مقالات وآراء سياسية

اليمين المُتطرف واليسار المُتطرف في السُودان والتقليديّن سبب أزمتنا .. إذاً إهدّموا المعبد ؟؟ (2)

نضال عبدالوهاب
مواصلة لمقالنا السابق عن دور اليمين التقليدي والمتطرف ويمثلهم حزبا الأمة والإتحادي (طائفتا الأنصار والختمية) والإخوان المسلمين واحزاب الحركة الإسلامية، واليسار التقليدي والمتطرف والذين يمثلهم الحزب الشيّوعي السُوداني والأحزاب العروبية كالبعث والقوميين العرب ، فيما وصل إليه الحال في بلادنا وأنهم من الأسباب الرئيسية لأزمتنا السياسية وتأخر التغيير فيها ..
وكنا قد إستعرضنا ملامح من دور الطائفية والأسلاميين وأحزابهم ، وفي هذا الجزء نواصل عن دور اليسار التقليدي والمتطرف في تأخر قضية التغيير في بلادنا ومسؤليتهم التاريخية عن ماحدث ومايحدث إلي اليوم ..
ظهور احزاب اليسار بدأ مبكراً منذ الأربعينات والخمسينات مُنتقلاً من مصر والعراق وسوريا والمناطق التي أُصطلح علي تسميتها بالدول العربية ، لذلك فإن إرتباطها بتلك البلدان وخاصة الأحزاب العروبية والقومية وثقافتها وأيدلوجيتها كان طاغياً ، كالبعث والناصريين والقوميين العرب ، فهي جميعها تؤمن بوحدة القوميات والمصير المُشترك والأمة العربية الواحدة ، وعلي هذا الأساس فإن تضمين السُودان بكل تنوعه وتبايناته الإثنية والعرقية والثقافية والتاريخية ضمن هذا المفهوم إعتماداً علي عروبية السُودان دق مُسماراً باكراً في مسألة المُواطنة وصادر حق الكثير من مواطنيه بل وأغلبهم في هوياتهم غير العربية ، الافريقية أو المختلطة أو الزنجية أو النوبية والبيجاوية وغيرها، وهذا التصنيف مثله مثل فرض الثقافة الإسلامية والدينية والإعتماد عليها في الرؤية السياسية كذلك للأحزاب الطائفية واليمينية في السُودان ، أما الحزب الشيّوعي السُوداني فلم يذهب بعيداً عن دائرة هذه التصنيفات وظهر هذا في تعامله مع مسألة الجنوب إبتداءً ، وطريقة حلها ، ثم تحالفه السياسي مع القوي الإشتراكية الناصرية والعروبية والذي أنتج إنقلاب مايو عبر تنظيمات الجيش وبدعم من المخابرات المصرية ، بل وكانت الوحدة العربية خاصة بين مصر وليبيا والسُودان من أولي القرارات لنظام مايو فيما عُرف بميثاق طرابلس ، نعم كان هنالك صراع داخل الحزب الشيّوعي السُوداني حول العديد من القضايا منها ميثاق طرابلس هذا ، ولكن حتي جناح عبدالخالق لم يرفضه تماماً وإنما وضع مقومات ومعايير لهذه الوحدة علي رأسها إعطاء فرصة للبلد للسير في طريق الإشتراكية ثم إحداث الوحدة وما يتماشي مع مصلحة البلاد ، وبينما الجناح الآخر كان يري أهميتها القصوي ويصر عليها في ذاك الوقت ، الشاهد من ذكر هذه الجزئية هي أن أولويات النظام المدعوم من اليسار التقليدي والمتطرف في السُودان كانت في إتجاهات غير النظر لحلول مشاكل السُودان ما بعد الإستقلال وعلي رأسها قضية الجنوب ومسألة إختلالات التنمية الذي أنتج التهميش باكراً وأزمة الهوية وكيفية الحُكم وإدارة التنوع ووضع السُودان في طريق الديمُقراطية الحقيقية ، و كل ذلك كما معلوم نشأت عنه حرب الجنوب الأهلية الأولي ثم لاحقا ما تلاها من حروب خاصة بعد فرض التشريعات الإسلامية وإقامة الدولة الدينية في السُودان ، رفض الحزب الشيوعي طرح الجنوبيين في الحكم الفدرالي مثله والاحزاب الطائفية واليمينية وإقترح كبديل الحكم الذاتي الإقليمي ، و تعامل مع قضايا عدم العدالة الإجتماعية والظلم الإجتماعي وعدم المساواة في الحقوق والتنمية بإعتبار أيدلوجي بحت بمفهوم أنه “صراع طبقي”، وهذا من الكوارث في تقديري لأنه تغافل عن أسباب أساسية في نشوء الإختلافات داخل بلادنا في الجنوب وكل