لماذا اسقط نداء السودان خيار المقاومة المسلحة ؟؟

في بيانها الختامي واعلانها الدستوري يوم امس، اسقطت قوى نداء السودان خيار المقاومة المسلحة من اجندتها، برغم عظم تمثيل التنظيمات المسلحة في هذا الكيان، مثل الحركة الشعبية وحركة تحرير السودان وحركة العدل والمساواة، فقد ورد في اكثر من فقرة من فقرات البيان الختامي و الاعلان الدستوري التأكيد على العمل السلمي في مقاومة النظام، دون غيره من الوسائل الاخرى مثل العمل العسكري، السؤال الذي يطرح نفسه: هل جاء هذا التوافق بين التيارين المدني و العسكري في نداء السودان على هذا المبدأ، نتيجة لغياب فصيل عبد العزيز الحلو الموجود على الارض ؟ فكما هو معلوم ان فصيل الحركة الشعبية الذي يتزعمه الحلو هو الفصيل الاوحد من الفصائل المسلحة الذي لم يبارح ارض الوطن، و ظل محتفظاً بجيشه وقوته العسكرية، كذا و مقاومته للنظام، ان تنازل فصيلي عقار وعرمان من جهة ومناوي وجبريل من الجهة الاخرى عن خيار المقاومة المسلحة له تفسيران، الاول : انهما فقدا قوتهما العسكرية على الارض، ولم يعد لهما قطعة سلاح واحدة يحملها جندي من جنودهما في وجه مليشيات النظام، ولذا آثرا اختصار الطريق المفضي مسلكه الى حضن النظام، في اقرب جولة مفاوضات مرتقبة مع المنظومة الانقاذية، خاصة وان الصادق آتٍ اليهم من عمق المطبخ السلطوي، وهو الاكثر معرفة ودراية بنوعية الوجبات التي يطبخها (شيف) القصر الجمهوري، الذي يعمل على اعدادها للقاديمن للاستوزار و الالتحاق بجوقة السلطان، لا سيما وابنه يتمتع بحضور ماثل داخل القصر الرئاسي، اما التفسير الثاني هو : ان الثنائي عقار و عرمان وبحكم خبرتهما السياسية الطويلة و حنكتهما التكتيكية، قد طغى تأثيرهما على الآخرين، فنجحوا في اسقاط خيار المقاومة المسلحة من اجندة الوثيقتين، خوفاً من ان يسقطهما النظام من حساباته، ويصل مع الحلو الى اتفاق سياسي عبر مفاوضات سريعة وخاطفة.
المراقب لتطورات مسيرة قطار الثورة المسلحة في دارفور يجزم تماماً، انه ما كان بامكان الكادر السياسي والمدني الدارفوري الوصول لبعض الحقائب الدستورية العليا في الهيكلية الحكومية للمنظومة الانقاذية، لولا اولئك الفتية الذين حملوا ارواحهم على اكفهم بداية الالفية الثالثة، فارعبوا مركزية الدولة الانقاذية في ذلك الاوان، الذي كان فيه النظام يتأهب لحسم ملف الحرب في الجنوب عبر منبري ماشاكوس و نيفاشا، بل ما كان للراحل قرنق ان يحصل على ما حصل عليه من نصيب ملك الغابة، في اتفاقية السلام الشامل النيفاشوية، لولا تلك الشرارة التي اشعلها اولئك الشباب من قمة جبل مرة، فكل هذه المكاسب حققتها فوهة البندقية، فالطغاة لا يهابون الا من يحمل المدفع، والرفيق مني اركو مناوي هو سيد العارفين، فاليرجع بذاكرته الى تلك الايام التي وصف فيها نفسه بمساعد الحلة، فتلك الحلة ما زالت تغلي على نار القصر الهادئة، وسوف تقوم بالامساك بمسواط ومفراكة تلك الحلة مرة اخرى ايضاً، اذا دخلت مع النظام في اتفاقية سلام وانت اعزلاً مجرداً من السلاح، فدويلة كتشنر لا تقيم وزناً لمن يحمل الرؤى و الافكار و العلوم، ان لم يكن مسلحاً براجمات الكاتيوشا، لقد قيل و العهدة للراوي، ان احد الصحفيين سأل الراحل قرنق بعد توقيعه لاتفاقية نيفاشا، ما هي ضمانة تنفيذ هذه الاتفاقية التي وقعتموها مع الطرف الحكومي ؟ فكان رد قرنق : جيشي .، فلولا الجيش الشعبي لما وصل شعب السودان الجنوبي الى الانعتاق من اغلال دويلة الاقلية، فاليوم كل من مناوي و جبريل وعقار و عرمان يخذلون شعوبهم التي دهستها آلة المنظومة الانقاذية، وتركتهم لاجئين و نازحين ومهاجرين و مهجّرين في ارض الله الواسعة.

