د.محمد علي الجزولي: ?أمريكا? ممكن أن تأخذ من دنيانا ما تشاء إلا ?ديننا? .. أتساءل لمصلحة من تم تصويري داعشياً في الإعلام؟

نتمنى من الحكومة أن تنتصر كما في نيفاشا، إذ بارك لها المجتمع الدولي نجاحها في تثبيت حكم الشمال بالشريعة الإسلامية

عندما أذهب لعمل استثمارات حتى يعلم الناس من أين لي هذا، يقولون هل يوجد شيخ يعمل في الاستثمار ؟
حوار ? خالدة ود المدني
(الداعشي التائب) هو الوصف الذي يطلقه معارضو الدكتور محمد علي الجزولي، لكن الرجل صاحب الشخصية المثيرة للجدل، ينفي الوصف جملة وتفصيلاً، ويعتقد أن جهات هي من تسعى إلى (دعشنته) و(أوبته)، بينما الحقيقة غير ذلك تماماً.
في المقابلة التالية يشرح الجزولي لـ(اليوم التالي) مواقفه السياسية من مجريات الأحداث، ويحذّر منسق تيار الأمة من تقديم أي تنازلات في ما يتعلق بـ(الشريعة والأخلاق) لصالح تطبيع العلاقات الأمريكية السودانية، وأعرب عن أمله في أن تنجح الحكومة في إقامة علاقات وتبادل مصالح مع أمريكا، مثلما نجح (علي عثمان) في ذلك أثناء اتفاقية (نيفاشا) للسلام عام 2005م، وأصر على (الشريعة الإسلامية) بالشمال.
ورحب الجزولي برفع العقوبات الاقتصادية الأمريكية، وقال: ?أنا سعيد بذلك ما دام هنالك ثبات في الاستمرار بالقانون الجنائي، والبنوك إسلامية، وثبات بالموقف من الكيان الصهيوني?، وأضاف: ?يمكن لأمريكا أن تأخذ من دنيانا ما تشاء إلا ديننا?.
تالياً نص المقابلة:
* كيف بدأت مسيرة د.الجزولي الدعوية وما انبثق عنها في مجال الدعوة الإسلامية، التي تتجلى في التغيير نحو أمة إسلامية موحدة، فنحن نلمس توجهاتك المستمرة تستهدف الشباب في العالم كله ولا تنحصر في إطار قطر معين؟
منذ العاشرة من عمري أميل لاتجاه التيار الإسلامي من خلال النشاطات المدرسية، أما تيار الأمة الواحدة فهو تيار فكري سياسي نظر في الجهود السابقة لجماعات العمل الإسلامي، ووجد أن هذه الجهود مبعثرة وتخالف السنة الشرعية أو الكونية في الوصول لأهدافها، بالتالي عملية التفرق بين جماعات العمل الإسلامي بحاجة إلى معالجة فكرية عميقة، بطريقة تجعلهم يتواضعون تحت حد أدنى من الاعتصام تحت راية إمام واحد دون أن تؤدي الخلافات الفقهية أو الفكرية بينهم إلى نزاعات، بحانب بسط الشورى داخل هذا التنظيم الذي ندعو إليه ومن ثم إقامة جماعة الأمة وليس جماعة بعض الأمة، أما متابعتنا من قبل الشباب فيوجد شباب يؤمنون بأفكارنا فيما يزيد عن 86 دولة، ولدينا خدمات إلكترونية يشترك فيها شباب وشيوخ وناشطون في العمل الإسلامي من أكثر من 86 دولة، فالأفكار لا تعرف الحدود كون ليس عليها جمارك، يستمعون إلى أفكار المشروع في شتى العالم فهو أممي وله قبول كبير في الخارج وليس سودانياً.
* كيف يتسنّى لكم إقناع كل الفئات رغم اختلاف معتقداتهم في ظل عجزهم عن التعايش في ما بينهم، بل وكيف تقنعهم بأنكم مستعدون لقبول الرأي الآخر والتعايش مع الجميع؟
لدينا قاعدة نسميها ثلاثية الأنصاف وهي (تفهمه، اعذره، أحببه)، ما يعني أن نتفهم لماذا خالفنا؟ ليس لأنه يهوديا أو نصرانيا بل لأنه نتيجة اجتهاده غير نتيجة اجتهادك، بالتالي عندما نتفهمه سنعذره، وإذا عذرته أحببته واعتصمت معه في جماعة واحدة رغم هذا الاختلاف، إذاً هو مشروع ثقافي كبير ولابد أن نعمل فيه على تغيير الأدمغة والأذهان بنشر آلية الأعذار بعيدا عن التعصب، ريثما تضحى شعارا ودثارا.
