دعوة للتماسك

دعوة للتماسك

فيصل محمد صالح
[email protected]

انفصل الجنوب وصار دولة مستقرة، يمكن أن نقول أن ذلك حدث بإرادة أهله، ويمكن أن نقول أيضا أن ذلك نتاج سنوات طويلة من التراكم السلبي للأحداث ونقصان الثقة المضطرد.
ربما ليس هذا الموضوع الذي يستحق النقاش الآن، لأن هناك مواضيع أكثر أهمية وأولوية، لكنه سيظل موضوعا مطروحا باستمرار في المستقبل سوى على مستوى القراءات السياسية أو مستوى البحوث والدراسات الأكاديمية.
وواهم من يظل أن العلاقة بين دولتي الشمال والجنوب ستكون كعلاقة السودان مع تشاد أو افريقيا الوسطى أو كينيا، ما بين الدولتين أكبر وأعمق من ذلك، وسيظل انشغال الدولتين ببعضهما البعض كبيرا ومستمرا، سواء على الصعيد السلبي أو الإيجابي. كل ما يحدث في الشمال سيؤثر في الجنوب، والعكس صحيح.
يهمنا هنا ما ظللنا نصطلح على تسميته بـ”ما تبقى من الوطن”، فإذا كان الناس يكثرون من الحديث عن المخاطر والتحديات التي تواجه دولة الجنوب، فإن هناك مخاطر وتحديات أخرى كثيرة تواجه دولة السودان المتبقية، وهي تحديات حقيقية وجادة لا يمكن تجاهلها.
سابقة الانفصال يمكن أن تفتح شهية حركات سياسية وجهوية واقليمية وجماعات مسلحة وغير مسلحة، تضيق بالتحديات التي تواجه الدولة، فتظن أن قيام دولة جديدة منفصلة قد يعفيها من هذه التحديات. وغالبا ما تصادف الرغبة المحلية ظروفا إقليمية ودولية موائمة، مثلما حدث بالنسبة للجنوب. ففي الستينات والسبعينات وحتى التسعينات لم يكن أحد يتخيل إمكانية انفصال الجنوب، لكن مع تغير الظوف صار المستحيل ممكنا.
لدينا مخزون من المشاكل والاحتقانات وبراميل البارود القابلة للانفجار، وهي تحتاج لعقلية سياسية إستراتيجية للتعامل معها، تمتص الاحتقان، وتفتح الباب لحوار سياسي اجتماعي واسع يستوعب كل الجماعات والأحزاب ومنظمات المجتمع المدني والفعاليات السياسية والمدنية والمجتمعية، حوار بلا سقوف مفروضة ولا أجندة موضوعة مسبقة، إلا باتفاق.
مستقبل دولة السودان، ما بعد الانفصال، يجب أن يكون مشروعا جماعيا، وهذه الجماعية هي الضمان الوحيد لاستمرار الدولة السودانية موحدة في المستقبل، وهي لن تكون دولة بلا مشاكل، او دولة بلا خلافات، لكن ستكون قد حسمت أوضاعها وتصوراتها الاستراتيجية، ويختلف الناس والجماعات فيما عدا ذلك.
لدينا مشكلة دارفور، ومن الواضح أن التوقيع مع حركة العدالة والتحرير في الدوحة نهاية الأسبوع لن ينهيها، ستظل حركة العدل والمساواة وحركة عبد الواحد خارج دائرة التوقيع، وهذه مشكلة كبيرة. لدينا مشروع احتقان كبير في جنوب كردفان والنيل الأزرق، ونذر مواجهة تضع “الانتباهة” تفاصيلها وتقود جناح قوي من الحكومة في اتجاهها. ولدينا بوادر في شرق السودان، وأزمات تصاحب بناء السدود على النيل…الخ، هذا كله غير مشكلة انسداد منافذ الحوار السياسي بين الحكومة والأحزاب والقوى السياسية.
تتحمل أطراف كثيرة مسؤولية هذا الانسداد، لكن من بيدهم الامر في الحكومة وأجهزتها المختلفة يتحملون الوزر الأكبر، وعليهم أن يفهموا أن الأمر لم يعد حول من يبقى على الكرسي، بل هل سيبقى هذا الوطن لنا…أن لا يبقى، فمتى يعقلون.

الاخبار

تعليق واحد

  1. انت بتنفخ فى قربة خالية ومقدودة

    الحلول موجودة ولا تخطئها عين

    اولها ان يخرج الحزب الحاكم عن حالة القطرسة والكبرياء الزائف

    ان يعمل على تطهير جرازينه من سوءات تطاولهم على منهوباتنا

    ان يعمل على تغيير جزرى للوجوه التى نتشائم بالاصطباح بها

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..