مقالات سياسية

الخيبة السودانية !

زهير السراج

* عندما يشاهد الانسان دول العالم كبيرها وصغيرها، قويها وضعيفها، غنيها وفقيرها تتبارى في الالعاب الاولمبية ويرى دولا اقل منا في العدد والمساحة والموارد وسنوات الاستقلال تعلن عن نفسها بقوة و فخر واعتزاز بغض النظر عن النتائج التي تحققها تصيبه الحسرة والاكتئاب والحزن على الشعب السوداني الذى ظل عاجزا عن تقديم نفسه للعالم في ساحات التنافس الرياضي التي تعكس مدى رقيه واهتمامه بالرياضة كأحد أهم أدوات النمو والتطور، فشعب لا يهتم بالرياضة التي تنمى الاجسام والعقول، لا يُرجى منه نمو وتطور ومقدرة على اجتذاب الآخرين للتعامل والتعاون معه، ومصيره أن يبقى معزولا متخلفا كسيحا وعاجزا، وهو ما انتهبت إليه الشعوب التي أولت الرياضة اقصى درجات الاهتمام على المستويين الجماعي والفردي، ليس فقط من أجل حصد الميداليات ــ وهو هدف نبيل ومشروع ــ وإنما للبقاء على قيد الحياة والنمو والتطور !

 

* لقد ظل اهتمامنا بالرياضة وممارستنا للرياضة، وطموحنا الرياضي، على المستويين الجماعي والفردي ضئيلا، وظل يتضاءل من يوم لآخر، وإذا نظرنا الى الماضي لوجدنا أنفسنا أفضل من اليوم بكثير، حيث كانت ممارسة الرياضة في الأحياء من المشاهد التي لا تغيب عن الانظار، وكانت الرياضة المدرسية جزءا لا يتجزأ عن المقرر، ولم تكن المنافسات بين الفصول والمدارس تتوقف، ولم تكن تخل مدرسة ثانوية من فرق (الكديت) والتدريب العسكري ، وكانت الاندية والميادين في كل مكان، حتى ولو اقتصرت فيها الرياضة على انواع بعينها، ولم تكن الرياضة تقتصر على الذكور فقط، وإنما تشمل الإناث في كثير من الرياضات مثل التنس والسلة والطائرة والسباحة وغيرها لدرجة أن الخرطوم شهدت في بعض الاوقات منافسات مشتركة بين الجنسين وتحديات علنية كانت تجد اهتمام الجميع، مثل منافسات السباحة الطويلة على النيل الابيض ونهر النيل بين السباحة (سارة جاد الله) والسباح (كيجاب) والسباح (ممدوح مصطفى) وغيرهم!

 

* وكانت هنالك دوريات للمدراس ودوريات للمصالح المدنية، والمصالح العسكرية والشرطة ، ولم تكن تخلُ ايام الجمع والعطلات من سباقات الجري والدراجات وغيرها، وكانت رياضات العاب القوى والملاكمة ورفع الأثقال وكمال الأجسام تنتشر في كل مكان، وكان للسودان تمثيل بارز وحصد الكثير من الميداليات في تلك الرياضات على المستويين الأفريقي والعربي، وكانت له مشاركات لا بأس بها على المستوى الأولمبي، وفاز بالبطولة العربية لكرة السلة في عام 1975 حيث كان لنا أبطال ونجوم بارزون في هذه الرياضة التي كانت تحظى باهتمام ومتابعة الجميع!

 

* وكانت الألعاب الشعبية مثل (شدت وحرينا) (وجر الحبل) و(سباق الجوالات)، و(الحجلة للبنات) تنتشر بكثافة في كل مكان وكانت محل اهتمام ومحبة الجميع، وبعضها أو ما يشبهها مما تتنافس عليه الدول في المحافل الدولية الآن ثم بدأ كل شيء يتلاشى وينزوي رويدا رويدا الى أن قضى نحبه في العهد البائد الذى قضى على كل شيء جميل، ولم تتبق الا كرة القدم على مستوى ضيق جدا، بعد أن تشوهت وتحولت الى مسخرة وصراعات ومليارات تهدر على اشباح وصحف صفراء تنشر الكراهية والعصبية والبغضاء، واذكر إنني عندما انتقدت ذلك قبل سنوات طويلة لاحد رؤساء تحرير الصحف الرياضية وعدم اهتمامهم بالأنشطة الاخرى والحث على الاهتمام بها، سخر منى ووصفني بأنني انسان حالم .. والغريب أنه كان يرأس أحد الاتحادات الرياضية التي لا علاقة لها بكرة القدم، ويفعل المستحيل كي يفوز في الانتخابات وهى المناسبة الوحيدة التي كنا نسمع فيها بوجود اتحاد لتلك الرياضة في السودان، مثل كثير من الاتحادات الاخرى التي لا يسمع بها أحد إلا في مواسم الانتخابات وحتى هذا اليوم !

