الرئيس البشير.. ومواعيد عرقوب

الرئيس البشير….. ومواعيد عرقوب

عمر موسي عمر – المحامي
[email protected]

يوم حزين لن ينسي هذا اليوم الذي تلي فيه رئيس برلمان حكومة جنوب السودان إعلان الإستقلال أو الإنفصال عن السودان وأدي فيه الفريق سلفا كير ميارديت القسم كأول رئيس لحكومة جنوب السودان .. سيظل هذا اليوم منقوشاً في ذاكرة الشعب السوداني يتوارثونه جيلاً بعد جيل يذكرهم بدولة تمزقت وتفرقت أيدي سبأ ….رئيس الجمهورية والذي خاطب الجمع الإحتفالي مهنئاً ومبدياً إستعداد حكومة الشمال للتعاون مع الدولة الوليدة والتبادل التجاري معها ..في هذا اليوم الذي بدأ فيه رئيس الجمهورية كأنه قد تحلل من وعوده وإلتزاماته لم يسعه إلي أن يناشد الرئيس ” أوباما ” الوفاء بوعوده حول تطبيع العلاقات مع حكومة الشمال في إشارة إلي أن دولة الشمال قد نفذت كلما طلب منها وأوفت ما عليها تجاه فصل الجنوب وآن للإدارة الأمريكية تنفيذ ما يليها من مقابل لذلك الوفاء … رئيس الجمهورية لم ينس في خطابه المذكور أن يشير إلي الجمهورية الثانية في السودان الشمالي والتي سوف تعمل علي تبادل العلاقات الطيبة من الدولة الوليدة .
كلمات بسيطة وحروف شحيحة خرجت من بين ثنايا سطور الخطاب إلا أنها تجسد معاناة الشعب السوداني خلال إثنين وعشرين عاماً هي فترة الحكم الإنقاذي وتكرس لفصول أخري من المعاناة والعناء والعذاب …حكومة الإنقاذ غاب عنها إدراك واعٍ وفهم عميق للسياسة الأمريكية الخارجية التي يلعب فيها اللوبي اليهودي و” الكونغرس الأمريكي ” والرأي العام الأمريكي دوراً مهماً في رسم تلك السياسة وخيوطها .
نظام الإنقاذ الذي يتعجل جائزته من الإدارة الأمريكية يبدوا أنه سيتباكي علي اللبن المسكوب وسينتظر مقابلاً لن يناله حتي تطلع الشمس من مغربها .. الوقائع التي أفرزها الإحتفال بإستقلال جنوب السودان من مدينة جوبا والوعود العظيمة التي قدمها المجتمع الدولي وسيقدمها للدولة المسيحية في جنوب السودان تؤكد حقائق عديدة أهمها أن حكومة الشمال الإسلامي سيتراجع موقعها في أولوية العلاقة مع دولة جنوب السودان وسيتعين عليها الوقوف في آخر الصف وحقيقة أخري هي أن حكومة الشمال يتحتم عليها التعامل مع كل الملفات العالقة بين الدولتين بالسياسة والدبلوماسية الرصينة والبعد عن نبرة التوتر وإشعال الحروب لأن ما سيحدث آنذاك لن يكون شأناً داخلياً .
علي الرئيس البشير أن يعي قبل فوات الأوان أن وعود الإدارة الأمريكية التي دفع مقابلها ثمناً باهظاً هي وعود لن تتحقق وهي ” رماداً ” إشتدت به الريح في يوم عاصف وستعمل الإدارة الأمريكية ومن خلفها المجتمع الدولي علي تأسيس بنيان قوي للدولة الوليدة .. ملامح تلك السياسة بدأت من تصريحات ” لايمن ” مبعوث الإدارة الأمريكية الخاص للسودان والذي وافقت عليه الحكومة في الشمال والذي أكد أن المقابل الذي ستمنحه الإدارة الأمريكية لحكومة الشمال إذا أبدي رئيس الجمهورية بعض الليونة في المواقف ستكون ” الإعفاء من الديون وإستقطاب القدرات الخارجية لمساعدة الدولة في الشمال للخروج من عزلتها ” علي حد قوله .
متي يفهم رئيس الجمهورية إنه أعطي ولم يستبقي شيئاً ؟؟ وأن اليهود والنصاري لن يرضوا عنه حتي يتبع ملتهم ؟؟ متي يعلم رئيس الجمهورية أن وعود الإدارة الأمريكية هي مواعيد عرقوب … وأن من نصحه وقتذاك بأهية توقيع الإتفاقية والموافقة عليها ووعود الإدارة الأمريكية إنما تبرع بنصيحة أراقت ماء الوطن علي السراب وأن إراقة ذلك الماء كان بأيدي رئيس دولتنا؟

عمر موسي – المحامي

تعليق واحد

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..