المناطق المهمشة او التي بها مظالم، فأزمة الهوية والثقافة والبعد الإجتماعي والديني واللغة كلها أسباب لا علاقة لها بالطبقة ، فالمسحوقين إجتماعياً والمضطّهدين لم يكونوا فقط من الطبقة العُمالية التي كان يبني الحزب رؤيته الايدلوجية عليها ولا من المزارعين ، وحتي وعي هذه الفئيات وشعورها بالظلم وأنهم مواطنين من الدرجة الثانية في بلادهم لم يكن لأنهم فقراء أو من شريحة العمال ، وقد تتساوي الدرجة العمالية كانت وبرغم ذلك تختلف الإمتيازات الإجتماعية ، وإمتد هذا الأمر علي مستوي السُلطة والوظائف في الدولة منذ الإستقلال ، وكرس الخطاب السياسي والواقع لهذا ، ساهمت رؤية الحزب الشيوعي السُوداني والاحزاب العروبية في التكريس لسيطرة الثقافة العربية والإسلامية وعدم وضع السُودان في طريق التغيير الحقيقي الذي كان سيجنبنا الحرب الأهلية وبعدها إنفصال الجنوب وظهور حركات إنفصالية وخطاب تمزيق السُودان ، والانكأ أن الحزب الشيوعي السُوداني الذي رفض الحكم الفدرالي مع بدايات الإستقلال ومابعد ثورة أكتوبر  جاء وطالب بتقرير المصير للجنوب ووافق عليه !! ، مثله وبقية الأحزاب اليمينية والطائفية مما فتح الباب لتمزيق السُودان ، كل هذا نتيجة للقراءات الخاطئة للواقع السُوداني وللمسارات والقرارات الكارثية في الحلول!! ..
التفكير الايدولجي لليسار السُوداني التقليدي والمتطرف للحزب الشيوعي السوداني وللاحزاب العروبية فتح الباب لإنهيار الإقتصاد باكراً في مايو بقرارات التأميم والمصادرة وتدمير القطاع الخاص الوطني في بداياته ، وكل هذا في تقليد أعمي للتجربة الناصرية المصرية وفي الفهم المعطوب للإشتراكية، وتبنّي الحزب الشيوعي السُوداني ما أسماه طريق اللارأسمالية الإقتصادية الذي كان ضمن توصياته مسألة التأميم هذه وسيادة القطاع العام ، هذا غير الخلل في النظام التعليمي وفرض الثقافة العربية والإسلامية في المناهج وفي أجهزة الإعلام وفي توجه الدولة في السياسة الخارجية وغيرها ، الذي يُراجع تاريخنا السياسي سيجد أن صراع التيارات داخل الحزب الشيّوعي السُوداني أدي لإرتكاب فظائع كارثية سياسياً وإقتصادياً خاصة مابعد ثورة أُكتوبر وفي بدايات نظام مايو ، الذي شارك الحزب كمؤسسة وكوادر وسياسات بمعية القوميين العرب في صنعه ودعمه بإعتبار أنها ثورة ديمُقراطية !! .. وكانت النتيجة الواقعية غياب الديمُقراطية لسنوات طويلة وتمكين اليمين المتطرف الإسلامي الذي تسلل لنظام مايو وورث الأماكن التي خلت له بعد إنقلاب النميري علي الحزب الشيوعي بتياريه ماقبل وبعد ١٩ يوليو وظهور القبضة الشمولية والديكتاتورية والدموية للنظام في ذاك الوقت والكل يعلم ماحدث بعد وصول مايو لنظام الدولة الدينية وسن التشريعات الإسلامية وعودة الحرب وتمكين الإخوان المسلمين ومتطرفي اليمين في الحركة الإسلامية في مفاصل الدولة والإقتصاد مما مهد لإنقلابهم اللاحق علي الديمُقراطية الثالثة والإتيان بكل الكوارث التي تمتد آثارها وخرابها حتي اللحظة في فترة حُكمهم الطويلة .. نواصل في الجزء الثالث والأخير في الإجابة علي سؤال لماذا تأخرت قضية التغيير والدعوة لنشوء أفكار وقوي وأحزاب جديدة لليمين واليسار في السُودان تواكب كُل المتغيرات في السُودان والعالم الخارجي وحركات مدنية ديمُقراطية في مرحلة مابعد الثورة وهدم المعبد القديم والتقليدي والمتطرف والبناء علي أجيال الثورة وشبابها لأجل حاضر ومستقبل أفضل لبلادنا ..
28 فبراير 2022 .
# دولةالحُكمة _ المدني _ الحديثة _ في _ السُودان .
# العسكر للثكنات .
# ضدالجهل _ والكهنوت _ والتطرف .
# السُلطةسُلطة شعب .
# الثورة ثورة وعيّ .

