بين (الحقيقة) والشائعات!! السوق الموازي.. سعر الصرف هزة في قيمة العملة الوطنية

تقرير: أمين محمد الأمين

يقول خبراء ومتداولون في العملات إن سعر الدولار ارتفع في افتتاحية الأسواق  خلال التعاملات بالسوق السوداء، فيما استقر لدى البنوك، وفي الوقت الذي تجرى فيه محاولات حكومية حثيثة لحل الأزمة السياسية، علاوة على تقوية وتعزيز العلاقات الثنائية مع الدول الأجنبية، في مسعى منها لإنعاش الاقتصاد، متعاملون في السوق الموازي بوسط الخرطوم يؤكدون أن سعر صرف الدولار مقابل العملة الوطنية تصاعد بشكل مخيف منذ الأسبوع الماضي، كاشفين عن بلوغه أمس السبت (540) جنيه، بينما زاد سعر الريال السعودي بذات السوق إلى (140) جنيه.

 حملة مغرضة

بدوره المكتب الإعلامي لوزارة المالية والتخطيط الاقتصادي، قال إن صفحة العربية السودان تُروِّج لأكاذيب حول سعر الصرف وتدعِّي أن سعر الصرف للدولار تجاوز الـ٦٠٠ جنيه، واعتبر المكتب الإعلامي في تنوير صحفي أمس السبت أن هذه حملة مغرضة الهدف منها خلق حالة من الفوضى في السوق المُسمى بالموازي، وأكد المكتب أن الطلب على الدولار من الشركات المستوردة يتم التعامل معه عن طريق آلية المزاد من بنك السودان وتُطرح فيه مبالغ تغطي الطلب وتزيد في معظم الأحيّان، ويفيد المكتب الإعلامي أن المُضاربين في السوق يسعوون للكسب الرخيص عبر الإشاعات التي للأسف تروجها قنوات تدعي المهنية مثل العربية، ونوه المكتب إلى أن سعر الصرف الحقيقي ينشر يومياً عبر منصات بنك السودان والبنوك التِجارية الأُخرى.

سعر الدولار

وحدد بنك السودان المركزي السعر التأشيري للدولار مقابل الجنيه السوداني اليوم عند مستوى 444.99980 جنيه، وهامش الربح 0.75% للبنوك والصرافات على أن لا يتجاوز (سالب/موجب 5%، ومنذ أن خفضت السلطات قيمة العملة المحلية مقابل الدولار، تراجعت قيمة الناتج المحلي الإجمالي إلى 13 مليار دولار فقط بعد ما بلغ 108 مليارات دولار قبل فبراير من عام 2021.

كذلك تراجعت قيمة متوسط دخل الفرد إلى 314 دولاراً فقط، هبوطاً من 2500 دولار، وارتفع الدين الخارجي ما يعادل العملة المحلية من 3 تريليونات جنيه الى 24.6 تريليون، أي ما يعادل 400% من الناتج المحلي الإجمالي المقدّر لعام 2022.

واستقر سعر الدولار في البلاد السبت لدى بنك السودان المركزي إلى 444.59 جنيه للشراء، و444.93 جنيه للبيع.

وعن سعر الدولار في الخرطوم لدى السوق الموازية غير الرسمية (السوداء) فقد ارتفع إلى 540 جنيهاً.

اليورو والإسترليني

بينما استقر سعر اليورو في افتتاحية الأسواق أمس لدى بنك السودان المركزي عند 493.51 جنيه للشراء، 497.21 جنيه للبيع وفي السوق السوداء بلغ 592 جنيهاً دون تغيير، واستقر سعر الجنيه الإسترليني في التداولات لدى البنك المركزي، عند مستوى 595.57 جنيه للشراء، 600.04 جنيه للبيع، وارتفع سعر الجنيه الإسترليني لدى السوق السودانية السوداء بمستهل تعاملات أمس، إلى 710 جنيهات.

