أنشودة للقصر والتابوت

أ. د. معز عمر بخيت

شيّد قصورك في رئات الغيم
وابتلع السماء..
فالأرض ما عادت بها
قطرات ماء
والدار لم تبقى بها
خرق تباع وتشترى
غير التشدق بالهراء
وبأنها لله تمضي بالفجيعة
والخديعة والمآسي والبكاء
قلبي عليك يؤج حزناً وانفطاراً
يا بلادي فاستغيثي بالهدى
وتدثري بالإهتداء
هم جردوك من الأزاهر والندى
حتى ثياب الطهر منك وما بدى
من مقلتيك على مرايات النقاء
هم حطموا معنى الفضيلة
واستباحوا صدرك المنزوع
من عُري الغطاء
باسم الإله استمرؤوك ومزقوا
معنى التقى بالإثم مصوا
بالجشاعة ضرع خيرك والهناء
نحروك وابتاعوك ثم رموك
في جب الثعالب
في جحيم الإزدراء
حتى تملكنا الشتات
تهدمت فينا البيوت
وجف من حلق النهار الضوء
وانتحر الفضاء
يا سالكاً درب المهالك
واحتقانات المسالك
وانفجارات العناء
أما اكتفيت من الذنوب تمدها
في كل أنسجة الصباح
وكل أركان المساء
أما ارتويت من الجراح تشقها
وتعود تسبح في نوافير الدماء
ماذا تبقّى كي نعيش كفافه
ماذا سنلقى بعد أن هرَبَت
من النهر النحيل ضفافه
واستفحلت في الجوف
أسراب الرياء
ماذا تريد بحق ربك من ديار
طفتها ألماً وشبّعت المنافذ
في حوائطها وباء
حزني عليك يموج يا وطني دعاء
أن ينجلي هذا الظلام
وأن يهل الخير يوماَ
أن يداعبنا البهاء
الجرح أعمق من بيوت الشعر
من سرد الحكاوي
من أساطير البقاء
والموت في ظل المواقف
عزة وكرامة نبض انتماء
صبر تشتت في دروع النصر
يرتقب اللقاء
ونظل نبني في دروب الحلم
أطياف الرجاء
القصر والتابوت مقبرة التساقط
فاستعد لما سيأتي يا سقيم الظل
واعلم أن في الدنيا حسابك قد أتى
قبل الممات الآن جاء
سنظل نحفل بالمسير إلى المشاهد
كلنا لهواك يا وطني فداء
من غير هذا الشعب يبني عزنا
ويحطم الزمن الخواء
ويمزق الذقن الشقية
والقصور المشرقية
والضلال على حوائطها أفاء
مروية بالزيت تعصره
دنانير الفواحش والثراء
مسقية بالجوع تفجعه المواجع
والذئاب الحمر تسكنه احتفاء
تباً لعهدك يا من سرقت حياتنا
وقتلت عمداً أهلنا
أطفالنا ورجالنا
حتى الأجنة والنساء
تبا لمهدك يا نذير الشؤم
يا شر المقاصد يا ربيب البؤس
يا بحر الشقاء
من غير هذا الشعب
يستبق الشموس توهجاً
ويشد أوتار الغناء
نصراً ووعداً بالمشارق والضياء
من غير هذا الشعب يسمو قُدرة
ويحرك الأزمان يختزن الإباء
ليهدم القصرين يبني في
ضفاف النيل أبراج الزهاء
سنثور يا خرطوم حتماً
سوف نقتلع المضاجع من
أبابيل الخفاء
عهد سيبقى بينا
فالشعب سدد بالأصالة دَيننا
ولنا أضاء
درب النضال تسامياً
وتألقاً وتفانياً
شعب عظيم من أساطين الوفاء.
__________________
معز عمر بخيت

تعليق واحد

  1. والله ..أعجز أن أعلق..انشودة تجسد واقعنا بكل ما يحمل من مآس وأماني..تهزم الالام معني..وتوعد بانجلاء الليل مهما طال ظُلمه وظلامه.. وانبثقاق الفجر مهما تطاول ليله..لك التحية والتقدير بروف…..

  2. والله ..أعجز أن أعلق..انشودة تجسد واقعنا بكل ما يحمل من مآس وأماني..تهزم الالام معني..وتوعد بانجلاء الليل مهما طال ظُلمه وظلامه.. وانبثقاق الفجر مهما تطاول ليله..لك التحية والتقدير بروف…..

  3. يا دكتور معز مواقفك الشعرية تجاه الوطن رصيد ليك في حساب وطنيتك, مع اننا كلنا مقصرين في حق السودان, ونادر ما بنفكر كيف نضحي من اجل السودان, وده سبب رئيسي في تربيتنا سوى في البيت, المدرسة, او في الشارع.
    اعادة التفكير في كيفية ترسيخ مفهوم العطاء للوطن والتضحية هي مهمة مستقبلية ملحّة, لانه تجربة الكيزان اثبتت انه غالبية السودانيين حبهم للسودان حب عشوائي غير مؤسس على اسس سليمة, فما ممكن الناس دي تعمل العمايل المعملتها في السودان ونحنا كشعب بنتفرج, وده شي عنده علاقة كبيرة بتربيتنا ومفهومنا الخاطي للدين وللوطن, السوداني ما بيقتل الكوز المخرّب لانه بيخاف انه يقتل روح وده فيهو تضارب مع مفهوم الدين الخاطي, لكن الكوز عنده مبررات بيقتل بيها اي واحد بيقيف قدامه ويحول بينه وبين سرقاته ونهبه وتدميره للسودان, وده لانه الكوز مستند على مبرر ديني انه هو على حق دائماً, والمدهش انه الاتنين مستندين على مفهوم خاطي للدين.

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..