‫5 تعليقات

  1. يا اللخو
    اليسار المتطرف ده حكم السودان متين وكم سنة؟
    سنة ولا سنتين؟٦٩_٧٠ أو ٦٩الي٧١؟
    البتعمل فيهو ده كسل فكري ساكت ومحاولة ملء الفراغ بمقالات فارغة
    او محاولة تغزل وكلبنة لجهات ما

  2. هذه تخاريف حاقد من الحاقدين علي الحزب الشيوعي دعهم ينبحون كما يحلوا لهم، فالحزب الشيوعي لن يعير خزعبلات نضال التفاتا لانهم منهمك في قضايا اكبر من اهتمامات هذا الحاقد.

  3. انتم اذا لم يعجبكم طرحنا بسيطة لا تقرأوه .. اما كونه الحزب الشيوعي احد كوارث السياسة وخراب البلد وما وصلنا اليه فدي ما عايزة درس عصر ، انتقدناهو مثله مثل الطائفية والكيزان لانهم جميعهم احزاب تقليدية ومتطرفة وافكارها لا تمثل واقع السودان واثبتت فشلها الكبير .. لا نفع اصلاحها ولا تجديدها ووجودها جميعها خطر علي سودان المستقبل ..

  4. وكانت النتيجة الواقعية غياب الديمُقراطية لسنوات طويلة وتمكين اليمين المتطرف الإسلامي الذي تسلل لنظام مايو وورث الأماكن التي خلت له بعد إنقلاب النميري علي الحزب الشيوعي بتياريه ماقبل وبعد ١٩ يوليو وظهور القبضة الشمولية والديكتاتورية والدموية للنظام هههههههه دي اختزلت فيها سنين كتيرة خلاص من بعد المفاصلة بصورة واضحة بين الشيوعيين مع مايو وذلك بعد ضرب الجزيرة ابا في مارس 1970وتم نفي عبدالخالق محجوب والصادق المهدي للقاهرة على ما اظن في ابريل 70 إلى دخول الاخوان للقصر والاتحاد الاشتراكي عام 1980 جرت الكثير من المياه تحت الجسر

  5. الاخ نضال .. هذه هي الحقيقة مجردة ، عفارم عليك .
    ان اُس مشاكل ومصائب و تخلف هذا البلد هي هذا الصراع الايدلوجي المقيت و التافه المستمر منذ ٦٥ عاماً دون الاتعاظ .
    البيأكد الكلام ده الردود الحزبية اعلاه والتي لازالت تُصّر انو حزبهم لاياتيه الباطل وانهم الوحيدون الذين يملكون الحقيقة والمبرؤون من الاخطاء و الغلط وهذا يجافي المنطق ، كمجافاة كل قراءاتهم و افكارهم للمصلحة العامة والواقع .
    على لجان المقاومة الاإسراع في تكوين حزبهم حتى نتخلص من هذه الاحزاب الايدلوجية البائسة الهرمه والتي قادتنا وادخلتنا الى هذا النفق الطويل .

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..