مقالات وآراء

ثوار اكتوبر.. يا صناع المجد..

حسن عبد الرضي

يا ثوّار أكتوبر يا صنّاع المجد
للحرية الغالية حطّمناهو القيد
هيا هيا…
هيّا حيّوا الثورة
وشمّروا ساعة الجِد.. ساعة الجَد
************************
رحم الله الشاعر الكبير صلاح احمد ابراهيم وفنان افريقيا، الهرم العملاق محمد عثمان وردي..

لم أجد ما اساهم به في احياء ذكرى ثورة اكتوبر المجيدة غير اعادة مقال كنت قد كتبته عن تلك المناسبة العظيمة في وقت سابق.. رأيت ان اجرى تعديلاً في العنوان الى (ثوار اكتوبر.. يا صناع المجد).. حيث الهمني هذا
النشيد ان اكتب شيئاً يساهم في احداث التغيير مع ثوار ديسمبر، (صناع المجد)..
مرت ثمانية وخمسون عاماً منذ ان تفجرت ثورة اكتوبر ١٩٦٤ المجيدة، تلك الثورة العظيمة التى ألهمت الشعراء والفنانين اروع الاشعار واعذب الالحان، والتي رسم صورة زاهية لها، شاعرنا الكبير، هاشم صديق، والتي ألبسها الموسيقار المتفرد، محمد الامين ثوباً رائعاً، فكانت ملحمة (قصة الثورة):
لما يطل في فجرنا ظالم..
نحمي شعار الثورة نقاوم..
كما جادت قريحة الراحل المقيم، الشاعر الصحفي، فضل الله محمد، والفنان الكبير، محمد الأمين:
اكتوبر ٢١..
يا صحو الشعب الجبار..
يا لهب الثورة العملاقة..
يا مشعل غضب الاحرار..

وقد وهبنا الشاعر الدبلماسي محمد المكي ابراهيم والهرم الراحل محمد عثمان وردي، اعظم الاكتوبريات:
باسمك الاخضر يا اكتوبر الارض تغني..
الحقــول اشتعلت قمحا ووعدا وتمني..
والكنوز انفتحت في باطن الارض تنادي..

