الصحة

انتخابات 6

‫3 تعليقات

  1. مواكب استقلال السودان
    بقلم الباحث /د.أزهري بشير

    شكل مؤتمر الخريجين في عام 1938 م كواجهة اجتماعية ثقافية لخريجي المدارس العليا في السودان ولكنه سرعان ما نادى بتصفية الاستعمار في السودان ومنح السودانيين حق تقرير مصيرهم. وقد استمرت الجهود حتى اجتمع البرلمان السوداني في 19 ديسمبر 1955 م وأعلن استقلال السودان وطالب دولتي الحكم الثنائي بالاعتراف بالسودان دولة مستقلة. وقد وافقتا على ذلك وتم الجلاء ورفع العلم السوداني في 1 يناير 1956.
    شكلت ثلاثة تحديات رئيسية تاريخ سودان ما بعد الاستقلال وهي مسألة الدستور ومشكلة الجنوب ومعضلة التنمية في السودان. هذا بجانب الصراعات الأيديولوجية بين الأحزاب اليمينية واليسارية وبين الديمقراطيين والشموليين وقد حظي كل منهم بتجربة حظه في مواجهة التحديات الثلاثة الرئيسية أعلاه.
    : المشهد السياسي بعد الاستقلال
    كانت الساحة السياسية تسودها عدة تيارات حزبية إبان الاستقلال منها
     الأحزاب الطائفية:
    أي الأحزاب المدعومة من الجماعات الدينية الصوفية السائدة في السودان وبالتحديد حزب الأمة ومن خلفه الأنصار وحزب الأشقاء (الوطني الإتحادي لاحقا) ومن خلفه الطريقة الختمية. وقد سادا الفترات الديمقراطية الثلاثة في تاريخ السودان. وقد اختلطت القيادة الدينية للجماعة بالحزب السياسي بصورة كبيرة. وقد دعى كل من الحزبين للحكم المدني الديمقراطي طيلة تاريخهما في السياسة السودانية.
    الإخوان المسلمون :
    ازدهر النشاط السياسي للإخوان في الجامعات السودانية حتى مثلوا القوة الحزبية الثالثة بعد الحزبين الطائفيين الكبيرين الأمة والإتحادي. وقد انفردوا بحكم السودان بعد الانقلاب المعروف في 30 يونيو 1989

    برعاية زعيمهم الأشهر حسن الترابي. واجه الإخوان العديد من الانقسامات (كغيرهم من الأحزاب الأخرى) وغيروا اسم تنظيمهم مرات عديدة: جبهة الميثاق الإسلامية ولاحقا الجبهة الإسلامية القومية ثم حزب المؤتمر الوطني الذي يقوده الرئيس المخلوع البشير وصحبه علي عثمان ، بعد تصفية الحساب مع شيخهم حتى أدخلوه السجن ، فكون الشيخ الترابي حزب المؤتمر الشعبي.
    اليساريون :
    الحزب الشيوعي السوداني بقيادة المرحوم والمغفور محمد أحمد نقد ،وهو زميل ودفعة شيخ الترابي ، والحزبين الناصريون والبعثيون. ووجدت إلى جانب هذه التيارات الرئيسية تيارات أخرى كالليبراليين والمستقلين والإخوان الجمهوريين والقوى السياسية الإقليمية المختلفة وعلى رأسها القوى السياسية الجنوبية.
    الأزمة الدستورية :
    لم يتم الاتفاق في الفترة التي سبقت الاستقلال على نمط معين من الحكم فقد احتدم النقاش بين أنصار الديمقراطية النيابية على النمط البريطاني والديمقراطية الرئاسية على النمط الأمريكي.
    أما بعد الاستقلال فقد الغى الاستقلال دستور الحكم الذاتي المعمول به في وقتها. كما خلى منصب رئيس البلاد بعد إلغاء وظيفة الحاكم العام الاستعماري بالغائ اتفاقية الحكم الثنائي، ولذلك تم تعديل دستور الفترة الانتقالية ليوائم فترة ما بعد الاستقلال على أن يعمل به بشكل مؤقت لحين إقرار دستور جديد. أهم ما نص عليه الدستور المؤقت هو تكوين مجلس سيادة (مجلس رئاسي عالي) ليكون السلطة الدستورية العليا وتؤول إليه قيادة الجيش.
    جاءت ذكري استقلال السودان في هذا العام 2020 بالعديد من الأحداث التي يواجهها شعب طيب عانا 65 عاما والشعب السوداني يعاني محنته وهي سوء الإدارة في الحكم في إدارات الحكم المتعاقبة من بعد الاستقلال

