البروليتاريا الرثة تنتصر لدستور المرشد!!

البروليتاريا الرثة تنتصر لدستور المرشد!!

تيسير حسن إدريس
[email][email protected][/email]

(1)
بنظرة فاحصة لنتائج الاستفتاء على مسودة الدستور الذي أعده “إخوان مصر” نجد أن المحافظات ذات الوعي الجماهيري مثل القاهرة والإسكندرية والمحلة الكبرى قد قالت “لا” فحين بصمت المحافظات المترعة بالجهل والعوز بـ”نعم” وانساقت وراء غريزة حفظ النوع وشهوة إشباع البطن بحفنة من الأرز وبضع لترات من الزيت وربما بضع أمتار من الكستور لزوم كسوة الشتاء القارص بغض النظر عن مضمون مشروع الدستور.

(2)
فالحقوق والواجبات الدستورية في عرف تلك الفئات من المسحوقين والفقراء الذين يعيشون على هامش الاقتصاد والعملية الإنتاجية تعد ترفا لا معنى له ومحض أوهام يركض خلفها “أولاد الذوات” لتكتمل بها زينتهم الاجتماعية وهي حسب فهم العقول التي أضناها الجهل والعوز لا تطعم من جوع ولا تقي من برد، فمن عاش مرارات الحرمان والذل والامتهان في حضن مدن الصفيح العشوائية يفقد الأمل تدرجيا في المستقبل ويصيبه اليأس والقنوط في إمكانية أي تغيير يمكن أن يطرى على حياته وأسلوب معاشه ويصبح إنسان اللحظة ولا علاقة تربطه برحاب المستقبل الذي يعتبره في علم الغيب ولا يملك أدوات استشرافه المعرفية.

(3)
فيقع ببساطة صريع فكرة “رزق اليوم باليوم” التي تستغلها نظم الحكم القهرية باعتبارها نقطة ضعف مهمة يمكن استغلالها بأساليب مدروسة وطرق منحرفة للسيطرة على هذه الكتلة الجماهيرية الضخمة وذلك بإشاعة الأمية والجهل فيها وحبسها في سجن الاحتياجات اليومية ليتثنى لها الحكم في هدوء بينما آفة ملاحقة الرزق اليومي مسيطرة على عقل إنسان العشوائيات المنبوذ والمغلوب على أمره فينحصر جل همه في كيفية إشباع شهوتي البطن والفرج ويتم تحييده تماما عن الشأن العام والقضايا الوطنية ووضعه رهن معتقل “الأنا السفلى” وهذا هو المدخل السحري الذي اكتشفته تيارات الإسلام السياسي وولجت منه لقلب العشوائيات السكنية لتجد كنز الأصوات الانتخابية الرخيصة وتستغلها أبشع استغلال دون واعز ديني أو أخلاقي يحرم هذا الفعل المشين.

(4)
هذا الأسلوب الرخيص لحشد الجماهير الفقيرة اعتادته جماعات الإسلام السياسي وتمرست عليه وأتقنته جماعة “الإخوان المسلمين” في مصر منذ مشاركتها الفاعلة في الانتخابات البرلمانية في ظل النظام السابق وهو ما يفسر فوزها بثمانين مقعد في آخر برلمان لنظام مبارك المخلوع دون أن تفكر مرة في نشر الوعي أو محاولة انتشال إنسان العشوائيات من حالة الضنك والجهل بإنشاء مدارس تستوعب الفاقد التربوي أومشاريع تنموية صغيرة تساعد الأسر الفقيرة على تحسين ظروفها المادية والخروج من دائرة العوز فهذا الأمر يتعارض ومصالحها الانتخابية لذا، اكتفت بتقديم المعونة الموسمية من مواد غذائية وكساء كلما اقترب موسم الانتخابات لتظل الكتلة البشرية البائسة دوما تحت رحمتها ورهن إشارتها ، يتسابق أفرادها في فرح ورضى لتصوت لمرشحي الجماعة الطاهرة.

