الحلقة المفقودة في مسار الثورة الوطنية الديمقراطية و تنظيم قواها الإجتماعية (2)

مساهمة لإثراء الصراع الفكري داخل الحزب الشيوعي السوداني في إطار التحضير للمؤتمر السادس
فلسفة الصراع الفكري
ينظر الحزب للصراع الفكري كأحد أهم الضرورات الملازمة للصراع الإجتماعي و الطبقي و المعبرة عنه و أحد أهم إفرازاته باعتبار أن الفكرة هي إنعكاس للمادة و أن اختلاف الأفكار و تباينها يعكس بالضرورة التباين الإجتماعي و الطبقي و التعدد في أنماط علاقات الإنتاج السائدة داخل المجتمع الواحد و المتغيرات علي صعيد المجتمع الدولي المحيطة به. و يتبني أي إنسان هذه الفكرة أو تلك بحكم موقعه الإجتماعي و الطبقي و بالتالي فإن أي صراع داخل الحزب هو ظاهرة اجتماعية طبيعية و صحية تسهم بالضرورة إسهام إيجابي في مسيرة تطوره و يخرج منها الحزب دائما أقوي و معافي.
صحيح أن الحزب الشيوعي يتبني فكرا يعبِّر عن مصالح الطبقة العاملة و المزارعين و كافة الكادحين من جماهير شعبنا و يضم داخله عضوية متباينة الأصول الإجتماعية و الطبقية تعبِّر عن التباين الإجتماعي و الطبقي و تعدد أنماط علاقات الإنتاج السائدة في بلادنا. و لكن سنكون مثاليين و غير واقعيين إذا افترضنا أنه بمجرد إنضمام الفرد للحزب الشيوعي هو بمثابة الإنسلاخ التام أو المطلق لهذا الفرد من إنتمائه الطبقي السابق للإنتماء (و بشكل مطلق أيضا) للتكوين الطبقي الجديد أو بعبارة أخري أكثر دقة، الإنقطاع عن التاريخ الإجتماعي و الطبقي السابق لذلك العضو و البدء من الصفر في تكوين طبقي جديد أي (الإنقطاع المطلق و البدء المطلق)، و هو ما تدعمه مقولة الشهيد عبد الخالق محجوب (فالكثير من الرفاق القياديين ينسون ان العناصر التي تنضم للحزب وتمر بفترة الترشيح مازالت تحتفظ بالكثير من نظراتها الخاطئة المنبعثة من اصولها الطبقية ومن حياتها اليومية ومن مصادر ثقافتها)، (محجوب، إصلاح الخطأ في العمل وسط الجماهير، 1963).
فالمقصود بالقطع هنا كما يقول الشهيد حسين مروة في موسوعته (النزعات المادية في الفلسفة العربية الإسلامية) ليس القطع بمفهومه السكوني (الميتافيزيائي) أي القطع المطلق لحركة التطوّر في إحدى مراحلها ثمّ البدء في المرحلة اللاحقة من نقطة الصفر أي البدء المطلق أيضا، بل مفهومه الجدلي التاريخي وهو المفهوم الذي يَعتَبِر القطع جزءاً من خط الإستمرارية نفسها (مروة، النزعات المادية، 2008). فإنّ فهم العلاقة الجدلية على هذا النحو بين القطع و الإستمرارية في حركة تطوّر الحزب و المجتمع السوداني معا يرجع للأساس العلمي لمفهوم الحركة نفسها في الطبيعة والمجتمع والفكر جميعا، وهو الأساس القائم على وحدة التناقض الداخلي لقانون الحركة. و هو ذات التناقض الذي بنى عليه الفيلسوف زينون الآيلي (489 ق.م) إنكاره المطلق لوجود الحركة عندما تصوّر لإثبات ذلك سهما ينطلق في الفضاء قال أنّه (أي السهم) لا بدّ و أن يكون في أيّة لحظة زمنية خلال إنطلاقه ثابتا في نقطة معينة لأنّه لا يمكن أن يكون في لحظة واحدة موجوداً في مكانين إثنين أي أن وجوده في كل نقطة ينفي النقطة التي سبقتها و يبدأ من الصفر في النقطة التي تليها و هكذا. و بالتالي خلص إلي أنّه إذا كان السهم في كلّ جزء زمني ساكنا في نقطة بعينها لزم أن يكون في مجموع الأجزاء الزمنية ساكنا أيضا في النقاط الأخري لأنّ استمرار السكون لا ينتج غير السكون و بالتالي فلا حركة إذن. و من هنا جاء إنكاره المطلق للحركة.
