدودات وأوجز نظرة وجودية ثاقبةَ، وعبرّ عن تجربة إنسانية غنية عميقة في بيت واحد من الشعر.
وإلى مثل هذا المعنى تشير الحكمة المعروفة القائلة: (لولا الأمل لبطل العمل)، حينما ربطت العمل والجهد والكد بهدف يسعي إليه الإنسان، وأمل يريد أن يحققه وغاية يتمنى الوصول إليها.
وحول طبيعة الإنسان اختلف المفكرون والفلاسفة فقال بعضهم إن طبيعة الإنسان صفحة بيضاء تكتب عليها البيئة والتربية والتنشئة ما تكتب، ورمى فريق آخر الإنسان بأنه أناني بطبعه مفطور على الأذى مجبول على العدوان وحب الظلم، حتى إن الفيلسوف الإنجليزي (هوبز) وصفه بالذئب! من هذا الموقف الفكري ومن هذه الزاوية انطلق المتنبي حينما قال:
الظلـــــــــمُ من شــــيم النـــفـــــوسِ فإن تجدْ
ذا عـــــفـــــةَ فلعَـــــــــــلةٍ لا يظـــــــــلمُ
فلخّص وأوجز وكثّف وعبّر بأخصر عبارة عن تلك النظرة إلى الإنسان، على أنه محب للظلم بطبعه، فإذا رأيت إنساناً لا يظلم فلعجزه عن ذلك أو لأنه لم تتح له الفرصة لإظهار عدوانيته!
وحينما قال أبو الطيب:
مَـــنْ يَـــــــهُـــن يســهل الـــــهـــــوانُ علــــــيه
مــــــــــــا لجَرحٍ بميّــــــتٍ إيـــــــــِــــــلامُ
لخص واقعاً نفسياً معروفاً، إنه واقع التعود والألفة حتى يصبح الشيء المألوف جزءاً من النفس، وحتى تصير العادة النفسية ذرة من ذرات الكيان الإنساني وخيطاً من خيوط نسيجه.
ولأمرٍ ما برع الشعراء العرب فيما يسمى شعر الحكمة، فحفلت دواوينهم بقصائد ومقطوعات وأبيات تثير الإعجاب وتشد القارئ بما فيها من جمال الإيجاز وحلاوة السبك وعمق المضمون.
وما أكثر ما قيل عن واقع الإنسان الفقير المحروم في مجتمعات الاستغلال، وما يفعله الحرمان في نفس صاحبه وما يرميه من عقد وآفات وتشويهات، وما أكثر ما أشير إلى إحساس الفقير بالغربة والوحشة يؤدي إلى ضعف شعوره بالولاء والانتماء.
وقد تنقطع صلته بوطنه وتضعف روابطه التي تشده إلى أرضه، فكأنه منفي غريب وليس مواطناً كسائر المواطنين، وهذه الحالة النفسية هي التي توصف بالاستلاب أو الانخلاع من قاموس علم النفس الحديث.
كل هذا لخصه وكثفه وأوجزه علي بن أبي طالب حينما قال:
(الغنى في الغربة وطن، والفقر في الوطن غربة)!
إن أصحاب البصيرة الذكية والحدس الرائع والنبوغ المتفجر هم القادرون وحدهم على هذا التكثيف والتخليص والإيجاز المبدع.
[email][email protected][/email]
1. تصويب:
【أنهما ينتظران وهماً】 = 【أنهما ينتظران وهما】
2. 【ان أصحاب البصيرة الذكية والحدس الرائع والنبوغ المتفجر هم القادرون وحدهم على هذا التكثيف والتخليص والإيجاز المبدع.】
في شان التكثيف/الايجاز/التلخيص (وليس التخليص يا دكتور!) هل من بيت شعر يضاهي قول المتنبي:
الخيل والليل والبيداء تعرفني
السيف والرمح والقرطاس والقلم
؟
لا اظن.
نعم يا حبيب يوم ان يسود الحكم ودنيا اصحاب العقول والنفوس الذكية تنصلح البيئة فينصلح الانسان سالت الشهيد محمود في ندوة طالب لماذا لا ينزل حزبكم الانتخابات قال رحمه الله (مهمتنا خلق الانسان في الحياة بعدها كل عمل يكون صالح ة) لذلك من تاملاتي غير المكتوبة اقول (ان الانسان مخلوق مرتيت اولهامن الله والثانية تعيد تشكيله البيئة ) شكرا لك علي السياحة في زمن فقر الثقافه وانسداد الافق !!!
شكرا” دكتور نايل ،، ذكرتني قصة تحكي أن الزعيم سعد زغلول كتب رسالة” مطولة” لأحد أصدقائه وختمها قائلا”:( أعذرني عزيزي على الإطالة ،،، فليس لدي وقت للإختصار )،، وأنا أقول : ما أسهل الإسهاب وما أصعب الإقتضاب ، وفعلا” خير الكلام ما قل ودل .
1. تصويب:
【أنهما ينتظران وهماً】 = 【أنهما ينتظران وهما】
2. 【ان أصحاب البصيرة الذكية والحدس الرائع والنبوغ المتفجر هم القادرون وحدهم على هذا التكثيف والتخليص والإيجاز المبدع.】
في شان التكثيف/الايجاز/التلخيص (وليس التخليص يا دكتور!) هل من بيت شعر يضاهي قول المتنبي:
الخيل والليل والبيداء تعرفني
السيف والرمح والقرطاس والقلم
؟
لا اظن.
نعم يا حبيب يوم ان يسود الحكم ودنيا اصحاب العقول والنفوس الذكية تنصلح البيئة فينصلح الانسان سالت الشهيد محمود في ندوة طالب لماذا لا ينزل حزبكم الانتخابات قال رحمه الله (مهمتنا خلق الانسان في الحياة بعدها كل عمل يكون صالح ة) لذلك من تاملاتي غير المكتوبة اقول (ان الانسان مخلوق مرتيت اولهامن الله والثانية تعيد تشكيله البيئة ) شكرا لك علي السياحة في زمن فقر الثقافه وانسداد الافق !!!
شكرا” دكتور نايل ،، ذكرتني قصة تحكي أن الزعيم سعد زغلول كتب رسالة” مطولة” لأحد أصدقائه وختمها قائلا”:( أعذرني عزيزي على الإطالة ،،، فليس لدي وقت للإختصار )،، وأنا أقول : ما أسهل الإسهاب وما أصعب الإقتضاب ، وفعلا” خير الكلام ما قل ودل .