مشانق الغاردينيا

المَوتُ مُجَابَهةُ الحَيَاةْ المُستَكِينَة ، وحِيلَتَها

فِى كُلْ مَوطِئٍ يَستَلُ زَهرَة بِلَونِ الرَمَادْ ، الصَوتُ المُنشَقُ كَبِيراً يَكُونْ ووحَدهُ يَشُقُ الجَبَلْ ، لَهفَةُ الغَابَة تُبَعثِرُهَا فَراشَاتُ آخَرِ النَهَار ، تَركُضُ الغَابَة خَلفُ الفَراشَاتْ فَتَجنِى الرُكَامْ ، مِنْ خَلفُ الغُبَار تُطِلُ الغَاردِينيَا بِحُزنٍ مَلائِكى ، كَاشِفَة للبُطُولَةِ عَنْ ثَغرَاتِهَا المُتَسِعَة ، فَتَخبُؤ وتُعِيدُ رَسمْ طَريِقٍ للهَزيمَة والإِرتِفَاعْ ، هَكَذا البُطُولَة الى مَثوَاهَا الضَيقْ دُونَمَا مَسَارِحْ او أَنقَاضْ ، قَالوا : كُلْ صَبَاحٍ تَارِيخْ وحَداثَة ، كَانَ صَبَاحُ اليَومِ مَاضِيَاً ، لِمَنْ نَكتِبُ التَارِيخْ ؟ ، لِمَنْ يَشرِقْ الصَبَاحْ ؟ ، نَدفِنُ امَانِينَا ونُهِيلُ التُرَابْ للتُرَابْ ، الدَفـنْ : سُخرِيَةُ الحَيَاةِ مِنْ ذَاتِهَا ، اَولُ المَوتْ وآخِرهِ ، الدَفنْ : نُقُوشْ الذَاتْ ومِلحْ الآخَـرْ ، لَكِنَ الزَهَرُ لا يَمُوتْ ، الزَهرُ : إِنسِلاخُ الطُفولَةِ مِنْ مَنبَتِهَا ، يَا للمَأزِقْ ، اُشبِهُ تِلكَ الأُخرى ، المِرآة لا تَعكِسُ الحَقَائِقُ أَبَداً ، كُلْ الإِنعِكَاسَاتْ إِنعِكَاسُ مَنْ يَقِفْ خَلفَكَ ، إِبتِسَامَتهُ ، عُبوسَهُ ، تَجَاعِيدهُ ، عَينَاهُ ، وتِلكَ النِهَايَة ، انَا كِفَايَةُ التَشّبِيهْ ، إِيذَاءُ مَنْ يَقِفْ خَلفِى ، هِوايَتى اَنْ لا أَرَاهُ ، اَلمِسَهُ فَقطْ ، اتَشَمَمُ ذِعرهُ فَأنتَشِى ، مَا اَجمَلَ اَنْ نَنتَشِى بِالذِعرْ ، ثِمَةَ فَخْ يَتَصَيدُ فَرَائِسَهُ بِقلَقٍ ووَدَاعَه ، ثِمَةُ فَريِسَة تُطَارِدُ خَيَالهَا ، القَدرُ يَظُنُ ذَاتِهُ صَيَاداً ، يَجُرُ الغَاردِينيَا لمُحَاكَمَة ، يُكَبِلُ قَدمَيهَا وشِفَاهُهَا ، تُشَقِقَ الهَواءْ مِنْ ثِقَلِ زَهَرِ الغَاردِينيَا ، كَدمَاتٍ اصَابَتْ الأَرضْ بِمَا يُشبِةُ المِحنَة ، وبَعِيدَاً بَعِيدَاً عَينُ الرَسَامِ اطلَقَتْ سِهَامُهَا ، سَهمُ اَولْ اصَابَ القَدمَينْ بِنَزيفٍ مُدهِشْ ، ومِنْ كُلْ الدِمَاءْ حَرَكَ فُرشَاتِهِ السَاكِنَة ، كَسِحَابٍ يَتَهَادى بِالمَسِيرْ ، يُصِيبُ السَمَاءْ بِالفتُورِ والمَلَّلْ ، فَتَصرُخْ ، تَسَاءلتْ اى ذَنبٍ لَطَخَ الأَبيَضْ ، هَلْ إِتَسَخَ هُو الآَخَرْ ؟ تَهتِفُ بِهَلعْ ، أَيهَا المَأزِقْ رَتِبْ لى ضِفَافَاً مِنْ حِيرَة ، لأَستَريِحْ مِنْ وَصفِ القَلقْ ، هَا هِى الأُنثَى تَخرٌجُ أُنثَى ، والهَبَاءُ هَبَاءً ، نُودىَ عَلى الشَاهِدِ الأَخِيرْ ، دَائِمَاً الأَخِيرْ بِدَايَةُ للمَوتْ ، النِهَايَة بِدَايَاتُ النَهَارْ ، الأَخِيرْ تَقَدمَ خُطوَةُ فِى الحِيرَة ، وخُطوَتَانْ مُتَلعثِمَاً يَجُرُ أَذيَالُ الجِرَاحْ ، تَسَاءلتْ هَلْ أُجِيدُ دَورُ الفَريِسَة ؟ ، هَلْ تُجِيدُ الهَزيمَة نِهَايتَها ؟، ثِمَةُ خَدشٍ بِأسوَاقِ الغَابَة ، يَنزِفُ المَشِيئَة كَألوَانِ اللوحَة ، هُناَكَ فنَانُ لا يَنطِقُ إِلا اللونِ هَاربَاً مِنْ كَمَائِنْ الأَلمْ ، يُثِيرهُ دَمُ الضَحِية النَازِفْ ، فَينزِفُ رَسمَاً يَشتَهى الضَيَاعْ ، ذَاكَ القَيدُ جَمِيلاً يَكونْ حِينَ يُحَاصَرْ بِالوَرقَة ، حِينَ يَرسِمُ فَلا يَعودُ لَه أَزيِزُ القِطَاراتِ المُمِلْ ، القَيدُ : وَقتُ الخَلوَةِ بِذاتُهَا ، صِيَاحُ الغَابَةِ ونُفورِهَا ، دَائِمَاً ثِمَةُ ضَحِيَة وجَلادْ ، الا يَتَشَابَهونْ ؟ مَلامِحَهُمْ ؟ ، جُفونِهمْ؟ ، أَذرعِهمْ ؟ ، وتِلكَ الأَسنَانُ الصَفرَاءْ ؟ ، ثِمَةُ غَاردِينيَا تُنَاجِى لَونَاً ، فَـنَاً ، كَـلِمَة وهَزيمَة ، ثِمَةُ مَعنىً يُجَادِلُ الحَيَاةْ ، الحَيَاةُ : جِسرُ أَغلالٍ يَنفِثُ رَمَاداً ، الأَغلالُ : مُجَابَهةُ اللوَنِ للوحَةْ.
فُكَاهَة : تَصعَدُ الغَاردِينيَا لإِنتِحَارهَا ، تَجلِسُ بِالسُخريَةِ ذَاتِهَا المُرتَسِمَة عَلى شِفَاهَها ، تَنظُرُ نَاحِيةُ الفَنانِ فَلا تَراهُ ، تَنكَفِئُ عَلى الحَياةِ بِعشّْقٍ أَجوَفْ ، تَصمُتْ بِرَائِحةِ نَبِيذٍ عَتِيقْ ، الكُرسِى : مَلحَمةُ التَهَافُتْ فِى النُبؤةْ ، مَا الرؤيَا غَيرُ أَجدَاثٍ تَنتَظِرنَا ، مَا الكُرسِى غَيرُ إِنتِظَارُ آخَر ، بِصعُوبَة تَتَمَايَلُ فِى حِيرتِهَا ، حَيثُ نَوافِيرُ العَراءْ تَحتَرقُ بِالردهَة ، هُناَكَ تُصلَبُ العَدالَة بِمَسَامِيرِ الحِكمَة ، تَتَمَازجُ بِالبُكَاءْ ، يَقفُ العَراءْ مَـشدُوهَـاً ، يُغمَى عَليهِ مِنْ فَرطِ الوسَاوسْ ، الهَضَبة تَركُضُ للمُحَاكمَة فَيتَسَاقَطُ عَرقِهَا نَاصِعَاً ، تُؤجلُ مَواعِيدْ زِيارتِهَا لهَضَبةٍ صَديقَة ، تَجِئُ مُتَأخِرةً بِثقَلِ الوَقتْ ، تُدَوزنُ الأَلمْ كَنُورٍ يَنتَحِرْ ، تَعتَلى كُرسِيهَا وتَشهَقُ ، الآنْ بِدايَة الفُكَاهَة ، بِدايَة الإِنفِجَار ، تَصِيحُ بالهِضَابُ الأخرى لتَصمُتْ فَلا تَصمُتْ ، يَتعَالى عَويِلهَا فتَختَلطُ بِالعَويِلْ ، تُكَلمُ الشَاهِدُ الأَخِيرْ خَارِجَاً مِنْ بَراثِنْ العَدمْ ، يُرسِلُ صَوتَهُ لأَذانِ اللوَحَة ، يَسقُطُ الكَلامَ ثَقِيلاً كَالأصفَرْ ، القَاعَة : إِحتِقَانُ الأَصفَرْ ، إِحتِقَانُ القُلوبِ الهَجِينْ ، بِالثَالِثَة يَقتُلُ الصَمتْ الأَعنَاقْ ، يُدثِرُهَا بِالتُرابِ والمِعَّولْ ، الهَضَبَة : ضَجَرُ الظَالِمْ ، تَرفِسُ (لَمْ) فَتَنزِفُ نَزفَاً يَخرجُ بِالظَلامِ شَريِدَاً ، يَتَقَدَمُ الأَخِيرْ وحِيدَاً ، مَسكُونَاً بِالعُزلَة والتِيهْ ، الذَبَائِحْ : لِذَة النَسَيَانْ ونَسَيَانِهِ حِينَمَا يَغرَقُ بِالكَلامْ ، القَاعَة : صَخَبُ الحُضورِ الفَاتِرْ ونَحِيبَهمْ ، لتَذهَبْ الغَاردِينيَا لمَشَانِقٍ يَحمِيهَا الشَّرْ ، الغُرورْ ، الإِستِغرَاقُ والسُّمْ ، بِالنِفَاقِ ذَاتِه تَهتُفُ الهِضَابْ بِقَلمُ الرصَاصْ : تَعَالَ إِسَّكُبْ ليلكَ الأَليفَ عَلى مَحَطَاتِ الإِنتِظَارْ وإِستَرحْ ، عَلِقُوا المَشَانِقَ عَلى بَوابَاتِ المَدينَة الحَائِرة ، عَلِقُوهَا جَيدَاً ليَتَدلى الجَسَدْ كَأرجُوحَة ، شِدوا أَوتَارَ الذَبَائِحْ حتَى يَختَنِقْ الغُبَار ، إِنهَبُوا الجُثَة ، هنَا يَصمُتونَ قَليلاً ، يُذهَلونْ ، يَتَسَائَلون عَنْ أَيهِ جُثَة ؟ ، المَشَانِقُ فَارغَة إِلا مِنْ حُطَامٍ وثَرثَرة ، المَدينَة تَنَامُ مُبكِراً لتَصحُو مُتَأخِرة ، هنَا تَنقَلِبُ مَوازيينَ الكَونْ ، تَطرحُ مَثَاقِيله إِفرَازَاتِهَا أَرضَاً ، تَتَذوقُهَا الهِضَابْ وتَتَقئ ، يَا للمَأزِق ، تَنطَفِئ الحِيرَة بِأذهَانِ الجَمعْ الغَاضِب ، تُطفِئ ذَروةُ الإِرتِفَاع عَاليَاً نَحو قِمَمْ المَشَانِق المُتَهَدلة ، القِمَمْ أَنيَابُ كَلبٍ يَنبَحُ بِالظَهيرة ، ولهَا لُهَاثُ يُفرزُ لُهَاثَاً مُتَقطِعْ الجَانِب ، ولهَا تَعدو الغَاردِينيَا مُحَمَلة بِعبءِ الجَسَدْ المَفروشْ ، بِعبءْ صَلاةِ الأُذنِ ويَدُ الرَسَام المُرتَعِشَة ، بِعبءْ اللوَنِ والفُرشَاة ، بِعبءْ الدَفنِ والخَرائِبْ ، كَأنَمَا تَعطِسُ مَشانِقُهَا ، كَأنَمَا تَرفِسُ هِى الأُخرى ، يُغَادرُ الأَخِير أَزِقَة الأَرَقْ دونَمَا مَتَاع ، يُغَادرُ قَلَمْ الرصَاص ليُصلَب الآَخَر ، فقَلَمُ الرصَاص يَقتُلهُ الرصَاص ، تَقتُلهُ الحِيرة والبَعِيدْ ، بِقَليلٍ مِنْ الإِرتِبَاك تُغَادرُ الغَاردِينيَا قِمَمْ المَشَانِق ، تَغيِبُ بِالأَرائِكْ ، تَحشُو بهَا قَلقُ الأَصَابِعْ ، تَستَفِزُ اللون فَيُغَادِر القَاعَة بِصَخَبٍ أَعرفَهُ جَيدَاً ، تَتَشَبَث الهَضَبة بِالعَدالة ، تَجُرهَا أَمَام أَجنِحَةِ الحَمَام ، تَطِيرْ ، الكُلُ يُغَادر ، الكُلْ حَزيِنْ ، الكُلْ مَصلوبُ بِمَشِيئَة ، وحَدهَا المَشَانِق بِالفُكَاهَة ذَاتِهَا تُعَلَقْ بين مَظلومٍ ورَبّْ.