و لمزيد من محاولات إثبات فرضيته عن الحركة تصور زينون رجلا أسماه (أخيلوس) يسابق سلحفاة و إفترض أنّ السلحفاة تقدّمت علي الرجل بعشرة أمتار منذ البدء بناءا على أنّ سرعة الرجل تعادل عشرة أمثال سرعة السلحفاة، فحين بدأ الرجل السير وقطع عشرة الأمتار الفاصلة بينه وبينها وجدها تقدّمت عليه مترا واحدا أي عُشر المسافة التي قطعها هو فلمّا قطع هذا المتر كانت هي قد قطعت عُشر المتر فإذا قطع هذا العُشر تكون السلحفاة قد تقدّمت عليه بجزء من المائة من المتر. و هكذا يظلان متلاحقان إلى غير نهاية دون أن يلحق أخيلوس السلحفاة بناءاً علي افتراض زينون بالقطع المطلق لمرحلة معينة لتبدأ المرحلة التي تلي القطع من الصفر و كأن ما سبقها لم يكن له وجود أصلا فالمسافة التي قطعها أخيلوس في المرحلة السابقة لا تضاف وفقا لمنطق زينون للمرحلة الجديدة و تبدأ بالتالي من الصفر تماما.
إلا أنّه بناءا على هذين التصورين يكون السهم في حقيقة الأمر موجود وغير موجود في النقطة المعينة نفسها وفي اللحظة المعيّنة نفسها وهكذا في كلّ نقطة وفي كلّ لحظة على خطّ السهم الزينوني أي (التقطع و عدم التقطع). والأمر نفسه يتم في مثال أخيلوس والسلحفاة. فلو أنّ الحركة هي التقطع فقط (كما كان يفكّر زينون) لكان افتراض عدم إمكان لحاق أخيلوس بالسلحفاة أمرا صحيحا و محتوما. غير أنّ فهم الحركة بكونها وحدة النقيضين (التقطّع وعدم التقطع) أي (الإستمرارية) يجعل لحاقه بالسلحفاة ممكنا و هذا هو الفهم الذي يقبله العقل و المنطق. و هو ما عبّر عنه قانون وحدة صراع الأضاد في الديالكتيك الماركسي حيث يمثل الشيء و نقيضه سيرورة واحدة متصارعة داخليا. وهذا الصراع هو السبب في حدوث تغيرات كمية تتراكم بدورها لحد معين ثم تتحول بالضرورة لتغيرات نوعية حسب قانون (التحول الكمي إلي نوعي) كأول قوانين الجدل الماركسي و أهمها و أكثرها ارتباطا بقانون وحدة صراع الأضاد.
فلو تصورنا مثلا كوبا من الماء ترتفع درجة حرارته تدريجيا من 10 إلي 20 إلي 30 إلي 40 إلي 50 درجة مئوية. فكلما ترتفع درجة حرارة الماء داخله تكون جزيئات الماء في حالة تجاذب (أو صراع) حتي تتغلب الثانية علي الأولي و يحدث بالتالي التغير النوعي للماء من السيولة إلى الغازية. و في نفس الوقت فإن التغيرات الكمية حتي 40 درجة برغم أنها تمثل تغيرات كمية في درجات الحرارة و كمية الماء معا إلا أنها لا تمثل تغيرا في نوع الماء فخواص الماء تظل هي نفسها لا تتغير إلا عندما تصل حرارتها إلي 50 درجة مئوية (بافتراض أن درجة تبخر الماء هي عند ال 50 درجة) فيبدأ الماء في التبخر أي التحول النوعي من السيولة للغازية.
إن إعمال الديالكتيك في فهم الواقع و تفسيره و في فهم طبيعة الصراع الفكري داخل الحزب حول مسار الثورة الوطنية الديمقراطية يقتضي العمق و الدقة و الوضوح في التفريق بينه و بين جدل هيغل المثالي الذي كان يمشي علي رأسه (علي أساس أن الفكر يسبق المادة) حتي أتي ماركس و جعله يمشي علي رجليه (علي أساس أن الفكر هو إنعكاس للمادة)، و في نفس الوقت التفريق بينه و بين مادية فيورباخ في كون الأخيرة تنكر حركة المادة و تعتبرها ساكنة أو مكانية كما في حالة السهم الزينوني أو في سباق أخيلوس مع السلحفاة أو في مثال آخر كحالة حركة التفاحة من يمين الطاولة إلي يسارها. و في كون الأولي (أي المادية الجدلية) تناولت الحركة بمفهومها الجدلي أي الحركة الداخلية، أي نمو بذرة التفاحة الى زهرة وثمرة ومن ثم نضوجها و استهلاكها أو ذبولها وارتباطها بالظواهر الأخرى المحيطة بها كالإنسان و الجغرافيا كالمناخ و خصوبة الأرض…إلخ. هذه الحركة هي التي تُفسِّر التطور والتقدم في الطبيعة والإنسان والمجتمع جميعا. و أيضا تعمل علي تطوير الحزب و تحسين تكوينه الشيوعي عبر مسار تاريخي بالغ التعقيد ملئ بالصراعات الفكرية.