    ، إلا بعض الانظمة التى ارادت أن تقدم عمل ملموس ولكنها لم تستمر طويلا
    قصة استقلال السودان:
    استقلال السودان الذي اعلن رسميا في الاول من يناير عام 1956 كان نتاج صفقة ثلاثية الاضلاع بين ثورة يوليو المصرية وبريطانيا والولايات المتحدة هذا ما يرويه جراهام توماس في كتابه «السودان: موت حلم» الذي صدر خلال النصف الثاني من ثمانينيات القرن الماضي.
    كتب احمد عمرابي في يوم 31 ديسمبر2016 وقال : كان توماس حتى قبل بضعة شهور من اعلان الاستقلال من اكبر قيادات الادارة البريطانية في السودان ومن موقعه كمساعد للسكرتير الاداري للشئون السياسية اطلع على كل ما كان يجري في الخفاء بين لندن والقاهرة وواشنطن والخرطوم خلال النصف الاول من عقد الخمسينيات، خاصة بين عامي 1952 و1954 بشأن مستقبل السودان.
    والقصة المثيرة التي يرويها توماس لها قيمة تاريخية باكثر من وجه فهي اولا تسرد لنا كيف ان استقلال السودان تحقق لا كاستجابة للطموح الوطني المحلي بقدر ما كان نتاج مساومات في الكواليس بين مصالح قوتين دوليتين وقوة اقليمية وهي ثانيا تؤرخ لبداية علاقة الولايات المتحدة بالدولة السودانية المستقلة.
    لقد كان التحدي الوطني الاول امام رجال ثورة 23 يوليو في مصر عام 1952 بزعامة اللواء محمد نجيب الذي بقي في السلطة اقل من عامين هو اجلاء القوات البريطانية المرابطة في منطقة قناة السويس.. ويمكن ان يقال ان تحقيق هذا الهدف الوطني كان من بين اسباب قيام الثورة.
    ومن الحقائق التاريخية المهمة التي لا يذكرها الناس كثيرا ان قادة الثورة كانوا في باديء أمرهم على صلة عمل وثيقة وحميمية مع الولايات المتحدة عبر السفارة الاميركية في القاهرة من ناحية ومستشارين

    استخباراتيين اميركيين لمجلس الثورة، وقد تحدث محمد حسنين هيكل باسهاب عن هذه العلاقة في كتابه (عبدالناصر والعالم).
    وقد دخل هؤلاء المستشارون على الخط منذ بدء الجولة التفاوضية بين بريطانيا ورجال الثورة المصرية بشأن مستقبل الوضع في قناة السويس.
    كانت الولايات المتحدة تسعى الى ان يكون لها موضع قدم في السودان وبهذا الدافع اقترحت على الطرفين المصري والبريطاني ان يقدم الطرف المصري تنازلات بشأن قناة السويس بما يرضي الطرف البريطاني في مقابل ان تتنازل بريطانيا عن ادارة السودان كمستعمرة مما يمهد لقيام «اتحاد» بين مصر والسودان وبالنظر الى علاقة الصداقة الوثيقة بين مصر والولايات المتحدة كانت واشنطن تأمل ان يكون لها وجود قوي في السودان عبر النفوذ المصري. وكان هذا بالضبط هو الاتفاق الذي تبلور اخيرا بين هذه الاطراف الثلاثة ولكن كيف سارت الأمور ميدانيا على الصعيد التطبيقي؟ جل ما يسرده جراهام توماس في هذا الصدد بات معلوما فعبر احداث دراماتيكية تدهورت العلاقات بصورة خطيرة بين الاطراف الثلاثة وبين مصر والسودان.
    على صعيد العلاقات المصرية الاميركية استشاطت واشنطن غضبا عندما قام عبدالناصر «بكسر احتكار السلاح» حين وقع اول اتفاقية لشراء اسلحة من المعسكر السوفييتي في عام 1955 ونتيجة لهذا الغضب الاميركي منعت واشنطن ادارة البنك الدولي من تقديم قرض كبير الى مصر لتمويل مشروع السد العالي.
    وعلى صعيد العلاقات المصرية البريطانية قام عبدالناصر بنسف الاتفاقية بشأن قناة السويس عندما اصدر قراره التاريخي بتأميم القناة من اجل توفير المال اللازم لبناء السد العالي.
    وتزامن مع تدهور علاقات مصر مع كل من الولايات المتحدة وبريطانيا خلال الفترة 1955 ـ 1956 حدوث قطيعة بين القاهرة والخرطوم نشأت

