الكتابة بالكدنكة

بسم الله الرحمن الرحيم
أكره ما أبغضه من خصال ..ولا أحترمه من عقليات ..هى المعتمدة على التبرير.. حيث أنها بإدمانه ..يصبح إيكال كل انواع الإخفاق مهما كانت للآخر ..ديدناً يصيب كل مشروع أو عمل بالفشل ..خاصة وأن هذه العقلية ..تبدا بالحقائق إن وجدت..ثم تختلقها في عدمها..ليكون صاحبها في منأى من السؤال..والآخرون هم الجحيم..وتصيب هذه العقلية..مجالات كثيرة في حياتنا الاقتصادية وبل السياسية .. بالإخفاق المستمر..
وقد ابتليت بالتعامل مع هذه العقلية من اسبوعين..مع شريك في محصول شتوي..أسلم نفسه لهذه الخصلة الكريهة ..فأصبح المحصول مهددأ بعدم إزالة الحشائش وبالتالي الري ..رغم توفيري له حتى المال اللازم لاستئجار من يقوم بإزالتها رغم أنها من مسئولياته..عندها وجدت نفسي أمام ساعة الحقيقة..بعد اكتشافي أمراً مهماً لم يخطر ببالي في تفكير العمال الزراعيين في المشاريع المروية ..رغم طول تعاملي بالزراعة..وهو أنهم قد برمجوا نفسهم وفقاً لطبيعة الزراعة التي اعتادوا عليها..فقد ووجهت بسؤال كأنه بديهي غائب غني ..( دي مواعيد حش !؟) فقد ارتبط العمل في الحش بالخريف..أما الشتاء ..فلأعمال أخرى..وهذه تختلف بالكامل مع طريقة تفكير المزارع في الشمال النيلي الذي يعمل بكل الأعمال في كل الفصول
ها قد تقاعس الشريك ..وبرر بأن عمال الحش لم يتجاوبوا..وهو مشغول بدوره بري حواشات قمح…عندها ..لم اعد افكر بالمحصول ..بل في كيفية تفادي الوقوع في براثن العقلية التبريرية..توكلت على القوي العزيز..ف(طرقت ) الكدنكة..أمتطيت سنين عمري التي تجاوزت الستين بفضل الله..ولم أشعر انني أنوء بها.. وعملت بمبدأ الوثوق في عمى الذراع..اكثر من رؤية العين لحجم العمل..أستعد من بعد الفجر..وأبدأ من بعد الشروق حتى سماع إقامة الظهر بمسجد القرية التي تبعد عني ثلاثة كيلومترات..أرتاح وأبدأ قبل آذان العصر بنحو ساعة..لأنتهي مع الغروب.. يوم الجمعة..حملت ملابس الجمعة معي في السيارة..وأديت الفريضة في كامل هندامي في القرية الأقرب ..وعدت للعمل ..توقفت عن الأسافير..وتركت الكتابة بالكيبورد..لأفسح المجال للكتابة بالكدنكة!
الآن بحمد الله..تم كل العمل من حش ونثر للسماد ورش للمبيدات..فقد حملت طلمبة الرش على ظهري.. وجربت نثر السماد بطريقة ( التيراب ) بكبه على كل نبته لأول مرة..أرتوى المحصول ..بعدها لا أهتم بما سينتجه..فقد أرضيت نفسي..
تبدو تجربة شخصية عزيزي القارئ..وما اشركتك فيها من قبيل التغني بالنفس ..ولكن فكر معي ..إذا تركنا التبرير ..وان المشكلة ليست منا ..بل من الآخرين ..فكم سننجز في كل مجال ؟ هل كنا سنعاقر الآلام طول هذه السنين ..بالقطع لا.
[email][email protected][/email]