العنف المفرط في التظاهرات.. الأسباب والحلول !
الأمة القومي: العنف سيقابل بعنف ولا بد من الالتزام بالقانون

لا يوجد شيء يسمى تعامل مفرط أو غير مفرط واستخدام القوة محكوم بقوانين
الحل في استيراد أفضل الأدوات للتعامل مع المظاهرات وتدريب القوات
الخواص عبدالفضيل
شهدت الخرطوم وبعض مدن السودان عقب التحولات السياسية التي حدثت منذ فجر الخامس والعشرين من العام المنصرم احتجاجات دعا لها تجمع المهنيين ولجان المقاومة وبعض القوى السياسية تنديداً بالإجراءات التي قام بها قائد الجيش الفريق أول عبد الفتاح البرهان حيث قوبلت هذه التظاهرات بعنف مفرط أودى بحياة العشرات وخلف مئات الإصابات وسط المتظاهرين والقوات النظامية نفسها، وتكررت هذه الأحداث كثيراً في المشهد السوداني مما يستدعي إلقاء الضوء على هذا المشهد المتكرر في حق التظاهر السلمي وحفظ دماء السودانيين، فلماذا كل هذا؟ وما هي الحلول التي يمكن إعمالها لوقف ذلك النزيف؟
أقرّ الفريق صديق محمد إسماعيل القيادي البارز بحزب الأمة القومي بتسيير المواكب وحق التظاهر السلمي للمواطنين مشيراً الى أن ذلك حق كفله الدستور، وكل المواثيق الدولية حتى الكتب السماوية تحدثت عن الحرية، لكن في حدود المعقول، حرية ليست مطلقة، بل لها حدود يجب أن لا يتجاوزها المتظاهرون، وأضاف أن المشرع السوداني نظم هذا الحق وجعلها ينظم بتنسيق وتعاون بين أجهزة الحكومة وأصحاب الحق الذي يكون في الإطار القانوني لذلك.
وأضاف صديق: كل القوانين السودانية تعمل على حماية المتظاهرين وألزمت الحكومة أجهزتها الشرطية بحماية التظاهرات وأن تعمل على تمكين المواطنين للتعبير عن إرادتهم الحرة لافتاً الى أن انفراط الأمن لعدم وجود توافق بين الطرفين المتظاهرين والأجهزة الأمنية جازماً حسب المتابعة انحراف بعض المتظاهرين عن المسارات والاعتداء على الشرطة والتحرش بهم والتعدي على الممتلكات والخاصة هو سبب فض التظاهر واستخدام البمبان الذي أصبح في يد بعض المتظاهرين، مؤكداً على أن هذا السلوك أخرج المظاهرة من السلمية الى إطار العنف، لذلك العنف سيقابل بعنف من الطرف الثاني من أجل حماية نفسه وممتلكاته، ودعا الفريق صديق الكل للالتزام بالقانون حتى ينظم هذا الحق بالطرق القانونية، ومن يخرج عن السلمية يعاقب بالقانون، وأشار الى أن استخدام الشرطة للقوة المفرطة غير صحيح ومن المفترض استخدام الحد الأدنى للقوة التي تمكن من المحافظة على الممتلكات والأرواح بالإضافة الى وجود وكلاء نيابة أثناء التظاهرات بالإضافة الى أنه يجب أن يكون هنالك توافق بين المتظاهرين في حق التظاهر وحماية الممتلكات.
يجب تحديد ميادين للتظاهر في العاصمة المثلثة
أكد اللواء شرطة طه جلال الدين حاج علي أنه لا يوجد شيء يسمى تعامل مفرط أو غير مفرط في فض التظاهر جازماً بأن استخدام القوة محكوم بقوانين ولوائح وأضاف أن في حالة تفعيل القانون، كل جهة ستعرف دورها جيداً لأن استخدام القوة في القانون ليس لديه تعريف محدد خاصة في الحالة السودانية الماثلة أمامنا، لافتاً الى أنه خلال هذه التظاهرات المتكررة قد تُستغل من بعض الجهات والمندسين، ولديهم أغراض، خاصة بعد العلاقة التي أصبحت غير حميمة ببن العسكر والمدنيين، وبعض الأبناء الذين ينادون بالمدنية يفتكرون كل شخص لابس كاكي هو عدو بالنسبة له. وأكد على أنه يجب أن تحدد المهام والاختصاصات لفض التظاهر بعد أن أصبحت عدة جهات أمنية تفض التظاهرات، فالمعروف في كل الدول المسؤول عن فض التظاهرات هي الشرطة من أجل حماية المتظاهرين، ويجب أن تخصص بعض الميادين في العاصمة للمحتجين والتظاهر من أجل حمايتهم وحتى تتمكن الشرطة من معرفة عددهم وترفع مطالباتهم للجهات المعنية بالإضافة الى تحديد مسارات معروفة تتجه نحو أماكن معينة غير سيادية أو أماكن عامة مثل الأسواق والمحلات التجارية بالتوافق مع من يقومون بقيادة التظاهرات والشرطة.
