بيان الإعلاميين

نقوش
لؤي قور
خمس (لاءات)، ضمها بيان الإعلاميين المؤيدين للاتفاق الاطاري، المُجاز في الخامس من ديسمبر من العام الماضي، هي: (لا للارتداد عن إكمال مسيرة التحول الديمقراطي، لا لتفتيت قوى الثورة وضرب وحدتها والتفريق بين مكوناتها، لا للتنكر لشعارات الثورة، لا لجر البلاد إلى مُستنقع الفوضى، ولا للتباطؤ في تنفيذ استحقاقات فترة الانتقال).
وجاء بيان الإعلاميين مؤكداً على ضرورة سد الثغرات والنواقص المتوافرة في الاتفاق الإطاري، والانهماك عملياً ووظيفياً في استحداث تصورات عملية، تصلح كحلول لعدد من المسائل التنفيذية، وغيرها من التحديات التي قد تواجه التطبيق: “استشعاراً للمسؤولية الوطنية والتاريخية تجاه ما يجري، يلزمنا التصدي لواجب المحافظة على الثورة، وحماية الحريات العامة”.
وجاء في البيان: “ولأننا منحازون لتطلعات وأماني ورغبات شعبنا مفجر الثورة، فإن الوقوف على الحياد ليس بخيار، تماماً كما أن الاكتفاء بلعن الواقع الراهن والتفرج، وعدم المشاركة بفعالية في معركة الانتقال الديموقراطي، هو أيضاً ليس بخيار. فتلك السلبية سلوك مرفوض من منظور أنها تعني هروباً من أرض المعركة، وتطويلاً لمعاناة شعبنا، وتخاذلاً لن نرضاه لأنفسنا. إن قرار التوقيع على الاتفاق الإطاري في هذا الوقت، جاء نتيجة قناعة ذاتية متأنية لكل الموقعين”.
ولعل هؤلاء الإعلاميون كانوا يقرؤون من كتاب الفترة الانتقالية الأولى، والتي كان البطء في إنجاز المهام شيمتها الأبرز، مما زاد في تعقيد الأمور خلال تلك الفترة، حتى انتهت بانقلاب الخامس والعشرين من أكتوبر. ولعل بيان الإعلاميين المؤيد للاتفاق الإطاري اليوم، يُحذر من تكرار الوقوع في أخطاء الماضي القريب.
أما (رفض الارتداد عن مسيرة التحول الديمقراطي)، فهو بمثابة تذكير بما أحرزه السودان من تقدم على صعيد تعافي الاقتصاد خلال الحكومة المدنية الثانية، وما خسره بعد الردة. وأما (تفتيت قوى الثورة والتفريق بين مكوناتها)، فهو ما ظل يحدث منذ أواخر الفترة الانتقالية الأولى، وحتى انقلاب الخامس والعشرين من أكتوبر، من استقطاب حاد. إلى جانب نشاط (عدة جهات)، في توسعة الشقة بين أطراف الخلاف، والتأكيد من عدم التوصل إلى تفاهمات، أو حلول وسط، توحد صوت (قوى الثورة)، في مواجهة (قوى الثورة المضادة). لكن الأمور ساءت بهذا الخصوص، واتجه البعض للتخوين، واستعداء رفاق الأمس القريب، مما أوجد حالة من التنافر، سبقت الانقلاب.
وعن أسباب انحيازهم للاتفاق الإطاري، يوضح الإعلاميون في بيانهم: “الأخذ بالاتفاق الإطاري، حتي ولو اعتبرناه أحسن الأسوأ من خيارات، يغدو أولاً، ضرورة موضوعية، لوقف الدمار الزاحف. وثانياً، هو وثيقة قابلة للتطوير، عبر النقد البنّاء، لسد النواقص بالاضافات. أما ثالثاً وأخيراً، فإن أحد أهم سُبل ضمان الالتزام بالاتفاق، وتحسين شروط تنفيذه، تستلزم تفاعل الديمقراطيين المبدئيين، سواء بوجودهم في هياكل الحكم، أو في المؤسسات الإعلامية .فينهضون بواجبهم في كشف الحقائق، وإبطال حملات التشويش والتضليل والتخوين التي تشنها الفلول، وبقية قوى الثورة المضادة، منتهزة التشقق في معسكر الثورة، وتفشي بورصات المزايدات، والاتجار بالشعارات الثورية”.
وانتقد البيان ما أسماه بثقافة (مُلاّك الثورة )، ممن يحتكرون إصدار أحكام التخوين، وتوزيع صكوك الوطنية والنضال ضد معارضيهم، في التناول السياسي. مُبينأ أن هذا المناخ، أفرز (غلواً وشططاً في ابتسار الاحكام، وتدليس الادعاءات، واحتكار الحاكمية بإعادة تصنيف الفعل الثوري، ثم اختطافه).
وعن محاولات جر البلاد إلى الفوضى، يُذكرنا البيان بنشاط الفلول المعادي للحُكم المدني الانتقالي خلال عهد الحكومتين المدنيتين الأولى والثانية. وهو ما عطل كثيراً مسيرة الانتقال، مما يقود إلى ضرورة (لجم) الفلول، كشرط أساسي من شروط نجاح الحكم المدني الانتقالي، مع التعجيل في إنجاز مهام الانتقال.

والناظر إلى مُعدل إنجاز مهام الانتقال خلال فترة الحكومتين المدنيتين، يُلاحظ، وبوضوح، تحسن المعدل خلال الحكومة المدنية الثانية. وللحقيقة، فإن أكبر قاتل للفترة الانتقالية، هو التباطوء في إنجاز مهامها المحددة وفق الجداول الزمنية الموضوعة.
ما ورد في بيان الإعلاميين الموقعين على الاتفاق الإطاري مهم، ويجب التوقف عنده. لجهة الانتباه لضروة العودة إلى المسار المدني الانتقالي، والتوحد على هذا الهدف الجامع، وإن اختلفت الوسائل. سعياً لتحقيق أهداف ثورة ديسمبر، عبر فترة انتقالية تتم فيها إعادة تفكيك نظام الثلاثين من يونيو، والبدء بصورة فورية في إنفاذ برامج العدالة، وإصلاح الأجهزة العدلية.
حفظ الله السودان وشعب السودان.
الديمقراطي