متلازمة فتاوى النساء..!

منى ابو زيد

«الحكمة هي صاحبة الشريعة والأخت الرضيعة لها، وهما المصطحبتان بالطبع، المتحابتان بالجوهر والغريزة».. ابن رشد!

إذا قلت لك إنّ إحدى حلقات أكثر برامج الفتاوى مُشاهدةً على قنواتنا المحلية، كانت مسرحاً لأخطر صور العنف الفكري «الكامن» ضد المرأة، وكيف أنّ ذلك قد حدث وحملة الستة عشر يوماً لمناهضة العنف ضد المرأة لا تزال تجرجر أذيالها ..إلخ ..إلخ.. قد تظنه كلاماً مرسلاً ونقداً متحاملاً على شيوخ الدين الذين قلما يخطئون عندما يتعلّق الأمر بالدين (المعاملة)!.. لذلك دعنا نكتفي بنقل الصورة على طريقة «الخبر المقدس» وهي بالمناسبة كالتالي..!

أم سودانية نمطية هاتفت القائمين على أمر البرنامج تستفتيهم في أكثر من مسألة.. الشيخ مقدم البرنامج وضيفه العالم الفقيه يستمعان إلى السائلة بالحياد والتركيز اللازمين.. السرد يمضي في أمان لله.. إلى أن عرجت السيدة على الحكاية «موضوع السؤال» والتي تقول باختصار إنّ ابنة السائلة قد وضعت مولوداً في بيت أهلها (أسرة رقيقة الحال يعجز وليها عن توفير قوت يومها أحياناً) بينما يمتنع زوجها (المكلف المستطيع) عن الإنفاق عليها وعلى رضيعها.. الأمر الذي أجبر الأم المرضع على اتخاذ قرار إرسال الرضيعة إلى والدها.. لكنها رأت قبل ذلك أن تستوثق من رأي الشرع في ما هي مقدمة عليه..!

وهي كما ترى مسألة شرعية تستوجب الحد اللازم من الحياد الفقهي بعيداً عن رأي المُفتي في رقة قلب الأم من قسوته، وبعيداً عن سخطه على إهمالها مراعاة أعراف المجتمع السوداني من عدمه.. فما الذي حدث؟!.. أُصيب الفقيهان – في التو واللحظة – بمتلازمة فتاوى النساء (وهي كما أسلفنا – في مقام سابق – حزمة متغيرات لا شعورية تصيب معظم الشيوخ والفقهاء عند الحديث عن موقف الشرع من شؤون وقضايا النساء!).. بعد أن تمعر وجه الشيخ مقدم البرنامج، وأبدى امتعاضه الشديد من موقف النساء اللاتي يذهب أبناؤهن ضحايا لردود فعلهن تجاه الخلافات مع الأزواج، أمّن فضيلة الشيخ الضيف على ذات المعنى، دونما إشارة من قريبٍ أو بعيدٍ إلى موقف الزوج المُمتنع عن الإنفاق، ودونما أي تمعرٍ أو امتعاضٍ بشأنه..!

فضلاً عن الرخص التي وردت في حكم إرضاع الأم لمولودها والتي يعرفها الشيخان جيداً، لماذا سكت كلاهما عن الإجماع بشأن وجوب نفقة المُرضع؟!.. لماذا لم يقولا إنّ (على المولود له رزقهن وكسوتهن بالمعروف) حتى وإن كانت الوالدة مطلقة فما بالك بها زوجة؟!.. وان لله سبحانه وتعالى كما أبدل (المطلقات) بـ (الوالدات) في قوله (والوالدات يرضعن أولادهن) لاستعطافهن نحو الأولاد، فقد أبدل (الوالد) بـ (المولود له) في قوله (وعلى المولود له رزقهن) لتذكير الأب بأنّ المولود يتبعه وينتسب إليه وبالتالي تجب عليه نفقة إرضاعه؟!.. أين حديثهما عن ما يحق للسائلة قبل تذكيرها ما يجب عليها، وهي التي قصدتهما للفتوى..؟!