مروة التجانى
[email][email protected][/email]

تعليق واحد

  1. اقطع لساني لو فهمت حاجة المهم( والخَرائِبْ ، كَأنَمَا تَعطِسُ مَشانِقُهَا ، كَأنَمَا تَرفِسُ هِى الأُخرى ، يُغَادرُ الأَخِير أَزِقَة الأَرَقْ دونَمَا مَتَاع ، يُغَادرُ قَلَمْ الرصَاص ليُصلَب الآَخَر ، فقَلَمُ الرصَاص يَقتُلهُ الرصَاص ، تَقتُلهُ الحِيرة والبَعِيدْ ، بِقَليلٍ مِنْ الإِرتِبَاك تُغَادرُ الغَاردِينيَا قِمَمْ المَشَانِق ، تَغيِبُ بِالأَرائِكْ ، تَحشُو بهَا قَلقُ الأَصَابِعْ ، تَستَفِزُ اللون فَيُغَادِر القَاعَة بِصَخَبٍ أَعرفَهُ جَيدَاً ، تَتَشَبَث الهَضَبة بِالعَدالة ، تَجُرهَا أَمَام أَجنِحَةِ الحَمَام ، تَطِيرْ ، الكُلُ يُغَادر ، الكُلْ حَزيِنْ ، الكُلْ مَصلوبُ بِمَشِيئَة ، وحَدهَا المَشَانِق بِالفُكَاهَة ذَاتِهَا تُعَلَقْ بين مَظلومٍ ورَبّْ ) الكلام ده بشبه اغاني مصطفي سيد أحمد – ربنا يرحموا

  2. شُكراً.. شُكراً.. أيتُها.. الرائعة..الشفيفة والصلبة معاً.. كقطعة الماس تماماً ، رغم تعقيد جدلية.. العلاقة بينهما!، المُناضل يؤطر العلاقة الحميمية حتى مع البندقية، ويعيش رومانسياً أيضاً مع الزنزانة…!! وكطائر (الفينيق) كما في الأسطورة الإغريقية.. يخرج من تحت الرماد، بعد الإحتراق وظن الفناء..ومهما أدهشتَّه بمجادلة الإختلاف يرد الدهشة!! “بأحسن منها” وتعلو ثغره إبتسامة وبمنطق علمي جدلي يفحم بواقعية.. مُحببة.. لك الحضور هنا.. بذائقة مبدع تشكيلي، ذُو لمحة بصرية ثاقبة تجاه الصورة و مزج الالوان بدرجاتها المختلفة.. وتفسير الفراغ برؤية صوفي متأمل.. في أفق الجمال الممتد .. وطبيهة الأشياء.. وتشخيص الجانب المُضيء في الإنسان.. (الغاردينيا).. رمز بالغ الدلالة (للمُرمز) ورائحة عائلة الياسمين- الفواحة الزكية، نافذة بقوة .. تخترق الكلمات و تطوي المسافات وتُقرب الأمكنة.. وخضرتها النضرة بشارة الأمل الآتي الأجمل.. و تراكم تربيتها المُضني يجسد فعل الصمود.. وعشقا للضوء.. يُجسد قيمة الحرية.. شكراً
    ودي،،

  3. يبدو ان هناك اهتمامات اخري … البدايه والنهايه الامل والخوف والرجاء النهار والليل والثوره والاستبداد الذي يسكن روح الجميع ضحايا وجلادين… الميتافيزكس والوهم هي مساحه تتحرك فيها الريشه لترسم حكاية الانتصار من بين ركام الهزيمه…تحياتي.

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..