    بوادرها الاولى في اوائل عام 1954 عندما قام عبدالناصر بتنحية اللواء نجيب الذي كان يتمتع بشعبية عارمة بين السودانيين وبلغ هذا التدهور ذروته عندما تبلور اجماع قادة الاحزاب السودانية على ادارة ظهرهم
    لدعوة «الاتحاد مع مصر» مفضلين الاستقلال التام عن الجار الشمالي. واتخذ هذا الاجماع شكله الرسمي في ديسمبر 1955 عندما اجاز البرلمان السوداني قراره التاريخي باعلان الاستقلال في الاول من يناير 1956.
    ونعلم انه بعد ثلاث سنوات فقط او اقل دخل السودان عهد الانقلابات العسكرية.. فقد وقع اول انقلاب ناجح في نوفمبر 1958 ولم تكن الولايات المتحدة بعيدة عن هذا الحدث. واذا كانت لا توجد ادلة قاطعة حتى اليوم بان الولايات المتحدة كانت متورطة على نحو او آخر في ذلك الحدث الانقلابي الا هناك قرائن فحتى ليلة الانقلاب كان الصف السياسي السوداني منقسما على نفسه بصورة حادة وكانت القضية الكبرى موضع النزاع هي قبول او رفض «مشروع المعونة الاميركية» للسودان.. فقد كان الطرف الحكومي يرى فيها فائدة بينما كانت المعارضة ترى فيها مقدمة لتبعية السودان للقوة العظمى ومن المثير ان يوم الانقلاب نفسه ـ 17 نوفمبر ـ كان اليوم المقرر لجلسة برلمانية للتصويت على مصير مشروع المعونة الاميركية مع توقع عام بحتمية سقوط المشروع ومن المثير ايضا ان من اوائل القرارات التي اتخذتها السلطة الانقلابية قبول المشروع بالكامل. هذه هي شهادة جراهام توماس للتاريخ.. فهل من شاهد آخر ـ اجنبي او سوداني ـ يلقي المزيد من الضوء؟
    ثورة ديسمبر ودورها في الاستقلال:
    كانت ثورة ديسمبرمن أعظم وكبري ثورات العصر الحديث بتميزها وتفردها وخصوصيتها بالسلمية وكانت تنادي( بالحرية والسلام والعدالة ) فكان النصر المبين وقتها ، خرج الشباب والأطفال وهم ينددون بسقوط النظام الذي جسم على الحكم ثلاثون عاما ،وكان الشباب يصرخون في وجه كل من يقف امامهم ، حتى حدثت الأحداث المؤلمة ، أما م القيادة

    وفي ليلة ال 27 من رمضان ، وهي ليلة شبيهة بليلة اعدام الضباط ال 28 رمضان من قبل حكومة الانقاذ البائدة .
    انطلق جموع الشعب السوداني ولأول مرة بطريقة عفوية ، وهو الأمر شبيه بيوم استقلال السودان عندما هب الشارع وزرفت الدموع بتحقيق الاستقلال ، فكان مهر الثورة شهداء الإعتصام .
    في ذكري الزعيم أسماعيل الأزهري : من شعر منصور عبدالقادر بشير في ليالي الحزن والثورة في الماضي :
    أبتاه سلاماً وتحية …
    من جرح الأحزان اللاعق سهد الليل قضية
    من أحداث أطفال السودان …
    في أقصي الأركان الشرقية
    في حلفا
    في مرة
    في نمولي
    في كسلا
    في رمل العتمور الغربية
    ولدوا في ذل الأسر وتخدر في الاعطاف حديث الثورية
    عاشوك حديثاً في الحدقات ….. شيئا أسطورياً
    تاريخياً يقرع جرس الحس مراراُ
    يزرع في الاَهات نشيداً أبدياً

    حين الموت تولي حطب القمة
    وانتحرت في ليل الخرطوم الحرية
    الحال هنا بعد الترحال كئيب
    نثر الجندي الكاكي في بطني
    وترنح فوق مسامي القوادون ذئاب الليل
    وفي الأذهان بديل من اثنين :-
    إما أن تشرق شمس الحق القدسية
    أو يغرب ليل الذل
    بالموت فداءاً للحرية
    وصفق نصف القهر
    لما جلجل ساح القصر
    ينعي للكون مناضل
    أبواق الجند الهمجية … تعلن دحر الحق وفوز الباطل
    وروت أرض السودان دماء بنوك المغلوبين
    وامتدت في الطرقات أصداء هتاف من أكتوبر (ديسمبر)
    ترسم صورة قرشي حين الظالم بالطغيان تجبر
    حين الموت شهيداً كان الغاية والإصرار
    كانت ساح القصر مناراً للأحرار
    والباغي يوم النصر تنازل ….
    كانوا جندا لايدرون الفارق بين الواحد والإثنين

