قطع الطريق بين ..( يوسف الكودة ) …/…( وكاودا )…!!!

قطع الطريق بين ..( يوسف الكودة ) …/…( وكاودا )…!!!

بقلم/ أبكر يوسف آدم.
[email][email protected][/email]

إنه كالحرث فى البحر ، لمن يتصدى لمجادلة من يدوس على حقائق التاريخ ، فلا يعر بالا ، ولا يستخلص ، ولا ير منها إلا ما تنسجم وتعضد من قناعاته وتصلح حججا للمرافعة أمام ما دونها ، أما تلك الحقائق التى تسجل فى الخانة السلبية على كثرتها فيستدعى التشكيك فيها بالضرورة ، لإخفاء إختلال الموازين ، ومثل هؤلاء يظنون أنهم فريدو عصرهم وأرسلوا خصيصا لأعادة صياغة وترتيب حياة الناس المعوجة ، بأخرى تعلمها وتلقنها من منهج مصمم أصلا للتضليل ، فأختبر فيه ، فنجح ، فكون منه ثقافته . إن الإلتزام بالمنهج وتفادى المواجهة لا يدع للفرد مجالا لإختيار آخر ، بل خيار واحد ، المنهج المقرر لاغير .. أنه الصمود بقوة بلا رجعة أمام أى تفكير يخالف أو يهدد بالإطاحة بما يرد فى كتب الأناشيد والمحفوظات ، كما كنا نحاول أن نفعل دفاعا عن أشعار شوقى وإيليا أبوماضى ونزار قبانى المنقحة ، ظنا منا أن أقوالهم طالما وردت فى مناهجنا الدراسية ، فهى قطعا تعد من المسلمات .
يفعلون ذلك دون أن يحاول أحدهم نزع القداسة عن الموروثات لأجل الدراسة والإختبار ، فيغضون الطرف عن مخرجات النقد ، وقد يلجأون لإعادة محاكمة كل من حاول زحزحة قناعاتهم !! فهذه العقول المأزومة ، تعيبها الخمول وترتعب من إطلاق الخيال ، وتكتفى بما أملاه عليه الأقدمون فيتعاملون مع الماضى بالإنتقائية التى تتوافق وتتناغم مع ما تلقنوها من مسلمات ، يحاكمون الماضى والحاضر على ضوء تعاليم الأسلاف ، وبدورهم يضيفون المزيد من العوامل المعقدة لمسائل الحاضر لإعتبارات أخرى …
أهل هذه المدرسة المأزقية يعودون إلى الماضى بإستمرار عبر طرق معقدة ومتعرجة لتفادى المطبات المحرجة ، فيتعلمون كيف يتفادون فخ هنا ، وحرج هناك ، وعثرة هنا ، وأخرى هناك ، للإتيان بالحجج والبراهين الإنتقائية من نصوص منزوعة عن السياقات ، أو قصص تصويرية تمويهية مصاحبة ، ثم ممارسة القطع واللصق والجمع والتفريق لأحداث متأرجحة ما بين الحقيقة والزيف لإخراج رؤية مسكنة مؤقتا . هذه الأسفار ليست محبذة للعامة بالطبع ولا تلق تشجيعا ، بل هناك محاولات مضنية لحجر الخوض على من يفترض أنهم رعية فى مسائلها ، إلا بشروط ترهيبية كابحة كضرورة العودة للفقهاء وإتخاذهم أدلة .
أما من يسلكون دروبا أخرى فيكسحون الألغام والفخاخ ويكشفون العورات ويجردون ظهور أئمة الرجعية والضلال ، فأؤلائك من يتوجب فى حقهم الحكم المغلظ !!
لاشك أن تيار الإسلام السياسى المأزوم ، الذى مانفك يعيد إنتاج نفسه وأزماته بأزياء متجددة ، يتقوى بشكل أساسى بهذا المنهج الذى يعد عالمه وحاضنه الذى لا يحتمل العيش خارجه ، وطالما أنها عين الرجعية فلا غرابة أن معايير السلامة لا تتوافق مع أسس وإشتراطات الحاضر مما يدخل من يضعهم حظهم العاثر على هذا الطريق فى متاهات ودوامات تنتهى إلى تأخرهم ، وحينها سيجد التيار طريقا مجربا للهرب إلى الأمام ، وذلك بمحاكمة كل من يجتهد فى التوفيق ما بين المنهج وإلتزامات الحاضر ، والمخرج الخلفى المعتاد هو ، إتهام الرعية بسوء السلوك وضعف الإيمان ، أو التبرؤ المؤقت وتجريم من تصدى للتطبيق ..
