مغترب بدرجة… فاشل ..!!

مغترب بدرجة… فاشل ..!!

منتصر نابلسى
[email][email protected][/email]

هناك من يثابر ويكافح وينافح ويسعى لياخذ ما يستحق، ويعطى من حوله ما تجود به عليه الدنيا من خير ولو قليل… فالحياة عطاء ليس مرهــــونا يالكم او المال فقط… ولكن يجملها نكران الذات ويزينها الشعور بالاخرين وربما تسعدك ضحكة من طفل او مسكين اسعدته … منك .. ولو بابتسامة…
لم يكن السودانى الا ذلك الانسان اعنى قبل ان يتذوق مرارة الفقر وذل الاحتياج فـــقد كانت الايدى مبسوطة بالعطاء … فملأ الخير فى وقت مضى كل حدب وصوب وكم سعدت الاوطان بالبركة التى امتدت الى اعماق الارض فاعطت الكثير الوفير..وفتها لم يجثم على الصــــدور هذاالغلاء وذاك الطمع ….وحينها كانت الرحمة مازالت تمشى بيننا…..
الاغتراب الذى فى الغالب تدفعنا له ظروف الوطن وتداعياته … والاغتراب خشم بيوت ولا اقصد هنا ما يجنيه الفرد من دراهم … ومال …لا .. ولكن ما يتمكن به الفرد منا من حلحلة مشاكل كانت جدا عصية لولا اغترابه لتحقيق شىء ولو القليل من استقرار… ومد يد العـــون لعيون فى الوطن… تنتظر الرحمة والفرج بما تيسر….
عبد الرحيم الزين الحلو فى الخامس والثلاثين من عمره ،مواطن ســودانى اختار الاغتــراب من البقاء فى جحيم المعاناة ،باع كل مالديه جملة واحدة ،ثم انفقها لتجهيز حاله سعيا وراء سفر الى دولة خليجية ..عسى ان يغير شىء من حظه العاثر الذى طالما لازمـــــه فى ارض المليون ميل مربع… بحساب الرقم السابق …امينة عثمان زوجته التى كان فرحها مضاعفا باغتراب زوجها ….وكغيرها من النساء كانت تحلم برغـــد العيش وطيب الحياة … هكذا سافر عبد الرحيم الزين … تصحبه اماله العراض واحلام ظلت تراوده…. تاركـــا خلفه امينة الزوجة الطيبة… ومعها اطفاله الاربعة … وصل عبد الرحيم الزين ديار الاغتــراب فى بداية مشواره كان مفعما بالنشاط والحيوية …باحثا عن لقمة العيش بدون كلل اوملل ..عمل عدة اشهر… ثم قادته قدماه الى احــدى الجمعيات …. ثم مالبث ان ترك العـــمل بحـــجة انه ليس العمل المناسب… واستكان مستمتعا بالعطالة بين العاطلين فى الجمعية … فكان نهارهم كليلهم عطالة بالنهار وغطيط بالليل…. وتمضى الشهور والسنوات وعبد الرحيم يتغـــير الى سلبية حياة البطالة …ويتناسى شيئا فشيئا زوجته واطفاله …. ثم ما لبث ان انقـــــــطع عن الاتصال باسرته او ارسال مصاريف حتى…. ونسى وعشق النسيان….. وقد اعجبته حيــاة
اللامسؤلية …. اما امينة الزوجة التائهة… التى لم ينقطع املها فى زوجها فكانت تحاول ان تجد له الاعذار…. ولما ضاق عليها وعلى ابناءها الحال، حاولت ان تستر حالها فباعت كل ما يمكن ان يباع … الا شرفها… ولكن كيف لها ان تطـــعم اطفالها وتحميــــهم من التشــرد والاذى فى زمن … الغدر… والانحراف… تعبت امينة التى لم يترك لها زوجها خيارات الا الشقاء … ولا ملاذا الا … الكفاح والعمل، فعاشت المسكينة بين خوفين خوف من الضياع وخوف من الانتظار… والايام تأكل من روحها وريحانها …ورحيـــق جمالها… وتمـــــضى السنوات عجافا… واصبحت سعادتها فى تفوق اطفالها فى دراستهم ونجاحهم المتميز رغم حصار الفقر لهم قى زمن لا تسمع فيه انات الجوعى… ولا يحس بالام المساكين الا مــــن رحم ربه….نسى عبد الرحيم اطفاله ،سنوات طويلة طواها بين حياة البطالة واللامبالاة نسى عبد الرحيم فلذات الاكباد …وامرأة هى بالاحرى زوجة له… تركها واهملها فى مهب الريح فقد احالت دون ذاكرته غفلاته ونزواته فى درك الانحطاط ….واوصدت قسوة قلبه كل باب لعاطفة نبيلة فماتت انسانيته ….واستمرأت روحه الانحدار….
اما امينة فهى بين كفاحها وحزنها على اختفاء زوجها الذى طال انتظارها له …. استطاعت رغم صعوبة الحال وخشونة الايام… ان تجد عبر اجتهادها طريق لتعتاش منه وتطعم الابناء
فسخر الله لها كثير من الاسباب العصية فليس هناك مسافة بين التوكل والسعى الا العزيمة
فبنت على رقة حالها …بيتا صغيرا متواضعا جعلت نصفه مزرعة دواجن …عاشت هــى وابناءها منها… مضى على رحيل عبد الرحيم الزين الرجل الذى توارى خلف الهروب من مسؤلياته اكثر من عشرين عاما …. كبر الابناء وتخرج البعض منهم .. وبعد ضياع سنوات العمر المحسوبة…. مازال المغترب عبد الرحيم الزين …سليم الجسم.. مــــريض الروح… يعيش حياة لامعنى لها بين جدران …. الجمعية

تعليق واحد

  1. العودة الي الديار المحسوبة…. مازال المغترب عبد الرحيم الزين …سليم الجسم.. مــــريض الروح… يعيش حياة لامعنى لها بين جدران …. الجمعية
    ولما صدر قانونا يمنع دور الجميعات والروابط عاد عبد الرحيم الي وطنه حيث كان في انتظاره ابنه الاكبر شفيع وهو يقود سيارة (امجاد ) نظر عبد الرحيم الي وجوه الواقفين المنتظرين اعزائهم لم يعرف عبد الرحيم من من ينتظره حتى تقدم نحوه ولده شفيع وقال بصوت ملؤه الشوق والحنين الحمدلله على السلامة ابي انا شفيع ولدك الوالدة واخواني في انتظارك ما كان عبد الرحيم يرى ابنه حتى غشيته نوبة من الدوار ولم يفق منها حيث حمل على الاكتاف ومات عبد الرحيم يوم وصوله ارض الوطن حيث لم يسفه العمر بقاءًولم ير غير شفيع من بقية ابنائه
    هكذا انتهت القصة يا نابلسي ولك الشكر ان اردت لنا

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..