* هل هنالك معايير محددة لمن يريد الانتماء لتيار الأمة الإسلامية الواحدة؟
التيار يتبنى أي فكر طالما أنه مسلم يقيم اختياره الفقهي على قاعدة التسليم لله عزّ وجلّ، وسلم إلى ما انتهى إليه اجتهاده، من قراءة النص ظنا منه أن هذا حكم الله، فسلم له ودعا إليه باعتباره حكم الله، فهو معنا ونحبه ونعذره ونعتصم معه وله حق الانتخابات الحرة داخل التيار لاختيار المنسق العام، نحن نسعى لتكوين تيار تعتصم فيه كل الجماعات في جماعة واحدة.
* ما هي أهداف التيار؟
تيار الأمة يدعو لثلاثة أمور أولاً نشر ثقافة الأعذار بين جماعات العمل الإسلامي بطريقة لا يكفر بعضها بعضا، ولا يفسق بعضها بعضا، ولا يبدع بعضها بعضا. ثانياً الاعتصام تحت راية إمام واحد على قاعدة أننا مسلمون فقط، كون مسميات الجماعات المختلفة فهي بيوتات ضيقة ولا تسع جل المسلمين ومبنية على اختيارات فكرية وفقهية تعمل على جمع كل المسلمين تحت أفكارهم هذه، لذلك نحن نقيم كيانا واحدا في الدنيا يسع ما تسعه الجنة، طالما سوف يغفر الله لهم جميعا في ما أخطأوا فيه من اجتهادات ويدخلهم الجنة، بالتالي نقول للناس تعالوا باجتهاداتكم وانشروها داخل التيار بالحوار المقنع، ومن هذا المنطلق لابد أن نفرق بين شروط الانتماء وشروط الارتقاء، ففي الأخيرة يمكنك أن تنقل ما تراه باطلا إلى حق، وتصحح بعض المفاهيم حتى نرتقي جميعا وهكذا، ومن أهم أهداف تيار الأمة الواحدة الاعتصام تحت راية إمام واحد دون أن تودي الخلافات الفقهية أو الفكرية بينهم إلى نزاعات، ونحن نأمل بقوة الخطاب ومنطقيته وحججه.
* إذاً كيف يتم اختيار هذا الإمام في ظل الاختلاف الكبير في الاجتهادات؟
بالشورى الداخلية وبالأغلبية، وليس ضروريا أن تكون رئيسا، ما دون ذلك يمكنك أن تنشر فكرتك في الجماعة بالحوار وبطريقة سلمية دون أن تجبر الآخرين لتبني فكرتك ورؤيتك، إلى أن ينداح فكرك داخل الجماعة.
* بلا شك أن هناك تحدّيات تتعلّق بمدى امتلاكهم القدرة الدعوية، بشأن اختلاف المذاهب داخل التيار، بالتالي كيفية تماسك وحدته، وهل هذا يعني أنك في ذروة المواجهة مع التيارات الأخرى؟
نحن نقول هنالك أربع تاءات مزقت الأمة في تاريخها ولطخت صفحاتها بالدماء، أولها تاء التكفير (تكفير أمة لأخرى)، وتاء التعصب أي تعصب فئة لآرائهم دون اجتهادات الآخرين، وتاء التغلب (أي كل من يأنس في نفسه القوة يحمل السيف ويجبر الأمة على الطاعة)، وتاء التخوين (إذ نرمي الآخرين بالخيانة والعمالة للغرب والأمريكان وغيرهم). وإذا لم ننتزع هذه التاءات من عقول المسلمين ومن حاضرهم، لن ينعموا بمستقبل زاهر، وستظل ذات الأزمة التاريخية تخيم على حاضرنا ومستقبلنا ولن تنتهي بحور الدماء، هذه فكرة تيار الأمة باختصار وتتطلب الصبر والجدية ريثما تسطيع أن تغير مفاهيم الناس، بجانب أننا لابد أن نعي خطورة ما نحن فيه من واقع، وهو انكباب الدعاة على التاريخ فقط، أي عندما يتحدثون عن الفضيلة وكيفية إقامة الدين وتقديم نموذج، يتكلمون عن عمر بن الخطاب والصحابة، ?نحنا عايزين خطاب يخاطب واقع المسلمين الآن?، إذ توجد مذاهب جديدة، فنحن بحاجة لمعالجات مشاكل الأمة الجديدة اقتصادية أو فكرية جديدة، لكن الحديث عن كان أبي وجدي لا جدوى منه، نحن نريد كيف نكون الآن؟، في ظل الكساد والنظام الربوي العالمي، علاوة على مشاكل حق الفيتو، أيضا يوجد استبداد دولي بمجلس الأمن، بالتالي نحن محتاجون لمعالجة هذه المشاكل وفق فعالية الإسلام.
