لا تزال آثارها باقية: شيفرون السوكي.. فحص مخبري لمكان القديم

السوكي ? محمد عبد الباقي
سائقو سيارات الأجرة في أي بقعة من الأرض يقضون نصف أعمارهم في الثرثرة مع أشخاص مجهولين، لأنهم أكثر مخلوقات الله الناطقة ممارسة لفضيلة الكلام! هكذا قال رجل لزوجته التي شكت له اقتحام سائق عجوز خلوتها في المقعد الأخير عندما استأجرته بغرض الوصول لمكان عملها بوسط الخرطوم، فالسائق بحسب قولها: ظل يلاحقها بالأسئلة العرجاء، وكذلك تبرع أكثر من مرة ليفيدها بمعلومات لم تكن في حاجة إليها قط، فمثلاً عندما عبر أمام المستشفى العسكري أخبرها بمعرفته الشخصية لشرطي المرور الذي كان يعمل بتفانٍ في فض الاختناقات المرورية في ذلك اليوم أمام بوابة المستشفى.
قطعاً ? هذه المعلومة – لا تهم السيدة التي كانت تجلس في المقعد الخلفي في شيء، لكن يبدو أن الشائق كان مصراً على إكمال القصة: فأردف: هذا العسكري يبتسم دائماً لسائقي التاكسي، ولكنه فظٌّ مع سائقي الأمجاد؛ ولم يكتف بهذه المعلومات فحسب، بل أضاف وهو يتحدث بصرامة لا تليق بالتعامل مع سيدة ظلت مشغولة عنه بقراءة رسائل في هاتفها الجوال، إن رتبته العسكرية رقيب أول، وكي يقطع الشك باليقين قلل من سرعة التاكسي حتى تتمكن السيدة بنفسها من معرفة عدد الأشرطة التي كانت تظهر بوضوح في منتصف كم قميص العسكري عندما يفرد يداه ليرسم إشارة محددة يفهما كل السائقين.
مبان بمقياس المستقبل
رغم أن خمسة نساء إحداهن زوجة شهيد وثلاث رجال جميعهم اتفقوا على عدم وجود أي قيمة لكل المعلومات التي ذكرها السائق أعلاهـ، إلا أن عدداً قليلاً من سائقي التاكسي ينتقون بعض المعلومات الجيدة بمهارة ويمطرون بها زبائنهم، وإذا تأكد لهم أن الزبون ليس من سكان المنطقة قد يتم إكرامه بعدم أخذ قيمة المشوار أيضاً مهما كان مكلفاً.
وهذا بالضبط ما حدث لي وزميلي المصور (مبارك حتة) عندما قمنا بزيارة لم تستغرق أكثر من ساعتين لمدينة السوكي بشرق سنار. ورغم أننا لم نكن في مهمة صحفيه لكن سائق التاكسي الذي أقلنا من قرية (مينا) إلى المدينة اكتشف بحاسته التي تشبه حاسة الأم هويتنا، وحينها قرر أن يطوف بنا على أكثر من موقع مهم بحسب وصفه داخل مدينة السوكي التي قال: بشأنها، إن الإنجليز من فرط إعجابهم بموقعها وأهميتها الاقتصادية بسبب وجود رئاسة المشاريع المروية بالإقليم الشرقي فيها توقعوا أن تصبح من المدن الكبيرة في المستقبل ولهذا خططوا أحيائها بذات الطريقة التي خططوا بها الخرطوم القديمة، فكان كل مبنى فيها بمقياس المستقبل، ولكن توقعات الإنجليز خابت أمام إرادة القوة الوطنية التي عمدت على طمس الهوية الإنجليزية للمدينة رغم أهميتها.
*فحص مخبري للمكان القديم
رغم إن زميلي المصور (مبارك حتة) تعود أن يضع المعلومات التي يتفضل بها عليه سائقو التاكسي في ذات السلة التي يضع فيها تلك المعلومات التي يفرض عليه سماعها السكارى في المواصلات العامة، لكنه اهتم هذه المرة بأول معلومة نطق بها السائق الذي أشار فجأة نحو برميل مليء بصبة أسمنتية يقف بصلابة وسط عدد من أشجار اللالوب يتجاوز عددها العشرة. وقال:هل تعلموا أن شركة شفيرون الأمريكية عندما كانت تنقب عن النفط في السودان في سبعينيات القرن الماضي كان مهندسوها يقيمون في هذا المكان الذي ترونه؟
وبطريقة من يؤدي دوراً تدرب عليه عشرات المرات، ترك السائق الطريق الذي كان يسلكه واتجه نحو المكان الذي أشار نجوه وقبل أن يبلغه توقف حتى يبدو الأمر أكثر إثارة!!