لله الأمر من قبل ومن بعد.. الشاهد من هذا – ومن غيره – أنّ كثيراً من الفقهاء والعلماء والشيوخ في بلادنا يخلطون بين (حكم الشرع) و(أحكام المجتمع) عندما يتعلق الأمر بفتاوى النساء..!
الراي العام

تعليق واحد

  1. في اسئله كثير يجب ان تطرح بيحياديه ودون ان تميل لطرف علي حساب الاخر ومن حق الام النفقه ولكن يجب ان يسال الرجل والمراه هنالك خلافات كثيره في هذا الموضوع واكيد والدة الزوجه خلف هذا الخلاف والا كانت الزوجه هي التي من المفترض ان تتصل

  2. عجباً! ما كل مشكلة تستدعي فتوى شيوخ الغفلة هؤلاء. بما أن زوجها مكلف يجب عليه شرعاً الإنفاق على مولوده ، حتى لو كان معوزاً، وكانت أسرتها غنية. وإذا رأت أسرتها الإنفاق على المولود، فذلك من فضلها. ولذلك ما كان لهذه الأم المرضع أن تستوثق من رأي الشرع في هذه المسألة لأنها واضحة، والظلم بائن. حتى لو كان هناك إختلاف والأم المرضعةهى المخطئة. الواحد يأتى الفراش فرحاً
    بدون شروط، وعندما يقضي وطره، يذهب وكله شروط جائرة.

  3. السودان بحمد الله عامر بالعلماء ان لم تقتنعى بفتوى يمكن ان تلجأى لعالم اخر فالأزاعه والتلفزيون
    بهم علما ماشاء الله عليهم امثال عبد الحى يوسف ومحمد الأمين اسماعيل وغيرهم ..

    او ربما لم تصل المعلومه كامله للمفتى والله اعلم

  4. الحقيقة التي لا تقبل الجدل والمنافحة أننا في السودان نطبق الأعراف الاجتماعية الموروثة – وبعضها له جذور وثنية- على اعتبار أنها مسلمات دينية، في حين أن الإسلام منها براء. كما أننا نلاحظ أنه في كل قضية يكون طرفاها رجل وإمرأة يكون التركيز دائماً منصباً على تجريم المرأة دون الإشارة إلى الرجل حتى ولو كان هو العامل الأساسي في الجريمة. طالعنا قبل فترة قصيرة على صفحات الراكوبة حكماً أصدره قاض من الفئة المصابة (بأعراض شيطنة النساء)، بجلد فتاة حداً لأرتكابها جريمة الزناعلى الرغم من أن الرجل الذي واقعها هو من قام بها بتحريضها وجرجرتها إلى (وكره). كان كل ذنب هذه الفتاة أنها ذهبت برجليها إلى ذلك الوكر المهجور، لذا حكومت بجريمة الزناوأطلق صراح الرجل المجرم دون مبرر معقول. الأمثلة كثيرة ويصعب حصرها وتقع جميعها تحت دائرة تأثرنا بالأعراف الاجتماعية التي اكتسبت -بمرور الوقت- قوة القانون وساعدت على وأد كثير من الفتيات والأحداث (قانون الاغتصاب القديم مثلا). الفتيا وتولية القضاء يجب أن توكل إلى جال ثقاة لهم باع في العلم والمعرفة بأحكام الدين والشرع والقياس.

  5. فارغه ماعندك شغله تقضيها – المعتمد ده جاب ليك شغاله ولاّ شنو – ماعندك بذوره (أطفال) زي مابقولو أخوانا السعوديين . موضوع خالي مضمون ….

  6. مبدعة يا مني – الافتاء ليس حسب الاهواء- وليس تطبيق احكام فقط – انما الافتاء لجلب منفعة عامة وابعاد مفسدة – ياللا اكتبي تاني يا ابداع

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..