    الواحد أن لاتبقي مقهوراً ترضي بالذل وفقر الناس
    والثاني بيع الذمة للنخاس
    ناسين بأن الشعب الصامد في السودان
    ماباع الذمة يوماً للأنجاس
    ماخان العهد … ولا أرسي للظلم أساس
    ما انتشرت سنوات الغمه
    ماجفت في يده اللقمة
    ما بقيت تحكمه الطغمة
    ما طالت في الليل الظلمة
    كان يناديني دوباي (نمر)
    ياخيل (الدفتر دار ) … لايجدي الساعة وهج النار
    نحن من نفرٍ الالموت لدينا مهر حياة
    والذل لدينا بعد البيعة عار
    كان يجلجل في أذني … هتاف (المهدي )
    وهدير (نجومي )
    أرحل يا (غردون )
    المجد الساعة للأنصار
    لْما في ليل الخرطوم الموت تولي حطب القمة
    وانتحرت في العينين الحرية

    ارثيك الان :
    إمتلأ الفم بطعم الدم .. خضاب السم
    وحزن الكل
    في كل بيوت السودان ماَتم
    في كل بقاع السودان قبور
    وامتلأ الفم .. بطعم الدم .. خضاب السم
    وحزن الكل
    وترنح فوق مسامي القوادون ذئاب الليل
    ملأونـي بالحشـــــف وســــــوء الكيل
    وليل الأحزان طويـــل .

    • د. أزهري بشير : باحث ومحلل سياسي وأستاذ علوم سياسية ودراسات أفريقية.. ([email protected] )