(5)
هذه الكتلة البشرية المسحوقة جهلا وعوزا هي نتاج سياسات الانفتاح والخصخصة واقتصاد السوق التي نفذها نظام المخلوع مبارك طوال ثلاثين عاما وتم عبرها ضرب وتفتيت الطبقة الوسطى وتذويب قوى الإنتاج الحقيقية وخلق مجتمعات ضخمة من أصحاب المهن الهامشية الذين يعيشون في مجمعات عشوائية في ظروف لا تمت للإنسانية بصلة تعج بها أطراف المدن الكبرى فيما تعرف وتصنف طبقيا بـ “البروليتاريا الرثة” وهي فئات تعيش على هامش الأعمال الاقتصادية، مثل مساحي الأحذية، وخدم المنازل وصبيان العوالم والعاهرات وغيرهم وتعاني من التخلف، ويصعب إكسابها الوعي البروليتاري الحقيقي.

(6)
فهذه الفئات من التعساء لم تر أحدا يمد لها يد العون داخل عشوائيتها سوى فتية الإخوان الملتحين وعلى الرغم من أن مساعدات “اللحى” تأتي متباعدة خلال العام ومكثفة مع اقتراب موسم الانتخابات إلا أنها قد أثرت وعملت في العشوائيات عمل السحر وخلقت في أوساطهم جيشا جرارا من المناصرين المخلصين لجماعة الإخوان كيف لا؟! واليد البيضاء الوحيدة التي امتدت لهم بالعون على قلته كانت يد الجماعة وليس مهم إن كان هذا العون بغرض أو مبرأ منه المهم سد الرمق وإسكات عصافير البطن. إذا فقد انتصر إخوان مصر على القوى المدنية والديمقراطية القابعة في أبراجها العاجية بالمدن الكبرى والأحياء السكنية الراقية يوم عرفت كيف تتعامل وتكسب لصفها “البروليتاريا الرثة” التي تناسلت ونمت في عصر المخلوع مبارك.

(7)
تخدع القوى المدنية والديمقراطية المصرية نفسها لو حصرت صراعها مع جماعة الإخوان المسلمين في البرامج والرؤى السياسية وجعلت من البرلمان ساحته الوحيدة فجوهر الصراع في هذه المرحلة ميدانه الحقيقي هو المجمعات العشوائية وبيئتها الصالحة لإنتاج واحتضان الأفكار والبرامج الشاذة فالجهل والغبن الاجتماعي والحقد الطبقي إن لم يجد الوعي والتوجيه الرشيد وترك تحت رحمة تجار الدين سينتج جماعات التكفير الإرهابية وهي أداة مهمة من الأدوات التي يستعملها “الإخوان” لإرهاب المجتمع وابتزازه وإخضاعه لمشيئتهم فواجب المرحلة يقتضي على القوى المدنية المستنيرة النزول لتلك العشوائيات واستحداث برامج لإزالة الجهل والأمية وتمليك الفاقد التربوي من الشباب الوعي وتدريبه على إتقان مهن حرفية تساعده على الخروج من حالة الفقر المزمن وتفتح أمامه آفاق المستقبل وحينها فقط ستهزم أساليب الإخوان الرخيصة القائمة على ابتزاز العقول والبطون الخاوية.
** الديمقراطية قادمة وراشدة لا محال ولو كره المنافقون.

تعليق واحد

  1. والله ياريت لو كان اخوان السودان زى اخوان مصر ! على الاقل فى اطعام من جوع هناك! لكن هنا كيزان السودان لا اطعام من جوع ولا امن من خوف

  2. تيسير نحنا بنفخخ في قربه فاضيه ديل نفس الناس الفي خاركف لو ببذكر و مافي شئ جديد , و الشعب دا استبعد و المثل بقول (Из дерьма не может стремиться слоя) تحياتي

