سألتو عن فؤادي أغنية أبوعلي في العاصمة واشنطن ..

د. الفاتح ابراهيم
وصبحي كاتب ومثقف من عائلة لبنانية مرموقة وثيقة الصلة بالطيب .. يقدم المركز ندوات ثقافية يشترك في تقديمها كبار المثقفين ويؤمها جمهور كبير من مختلف الجنسيات العربية من المغرب والمشرق العربي من لبنان وسوريا ومصر واليمن وغيرها ..
يقدم المركز الى جانب ندوات الثقافة والسياسة والأدب في يوم معين من كل شهر نماذج من الفن من أحد البلدان العربية .. وكان صبحي يلح علي دائما كلما التقيته أن أقدم بالعود أغنية سودانية وكنت أعتذر بأني أفعل ذلك فقط في محيط ودائرة ضيقة من الأصدقاء ..

وكان الطيب كثيرا ما يلبي دعوات عدد من الجامعات الأمريكية التي تدرس كتبه الأدبية وروايته الاشهر ”موسم الهجرة إلى الشمال“ ..
وفي عام ١٩٩٥ وفي آخر زيارة للطيب للعاصمة الأمريكية
كانت بدعوة من جامعة جورجتاون الأمريكية العريقة التي تخرج فيها كثير من الشخصيات المعروفة في الفكر والسياسة والفن نذكر منهم هنا :
Bradley Cooper, Bill Clinton, Ivanka Trump, Maria Shriver & David Muir.
كان من عادة الطيب كلما زار إحدى الجامعات يأتي بعد الانتهاء من برنامج الزيارة إلى واشنطن للإقامة معي ويأتي دكتور الشوش من كندا حيث يعمل أستاذا للأدب المقارن في جامعة ادمونتون ألبرتا في كندا .. ومن ثم تبدأ اللقاءات والحوارات الثقافية ..
وفي إحدى الأمسيات زارنا الأستاذ صبحي غندور لتأكيد دعوة الطيب للحديث في مركز الحوار وفي أثناء تبادل الأحاديث وكان معنا الدكتور محمد بن عيسى سفير المغرب في واشنطن جدد صبحي دعوتي لتقديم أغنية سودانية في تلك الأمسية التي سيتحدث فيها الطيب .. فما كان مني للتخلص من صبحي واصراره إلا أن وضعت شرطا تعجيزيا بدا لي مستحيل الاستجابة له وبذلك أكون قد تخلصت من ذلك بطريقة دبلوماسية بحضور الطيب والشوش كشهود عيان ..
فقلت لصبحي أني أوافق بشرط واحد فقال لي أطلب ما تريد .. قلت شرطي أن يغني معي الطيب والشوش فطرح الفكرة عليهما وكانت المفاجأة أن وافقا وبحماس شديد .. فما كان مني إلا أن أحمل العود معي يوم الندوة بعد أن كتبت نص أغنية “سألتو عن فؤادي” المعروفة التي كتبها شعرا محمد علي الأمي وقام بتلحينها وأدائها أمير العود حسن عطية ..
وكان الحدث الأكبر هو الأغنية السودانية إلى جانب حديث الطيب الرائع وتقديمه للأغنية وقراءة كلماتها للجمهور وشرح مفرداتها والجوانب الإبداعية في القصيدة .. وقد كان عمت قاعة المكان الرقصات والتهليل .. كانت ليلة ولحظات ما منظور مثيلا على رأي الشاعر عبيد عبد الرحمن .. وقد حدث كل ذلك من غير شك بتأثير الطاقة الإبداعية وروح الفرح والغبطة التي سرت في المكان بوجود الطيب صالح وروحة السمحاء .. له الرحمة فقد كان انسانا قل أن يجود الزمان بمثله في كتاباته العبقرية بل أكثر من ذلك في شخصه النادر النبيل الذي لم تهز أضواء الشهرة شعرة منه أو في تواضعه وحبه للناس كل الناس على اختلاف مشاربهم ..