اكثر من يعجبني مِن الذين ينتقدون الصادق المهدي، هو الدكتور منصور خالد، فعندما يسأل عن رأيه في الصادق يقول، ارجو ان يكون صادقاً وان يكون مهدياً، فمسيرة الصادق السياسية اتسمت بالتذبذب و الامساك بالعصا من منتصفها، وعدم اكتراثه للعمق الجغرافي الذي تقطنه الجماهير التي تدين له بالولاء، في كردفان ودارفور، فهو رجل ضعيف في طرائق حفاظه على الارث الشعبوي الذي تركه جده المهدي الاكبر، و فاشل في احتواء قضايا شعوب غرب البلاد التي أتت به فائزاً في سباق آخر انتخابات ديموقراطية في السودان، تلك الديموقراطية التي لم يعمل على الحفاظ والعض عليها بالنواجز، فتركها لقمة سائغة للاخوان المسملين فالتهموها و التهموا معها وطناً بأكمله.

من عيوب الاعلان الدستوري لقوى نداء السودان ماورد بالفقرة رقم (6)، وتعريف هذا الحراك لنفسه (بالمؤسسة) المدنية و الديمقراطية الجامعة، في رأيي ان حصر مسمى هذا الحراك في اطار المدلول الاصطلاحي المتعارف عليه من قبل اهل علم الادارة عن المؤسسة، يخصم كثيراً من استقلالية و خصوصية المكونات المنضوية تحت لوائه، فكان يستحسن ان يطلق عليه مسمى تحالف او تجمع، فمصطلح مؤسسة هذا فيه تذويب لكيانات هذه الحركات السياسية المسلحة التي لها كسبها في حقل العمل العام، في وعاء ضيّق، وانه ليس من الانصاف ادراج هذه المنظمات السياسية في جسم يشبه شركة المساهمة العامة، التي لها مساهمون و مجلس للادارة ومدير عام ومدير تنفيذي ، فيها تتنزل القرارات من اعلى الى اسفل، ليقوم المدير التنفيذي بمهمة انفاذ ما جائه من الدائرة التي تعلوه، دون ان يكون له وضعية مستقلة، في ابداء الرفض او الرأي الجامع الذي يأتيه من منظومته التي ادخلها في هذا الحيّز الضيق لهذه المسماة (مؤسسة)، ايضاً من هلامية ما جاء في هاتين الوثيقتين هو وضع جند الازمة المعيشية التي يعانيها سكان المدن السودانية قبل جند قضية النازحين و اللاجئين، هذه القضية المحورية التي تعتبر الاكثر اهمية و الاقدم، والتي لها اولوية سابقة لازمة الخبز و الغاز في البلاد، فهؤلاء النازحون فقدوا ديارهم و ذويهم و تركوا مزارعهم و بيوتهم ليعيشوا تحت ظلال الرواكيب المبنية بجوالات البلاستيك لمدى اكثر من اربعة عشر سنة، كان من الاولى ان يقوم من يمثلهم في حركتي التحرير و العدل والمساواة بالزام ادارة محضر اجتماع نداء السودان بوضع بند النازحين و اللاجئين في صدارة اجندة البيان الختامي، حتى يحفظوا لاهاليهم حقهم الادبي، وذلك يعتبر اقل تقدير يمكن ان يوفوا به لهذا النازح و ذاك اللاجيء، في قضيته العادلة التي عرف عنها القاصي و الداني.

فالقضية اجمالاً تتمحور حول الظلم الممنهج الذي أسست له الحكومات المركزية المتعاقبة، فرمزية مثل رمزية الصادق تعتبر احدى ركائز هذه الانظمة المركزية، التي لا يؤمل فيها ان تخدم قضايا اطراف البلاد البعيدة، ولو كان هنالك رجل بمقدرات قرنق في هذا الحراك السوداني المعارض، لما اتاح لرمز طائفي ان يتسيّد الناس، تماماً مثلما قام قرنق في الماضي القريب باستخدام رموز الطائفية في التجمع الوطني الديمقراطي، كجسر للعبور الى تحقيق اجندته واهدافه، فقادة الحراك الدارفوري فشلوا في هذا الامتحان السياسي، ورهنوا مشروعهم الثوري الذي سكبوا فيه نفيس الدماء و غالي الدموع ، لرجل له تاريخ عريق في الخذلان و تثبيت اوتاد واركان انظمة الحكم المركزية الظالمة في السودان.