الدكتور يوسف الكودة رئيس التنظيم المعروف بحزب الوسط الإسلامى ، يعد واحد من منتجات ذلك المنهج المأزوم ، ويواجه اليوم نفس المحاكمات جراء إجتهاده وخروجه عما إعتاد عليه شيوخ المنهج ، والنقد العتابى الذى يتعرض له ما هو إلا إجرائية التهديد المتبعة نحو كل من يعف عن العيش فى بركة السلفية الآسنة ، ويقدم على البحث عن مياه وأجواء أكثر نقاءا..
(فقد هاجم المؤتمر الوطني رئيس حزب الوسط الاسلامي ، على خلفية إطلاقه لمبادرة ضمته لقوى الإجماع الوطني المعارض, لافتاً الى أن حزب (الكودة) ليس لديه توجة إسلامي ، ونبه الى أن وجوده بين المعارضة العلمانية لن يجعل أحزاب الشيوعي والبعث أحزاباً إسلامية ، وإنما سيجعل منه حزباً علمانياً وقال د. قطبي المهدي أن المعارضة تعتز بعلمانيتها وإنضمام الكودة لهم لن يجعلهم إسلاميين, وأن أي انسان ينضم لتجمع فيه الحزب الشيوعي والبعث وفاروق أبو عيسى فقد أصبح علمانياً.!!) .. الأخبار..
واضح ..!! .. محاكمة فى محاكمة ،، تهديد فى تهديد ،، إرهاب فى إرهاب !!
وربما تكفير صريح مستقبلا ، إن لم يكن قد فعل بهذه التصريحات ..
من الواضح أن قطبى المهدى ما زال يعتقد أن حلول مشكلات الراهن السودانى لا تتوفر لدى أى من أحزاب الساعة ، إلا المؤتمر الوطنى وحلفاؤه من الإسلاميين ، وأن الأزمات التى يعيشها المواطن السودانى ، ما هى إفتعالات العلمانيين ، أو عقاب ربانى بسبب إبتعاده عن دينه ، إو إبتلاء إلهى وإمتحان له ، لأن الله يحبه !! أو أى تبريرات أخرى شريطة بألا تمس بالمنهج ، ولا تلقى باللآئمة على أحزاب الإسلام السياسى !!!
وهذا ما يقرأ من ردود د. الكودة على إنتقادات المؤتمر الوطنى له ، متسائلا : !!
(من قال بان القيام بواجب الاصلاح والتغيير يشترط أن تكون وراءه الحركه الإسلاميه أو الإسلام وإلا كان غير مشروع ؟ فقد ترأس حركات معارضة مباركة وطاهرة أناس ليسوا بحركة إسلامية كما هو حادث الآن في من يعارضون نظام بشار الأسد ولم يكونوا حسبما يوصف قطبي المهدي ؟ ).. !!
ويضيف د الكودة … (ثم انني لم أنضم إلى المعارضة لأعلمها الدين أو أحولها من علمانية الى إسلامية وأصلاً ليست تلك هي المشكلة وإنما المشكلة هي كيفية تخليص البلاد من قبضة أناس خربوها وأضروا بها باسم الإسلام.) انتهى …
ومن قبل ، فإن الكودة كان قد إتخذ أيضا موقفا مصادما آخر ، عندما أيد تطبيق توصية الأطباء بضرورة إجازة إستخدام العازل الذكرى للحد من أنتشار مرض نقص المناعة (الإيدز). فتعرض لهجوم مماثل من أئمة الضلال !!.
كما أنه لم يؤيد ختان الإناث كما فعل البعض من أئمة الضلال .
وهذه كلها نقاط إستثنائية تسجل فى حالة نادرة لصالح حزب قائم على أسس رجعية ..
لكن !!
إلى أى حد سيصمد حزب الوسط ورئيسه فى وجه إلتزامات المنهج الرجعى ؟؟ … الله أعلم ..
وإلى أى حد سيمتص الكودة ضربات قرنائه من سكان البركة السلفية فى الألفية الثالثة ؟؟ .. الله أعلم ..
وهل سيتجرأ الكودة وحزبه بإعادة قراءة تاريخ الأسلام السياسى بعيدا عن المسلمات والتعرجات المفتعلة ، وينزع الفخاخ والألغام من على الطريق ، ويكشف العورات ويصدر عليها أحكاما نزيهة ؟؟ ..
نشك فى ذلك .. فإن يفعل .. فذلك كمن يجفف البركة الذى يعيش فيها ،،
وإن كانت نتنة ،، وقذرة ،، ووسخة ،،، بقدر وساخة تاريخ الإسلامويين .. !!!

والسلام عليكم …

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..