مهنة الموت في جنوب السودان

عزيزي القارئ الكريم، هذه ليست رواية أو قصة من قصص المغامرات و الروايات البوليسية، التي يمكن أن تقرأها في أعمال ارثر كونان و أجاثا كريستي، بل أنه محاولة سرد لاحداث و افعال حدثت فصولها في جنوب السودان، وبدءاً التمس منك العذر على هذا العنوان الذى قد يبدو صارخاً أو تهويلاً، لكن مقتضى الأحوال اقتضت علينا ان نعنون بهذا الشكل لأنه يمثل الأقرب لسرد ما يحدث للصحفيين و لمهنة الصحافة بشكل عام، وفي المقدمة أود الإقرار بأننا لسنا من اصحاب المهنة التي اصبحت خطرة إلى حداً يجعل المرء يفكر مرتين قبل ان يقبل على ممارسة هذه المهنة التنويرية، ليس من قبيل الجبن بل من المشاق و المخاطر المحدقة بالمهنة من كل صوب في إرجاء الدولة المتعثرة.
فالصحافة مهنة قدسية مثل مهنة المعلم و المدرس، حيث تنبع أهمية الصحافة في تلك الرسالة التنويرية و التثقيفية التي يقوم بها الصحفيين في خدمة المجتمع و العامة، وبلا أدني شك كأي مهنة آخرى، وضعت ثوابت تتعلق بالمبادئ الأخلاقية لممارسة المهنة الصحفية، كما يقول الصحفيين أنفسهم، الصحافة كثيرة المطالب، تشترط على ممتهنيها صفات كثيرة، ولعل من بين أهم الصفات الواجب توافرها في المهنة، الاستقلالية و التجرد التي عبارة عن معيار أخلاقي مهني متعلق بالسلوك الفردي للصحفي . وهي واجب ضميري أخلاقي لممارسة سليمة.
ماذكر آنفاً، يجعل مهنة الصحافة من المهن الضرورية للتقدم المجتمعي و التنمية في الدولة، حتي إطلق عليها مسمى السلطة الرابعة لما لها من أهمية، ويقول شريدان الانجليزي، خير لنا أن نكون بدون برلمان من أن نكون بلا حرية صحافة، وهو قول يعكس مدي اهمية دور المهنة. الإ ان الواقع دائماً عكس المشتهى، ففي جنوب السودان تريد الحكومة صحافة تمجدية راقصة، تكون واجبها الاساسي نقل الجانب الإيجابي، المدح فقط، مع إلزام الصمت عن سوء الممارسات الحكومية، وهو ما عبر عنه أكثر من مرة وزير الإعلام الحكومي الذى هدد من قبل الصحفيين.
المعضلة الكبرى التي تواجه المهنة في جنوب السودان، ليس هو عدم كفاءة الكادر الممارس للمهنة كما ذكر وزير الإعلام مكوي مراراً، قائلاً، إنهم غير مؤهلين للتعامل مع القضايا و الواقع، علماً ان الوزارة تمثل أكبر عائق أمام تقديم عمل صحفي، فالبرغم من نص الدستور على حرية التعبير، الإ ان التجربة تقول شتان ما بين النصوص و الواقع، فسجل الدولة غير مشرف إمام التقارير الدولية التي ترصدها منظمات مثل مراسلون بلا حدود، فريدوم هاوس، و هيومن رايتس ووتش. التي تفيد أن عدد الصحفيين أو شهداء الرأى بتعبير أدق وصل إلى أكثر سبع، كرقم مخيف لمهنة القلم و الرصد.
والحقيقة ان واقع الصحافة ليس ببعيد عن السياق العام في الدولة، فلأزمة هي أساساً في هذا النظام، الذى يبعث بكل مكتسبات نضال الشعب، و لن ينصلح الحال إلإ بذهاب هذا النظام، بعدها يمكن ان يكون الباب مفتوحاً لممارسة صحفية واعية بذاتها و بدورها في مناخ حر.
وقبل أيام، طالعنا في الأخبار عن خبر اختفاء الصحفي شان أوير، الذى وجد بعد ايام مرمياً بمقابر روك سيتي في العاصمة جوبا، بعد أن اختطف و تعرض لابشع أنواع التعذيب، وايضاً أعلن عن اختفاء الصحفي أفندي جوزيف الذى سبق أن أعتقل من قبل جهاز الأمن لشهر ونصف دون ان يقدم لمحاكمة اثر كتابته لمقال أنتقد فيها الحزب الحاكم، وغيرها من الأحداث المؤسفة التي يتعرض لها الصحفيين في بيئة أقل ما توصف بإنها منهارة.
واقع الصحافة المزري، أكدته عدد من اقلام الصحفيين، و عبرو عن الصعوبات و التحديات التي تواجهمم في ممارسة المهنة، بدءا من صعوبة الحصول على المعلومات، وهو حق أساسي، لان الصحافة مرآة تعكس الحياة اليومية كما هي، و بالتالى من حق الصحفيين الحصول على المعلومات لنشرها، مع وجود تحديات آخرى مرافقة.
هذا المقال عزيزي القارئ، لا يهدف إلى بيان شامل لإوضاع المهنة في جنوب السودان، رغم الضرورة التي تحث على ذلك، لكن اترك الأمر لصاحبي الاختصاص، حتي لانتهم بالتغول على المهنة، مثلما تتغول السلطات الحكومية في جوبا على حقوق الصحفيين و تعمل على تقييد كافة إشكال ممارسة المهنة.
رغم العقبات الكثيرة و التحديات المتواصلة، الإ ان الصحفيين في جنوب السودان مازالوا مواصلين في نشر الكلمة و تنوير العامة بالطرق المختلفة بما يحدث بالبلاد، وهو عمل يستحق الصحفيين الإشادة عليه، وسط كل هذه المعوقات التي تقف إمام المهنة.
بعد تحول حلم الدولة إلى كابوس، كما يعبر صديقي دائماً، يبقي امام الصحافة و الصحفيين عمل شاق و تحدي أكبر في أهمية التوعية بمخاطر المرحلة، بجانب التبشير بالسلام القادم و العمل على رتق النسيج الاجتماعى الذى تأذى بفعل الحرب.
في الختام، مع استمرارية أغلاق الصحف، التضييق، التعذيب و الاعتقال، و القتل في أحياناً آخرى( قتل أكثر من 7 صحفيين)، تظل الصحافة و الصحفيين هم السند الاساسي في تقدم الدولة، وعلى الحكومة ان تعى ذلك.
الدوحة ? قطر
[email][email protected][/email]
تسوي بإيدك يغلب أجاويدك.
لا تنس ايضا هنالك مهنه الموت غير الصحافه الا وهي ” البودا بودا” اوسائقي دراجات الاجره الناريه حيث اصبحت مهنتهم تجلب اليهم القتل من قبل unknown gun men مجهولو الهويه
لا تنس ايضا هنالك مهنه الموت غير الصحافه الا وهي ” البودا بودا” اوسائقي دراجات الاجره الناريه حيث اصبحت مهنتهم تجلب اليهم القتل من قبل unknown gun men مجهولو الهويه