عندما تبخر الحلم المصري في قناة جونقلي..

لا حياة لمصر إلا بنبض النيل المتدفق من الجنوب الذي كان وحدة واحدة قبل الإنفصال ليصبح جمهوريتين.

من المؤسف بدأت مصر في حفر قناة جونقلي خلسة وفي ذهن قادتها في ذلك الوقت يمكن إنجاز المشروع في اقصر وقت لذلك كانت لا تعنيهم وحدة السودان او مصلحة اهله المتمثلة في التنمية وما يمثله الري المصري في السودان من علامات إستفهام كثيرة حتي وقت قريب.. وما هي ضرورة وجوده بشكل مبالغ فيه وبلا عمل ملموس حسب الإسم والوظيفة.؟

إن صدقت النوايا في ذلك الوقت فكان بمقدور مصر لعب دورا كبيرإً في الكثير من الملفات السودانية التي عصفت به وبوحدته.

كل التقديرات المصرية كانت خاطئة والفرضية ان يصبح الحال كما هو عليه في السودان حتي يكون المخزن الإستراتيجي لمصر متى ارادت ذلك.

من المؤسف اثبتت الايام فشل هذه الفرضية ولم يصبح عالم اليوم كالامس وتبدل الحال وتغييرت مراكز القوى في العالم والإقليم واصبحت كل القضايا دولية لا يمكن حصرها في الإقليم, وجاءت مصر في كل قضايا السودان كالمتفرج ونيفاشا التي قسم بموجبها السودان ليست ببعيدة وهي خير مثال لذلك.

لأهمية قناة جونقلي كان علي مصر بذل الغالي والنفيس من اجل إقامة هذا المشروع الذي يوفر معظم فاقد مياه النيل الذي يمثل اكثر من نصف المياه المتدفقة شملاً.

بإقامة هذا المشروع ستقوم مشاريع زراعية ضخمة في الجنوب نتيجة لإنحسار المياه من اخصب الاراضي واجود انواع التربة علي الإطلاق وصالحة لزراعة العديد من المحاصيل وعلي رأسها الارز وقصب السكر.

تبخر الحلم المصري مع مياه جونقلي إلي السماء عندما ادارت ظهرها حين اقتتل الاشقاء لربع قرن من الزمان افضى لإنفصال, وانتج حروب اخرى اعمق واخطر حتي علي النيل نفسه, والسودان الذي تبقى تنهش جسده الحروب وشبح مزيد من التشظي والإنقسامات الاخرى ماثل..!

رأيت الحفار العملاق وكل الآليات التي كانت تحكي عن قصة حلم لم يكتمل بعد بأم عيني مجسدة فصل من الفصول لم ولن يتكرر قط.

تاهت مصر عندما اهملت مشروع بهذه الاهمية ولو كانت حساباتها متساوية في المنفعة والمصلحة لأهل السودان وشعبها جميعاً لكان قد رأى النور هذا المشروع الذي يعيد الشباب في جسد النيل الذي اعياه طول الترحال عبر العصور وخارت قواه في بطاح جونقلي..!

ليس بمقدورنا ان نحدد لمصر اولوياتها ولكن مصالحنا المشتركة والمصير الواحد المتمثل في جريان النيل يدفعنا للتنبيه بأن مصر في حاجة ملحة للإستثمار في كل المشاريع التي تبعث الحياة والشباب في جسد نهر النيل ولإعتبارات كثيرة ظلت مصر الدولة الوحيدة في الإقليم تنعم بالإستقرار في الوقت الذي تفتقده كل دول حوض النيل, ولها القدرة في خلق ظروف افضل في محيطها.

انفقت مصر مليارات في حفر تفريعة قناة السويس الجديدة وتغض الطرف عن حرب تدور رحاها في دولة جنوب السودان الوليدة ولم تكن شظاياها ببعيدة عن القاهرة ما دام النيل يشهد علي هذه الماسآة التي اصبحت حرب عرقية تفسد الارض, وحين تختلط الدماء بمياه النيل الخالد ستكون الرسالة هي الموت لشمال الوادي الذي يتطلع بحياء إلي الشمال وضفته الاخرى, ويتعالى بالنظر جنوباً وإن كلفه كبريائه شريان الحياة.

وادي النيل في حاجة ملحة للسلام وعلي الجميع العمل من اجله , ويبقي السلام بالتنمية والإعمار, والمصلحة العامة في سلام حقيقي وإخلاص للنوايا.