  2. اما يبلغن عندك الكبر
    ⬛⬛⬛⬛⬛⬛⬛⬛⬛⬛⬛⬛
    قصص إهمال الأبناء للآباء والأمهات تهز المشاعر كثيرا.
    فكم من مسن عجوز قد قابلك في الاسواق والطرقات وهو تائه لا يدري أين هو تملأ عيناه الدموع لأبناء قد تنكروا له فتركوه هائما على وجهه في الاصقاع.
    واباء وامهات افنوا حياتها في تربية ابنائهم وضحوا في سبيلهم بكل ما يملكون فتكون نهايتهم دور العجزة والمسنين اوالشارع.
    وكم منهم من نراهم وقوفا في إشارات المرور يتسولون.
    وان كنا ولله الحمد احسن حالا من دول كثيرة. وتظل هذه الظاهرة محدودة جدا في بلادنا مقارنة بالآخرين.
    ولكن لابد لنا ان ندق ناقوسها بقوة حتى لا تستفحل ونعجز عن حلها.
    (وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا * وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيراً)
    فلا يكفي ان تبر والديك بأن تهتم فقط بمأكلهم ومشربهم أو ان توفر لهم المسكن ،
    بل البر الحقيقي هو البر النفسي الذي يفوق البر المادي.
    قبل زمن هزني خبر وفاة ثلاثة مسنين بدار العجزة والمسنين بالقضارف بسبب اهمال بلدية القضارف في توفير حصة الغذاءات والعلاج لنزلاء تلك الدار.
    والسؤال أين هم أبناء وأهل هؤلاء النزلاء في قضارف الخير.
    ولم اصلا غفل المحسنون في القضارف وغيرها عن تقديم العون لهم .
    وهل من عمل أعظم من خدمة الآباء والامهات.
    وهل اصلا تملك وزارة التخطيط الاجتماعي إحصائية دقيقة بعدد النزلاء وإعداد الهائمين منهم في في الشوارع.
    وهل هناك ميزانيات مرصودة لخدمة هذه الفئة.
    وان كنت على يقين أن بلادنا المنهارة اقتصاديا لن يكون بمقدورها رصد أي ميزانية لدور المسنين والعجزة.
    لذا لابد علينا الاعتماد كليا علي الأسر و البيوت والعمل بحديث الرسول الكريم ص الخاص باحترام الكبير وتوقير الصغير.
    فنحث الأبناء ليكونوا الصدر الحنون لأبائهم وامهاتهم عند الكبر.
    وهنا تستحضرني قصة من أرمينيا البعيدة.
    ففي عام ١٩٨٨ ضرب زلزال مدمر هذه المدينه ،
    وكان من أقسى زلازل القرن العشرين حيث أودى بحياة أكثر من خمسة و عشرين ألف شخص ، ولقد شلت المنطقة التي ضربها الزلزال تماماً وتحولت إلى خرائب متراكمة،
    وعلى طرف تلك المنطقة كان يسكن فلاح مع زوجته حيث تخلخل منزله ولكنه لم يسقط،
    وبعد أن اطمأن على زوجته تركها بالمنزل وانطلق راكضاً نحو المدرسة الابتدائية التي يدرس فيها ابنه والواقعة في وسط البلدة المنكوبة،
    وعندما وصل وإذا به يشاهد مبنى المدرسة وقد تحول إلى حطام،
    لحظتها وقف مذهولاً واجماً،
    لكن وبعد أن تلقى الصدمة الأولى ما هي إلاّ لحظة أخرى وتذكر جملته التي كان يرددها دائماً لابنه ويقول له فيها: مهما كان (سأكون دائماً هناك إلى جانبك)،
    و بدأت الدموع تنهمر على وجنتيه،
    وما هي إلاّ لحظة ثالثة إلاّ وهو يستنهض قوة إرادته و يمسح الدموع بيديه ويركز تفكيره ونظره نحو كومة الأنقاض ليحدد موقع الفصل الدراسي لابنه وإذا به يتذكر أن الفصل كان يقع في الركن الخلفي ناحية اليمين من المبنى،
    ولم تمر غير لحظات إلا وهو ينطلق إلى هناك ويجثو على ركبتيه ويبدأ بالحفر وسط ذهول الآباء والناس العاجزين.
    حاول أبوان أن يجراه بعيداً قائلين له: لقد فات الأوان.
    لقد ماتوا فما كان منه إلا أن قال لهما: هل ستساعدانني؟!،
    واستمر يحفر ويزيل الأحجار حجراً وراء حجر، ثم أتاه رجل إطفاء يريده أن يتوقف لأنه بفعله هذا قد يتسبب بإشعال حريق،
    فرفع رأسه قائلاً: هل ستساعدني؟!،
    واستمر في محاولاته وأتاه رجال الشرطة يعتقدون أنه قد جنّ،
    وقالوا له: إنك بحفرك هذا قد تسبب خطراً وهدماً أكثر،
    فصرخ بالجميع قائلا: إما أن تساعدوني أو اتركوني وفعلا تركوه،
    ويقال أنه استمر يحفر ويزيح الأحجار بدون كلل أو ملل بيديه النازفتين لمدة 37 ساعة ،
    وبعد أن أزاح حجراً كبيراً بانت له فجوة يستطيع أن يدخل منها فصاح ينادي: (ارماند… ارماند )، فأتاه صوت ابنه يقول: أنا هنا يا أبي،
    لقد قلت لزملائي لا تخافوا فأبي سوف يأتي لينقذني وينقذكم لأنه وعدني أنه مهما كان سوف سيكون إلى جانبي.
    في الزلزال مات من التلاميذ نحو 14تلميذا ، وخرج منهم 33 كان آخر من خرج منهم (ارماند)، ولو أن إنقاذهم تأخر عدة ساعات أخرى لماتوا جميعا، والذي ساعدهم على المكوث أن المبنى عندما انهار كان على شكل المثلث،
    نقل الوالد بعدها للمستشفى وخرج بعد عدة أسابيع.
    والوالد اليوم متقاعد عن العمل يعيش مع زوجته وابنه المهندس ارماند.
    الذي أصبح يقول لوالده: مهما كان سأكون دائماً إلى جانبك…!
    فليتنا اخوتي نكون معهم على الدوام مع كبارنا وندخل البهجة في نفوسهم .
    فكما كان الوالدان معك منذ الصغر وحتي كبرت فكن معهم انت ايضا أن كبروا وتبادل معهم الادوار ارضاءا لله عز وجل .
    ففي الأثر : «بروا آباءكم تبركم أبناؤكم».
    وظني ان الامر كله وكأنه سلسلة مترابطة الحلقات لا تنفرط.
    اللهم احفظ ترابطنا الأسرى الذي بدونه لا نسوي شيئا .
    ⬛⬛⬛⬛⬛⬛⬛⬛⬛⬛⬛⬛
    محمد حسن شوربجي
    الكتابة للراكوبة

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..