* حدث وأن دعوت من خلال منبر مسجدك إلى ضرب السفارات والمؤسسات الأمريكية في العالم إذا ما تعرض عناصر ?داعش? في العراق والشام لقصف بالطيران الأمريكي؟
لكل فعل ردة فعل، من أي منطلقات إسلامية أو بوذية أو غيرها، هذه غريزة البقاء، ونحن في مجتمع دولي ظالم لا يعترف لنا بحقوق، ولا بالمقاومة ولاحقنا في اختيار شكل الحكم الذي نريد، لذلك في ظل هذا الظلم ستدوم حالة اللا أمن في العالم، وطالما هنالك ظلم ستبقى عملية مكافحة الإرهاب وعملية البحث عن الأمن أول أجندة جميع الدول، وفي رأيي لكي نخرج من حالة الخوف هذه (تترصد لي وأترصد لك)، يجب إقامة نظام دولي عادل ينص على قاعدتين أولاً الاعتراف بخصوصية الشعوب الثقافية، وأن تضع قوانينها، وفق ما يتماشى مع ثقافتها، وتختار من الأنظمة ما يتماشى مع عقيدتها. ثانياً مواجهة أي دولة تعتدي على شعب وتفرض عليه قوانينها وقيمها، حيئنذ يمكن أن يحل السلام والأمن الدولي، وهذه مبادرة من تيار الأمة الواحدة. يا أمريكا ويا بريطانيا ويا فرنسا إن أردتم أن تأمنوا ونأمن وترتاحوا ونرتاح وتستقروا ونستقر، ونتبادل المصالح من نفط ومعادن وغيرها، فقط، تعالوا نتفق على نظام دولي عادل، يقوم على القاعدتين السابقتين، أما دون هذين الشرطين فلن يتحقق سلم وأمن دولي، وفي حالة استمرار الظلم، فإن حالة (اللا أمن) أيضاً ستستمر. وفي حوار سابق مع صحيفة الوطن الكويتية قلت: أدعو إلى تسوية تاريخية ما بين الحركات الإسلامية والغرب، ما يعني أن يدع لنا الغرب ديننا ولا يتدخل في أنظمتنا الاقتصادية ولا الثقافية ولا القوانين الجنائية، وفي ذات الوقت نتقاسم معه دنيانا ومصالحنا، والغرب لن يجد في كل المسلمين هذا الخنوع لهم، والرسول (ص) الله عليه وسلم يقول المقاومة مستمرة طالما يوجد ظلم، ولن تؤثر عليها لأسياسات مكافحة الإرهاب العالمية ولا التعاون الأمني بين الدول، ولا بالأقمار الصناعية ولا بمراقبة وسائل التواصل، بل قانون العدالة هو الحل.
* تبعاً لسؤالنا السابق ومن خلال ما أسلفت، هل للدكتور الجزولي علاقة مباشرة بتجنيد دواعش السودان؟
يجب توضيح أمر مهم جدا، هو أن الدولة الإسلامية في العراق والشام كمشروع جهادي كان يواجه الاحتلال، وسني واجه الصلف الصفوي الإيراني واضطهاد الشيعة للسنة في العراق مشروع مبارك، لكن حال إعلانه الخلافة وبدأ بتكفير غيره، وفي الشأن أعلنته في خطبة جمعة بعنوان (إعلان الخلافة اعتراضات ساقطة ومفاهيم ينبغي أن تصحح)، وأوضحت أن الناس اعترضوا عليها بستة اعتراضات باطلة تحدثت عنها بالتفصيل، أما السادس صحيح وأنا أتبناه وسأذكره في الخطبة القادمة، واستدرك قائلا: السؤال الذي يدور في خلدي حتى الآن، لماذا منعت من إلقاء الخطبة التي قصدت فيها التحدث عن بطلان خلافة داعش من قبل السلطات الأمنية؟ وفي حوار كان مع صحيفة المجهر قبل اعتقالي بثلاثة أشهر وخمسة أيام، قلت أنا لم أبايع البغدادي ولا أرى خلافته، بالتالي يعلمون أني لم أبايع داعش ولا أعترف بخلافة البغدادي للمسلمين، ونحن أول من انتقد خلافة داعش، وربما لو تركت أن أوضح (موقفي) لكان الخطاب مؤثرا في كثير من الشباب الذين التحقوا بداعش، لا سيما أنه يستمع إلينا شباب أكثر من 86 دولة، وأيضا أتساءل لمصلحة من تم تصويري داعشياً في الإعلام؟
*ذكرت أنك قد اعتُقلت.. ما القصة؟