  3. عزيزي الكاتب : يختلف الدستور عن القانون . فالدستور عبارة عن خطوط عريضة أو رؤوس اقلام تنعكس فيما بعد على شكل قوانين و لوائح و تهم من الناحية التطبيقية اصحاب المناصب العليا في السلطات القضائية و التنفيذية و التشريعية.
    لم اطلع على الدستور المصري بدقة و لكن التصفح السريع فيه لا يشير الى وجود ما يثير قلق المصري العادي “رجل الشارع” و في اعتقادي ان غالبية الذين صوتوا بلا كان تصويتهم بدوافع حزبية بحتة او لتوجهات علمانية لا تقبل باي شئ ياتي من الاسلاميين حتى لو كان ذلك الشئ حقا.
    و من المعروف ان المحافظات التي صوتت بلا هي معقل الاحزاب المعارضة فلا عجب في ذلك و عموما هم مارسوا حقوقهم كمواطنين و في نهاية المطاف لا مناص من حكم الاغلبية في النظام الديموقراطي و الا فان البديل هو قانون الاقوي او سمه قانون الغاب.

    و ما يشاع عن رشوة المصوتين بارز او لحم هو محض افتراء

  4. اليست هذه الفوقية هي سبب بلاء السودان في تهميش أهل “الهامش” وإعتبارهم مجرد جهلاء لا قيمة لآرائهم السياسية ويكفيهم فقط ملء بطونهم!

    لا فرق بين الكيزان وبين معظم من يسمون بالنخبة المثقفة في الاستعلاء وتهميش الآخرين وفرض الوصاية عليهم بحجة عدم أهليتهم!

    والمشكلة و”النفاق” بأن يكتب أحدهم مثل هذا الكلام عن أهل “الهامش” وجهلهم مقارنة بأهل “الحضر”، ثم يأتي في مقال تالي ليحدثنا عن ضرورة إعطاء أهل الهامش حقوقهم بالمشاركة في قيادة دفة الوطن!

    لك الله يا وطني، وعجبي!!

  5. زاوية جميلة جدا تناولتها وفعلا هي البروليتاريا الرثة التي صنعت الفارق..

    وبما ان نسبة الفقر في السودان 90% فنحن ايضا كذلك لأن الجميع الآن مشغول بلقمة العيش. ويحيدون الناس عن السياسة والقضايا الوطنية بهذه الأنا السفلى وسفاسف الأمور كالبرنس والحوت وغيرها من الأساليب القذرة كفرق تسد وازكاء نار العنصرية هي دوائر او خيوط عنكبوتية.

    لكن صدقني يا صديقي مع تقدم العالم سيعلم راعي الايل في الخلا من هم هؤلاء وستظهر شمس الحقيقة التي تحرق كل مضللل كاذب كذاب..

  6. المحافظات التي تسميها ذات الوعي الجماهيري أذهب إليها وخذ عينه عشوائيه وأسألهم ماذا في الدستور أو ماهي المواد التي تعترض عليها ؟ أوكد لك لن تجد إجابه ؛ وإن كنت متابع أيام المظاهرات هناك قنوات كانت بتسأل الناس المتظاهرين على الهواء مباشرة : لماذا أنتم هنا ؟ يقولوا لإلغاء الدستور ؛ فايسألهم هل قرأتم الدستور يقولوا لا ؛ وماهي المواد التي تعترض عليها ؛ فلا تجد منهم إجابة أو يقولوا انبوبة الغاز بكذا والمعيشة ووو كلامهم فهم في والدستور في وادي ومنهم من يقول لك الحزب الوطني يرجع الخ . فاهؤلا هم من تنسب إليهم الوعي ؛ فكل المسألة أنهم لايريدون تقبل الهزيمه في الإنتخابات

  7. إذا صوت هؤلاء العوام ضد الدستور هل كنت ستقول هذا الكلام؟؟؟؟؟ اتق الله
    اليست هذه هي الديمقراطية التي تنادون لها؟؟؟؟؟؟؟!!!!!!!!
    إن الاميين والجاهلين البسطاء في مصر أشرف وافضل عند الله مليون مرة من الشيوعيين والماركسسين والعلمانيين ودعاة المذاهب الضالة من الذين خدعتهم الدنيا, واشرف عند الله من عادل امام والهام شاهين وجيش من الفنانين والممثلين والفاسقين والساقطين الذين يقفون ضد التيارات الاسلامية.
    موتو أيها العلمانيين بغيظكم

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..