تحركات في أكثر من اتجاه لا تؤتي ثمارها..الجيش السوداني يوظف أوراقه التقليدية لمساومة واشنطن

تسعى الحكومة السودانية المدعومة من الجيش إلى استغلال الظروف الراهنة لجذب انتباه الولايات المتحدة وتخفيف الضغوط الدولية المفروضة عليها. تأتي هذه الجهود في ظل إشارات واضحة من الخرطوم حول نيتها تعزيز علاقاتها مع كل من إيران وروسيا.
وفي خطوة تعكس هذه الاستراتيجية، قام وزير الخارجية السوداني علي يوسف بزيارة موسكو، تلاها سفره إلى طهران يوم الأحد. هذه التحركات تشير إلى أن السودان يمتلك أوراقًا دبلوماسية يمكنه استخدامها بمرونة، مما يمنحه القدرة على مواجهة أي محاولات دولية قد تهدف إلى فرض عقوبات أو إجراءات صارمة ضد قيادته العسكرية. يبدو أن الحكومة السودانية تسعى إلى تعزيز موقفها من خلال بناء علاقات قوية مع دول تعتبرها حليفة.
وتجدد هذه الديناميكيات التذكير بفترة حكم الرئيس السابق عمر البشير، الذي كان قد لجأ في عدة مناسبات إلى روسيا وإيران لتعزيز التعاون معهما. في ذلك الوقت، كانت الخرطوم تحاول استمالة الولايات المتحدة والضغط عليها لرفع العقوبات المفروضة على البلاد. تعكس هذه الاستراتيجية فهمًا عميقًا لطبيعة التفاعلات الدولية، حيث تسعى الدول إلى الاستفادة من تضارب المصالح لتحقيق أهدافها.
وقد يكون توجه الحكومة السودانية الحالي نحو موسكو وطهران مفيدا في تحقيق بعض المكاسب المعنوية، لكنه لن يغير قواعد اللعبة في المنطقة حسب رغبتها، لأن الإدارة الأميركية برئاسة دونالد ترامب بدأت مسارا طويلا للتفاهم مع روسيا، ومن الممكن أن يتضمن هذا المسار إيران قريبا، في ضوء النهج البراغماتي الذي يتبعه ترامب، بالإضافة إلى الحسابات المعقدة التي تحكم مواقف القيادتين في موسكو وطهران.
المسار الحالي لن يغير من موقف واشنطن التي لا تهتم بوقف الحرب في السودان، ولا تنحاز لأي من الطرفين.
إن الإشارة إلى احتمال تحويل الاتفاق السابق بين الخرطوم وموسكو لمنح الأخيرة قاعدة عسكرية على ساحل البحر الأحمر تواجه عوائق من جانب واشنطن ودول إقليمية ترفض أن يتحول هذا الممر الحيوي إلى قاعدة أو مخزن أسلحة لدول متنافسة تسعى للتمركز فيه أو قربه.
ويبدو الوضع في إيران أكثر تعقيداً، حيث تواجه طهران أزمات إقليمية متعددة بسبب تدخلاتها في بعض دول المنطقة. ولن تكون قادرة على تحمل أعباء إضافية قد تفتح لها أبواب جديدة من الأزمات، نتيجة لطموحها السابق في التواجد العسكري في البحر الأحمر عبر سواحل السودان، والذي تم إجهاضه بعد قطع العلاقات الدبلوماسية بين البلدين.
وصرح سفير السودان في إيران، عبدالعزيز حسن صالح، أن الهدف من زيارة علي يوسف والاجتماع مع المسؤولين هناك هو إطلاع طهران على آخر التطورات في السودان، والتباحث مع وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي لتعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين وتبادل الآراء حول القضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك، بالإضافة إلى توقيع مذكرة تفاهم لإنشاء لجنة للتشاور السياسي والتنسيق والتفاهم من خلال آليات العمل الدبلوماسي.
واتفق السودان وإيران في أكتوبر الماضي على إعادة العلاقات الدبلوماسية بعد انقطاع دام ثماني سنوات، لكن لم تشهد هذه الخطوة تطورات ملحوظة سوى في المجال العسكري، بعد أن وُجهت لإيران اتهامات من قوى غربية بسبب دعمها للجيش السوداني وتزويده بأسلحة متنوعة، من بينها طائرات مسيرة من طراز “مهاجر”، التي ساعدت في تقدمه مؤخرًا في الحرب التي يخوضها منذ حوالي عامين ضد قوات الدعم السريع.
