مقالات وآراء

الداقسون…

ياسر الفادني

دقس فلان في الأرض، تعني أوغل فيها، ودقس الوتد في الأرض إذا مضى، هذه معاني كلمة دقس في اللغة العربية، أما في لهجتنا فالمعنى يختلف تماماً مع بنت عدنان، وتعني ارتكاب خطأ فادح مع التغفيل، وانتشرت هذه الكلمة كثيراً في مجتمعنا، توجد في أحد أحياء أم درمان، مدرسة ثانوية حكومية للبنين تلقب بمدرسة (أبوك دقس)، طبعاً اسمها الرسمي غير ذلك، لكن طغى عليها هذا اللقب، ذات مرة سألت أحد معلميها أين تدرس؟ فقال لي بملء فيه: مدرسة أبوك دقس!.. استغربت لماذا سميت هكذا وهل آباء هؤلاء التلاميذ داقسون؟

كل الفترات السياسية التي حكمت البلاد لم تقدم هذا الوطن قدماً إلى الإمام، ففي كل حقبة يضيع الوطن، ويرجع القهقري، وفي كل حقبة شعب السودان يرزلون ويرزلون، عندما جاء جعفر نميري هتف الشعب له وقالوا:
أيدناك بايعناك.. يا نميري أيدناك
للجمهورية.. كما صدح بها الفنان الراحل سيد خليفة، وأدخل نظامه البلاد في أزمات طاحنة إلى أن قامت ثورة عليه واقتلعته وهو خارج البلاد، جاءت بعده حكومة انتقالية وأجريت انتخابات فاز فيها الصادق المهدي زعيم حزب الأمة، وهتفنا دعماً للصادق وقلنا: لن نصادق غير الصادق، فشلت الديقراطية التي أتت بالطائفية وأدخلت البلاد في أزمات اقتصادية طاحنة، وقويت شوكة التمرد آنذاك وسقطت مدينة جوبا في أيدي المتمردين وانقلبت الطاولة على الصادق المهدي وسقطت حكومته واستلم زمام الأمر عمر البشير.

بدأ البشير بإصلاحات اقتصادية قللت من الضائقة التي ورثها من الحكومة السابقة، بدأ أيضاً خطوات في التنمية وخطوات أخرى في المشاركة السياسية والسلام وكنا نهتف له ونقول:
سير سير البشير.. نحن جنودك للتعمير

لكن في السنوات الأخيرة لحكمه، ظهرت أزمات نتيجة لمعضلات داخلية وخارجية، داخلياً ظهرت الجهويات والشلليات وكثرت القرارات الفردية التي تتخذ دون قرار ودون دراسة وعدم استقرار الحكومات، فكل شهر أو شهرين نسمع تغيير الوالي فلان وتعيين فلان، إضافة لأزمة اقتصادية طاحنة أصابت البلاد ممثلة في انعدام الوقود والخبز وبعض الأشياء الأساسية التي تمس معيشة المواطن، أما خارجياً فقد ازدادت دائرة التضييق ضيقاً على السودان من الدول الغربية بمساعدة بعض أبناء الوطن المهاجرين في تلطيخ اسم السودان بكل ما هو قبيح، وقامت ثورة ديسمبر على البشير فذهب وسقط وأودع السجن.
وجاء التغيير وظننا فيه الخير.. لكن خاب الظن وازداد البلاء بلاء.. وتطور الخراب خراباً وأصبح البوم ينعق هنا وهناك.. ملك الأمر لغير أهله فساحوا في الأرض ظلماً وتجبراً.. فخارجياً لم نحقق مكاسب.. داخلياً لم نفرد مساحة واسعة للمشاركة السياسية.. .. لم يتحقق السلام الذى نريده.. الوضع الاقتصادى ازداد سوءاً.. وفينا من يهتف شكراً حمدوك!..

وتضيق علينا الأرض بما رحبت ونقول.. شكراً حمدوك وتضيع دماء الشهداء في مفترق الطريق ولا ندري حتى الآن من فض الاعتصام بالقوة ومن قتل هؤلاء الشباب؟..

لم نثأر للأمهات الثكالى ونهتف ونقول.. شكراً حمدوك!..

فالسؤال الذي يطرح نفسه الآن وبقوة.. هل الحكام الذين تعاقبوا على حكم البلاد توهموا النجاح أم نحن الداقسون؟ ….

ياسر الفادني
[email protected]

‫4 تعليقات

  1. من الذي كان يهتف سير سير يالبشير غير حمير الكيزان؟ ولا انت كنت معاهم؟
    بعدين البشير لم يبدأ بخطوات تنمية بل خطوات تمكين وتفكيك وبلع.
    نهتف شكرا حمدوك رغم انف الكارهين والارزقية والكيزان الانجاس

  2. الفادني؟ كان تكتب ليك باسم مستعار وتبعد بعيد خالص عن اسم الفادنية بتوعين التلاوة والزكاة والضرائب وما خفي أقبح، قبحكم الله من كيزان وسخين والغين مع الكيزان باسم الدين وما أنتم إلا شياطين ملاعين وعلى لجنة الإزالة أن تلقي نظرة على وظائف وممتلكات الفادنية وتنشر لنا غسيلهم النتن باسم الدين..!

  3. في إعتقادي المتواضع، إن معضلتنا تتمثل في :

    1- العدد المهول للأحزاب، التي لا تفقه في السياسة، ولا المعارضة، وإنما تسعي فقط عن طريق الغدر والخيانة، والتخريب، والدسائس والمكائد، والضرب تحت الحزام، والإصطياد في الماء العكر، بل إن بعضها لا يردعه رادع عن ممارسة الإرهاب والإجرام، فقط لحصول كل منها، علي مصلحة حزبية ضيقة، فصاروا كالوحوش المتكالبة علي صقعتها، متناسين، أن هذه الصقعة، هي الوطن العزيز، مما يقودنا إلي الجزم بإنعدام الوطنية في صفوف هذه الأحزاب !!!!!! ومع إنعدام الوطنية، يصبح الحديث عن الديموقراطية، مجرد أضغاث أحلام !!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!

    2- لقد إستبشرنا خيراً بالجيل الذي إفتدي ثورة ديسمبر الشامخة بالمُهج، ورأينا فيهم العزة والشموخ والإباء، والجسارة والفداء،إلا أنه وللأسف البليغ، تآمرت عليهم نفس الأحزاب والقوي الضالة، وبدل ركوبها قطار الثورة مع صانعيها، فضلت أن تعمل بشتي الوسائل، لفرملة القطار !!!!!!!

    ومع كل ذلك، فإننا لعلي يقين إن
    #الثورة_محروسة، وإنها لبالغة غاياتها، رغم التحديات، بحول اللّه، وبعزم حُراسها الأشاوس، شاء من شاء، أو تخاذل من تخاذل !!!!!!!!!!!!!!

    المجد والخلود للشهداء الشُجعان، وعاش السودان، إلي الأبد، بدون ديناصورات وكيزان.

    وليخسأ الخاسئون.

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..