جلسات نسج بيوت الشعر في شمال كردفان..النساء يدفقن الغزل وينشدن القصائد ويحتسين القهوة

الخرطوم : تهاني عثمان
ما بين العمل الفردي والجماعي تتم عمليات نسج بيوت الشعر في شمال كردفان بواسطة نساء احترفن الصبر قبل الابداع والموهبة ، فبعد ان ينهين عمليات جز الصوف واعداده في شكل خيوط يدخل في مرحلة النسيج التي تحيط شعيراته الي بيت متكامل تنقصه الاعمدة والدعامات والحبال التي تشد وثاقه ، وتقول الحاجة ست النفر طه انه : ( في مرحلة الغزل تربط المرأة رؤوس خيطين في منتصف المغزل وتوصلهما بالشنكل وتضع المبرام علي فخذها وتمسك يسراها المتصلة بالخيطين علي الشنكل وترفعهما الي الاعلي وتبدأ في تحريك المبرام بعملية متواصلة في اتجاه واحد ، وكلما برمت حوالي نصف متر تلفه في منتصف المبرام وتبدأ من جديد الي ان تحول الخيوط الي لفة واحدة تسمي ( كلكفة ) .
وبعد الانتهاء من عمليات اعداد الغزل تنتهي آخر عمليات العمل الفردي بإحالة الصوف الي لفافات او بكرات بالوان مختلفة وتبدأ بعدها عمليات النسيج الذي تتداعي له النساء في الفريق ويقول حمد الطاهر عن قبيلة المجانين : ( في هذه المرحلة تبدأ جلسات القهوة والجلسات هذه عادتة تكون في مرحلة متقدمة من صناعة الصوف ، وترسل الام احدي بناتها لدعوة جاراتها ورفيقاتها وتقول الابنة لرفيقات والدتها : ( أمي قالت ليكم بكرة عايزه تسدي ) وتحدد اليوم وفق ما اخبرتها والدتها ، وفي جلسات السدى التي غالبا ما تكون في وقت الظهيرة ، وفي منتصف النهار تتجمع النساء وتحضر كل واحدة منهن ما يكون الاقرب لمتناول يدها من شاي او سكر او بن لتحلية الجلسة .
ويقول الزين أحمد : ( في بداية عملية النسج يتم تجهيز ست شعب صغيرة في شكل اوتاد علي الارض تضع اربعا منها علي طول مساحة الكفل او الشقة ، والكفل يتكون من شقتين ، (بضم الشين ) ويكون طول الكفل في الغالب عشرة امتار ، ويسمي الخيط الداخلي الذي تبدأ به عملية النسيج (اللحمة ) ويسمي الصوف الاحمر (الحوه) ، وهنا تبدأ اولي عمليات الغزل ويقال (فلانة دفقت غزلها ) أي بدت في الغزل ، ودفق الغزل هو المرحلة الاولي التي تبدأ فيها عملية توزيع الالوان ).
ويضيف الزين: ( تربط الخيوط في الاوتاد المتقابلة في شكل مستطيل تأتي المرأة بالصوف ذي اللون الابيض مثلا تضعه في اناء (كورة) غالبا تمشي بها مسافة العشر امتار حتى نهاية الوتد ويتم مبادلتها من الاخرى التي في الاتجاه المقابل حتى ينتهين من شد الغزل بين الوتدين وبعد اكمال شد الغزل علي الاوتاد الاربعة ، يؤتي بالوتدين المتبقيين ويتم نصبهما بعد مسافة خمسة امتار ، أي في منتصف الغزل تماما ، ويؤتي بقطعة رفيعة غالبا تكون من جلد الماعز لشد الغزل من النصف ، ولتمييز الغزل ما بين العلوي والسفلي ، وتبدأ المرأة عملية النسج باستخدام خشبة عريضة تسمي (المنساج) بضم الميم ، تكون مهمته تبادل الخيوط ما بين العلوي والاسفل ويؤتي بالخيط الاساسي ما يسمي ب(اللحمة) ليمر ما بين الخيطين العلوي والسفلي ويستخدم القرن ويكون غالبا ( قرن غزال ) لتقريب المسافات وضغط النسيج علي بعضه بعضا وتسمي هذه العملية بالتفريط بين الخيوط وتتواصل العملية الي حين الانتهاء عملية النسيج .
ويقول حمد الطاهر : (ان النساء في شمال كردفان يجيدن توظيف الوقت بالاستفادة من اوقات الفراغ في الاعمال اليدوية التي تدخل ضمن عادات وتقاليد القبائل وبالاستفادة من مقومات الطبيعة ومنتجات الحيوانات حيث يستخدم الصوف والوبر في صنع بيت الشقاق ، والكفل بينما يستخدم صوف الغنم الاسود في صناعة الشملة التي لا تحتمل سوي اللون الاسود (والشملة) عبارة عن قطعة كبيرة من نسيج شعر الغنم اقرب الي البطانية تشتمل بها المرأة في جلسة الدخان ، لذا وفقا لاستخداماتها لزم ان تكون من اللون الاسود الخالص دون ان يداخلها أي لون آخر ويكون سمكها رقيق نسبيا (ووزنها اكثر خفة ) مقارنة بالكفل والشقاق .
والكفل المستخدم كستار داخل البيوت لا يصنع لغرض الزينة فقط بل هناك اسباب ادعي لصناعته ولكن الحرص علي الجمال هو الذي يستدعي وضع لمسات جمالية له عند صناعته ، ويضيف حمد : ( بان طبيعة المنطقة الجافة ومكونات غالبية البيوت من القش هي التي فرضت ضرورة وجود الكفل كستار داخلي متين ، يحجب الغبار من الدخول في اوقات الجفاف ويمثل غطاء من البرد، ويكون طوله غالبا حوالي عشرة امتار ). وفي اثناء ذلك كله لا بد ان تنشد صاحبة الكفل بعض القصائد عن كفلها تتباهي به وتصفه وتتحدث عن نشاطها وسرعتها في الانتهاء منه باكرا ويقصد من هذه القصائد المفاخرة والدعابة والتنافس في انجاز العمل .

الصحافة

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..