دكة الاحتياطي..!!

بلا شك انسحاب 23 حزباً من التحالف مع الحكومة مع تصاعد وتيرة الأحداث، حتى وإن قلل المؤتمر الوطني الحاكم من شأن هذه الأحزاب واعتبرها بلا وزن سياسي فإنها أعادت رسم الخارطة السياسية وأضحى مثار تأثيرها يجد الاهتمام من الجميع.
منذ التوقيع على مخرجات الحوار الوطني ظل هناك (سؤال) مطروح: هل القضية هي قضية حوار لحل الأزمات؟ أم الحوار لأجل إطالة أمدها؟ وبالتالي تمكين الحزب الحاكم من الاستمرار في السلطة؟ ما يقرأ في السطور من إنسحاب مبارك الفاضل وغازي صلاح الدين من التحالف مع الحكومة هو أن الحوار بات محل مظان ولن يقود إلى حل أزمات السودان، التي استعصت وتشعّبت وتأقلمت ومن ثم تدولت، حتى أصبحت مفاتيح الحل في أغلبها (خارجية) وليست (داخلية)، وأن الجميع باتوا يُدركون هذا الواقع، وأن أي حوار وطني أو تسوية يجب أن تراعي مطالبات الواقع السوداني الحالي المُعقد، والمتشابك بعضها مع بعض، فقضية دارفور لا تنفصل عنها وكذلك قضية جنوب كردفان وجبال النوبة وأيضاً الحريات والمُعارضة الداخلية وحتى النقابات وأيضاً الأزمة الاقتصادية وتداعياتها المختلفة.
وبالرغم من دعوتهما لنظام جديد ومجلس إنتقالي تحس أن شعرة معاوية موجودة كون المذكرة ستقدم للرئيس البشير وكونها زاوجت بين مخرجات الحوار الوطني وخارطة الطريق في آن واحد، وكأن غازي ومبارك يشيران إلى إمكانية لعب دور الوسيط إذا أصغى الوطني أذنيه لهما.
وفي المقابل كعادته سارع المؤتمر الوطني في التعامل مع الأحزاب المنسحبة بطريقته (المعروفة) التي لا تتجاوز محطات التهديد والوعيد والتلويح بلاعبين من دكة الاحتياطي، وهذا وضح جلياً في المؤتمر الصحفي الذي عقدته أحزاب الحوار للرد على المنسحبين فقد تولى الأمين السياسي للحزب الحاكم التهديد بالمحاسبة باعتبار أن المنسحبين دعوا الجيش لاتخاذ موقف واعتبر هذا تحريضاً، فيما إنبرى آخرين من قيادات ذات الأحزاب المنسحبة وأعلنوا عزل القيادات المسؤولة عن الأحزاب وطرحوا أنفسهم كبدائل.
ربما هذه الخطوة لن تجد حظها في حزبي الأمة وحركة الاصلاح الآن أما البقية فقيادة الانشقاقات من داخلهم سهلة، ولكن السؤال هل تصلح هذه الطريقة في حل الأزمة؟ إستبدال عناصر أساسية بأخرى من دكة الاحتياطي.. من قبل فعلها المؤتمر الوطني مع الحركة الشعبية وأيدته قيادات مثل دانيال كودي وتابيتا بطرس وغيرهم ما أثر هؤلاء في الساحة السياسية اليوم.
إن كان المؤتمر الوطني حريصاً على الحوار الوطني وأصبح هو (مراقته) هذه الأيام في خطابه للرد على الاحتجاجات عليه أن يراجع دفاتره فكثير من قواعد الأحزاب التي تشاركه تتململ وربما أجبرت هذه الأحزاب على اتخاذ مواقف مماثلة مثل موقف غازي ومبارك الفاضل.
الجريدة