تكمن حياة الشعوب التي تعيش علي حوض النيل في الصدق والتعاون المشترك ورعاية مصالح الكل بقدم المساواة بعيداً عن الانانية وحب النفس وتفضيل المصالح علي الآخرين, وعلي الجميع ترتيب اولوياته حتي تتضح الصورة القاتمة .

خليل محمد سليمان

[email][email protected][/email]

تعليق واحد

  1. وهل سالت نفسك يا خليل ما هي الاضرار والنتائج السلبيه لقناة جنقولي ام كل ما يهمك هو مصلحة مصر وزيادة حصتها من مياه النيل,,,

    وهل سالت نفسك يا خليل كم كانت تكلفة قناة جنقولي مع العلم بان حكومة النميري كانت ستشارك مصر بنصف تكلفة المشروع ,,والذي لم ولن يكن من اولويات التنميه في بلادنا,

    لا حوجة للسودان في مياه جنقولي لاننا في الاساس لانستهلك كل حصتنا المائيه من مياه النيل ويذهب جلها هدرا لمصر ومجانا,,النميري قبل وساهم في مشروع جنقولي ارضاءا لمصر التي لا يستطيع احد من حكامنا ان يرد لها طلب حتي وان ادي ذلك لنتائج كارثيه في بلادنا!!

    اعترض الدكتور جون قرنق علي مشروع جونقلي وهو الخبير الزراعي لان نتائج ذلك المشروع كانت ,,ستكون كارثيه علي اهل الجنوب واغلبهم من الرعاه لان تجفيف المستنقعات كانت ستؤدي الي نتائج كارثيه للمراعي مما يؤدي لحروب وتقاتل بين الرعاه في الجنوب ,,

    ايضا تجفيف المستنقعات ستكون عواقبه كارثيه علي الثروه السمكيه والتي تعتمد عليها القبائل التي تقطن حول المستنقعات في غذائها وتسويقها في الجنوب وفي شمال السودان والاسماك المجففه او الكجيك ياتي اغلبها من تلك المستنقعات,,

    لا احد يدري نتائج تجفيف المستنقعات علي المياه الجوفيه في غرب وشمال السودان,

    ذكرت ان قناة جنوقلي كان سيتبعها قيام قيام مشاريع رزاعيه ومن بين المحاصيل التي ذكرتها الارز وهذا امر عجيب لان محصول الارز يحتاج لمياه المستنقعات لنجاحه وليس تجفيفها,,

    يتحدث هذا الخليل عن مصر وكانها دولة عظمي وعن انحسار دورها في دولتي السودان وان مصر كانت ستمنع انفصال الجنوب من الشمال وان مصر كانت ستجعل من السودان زرعا وخضرة!!
    يا خليل لا اريد ان انعتك بصفات ربما يتولي امرها اخوتي من المعلقين,,ولكن دعني اذكرك ان مصر لن يكون لها دور في السودان المستقبل بعد زوال حكم الانقاذ الكارثي وهلاك ما تبقي من جيل الا ستقلال من ساسة وصحفيين ومن تبعهم ممن تشبعوا بشعارت زائفه وحدة وادي النيل ورباط الدم والعلاقات الازليه وشمال الودادي وجنوبه,و

    سودان المستقبل لن يعلو فيه صوت فوق صوت مصالحنا ورفاهية ابناء شعبنا فلقد ولي زمن المجاملات والانبطاح لغير رجعه,,,

  2. فاقد التبخر في بحيرة السد العالي حوالي ١٠ مليار متر مكعب في السنة. فهي بحيرة في منطقة لها اعلى معدل تبخر في العالم. فما الفائدة في نقل المياه و تخزينها في مكان كهذا؟
    لا بد من اعادة دراسات الجدوى الاقتصادية و البيئية لقناة جونقلي.

  3. ياخ انت مالك ومالهم؟ بتحذر وبتنبه فيهم ليه؟ خليهم نايمين في العسل حتي ينقضي الامر وقد بدأ هذا بالفعل وكانت البداية هدم اسطورة (حق مصر التاريخي في مياه النيل) والتي اهال عليها الاخوة في اثيوبيا التراب والقادم ينبيء بالكثير… دعهم في انانيتهم التي يتعاملون من خلالها مع السودان ولكنها (بغباء) لحسن حظنا حتي يقيض الله لنا نظاما وطنيا يعرف كيف يحافظ علي حقوق السودان.

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..