الأجهزة الأمنية استخدمت أسوأ أنواع القمع ضد المتظاهرين السلميين
قال القيادي بتجمع المهنيين حسن فاروق إن الأجهزة الأمنية استخدمت أسوأ أنواع القمع ضد المتظاهرين السلميين وهذا يؤكد أنه ما زال نظام البشير قابضاً على السلطة لافتاً الى أنه لا توجد أسباب تجعل الشرطة تقوم بكل هذا القمع الذي أدى الى وفاة بعض المتظاهرين مؤكداً أن الأشخاص الذين خرجوا وسلاحهم الكلمة والسلمية لا يحملون سلاحاً أو أدوات تبادل بها مع هذه الأجهزة النار، وجزم بأنهم سيستمرون في التظاهر حتى يسقط هذا النظام الانقلابي، وأكد على أنه لا توجد حلول أخرى، احتجاجات وتظاهرات فقط، حتى السقوط بالسلمية.
الانقلابيون لم يجدوا أمام الجماهير خياراً غير السِّباحة في بحر الدم
قال رئيس حزب المؤتمر السوداني عمر يوسف الدقير إن الانقلابيين لم يجدوا أمام النهوض الجماهيري السلمي الباسل خياراً غير السِّباحة في بحر الدم دفاعاً عن سلطتهم المحكوم عليها بالسقوط بأمر الشعب ومنطق التاريخ، فأطلقوا مرةً أخرى شهوة العنف الجبان من عقالها وبلغوا مع سبق الإصرار والترصد حدّ كسر الأبواب واقتحام البيوت والمشافي، ومنع الجرحى من ركوب سيارات الإسعاف.
ولفت إلى أن سلطات الانقلاب تعقبت نعوش الشهداء وهي محمولة على أكتاف المشيعين، وأضاف: كما قاتلٍ يريد التأكد من إنجاز مهمته.
وقال الدقير في تصريح إن الشهداء هم النّاجون من الموت، بينما الموتى هم هؤلاء الأحياء اللائذون بجدار الانقلاب المائل، والذين لم يروا في سكين الانقلاب المسمومة التي تذبح شعبهم غير مقبضها الذهبي.
استيراد أفضل الأدوات للتعامل مع المظاهرات وتدريب قوات الشرطة
ورجح المحلل السياسي الدكتور الفاتح محجوب عثمان العنف المفرط في التعامل مع المظاهرات لقلة الخبرة، فالعالم المتقدم ابتكر أساليب متنوعة للتعامل مع المظاهرات وإيقافها في شوارع بعينها، لكن الأجهزة النظامية السودانية بسبب العزلة التي عاشها النظام السابق افتقرت للأدوات المناسبة وأيضاً للتدريب الجيد الذي يجعلها قادرة على التعامل مع التظاهرات وفق القانون الدولي والوطني الذي يحترم حق المواطنين في التظاهر ويحفظ في ذات الوقت مقرات الدولة الرسمية من أن يصلها المتظاهرون أو يحتلونها.
كما أن اللجوء للجيش والدعم السريع وهما جسمان مدربان على القتال وليس فض التظاهرات أمر غير مقبول وغير سليم، فالحل يكمن في استيراد أفضل الأدوات للتعامل مع المظاهرات وتدريب قوات الشرطة على استخدامها مع التزامها الحازم بالقوانين التي تحمي التظاهرات السلمية واكتفاء الجيش والدعم السريع بحراسة مقرات الدولة الرسمية فقط والابتعاد قدر الإمكان عن الاحتكاك بالمواطنين.
الخبير القانوني محمد المنتصر قال إن محاولات قحت المستميتة اللعب بالشارع واستخدامه فزاعة ضد المكون العسكري بهدف إحراز أهداف في شباكه، وأكد المنتصر أن عدم إحراز تقدم ملموس في البلاد سببه، انصراف قحت عن قضايا الوطن والمواطن واهتمامها ببث الكراهية وسط مكونات المجتمع والسعي المستمر لشيطنة المكون العسكري لتمرير أجندتها ومصالحها في الاستحواذ على السلطة، وأضاف: أضاعت وقتاً ثميناً في الصراع على السلطة وراهنت على الشارع وبعد أن رفضها الشارع وفقدت رهانها بدأت تطرح المبادرات في محاولة لإيجاد وسيلة للعودة للسلطة، مبيناً أن قحت كانت في الشارع عندما كان الشارع يثق فيها والآن فقدت ثقة هذا الشارع لذلك لجأت إلى استخدام الحيل والأساليب الفاسدة للحصول على السلطة مرة أخرى تحت غطاء المدنية والمبادرات.
اليوم التالي