 

* هذا هو الحال في السودان الذى تحولت فيه الرياضة، كأي شيء آخر، الى صراع على الاتحادات والمناصب والكراسي، بدون أن يكون للرياضة وجود سواء على المستوى الجماعي أو المستوى الفردي بما ينفع الشخص دعك من المشاركة في المنافسات وعكس صورة جميلة لوطنه، كما يحدث في بقية الدول ومنها ما هو أكثر منا فقرا وأقل مساحة وسكانا وإمكانيات تشارك شعوبها الان في المنافسات الاولمبية وتعكس صورة جميلة عن اوطانها، ولكننا شعب بلا جدية ولا عزيمة ولا طموح، نعشق الخيبة وندمن الفشل !

&&&&&&

الجريدة

‫7 تعليقات

  1. ثقف الناس يادكتور زهير.
    لماذا بطل الجودو لا يريد ان يلعب ضد الاسرائيلي ويعمل شهره للسودان وفضل ان يزبح تفوقه من أجل فلسطين باختياره واستخسر ان يوضع بلده في قالب محترم. هل هذه العقيده المقدسه ام الغباء السوداني التي جعلنا عبيد لحركة حماس. و مرتذقه رخيصين لدول الخليج بعد أن اخزوا خير كوادرنا وعقولنا وبنوا بها دويلاتهم. هذا كله باسم العقيده. ومكه المكرمه خط أحمر كما قال الصوارمي وكانت مليون صرمه من الغباء على رؤسنا.
    حاليا الامريكان طورونا وقدرونا ورفعو من شأننا وحولونا عبيد للمخابرات الإماراتيه والمصريه.
    حميرتي يرسل الزهب والمرتزقه باجمل طريقه والبرهان يرسل الصمغ والحبوب واللحوم من غير جمارك ولا جبايات ولا رشاوي ولا تزبيل دغري للمصاروه كي تصدر با غلي الأسعار وتقوى الاقتصاد المصري وطظ في السياحه ام دق وبالمجان وبالقانون.
    اتخيل لوكان لاعب الجودو كان لاعب باسم السعوديه زي ماجد عبدالله كان جاب ليهم كأس العالم واخد التابعيه وأصبح كفيل تكروني عقاله قدر الكتله. شكرا جامعة الدول العربيه بلاش كمون ويلث بلا بلوط *لاتشتري العبد الا والعصي معه كما يرددها الفلسطينيين في كل الظروف

    1. بلد نص شبابها و أطفالها عايشين على وجبة واحدة (إن وجدت) موية فول بي عيش أو بدون، تقول لي رياضه؟!!.

  2. للاسف تركيزنا الاكثر هو على كرة القدم وكأن الرياضة محصورة فيها, وحتى كرة القدم لم نحرز فيها أى تقدم, الشباب لا يجدون من الدولة أى مساعدة لتنمية مواهبهم, فى معظم دول العالم ممارسة الرياضة الزامى فى المدارس بل الرياضة جزء من النظام التعليمى ولها مدرسين و مدربين و يتحصل الطلبة و الطالبات درجات تضاف الى تحصيلهم الاكاديمى, دول مجاورة لنا كاثيوبيا و كينيا و يوغندة و مصر , جميعهم برزوا عالميا فى شتى مجالات الرياضة, المشكلة الاخرى أنه لا توجد مرافق لممارسة الرياضة السودان يكاد يكون البلد الوحيد الذى لا توجد به أى ميادين فى الاحياء مهيئة لممارسة الرياضة, الكيزان قضوا على كل شيئ فى هذا البلد.

  3. “….. ولكننا شعب بلا جدية ولا عزيمة ولا طموح، نعشق الخيبة وندمن الفشل !”
    بالأمس ( واظن غدا) عندما يأتي الحديث عن ثورة سبتمبر “المجيدة” وشهدائها شيخنا حيبقى كبير الثوريين …
    ما هو نفس الشعب “الثوري” هو الذي تصفه بأقبح الأوصاف عاليه …
    انت عينك للفيل وتطعن في ضلو …
    الشعب اللي بقى تكية لكل عطالة الصحافة ومحدودي التفكير و”الجهالة النشطة” … ( حتى نرد لشعبنا الشتائم بقدرها)..
    يا صحفي يا نحرير كلام زي دا تقولو عن شعب كامل وفي كل مراحله التاريخية لا يستقيم إلا بإحصائيات جادة تثبت اننا “كلنا” وفي كل مراحلنا كنا كذا وكذا … ودا غير متوفر ومافي جهة في العالم اثبتت على شعوبها اوشعوب غيرها هذا الزعم …
    والغريب ان هذا الشعب الذي يدمن الفشل يستثنى منه “كيجاب وسارة …” وغيرهم … فعلى اقل تقدير فينا اتنين تلاتة ، حسب زعمك ، غير مدمنيين …. فياخي حسن لغتك واختيارك للكلمات علشان تبقى فيها شوية دقة …

  4. بالمناسبه دى نذكر لجنة إزالة التمكين بإسترجاع الميادين التى إستولى عليها الكيزان فى الأحياء.

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..