ليه بنهرب من مصيرنا؟ أفكار متلاطمة وأرض متحركة وعالم خاص صنعه الوهم

الخرطوم ? سارة المنا
دوماً يجد الإنسان نفسه في دوامة متلاطمة من الأفكار التي ربما تأخذه بعيداً عن الواقع المُر الذي يعيشه، وتسيطر على مركز التفكير بعقله فلا يجد أرضاً ثابتة توجه أفكاره، فيصنع لنفسه عالما خاصا ينسى أو يتناسى عبره كل السلبيات التي لم يستطع ان يواجهها ليكون عالماً آخر أكثر إيجابية يتحكم فيه كما يريد.
إن جودة أدائنا في هذا العالم تحددها بدرجة كبيرة دقة رؤيتنا له، وعلى الرغم من ظننا أو اعتقادنا الجازم بأننا نرى الأشياء بطريقة موضوعية، فهذا ليس إلا ضرباً من ضروب الوهم لأن كل معرفتنا والأحكام التي نطلقها تحتكرها خبرات الماضي، وتؤثر بشكل مباشر في الطريقة التي نقرر وننظر بها للأشياء، ومع ذلك فمن المهم أن نبذل كل ما في وسعنا لرؤية العالم بصدق وبأكبر درجة ممكنة وإذا لم نستطع توجيه رؤيتنا وجعلها أكثر واقعية، فربما نفقد الفرصة التي ستساعدنا على اتخاذ قرارات سليمة، عليه، ينبغي في حال أردنا اتخاذ قرارات يجب الاستناد على أكبر قدر ممكن من الأدلة والحقائق، والابتعاد قدر استطاعتنا عن ما يتصوره الأخيلة والتفكير الحالم، وهنا يتبادر سؤال على الأذهان: هل يعد الهروب من المسؤولية حلاً للمشكلات أم يزيدها تعقيداً؟
يرى المخرج عاطف السنهوري أن العامل النفسي له دور فعال في شخصية الإنسان وأفعاله تجاه أي مشكله تواجهه أو ضغوط يتعرض لها، وقال: “الإنسان منذ سن الرضاعة وحتى سن المراهقة ما يحدث حوله يلعب دوراً أساسياً في تكوين شخص سوي”، وتابع: “عند تعرض الإنسان لضغوط في حياته يؤثر رد فعله على نفسيته ووعيه وقوة شخصيته، لذلك نجد أن هناك من يواجهون مشاكلهم بالهروب سواء بتغيير المكان والذهاب إلى آخر جديد أو السفر إلى دولة أخرى، وكل ذلك ـ بحسب عاطف ـ لن يجدي نفعاً، لذلك يجب أن يؤمن الشخص بالقضاء والقدر وبأن الحياة فيها خير وشر وسعادة وشقاء وأيضاً فرح وسرور.
مواجهة الواقع
بينما تقول الأستاذة شذى الشيخ: الهروب والمواجهة نقيضان لعكس حالة الإنسان مع نفسه، وأضافت: الإنسان الذي يثق في نفسه يتجه تلقائياً إلى مواجهة الواقع بحلول جذرية ومقابلة الحياة بكل ما فيها من مواقف وأحداث، بينما الإنسان المتمرد والخجول يلجأ للهروب من المسؤولية وبدلاً من المواجهة وإصلاح ما يمكن إصلاحه يبحث عن العطف والحنان، وقالت: من الضروري أن يقف الشخص لحظة مع نفسه ويحاول حل مشكلته بدلاً من التأرجح بين خيار الهروب أم المواجهة، وتساءلت شذى: هل كل من يتهرب من مسؤوليته جبان؟
مبررات نفسية
من جهته يقول مستشار العلاقات الخارجية لاتحاد منظمات المجتمع السوداني محمد خليل: لا شك أن الواقع غير سار بالنسبة للكثيرين، ومع ذلك فإن الهروب منه ليس الحل، بالرغم من أن هناك أوقات يكون فيها الواقع مرعباً فنبحث عن مبررات للهروب منه وإن كانت بصورة مؤقتة، وتابع موضحاً: للحفاظ على القدرات العقليه ابتكر الإنسان وسائل كثيرة للهروب من الواقع، وعلى سبيل المثال اعتبرت مجموعة كبيرة من الناس التقاعد من الأمور المخيفة جداً وأن هذا الواقع سيدمر أحلامهم في نهاية الأمر، لذلك يلجأ الهاربون من الواقع لوسائل مختلفة كالإدمان على المخدرات أو ألعاب الفيديو أو مشاهدة التلفاز أو الدخول في علاقات حب عابرة، وأيضاً هناك من يكذب كذبة بيضاء لا ضرر فيها بغرض الظهور بغير حالته، وهوس التسوق أيضاً أو الحفاظ على اللياقة البدنية إدمان وملجأ يحاولون عبره الهروب من الواقع الذي لا يرغبون في مواجهته، وأضاف: في حقيقة الأمر إذا تتبعنا أسباب الهروب من الواقع وأساليبه فسنجده بحراً هائجاً تحمل امواجه كثيرا من القصص التي تدخلنا واحدة منها في متاهات لا آخر لها، لكنها قضية تستوجب الدراسة.
نحو المجهول
تقول الزميلة الصحفية ثريا إبراهيم: عندما لا يجد الإنسان حلا لمشكلاته المتفاقمة، ويصبح في حيرة من أمره فلا يجد أمامه سوى الهروب نحو المجهول كل بحسب هواه، منهم من يفضل السفر ومنهم من يفضل تناول المسكرات حتى لا يدرك شيئا لدنياه، لكن له عواقب وخيمة تقود لنتائج لن يرضاها، وأضافت: ربما يجد البعض في السفر حلا لمشكلته

اليوم التالي

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..