وجدد السودان اتصالاته مع كل من روسيا وإيران لإيصال رسالة مفادها أن المحاولات الأميركية لزيادة العقوبات على القادة العسكريين في الجيش السوداني لن تحقق نتائج إيجابية أو تضر بهم. كما أن موسكو وطهران يمكنهما دعمه سياسيًا، دون أن يكون للجيش أي اعتبار لعواقب هذا التوجه فيما يتعلق باستفزاز واشنطن، وبدلاً من المساومة، قد تؤدي هذه التصرفات إلى فرض المزيد من العقوبات عليه.
وتنطوي زيارة السفير علي يوسف إلى طهران، وقبلها موسكو، على وجود هامش محدود للمناورة، حيث كلما حاول السودان إظهار قوته وإشارة إلى أنه يمتلك حلفاء، قام بعض الوزراء بزيارة هاتين الدولتين. هذا يدل على عدم وجود خيارات بديلة ويقلل من تأثير هذا المسار في تغيير نظرة واشنطن، التي لا تعير ما يحدث في السودان أهمية كافية لوقف الحرب أو الانحياز لأحد طرفيها، ولم تتضح حتى الآن رؤية أمريكية واضحة.
ويواجه التحذير من إمكانية تحويل الاتفاق السابق بين الخرطوم وموسكو عوائق من واشنطن وقوى إقليمية ترفض أن يصبح هذا الممر الحيوي قاعدة عسكرية لدول تتنافس.
وتسعى الحكومة السودانية إلى الاستفادة من تقدم الجيش على قوات الدعم السريع في ولايات الجزيرة وسنار والخرطوم، وتحويل ذلك إلى مكاسب سياسية قد تعزز من استقرارها وتساعد في الحصول على دعم واسع للحكومة الجديدة التي من المتوقع تشكيلها. كما تهدف لوضع عوائق أمام الحديث المتزايد عن إعلان حكومة موازية من قبل قوى سياسية وحركات مسلحة انشقت عن تنسيقية القوى المدنية والديمقراطية (تقدم)، من أجل تعزيز تلك الحكومة في المناطق الخاضعة لسيطرة قوات الدعم السريع في إقليم دارفور.
ويعتقد المراقبون أن علاقة السودان مع كل من إيران وروسيا لن تشهد تغييرات غير اعتيادية أو تغيراً في موازين القوى في المنطقة. كما أن الجيش لن يستطيع تحويل تفاهماته مع الدولتين حول تقديم مزايا عسكرية لهما في سواحل السودان إلى اتفاقات رسمية، نظراً للوضع المتوتر في البلاد وعدم احتمال استقرارها في القريب العاجل. من الممكن أن تتشكل حكومة في السودان سواء بدعم من الجيش أو بدونه، تحمل مواقف مختلفة تجاه التعاون مع موسكو وطهران.
ويؤكد المراقبون أن الأولوية الأساسية للشعب السوداني هي إنهاء الحرب المستمرة، وليس توسيعها عبر البحث عن مساعدات عسكرية من روسيا وإيران. وهذا ما تسعى الحكومة إلى ترسيخه في عقول السودانيين، حيث تدعي أن الجيش لن يخضع لأي ضغوط، سواء كانت داخلية أو خارجية، وهو المؤسسة الوحيدة القادرة على حماية مصالحهم وأمنهم، مما يشير إلى أن قوات الدعم السريع لن تتمكن من القيام بذلك.
وبغض النظر عن النتائج التي سيحققها وزير الخارجية علي يوسف في طهران، فلن تضيف أي شيء ملموس لتغيير الوضع الراهن، سواء على الصعيد السياسي أو العسكري. فمن الناحية السياسية، ليس لدى إيران نفوذ يمكن أن يساعد السودان أو غيره على الساحة الدولية. أما على الصعيد العسكري، فقد زودت إيران بعدد من الطائرات المسيّرة عبر صفقات أسلحة، ولكن الحصول على قواعد عسكرية قد يكون له تأثير كبير على وضع حكومة السودان، حيث أن هذه الخطوة تتجاوز أحد الخطوط الحمراء التي وضعتها القوى الإقليمية والدولية.
لسوء حظهم فان الروس و الامريكان على وشك الاتفاق حتى من دون مراعاة أوربا حليفة الولايات المتحدة
ولكم اسوه في افغانستان!!! الشعوب الحره لايستطيع احد تركعها!!! لا امريكا ولا روسيا ولا اوربا!!!لقد حاولت كل تلك الدول تركيع طلبه القران الكريم في حرب ضروس لامد طويل من الزمن حتي اثرت علي اقتصاد امريكا واروبا…النتيجه كانت الذل والانهزام والانسحاب وهي صاغره مهزومه رغم وجود الكرزاىات عملاء الامبرياليه!!!