لخطابي المناهض للولايات المتحدة، وفي تقديري الأمر لا يحتاج لاعتقال 11 شهراً و24 يوماً، كوني أفهم في السياسة وكان يجب تنبيهي فقط، إذ إن مصلحة الوطن من أولوياتي. وفي الأثناء جلس معي بعض العلماء ومن ضمنهم د.عصام أحمد البشير وقال أنا سوف أتناقش معك في مبايعتك لأبوبكر البغدادي، ثم دعيت الشباب للذهاب إلى داعش، حينها يوجد اثنان من ضباط أمن أثناء الحلسة، وسألته هم قالوا هذا؟، فأجابني (طيب المشكلة شنو؟)، فقلت له أنا موقفي من داعش مبدئي أكثر منك يا دكتور، كوني أرى الأنظمة الانقلابية والشوكة والمنعة والتغلب، وأنت ترى أن معاوية بن سفيان خليفة، والأمويين خلفاء، ويمكنك رؤية البغدادي خليفة حسب اعتقادك، لذلك تجد موقفي من إمارة المتقلب مبدئياً أكثر من موقفك، فكيف لي أن أعترف بخلافة البغدادي، وأنكر خلافة معاوية بن سفيان؟، بالتالي كيف أبايع داعش؟
* موقف د.الجزولي بعد رفع العقوبات الأمريكية وتطبيع العلاقات بين البلدين من جديد؟
الآن لا نريد استخدام (تاء) التخوين، ونقول هذا مقابل ذاك، بل نشهد بأن العقوبات قد رفعت، والقانون الجنائي كما هو والاقتصاد أيضا، بجانب أن البنوك إسلامية، علاوة على ثبات الموقف من الكيان الصهيوني، لذلك نبتعد من بناء القول على الظن، وعلى أي شخص عنده أخلاق وإنسانية يجب أن يفرح لفك الحصار، وحقا أنا سعيد بهذه الخطوة، وأنتظر هل سيكون لرفعها أي ظلال سياسية أو ثقافية أو قانونية، عنيئذ لكل حدث حديث، ونتمنى من الحكومة أن تنتصر كما في نيفاشا، إذ بارك لها المجتمع الدولي نجاحها في تثبيت حكم الشمال بالشريعة الإسلامية، الآن تتحسن العلاقات كذلك مع أمريكا ونتبادل المصالح، ونقول لها خُذي من دنيانا ما شئتي لحماية ديننا، ?لكن سلاماً لا يسلم معه ديننا من تخريف ولا شرعنا من تبديل لا نريده?، وهذه الحكومة نجحت في نيفاشا وفيها شركاء الإيقاد وأصدقاء الإيقاد وحركة التمرد و(كولن باول قاعد)، ومع ذلك جعلوا اتفاقية نيفاشا تنص على أن الشمال يحكم بالشريعة الإسلامية، مع كل هذا الزخم أصروا على موقفهم وبارك لهم المجتمع الدولي هذه الخطوة، ونحن لا نتكلم لحين إشعار آخر، وأدعو الحكومة كما نجحت وانتصرت في نيفاشا على يد الشيخ علي عثمان، برضو عايزين الحكومة الآن تنتصر في أن أي علاقات وتبادل مصالح مع أمريكا مافي مشكلة يا حكومة أعطي من دنيانا ما شئتي إلا أخلاقنا.
* انتشر في وسائل التواصل الاحتماعي قبل فترة أن الحكومة وهبتك قطعة أرض على شارع النيل لإقامة منتجع وأنت شرعت في استثمارها؟
حسناً أتاح لي سؤالك هذا توضيح بعض النقاط، مثلاً د. الجزولي يمتلك لاندكروزر سيارة 2004، يتساءلون من أين له هذا؟، وعندما أذهب لعمل استثمارات حتى يعلم الناس من أين لي هذا، يقولون هل يوجد شيخ يعمل في الاستثمار؟،
وعلق ضاحكاً: لا ندري ماذا نفعل، وفي الصدد استأجرت أرضاً على شارع النيل لعمل مطعم ومنتجع، ولا أرى مانعا في ذلك، وقمت بالفعل بكافة الإجراءات من قبل وزارة الاستثمار، وجاء (المعتمد) الفريق أبو شنب وقام بإزالة المبنى بالكامل، عقب أربع ساعات من صدور الحكم، وفي رأيي ذلك تخطى كل القوانين مستقلاً سلطته، ولكن وفق القانون لن أتنازل عن حقوقي وقدمت لوزارة العدل لرفع حصانته وانقضت فترة المخاطبة، وفي مقبل الأيام سوف تفصل المحكمة بيننا.. إذاً الحكومة أخذت مني ولم تعطني، وبدلاً من أن يقف معي الناس.. وأنا مظلوم يتهمونني بهذه الأقاويل، أين تكمن المشكلة في أن الداعية يلج مجال الاستثمار؟ وعثمان بن عفان كان من أثرى أثرياء الإسلام.
اليوم التالي.