الريال والدرهم والدينار

وسجل سعر الريال السعودي صباح تعاملات أمس لدى بنك السودان المركزي، نحو 118.50 جنيه للشراء، و119.39 جنيه للبيع، وتصاعد سعر الريال السعودي لدى السوق الموازية غير الرسمية (السوداء)، ليسجل نحو 142 جنيهاً، واستقر سعر الدرهم الإماراتي في الخرطوم عند فتح تعاملات أمس لدى البنك المركزي، عند نحو 121.05 جنيه للشراء، و121.96 جنيه للبيع، وارتفع سعر الدرهم الإماراتي لدى السوق الموازية غير الرسمية (السوداء) ليسجل نحو 146 جنيهاً.

وأظهرت شاشات التداول لدى بنك السودان المركزي ـ أمس سعر الدينار الكويتي مقابل الجنيه السوداني عند مستوى 1458.65 جنيه للشراء، و1469.59 جنيه للبيع.

حل الأزمة

وكان رئيس مجلس السيادة الفريق أول ركن عبدالفتاح البرهان حثَّ بتضافر الجهود الأممية وكافة المبادرات المحلية والخارجية الرامية لحل الأزمة.. جاء ذلك خلال لقائه في مكتبه بالقصر الرئاسي بالخرطوم الخميس مسؤول الشؤون الأفريقية بوزارة الخارجية البريطانية معظم مالك الذي يزور السودان هذه الأيام لدعم الانتقال المدني الديمقراطي، وأكد البرهان وفق بيان من مجلس السيادة، حرص السودان على تقوية وتعزيز العلاقات الثنائية مع المملكة المتحدة، ودفع التعاون المشترك بين البلدين، لما يربطهما من علاقات تاريخية.

تغيرات متسارعة

فيما يقول الأكاديمي والمحلل السياسي د. عثمان أبو المجد إن الاقتصاد والسياسة وجهان لعملة واحدة، مضيفاً أن السودان يمر بمرحلة مفصلية صعبة تتمثل في التدهور الاقتصادي والسياسي والأمني والاجتماعي والبيئي والخدمي، مبيناً أنه انعكس سلباً على معاش الناس، وأشار إلى أن هنالك متغيرات متسارعة على المستوى الإقليمي والدولي تظهر في شكل نزاعات مسلحة، لافتاً إلى أن  احدثها الأزمة الأوكرانية الروسية التي أثرت بصورة مباشرة اقتصادياً وسياسياً وأمنياً على غالب دول العالم خاصة بعد العقوبات القاسية التي فرضت على روسيا من قبل حلف الناتو وإدانة روسيا في الأمم المتحدة ومجلس الأمن.

انهيار سريع

ويبين د. أبو المجد أن هذه التطورات المتلاحقة انعكست سلباً على غالب دول العالم وخاصة السودان الذي حدد موقفه بالحياد من الأزمة الأوكرانية، وقال في حديثه لـ”اليوم التالي” إن هذا في حد ذاته ربما يجد عدم رضا من قبل الدول المناهضة للغزو الروسي لأوكرانيا، قاطعاً بأنه سيؤثر بصورة مباشرة على الاستقرار الاقتصادي والأمني على السودان، وقال: لذلك نجد الانهيار السريع لسعر العملة السودانية مقابل العملات الأجنبية الأخرى.

نفق مظلم

ويرى أبو المجد أن ما يحدث الآن له دلالات واضحة نتيجة لتراكم السياسات الاقتصادية الخاطئة، إضافة إلى الأزمة الكونية التي تحدث ما بين الأقطاب العالمية ذات التأثير المباشر على الاقتصاد العالمي وأزمة جائحة كورونا، ويشير إلى أن هنالك أزمات أمنية واقتصادية متلاحقة تنعكس بصورة مباشرة على جميع دول العالم ولكن بصورة أكثر تأثير على السودان نسبة لضعف الخطاب السياسي والإعلامي، إضافة إلى هشاشة البنية الاقتصادية في ظل الظرف الراهن مما قد يزيد من ظلمة النفق الذي قد يؤدي الى انهيار الدولة ما لم يسع الجميع لإخراج البلاد من هذا النفق المظلم بالتوافق السياسي والسلام الاجتماعي.

اليوم التالي