وفعلاً استطاع أن يدغدغ ولأول مرة كبرياء الزميل (مبارك حتة) الذي هبط من التاكسي قبل أن يتوقف تماماً وأسرع نحو الهدف دون أن ينبث ببنت شفة وشرع في التقاط الصور للبرميل من عدة زوايا حتى كاد أن يثير شكوك سائق التاكسي، فيظن أنه ليس مصوراً صحافياً وعضواً في الاتحاد العالمي للمصورين وحسب، وإنما مستثمراً لديه أطماع بترولية من وراء الزيارة المباغتة للمنطقة.
ولكي يكون أكثر دقة قال: الرجل الذي لم يجد وقتاً لخبرنا باسمه من فرط السرور الذي غمره عندما اكتشف أننا لم نكن على علم بالمعلومة، أضاف بتأثر ارتسم على وجهه بوضوح أن عدداً من مهندسي شركات البترول التي جاءت تنقب عن البترول في المنطقة قبل سنوات معدودة زاروا المكان وتوقفوا عنده طويلاً وأخذوا منه عينات، ومن المناطق المجاورة له عينات لغرض فحصها.
*تفاؤل بمستقبل أخضر
وكمن يملك تقريراً بالوقائع ختم السائق بقوله إن السكان تنامى لسمعهم أن المنطقة المجاورة بأكملها تسبح فوق حوض من البترول خاصة، وتوقع أن تتم إزالة عدد من المنازل التي تقع بالقرب من الموقع، وكذلك مدرسة البنين الثانوية التي لا تبعد عن البرميل أكثر من مائة متر تقريباً توقع أن يتم ترحيلها أيضاً، ولكنه اطمأن لعدم تشريد الطلاب لأن شركات البترول سوف تبني عشرات المدارس أفضل منها كثيراً
اليوم التالي
في ايام الانتخابات الاخيرة جاء وفد فني من أبالسة الوطني وقال انه اكتشف البترول الذي يجعلنا من كبار النافذين في اوبك وكان هذا الكشف العظيم في حواشة بن عمي ودقت الطبول في ساحة المولد بميدان السوكي العظيم ووفدت علينا الوفود من كافة القرى والفرقات بالتبريكات وجاء احد اعضاء الوفد بزجاجة نعم بزجاجة من العينة ما يحتاج تكرير وليس له منافس وحتى تكتمل الصورة قام احد المسئولين بتهنئة مدينة الدندر المدينة المنافسة عبر التاريخ لمدينة السوكي فهاج اهل السوكي وكادت ان تنشب حرب وتكسر الزجاجة ويموت الكشف العظيم .. فقلنا يا أهلنا الطيبين هذه والله لعبة اباليس هل يعقل كشف عن طلمبة بنزين جاهزة في حواشة
فقالوا لنا انتو ناس معارضة ما تخربو علينا الانقاذ حاربتنا السنين دي كلها ودمرت البلد بسببكم انتو يا ناس المعرضة .. فقلنا لاهلنا الطيبين طيب اتفقنا معاكم ده بترول بس قولو ياحكومة نحنا آمنا ولكن كي يطمئن قلبنا عاوزين تعملي الظلط الذي تصلنا به التناكر … ومن ديك وعيك
تسلم يااستاذ مدينتا السوكى مظلومة
اكتشفنا ذهب اكتشفنا بترول سوف نعمل مصنع سكر حقن تخدير قوية المفعول اذا كان هناك لوم فهو موجه لابناء منطقة السوكي المنتخبين والمعينين في الاجهزة التنفيذية والرقابية والادارية والامنية او حتي الديكورية فاذا لم يكن لديهم الرغبة او الغيرة لتقديم ما ينفع اهاليهم من حيث مواقعهم الادارية كما يفعل ابناء الشمال الاكثر مكرا من الاستفادة من مناصبهم الادارية في توجيه كل ما يقدرون عليه لتطوير مناطق اهاليهم كتوجيه الكثير من الاستثمارات الاجنبية لمناطق يعد الاستثمار فيها غير مجدي او فيه مخاطر للامستثمر بالمقارنة بمواقع في مناطق اخري اكثر نفعا له ولكن سوء النيه وضيم العنصرية تسيطر علي الكثير من المسئولين لتنفيذ مخططاتهم الدنية
السوكي دائماً مستهدفة من الحكومات السابقة والحالية الله يكون في عون السوكي .