اسماعيل عبد الله
[email][email protected][/email]

تعليق واحد

  1. احييك علي التحليل المنطقي في مخرجات نداء السودان ومزيد من الايضاح انو عقار وعرمان ومناوي فقدوا جيشهم ووجودهم العسكري وليس لديهم مايقدموه عسكريا
    المؤسف الحركات الدارفوريه المسلحه ما احترامي لقادتهم ولإنسان دارفور المكتوي بنار الظلم والتهميش بنو جيشهم عل الطائفيه القبليه الضيقه فحين كان بإمكانهم استيعاب كل الحركات في وعاء واحد لرفع الظلم على كاهل أهل دارفور ولكن بقبلياتهم الضيقه اصبحو عبئا على أهل المنطقه لأن وجودهم العسكري ضعيف لحماية مناطقهم ومواطنيهم ولهذا الت بهم الحال بما الت
    وفي هذا السانحه أحي عبدالواحد رغم أنه لايخلو من العيوب ولكنني أحيانا فيه الصمود ومبدأ الثوريه لديه وان كان وضعه العسكري ضعيف وهش
    أما عقار وعرمان
    ليس لديهم جيش فاالذي يتحدث عنه مبارك اردول إنما قله قليله من الأفراد الذين ينتمون قبليا واثنيا لمالك عقار
    التحيه والتجلي للحركه الشعبيه قطاع الشمال بقيادة الحلو
    في جبال النوبه والنيل الأزرق الصامدون الأسود الضاريه حامي الحمى وحماه الضامن للوصول لعملية تفاوضيه توافقيه يرضي الشعب السوداني وشعوب مناطق الالتماس الثلاثه جبال النوبه والنيل الأزرق ودارفور والشرق والجزيرة والخرطوم
    بالأحرى كل مدن السودان بقراه

  2. مقال موفق جداَ …. وخاصة ذكر (مؤسسة مدنية) يعني أن هنالك عاملين وجهات ممولة وقد تكون ربحية ….. يفترض ان نداء السودان جسم سياسي تطوعي..
    التحية لابطال الحركة الشعبية/ش والجيش الشعبي لتحرير السودان الأشاوس بقيادة عبدالعزيز آدم الحلو، والرفيق عبدالواحد محمد نور.

  3. احييك علي التحليل المنطقي في مخرجات نداء السودان ومزيد من الايضاح انو عقار وعرمان ومناوي فقدوا جيشهم ووجودهم العسكري وليس لديهم مايقدموه عسكريا
    المؤسف الحركات الدارفوريه المسلحه ما احترامي لقادتهم ولإنسان دارفور المكتوي بنار الظلم والتهميش بنو جيشهم عل الطائفيه القبليه الضيقه فحين كان بإمكانهم استيعاب كل الحركات في وعاء واحد لرفع الظلم على كاهل أهل دارفور ولكن بقبلياتهم الضيقه اصبحو عبئا على أهل المنطقه لأن وجودهم العسكري ضعيف لحماية مناطقهم ومواطنيهم ولهذا الت بهم الحال بما الت
    وفي هذا السانحه أحي عبدالواحد رغم أنه لايخلو من العيوب ولكنني أحيانا فيه الصمود ومبدأ الثوريه لديه وان كان وضعه العسكري ضعيف وهش
    أما عقار وعرمان
    ليس لديهم جيش فاالذي يتحدث عنه مبارك اردول إنما قله قليله من الأفراد الذين ينتمون قبليا واثنيا لمالك عقار
    التحيه والتجلي للحركه الشعبيه قطاع الشمال بقيادة الحلو
    في جبال النوبه والنيل الأزرق الصامدون الأسود الضاريه حامي الحمى وحماه الضامن للوصول لعملية تفاوضيه توافقيه يرضي الشعب السوداني وشعوب مناطق الالتماس الثلاثه جبال النوبه والنيل الأزرق ودارفور والشرق والجزيرة والخرطوم
    بالأحرى كل مدن السودان بقراه

  4. مقال موفق جداَ …. وخاصة ذكر (مؤسسة مدنية) يعني أن هنالك عاملين وجهات ممولة وقد تكون ربحية ….. يفترض ان نداء السودان جسم سياسي تطوعي..
    التحية لابطال الحركة الشعبية/ش والجيش الشعبي لتحرير السودان الأشاوس بقيادة عبدالعزيز آدم الحلو، والرفيق عبدالواحد محمد نور.

  5. لأن نداء السودان من صنع البشير وعصابته ودليل آخر هو ترؤس المهدي لهذا الكيان المدسوس

  6. وما جدوي العمل المسلح والبشير وعصابته امنون في الخرطوم؟
    العمل المسلح التقليدي لم يؤد الا لبؤس قطاعات واسعة من المدنيين في مناطق النزاع
    وادت الي تنمية الجهوية والقبلية
    وحتي حركة الحلو لم تعد فاعلة لانها محصورة وسط جبال وتقتات علي ذكريات معارك مضت
    نداء السودان هو تجمع المهزومين

  7. لأن نداء السودان من صنع البشير وعصابته ودليل آخر هو ترؤس المهدي لهذا الكيان المدسوس

  8. وما جدوي العمل المسلح والبشير وعصابته امنون في الخرطوم؟
    العمل المسلح التقليدي لم يؤد الا لبؤس قطاعات واسعة من المدنيين في مناطق النزاع
    وادت الي تنمية الجهوية والقبلية
    وحتي حركة الحلو لم تعد فاعلة لانها محصورة وسط جبال وتقتات علي ذكريات معارك مضت
    نداء السودان هو تجمع المهزومين

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..