وأما على الصعيد الفكري والروحي، وبالتحليل السياسي، فقد كان الاستاذ محمود محمد طه اكبر من أهتم بتحليل وبتقييم ثورة اكتوبر، إذ وصفها بإنها (ثورة فريدة في التاريخ)، ويبدو أنها، كما كتب الاستاذ محمود، عنها، ورغم مرور ستة وخمسين عاما من عمرها، لم تجد، حتى الآن، تقييمها الصحيح؛ إذ هي ثورة تمكن بها شعب أعزل من اسقاط نظام عسكري شمولي تميز بالتضييق على الحريات والحقوق. ورأيت ان اعرض تحليل عميق قد كتبه الأخوان الجمهوريين لتلك الثورة العظيمة، قبل اكثر من اربعين سنة، إذ يرون أن ثورة اكتوبر كانت تمثل مرحلة العاطفة المتسامية التي جمعت الشعب على إرادة التغيير، وكراهية الفساد، ولكنها لم تكن تملك فكرة التغيير، حتى تبني الصلاح بعد ازالة الفساد؛ لذلك انفرط عقد وحدة الثوار، وتمكنت الاحزاب السلفية واستطاعت أن تفرق الشعب، وأن تضلل سعيه، حتى وأدت اهداف ثورة اكتوبر ودفنتها تحت ركام من الرماد. واكثر من ذلك كانت نظرة الاخوان الجمهوريين الثاقبة تتطلع الي اكتوبر الثانية، التي سوف تجسد مرحلة الفكر المستحصد العاصف، الذي يتسامى بإرادة التغيير الي المستوى الذي يملك معه المعرفة بطريقة التغيير، وهدم الفساد، ثم بناء الصلاح مكان الفساد. وهذه هي مرحلة الثورة الفكرية التي كتب عنها الاستاذ محمود محمد طه باستفاضة، والتي أصبحت تجد الاهتمام المتعاظم بها من سائر الافراد، هذه الايام، مما يبشر بقرب اندلاع ثورة اكتوبر الثانية، والتي ارجو ان تكون ثورة ديسمبر ٢٠١٨ المجيدة تجسيدا عمليا للطموحات والامال التي راودت جيل اكتوبر الأخضر.
لقد ربط الاستاذ محمود محمد طه بين اكتوبر الثانية وبعث التوحيد في مقدمة كتابه (لا اله الا الله)، إذ كتب قائلاً: “فإن ثورة اكتوبر لم تمت ولا تزال نارها تضطرم، ولكن غطى عليها ركام من الرماد. فنحن إنما نريد ان تتولى رياح الفكر العاصف بعثرة هذا الرماد حتى يتسعر ضرام اكتوبر من جديد فتحرق نارها الفساد، ويهدي نورها خطوات الصلاح. وليس عندنا من سبيل الي هذه الثورة الفكرية العاصفة غير بعث الكلمة ((لا اله الا الله))، جديدة دافئة، خلاقة، في صدور النساء والرجال، كما كان العهد بها في القرن السابع الميلادي”.
أما آن لنا ان نستدعي القابلة؟! يقيني الذي لا يتزعزع ان الطلق قد اشتد، فمتى يتنفس صبح ميلاد مجيد؟!!
اتدرون من القابلة التي تحدث عنها الجمهوريون؟! انهم يبشرون أن (الثورة الفكرية هي القابلة لميلادكم الثاني). تلك عبارة الاستاذ محمود محمد طه الخالدة..
فقد برهنت ثورة أكتوبر أن القوة ضرورية للتغيير، ولكن العنف ليس ضروريا.. بل أن القوة المستحصدة، التامة، تلغي العنف تماما.. فصاحبها في غنى عن استخدام العنف، وخصمها مصروف عن استخدام العنف بما يظهر له من عدم جدواه، وحين تنفصل القوة عن العنف يفتح الباب للبشرية لتفهم معنى جديدا من معاني القوة، وتلك هي القوة التي تقوم على وحدة الفكر، ووحدة الشعور، بين الناس، ومهما يكن من الأمر، فان شعب السودان، في ثورة أكتوبر ، قد كان قويا بوحدته العاطفية الرائعة، قوة أغنته هو عن استخدام العنف، وشلت يد خصومه عن استخدام العنف.. وتم بذلك إلغاء العنف من معادلة التغيير الماركسي.. إذ قد تم التغيير بالقوة بغير عنف.. وهذا، في حد ذاته، عمل عظيم وجليل..
وثورة أكتوبر ثورة لم تكتمل بعد.. وإنما هي تقع في مرحلتين.. نفذت منهما المرحلة الأولى، ولا تزال المرحلة الثانية تنتظر ميقاتها.. فأهداف ثورة أكتوبر قد وئدت تحت ركام من الرماد، طال عليه الزمن.. ولكنا نرجو ان تلهم روح ثورة اكتوبر ثوار ديسمبر المجيدة أن ينجزوا مهمة احياء المرحلة الثانية من ثورة أكتوبر، التى وصفها الاستاذ محمود بـ(مرحلة الفكر المستحصد، العاصف، الذي يتسامى بإرادة التغيير إلى المستوى الذي يملك معه المعرفة بطريقة التغيير..)، مرحلة هدم الفساد القائم، ثم بناء الصلاح مكان الفساد.. وهي ما اسماه الاستاذ محمود بالثورة الفكرية.. وكما سلفت الاشارة بإن ثورة أكتوبر لم تمت، ولا تزال نارها تضطرم، ولكن غطى عليها ركام من الرماد.. فنحن نريد أن تتولى رياح الفكر العاصف بعثرة هذا الرماد.. حتى يتسعر ضرام أكتوبر من جديد، فتحرق نارها الفساد، ويهدي نورها خطوات الصلاح.. ويبشرنا الاستاذ محمود أن ليس هنالك من سبيل إلى هذه الثورة الفكرية العاصفة غير بعث الكلمة: ” لا إله إلا الله” جديدة، دافئة، خلاقة في صدور النساء، والرجال..

 

تعليق واحد

  1. لا إله إلا الله هي الكلمة المتمردة و هي كلمة الثورة الأولى التي يعرف حقيقتها المستبدون و مشاريع المستبدين و لذلك يحاربونها بلا هوادة.

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..