نساء تابت: الواجب المُقدّم حقوق الضحايا

قضايا العنف ضد النساء، وبخاصّة أوضاع النساء فى مناطق النزاع ، وما يتعرّضن له من (عُنف جنسى ) ، و إعتداءات كثيرة وخطيرة حاطّة بالكرامة البشريّة ، وإساءة معاملتهن ، بطرق مُختلفة ، تتطلّب حساسيّة حقوق إنسان عالية فى التعامل معها ، وفهماً عميقاً لمفهوم النوع الإجتماعى ، وإدراكاً واعياً لأسباب هذه ( الظاهرة ) الخطيرة ، ونتائجها المُروّعة ، وتحتاج لعمل مُتقن ، وبذل صالح ، يتأتّى أُكله ويُترجم فى إجراءات صارمة وحاسمة وحازمة ، لمكافحة هذه الجريمة النكراء، ومُلاحقة مرتكبيها ، والتأكُّد من عدم إفلاتهم من العقاب، لكونها وصمة عار فى جبين البشريّة ، وجريمة ، لا يُمكن أن تتصالح معها النفوس السويّة … و لا شكّ فى أنّ مُناهضتها يتطلّب جهداً عالمياً ، ومن كُل الجهات المعنيّة ( محليّة / وطنية / دولية ) ، ولذلك ، فُجع كُل أصحاب الضمائر الحيّة فى السودان وفى العالم أجمع بجريمة إغتصاب نساء ( تابت ) بشمال دارفور..وقد تابع العالم أجمع ردود الأفعال المُختلفة ، على هذه الجريمة التى هزّت ضمير العالم، و التى لن تنتهى آثارها على الضحايا وأقربائهن ، بنتائج التحقيقات ، التى جاءت نتائجها – حتّى الآن – دون مستوى الفاجعة والجريمة !. فما بين ( حالات ) الإنكار السخيف ، والإعتراف الخجول ، ومحاولات التملُّص من المسئوليّة ، والبحث عن ( شمّاعة ) و ( حيطة قصيرة ) لتعليق الأخطاء عليها ، و( لولوة) مارستها كُل الأطراف المعنيّة ، بالتحقيق (النزيه ) فى الجريمة ، تضيع حقوق الضحايا ، و تُترك نساء ( تابت ) للحسرة والألم والإحباط و – من قبل ومن بعد – (الوصمة ) ، وهذا ما يجعل ملف تلك القضيّة مفتوحاً حتّى تتحقّق المُعالجة وإعادة التأهيل البدنى والنفسى ، والإنصاف المادّى والمعنوى ، والعدالة للضحايا والحماية – بمعناها الأشمل والأكمل – للنساء فى كُل مناطق النزاع المُسلّح فى السودان .
يتوجّب على كُل الأطراف والجهات المعنيّة ، مواصلة الجهد للوصول للحقيقة ، وعلينا فى حركة حقوق الإنسان السودانيّة ، الإبقاء على هذا الملف وهذه القضيّة العُظمى ، فى أولويّات أجندتنا اليوميّة ، على المستوى الوطنى والإقليمى والدولى ، وعلينا فى الصحافة الحُرّة والمُحترفة – بحق وحقيقة ? ترك قضيّة نساء ( تابت ) تحت الأضواء الكاشفة وأنوار البحث عن الحقيقة ، وأن لا نسمح – كصحفيين – لأىّ كائن أن يفرض عليها حالة ( إظلام إعلامى ) ،
يبقى أن نُشيد بدور الميديا المُستقلّة ، متمثّلة فى ( راديو دبنقا ) على القيام بواجبها ودورها على أكمل وجه ، بالنشر الجرىء فى المرّة الأولى ، وعلى إصرارها وشجاعتها فى المتابعة والتقصّى ومُحاصرة مُحاولات الإنكار و ( اللولوة ) و ( الدغمسة ) بالخبر اليقين ، فى المرّة الثانية .. وعلى الميديا السودانيّة – بالتحديد والتخصيص – يقع العبء الأكبر فى مُناصرة الضحايا !. فقد آن الأوان ، لإيجاد صحافة تعنى بالإمساك بقضايا وحقوق الضحايا ، وإظهارها فى الأعمال الصحفيّة ، لأنّها هى الأهم ، والأولى والأجدى بالنشر والمتابعة والتوثيق !..وهذا بالضرورة ، لايعنى ? أبداً – ترك أخبار الجُناة ، ومُلاحقتهم ، والتأكيد على عدم إفلاتهم من المُحاسبة والعقاب ، بتقديمهم للعدالة ، وإنّما المطلوب هُنا التركيز أكثر على قضايا الضحايا وإنصافهم … وهذا هو الواجب المُقدّم ، اليوم ، قبل الغد .. !.

فيصل الباقر
[email][email protected][/email]

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..