عالم الاعمال السوداني المتخلف وغياب الدولة

الدولة والقطاع الخاص في كل الدنيا مثل اجنحة الطائر ، بدونهما الأمة لن يستطيع الطيران ، واذا انكسر احدهما ليس بمقدور الثاني
أن يفعل شيئا ، لذلك من مصلحة الدولة ان تعمل على النهوض بالقطاع الخاص وتشجيع المبادرات الشخصية الايجابية بعيدا عن الفهلوة والنصب والاحتيال. لأن القطاع الخاص السوداني سلبي ينقصه الكثير حتى يستطيع النهوض بالبلاد ، ودوره محصور في البيع والشراء والتفكير في كيفية رفع اسعار السلع بالطرق غير المشروعة مثل اصطناع الشح والعمل على احتكار السلع وضرب المنافسين. وادعاء الخسارة ومحاولة الوصول للربح بأقصر الطرق دون وجود أي خطط مستقبلية ، او ابتكار طرق جديدة لا دخال آليات جديدة وتوفير سلع وخدمات جديدة ومبتكرة.
في كافة دول العالم حتى في مصر الجارة القريبة ، مثلا النفايات تطرح في مناقصات وتتنافس عليها الشركات والدولة تستفيد من هذه النفايات ، بدون ارهاق المواطن بدفع رسوم نفايات دون توفير الخدمة. لماذا لم تقوم الدولة والقطاع الخاص السوداني بإيجاد آلية لذلك والمدن تصبح نظيفة ودون فرض رسوم واتاوات ، بالإضافة إلى الاستفادة من تدوير هذه النفايات مثل البلاستيك والزجاج والعلب المعدنية وحتى بقايا الطعام والمنتجات الورقية وغيرها من النفايات. بالإضافة إلى توفير وظائف للكثيرين ، والعمل ليس عيبا اذا كان العمل بصورة مشروعة وحلال.
مثلا ، لم يقم القطاع الخاص السوداني بالاستثمار في السينما او التلفزيون مثل انتاج الافلام والاعمال الدرامية والمسلسلات والافلام الوثائقية والتاريخية عن السودان ، وكل دول العالم القطاع الخاص هو الذي يقوم بذلك. وكما لا توجد دور نشر للكتب والصحف والمجلات ، ورحل الكثير من الشعراء والمبدعين السودانيين دون ان ترى ابداعاتهم النور, ولايوجد مجلات اسبوعية أو شهرية أو حتى فصلية سودانية يشار إليها بالبنان .والصحف اليومية بائسة ولاترقى للمستوى حتى تستطيع الانتشار في الدول العربية والمجاورة.
فيما يختص بشبكات المياه والكهرباء والمجاري والطرق والصحة التي غلبت الدولة وغلب حمارها في توفير هذه الخدمات الضرورية لكل دولة عصرية ، لماذا لم تطرحها في مناقصات عالمية لتحل هذه المشكلات إلى الابد. بدلا من الاعتماد على موظفين فاسدين وغير مؤهلين، يشغلون وظائف بمرتبات ومخصصات ليس لها لزوم.
وبدلا من العمل على عرقلة المبادرات بالضرائب والاتاوات يجب ترك الخدمات للقطاع الخاص الراقي الذي يمتلك الاموال وليس الاعتماد على البنوك والتسهيلات التي يمكن أن تؤدي الى رفع سعر الخدمات .
أهلنا في البحر الاحمر منذ زمن طويل هم في انتظار وصول مياه النيل إليهم. وأهلنا في كردفان على فركة كعب من النيل الابيض ينتظرون وصول المياه ، وان لم تخني الذاكرة هناك دراسة جدوى لهذه المشاريع التي تنتظر آلية لتحصيل الرسوم من المستفيدين ، وهي في انتظار موظفين متخلفين (لا يرحمون ولا يتركون رحمة الله تنزل على الناس). كيف الدولة تقوم بتعيين موظفين لا يربطون ولا يحلون. لماذا لا يفصلون ، مثلما حدث عندما قامت شركة نوكيا بفصل 11 الف موظف من قسم الابحاث والتطوير لأنهم لم يستطيعوا التنبؤ بالمستقبل. نحن لماذا لانفصل اي موظف لا يتنبأ بالمستقبل.
هذا البلد المنكوب توقف فيه الكثير من المشروعات الاستراتيجية التي يمكن أن توفر فرص العمل للملايين وتدر المليارات للخزينة العامة بسبب موظف فاسد لا يعي خطورة ماذا يعني انه اوقف المشروع لأنه لم يحصل على مليون دولار رشوة. وقال احد الاخوة العرب إن السوداني طيب ورائع ومنتج وامين ومبتكر خارج بلاده ، الا انه عندما يتولى منصبا في بلاده يصبح مثل الوحش الكاسر ، يقتل ويضرب ويعذب ويشتم ويسرق ويخطف ويمارس المحسوبية ويظلم ويسلب الحقوق، من أجل مصلحة شخصية ضيقة.
وفشل الدولة والقطاع الخاص السوداني، يحتاج لساحر حتى يفك طلاسمه، لأن الحكاية فعلا متشابكة ومتداخلة، ولها أكثر من قضية وأكثر من معضلة. حيث يغيب القانون والاخلاق وحب الوطن ، وربط مستقبل وطن بمصلحة آنية صاحبها سيرحل عن الدنيا الفانية عاجلا ام آجلا. ولم أرى في حياتي مسؤولين لا يستحون عن طلب الرشوة او العمولة ما يسمونها الا في هذا البلد المسكين. وسمعت من احد المقربين من النظام ، انهم اوكلوا لجهة محايدة القيام بدراسة لمعرفة تعثر البلاد ، وكانت النتيجة أن الرشوة والسرقة هي جزء بسيط من المنظومة الفاسدة ، حيث إن وضع الشخص غير المؤهل في وظيفة لا يعرفها ولايفهمها ولم يدرسها والكسل والتكاسل واللامبالاة في القيام بالواجب كل هذه اسباب رئيسية في نكستنا.
[email][email protected][/email]