[email][email protected][/email]
الموضوع شيق وهادف الرجاء المواصلة في التحليل
درجة غليان الماء100 م ، بعدها يبدأ في التبخر
لو اننا تركنا جانبا نظريات السهم الزينونى وحركة السلحفاة وسباقها مع اخيلوس … وبقية النظريات التى اصبحت جزءا من تاريخ الاحزاب الشيوعيه ، وعدنا وهبطنا الى الارض ثم نظرنا الى التطبيق لوجدنا ان كل ذلك لا يزيد عن كونه سفسطة موغله فى البعد عن اصل وواقع الشيوعيه التى عرفناها . مثل ما يدعى ألاخوان المسلمون اليوم او الحركة الوهابية او التكفيريين ، كلهم يوهموننا بانهم يعملون بما قضى الله سبحانه فى كتابه العزيز . ولا أحد يستظيع مجرد مجادلتهم فى ذلك .
اقول قولى هذا من باب العودة الى التطبيق بدلا من التهويم فى عوالم التنظير الفلسفى المفتوحه .
الثوره البلشفيه فى روسيا والثورة الماويه فى الصين كلاهما ادعى الالتزام بمقولات الماركسية ، وكلاهما يدعى انه على الجاده والحق ، وتفرعت عنهما فروع لا حصر لها فى كوريا وفى فيتنام — هو شى منه — وفى كوبا ومعظم دول امريكا اللاتينيه وافريقيا وأخذ حزب البعث العربى الاشتراكى معظم نظرياته العنصرية من نفس المشرب .
لينين واستالين وكل زعامات اوروبا الشرقيه كانوا مثالا سيئا للحاكم الفاسد المتجبر الذى لا يلقى للماركسية بالا واصبح حاكما بأمره يدعى انه زعيم طليعة الطبقة العامله ويتصرف باسمها وتبعه فى ذلك كل الزعماء السوفييت اللاحقون ، فأفقروا الشعب وفعل مثل السوفييت كل زعماء الكتلة الشيوعيه حتى جردوا الانسان من انسانيته ، ثم انهار السقف عليهم بغتة عن طريق ما سمى بالبروسترويكا فشمت كل العالم على النظرية الماركسية بل وكفر بها اكثر اهلها وما زالوا يكفرون فجزيرة كوبا الصامدة ستنهار قريبا وتلحق بركب الرأسماليين .
هل ستعالجون هذه الاخطاء التاريخية وهل سياخذ حزبكم دروسا غاية من امثال هذه التجارب الفاشلة .
ولكم الشكر والتقدير .
المساهمة فى غاية الاهمية وخاصة الدور التثقيفى /التنويرى , ليس فقط للشيوعيين ولكن لكافة افراد الشعب السودانى
الموضوع شيق وهادف الرجاء المواصلة في التحليل
درجة غليان الماء100 م ، بعدها يبدأ في التبخر
لو اننا تركنا جانبا نظريات السهم الزينونى وحركة السلحفاة وسباقها مع اخيلوس … وبقية النظريات التى اصبحت جزءا من تاريخ الاحزاب الشيوعيه ، وعدنا وهبطنا الى الارض ثم نظرنا الى التطبيق لوجدنا ان كل ذلك لا يزيد عن كونه سفسطة موغله فى البعد عن اصل وواقع الشيوعيه التى عرفناها . مثل ما يدعى ألاخوان المسلمون اليوم او الحركة الوهابية او التكفيريين ، كلهم يوهموننا بانهم يعملون بما قضى الله سبحانه فى كتابه العزيز . ولا أحد يستظيع مجرد مجادلتهم فى ذلك .
اقول قولى هذا من باب العودة الى التطبيق بدلا من التهويم فى عوالم التنظير الفلسفى المفتوحه .
الثوره البلشفيه فى روسيا والثورة الماويه فى الصين كلاهما ادعى الالتزام بمقولات الماركسية ، وكلاهما يدعى انه على الجاده والحق ، وتفرعت عنهما فروع لا حصر لها فى كوريا وفى فيتنام — هو شى منه — وفى كوبا ومعظم دول امريكا اللاتينيه وافريقيا وأخذ حزب البعث العربى الاشتراكى معظم نظرياته العنصرية من نفس المشرب .
لينين واستالين وكل زعامات اوروبا الشرقيه كانوا مثالا سيئا للحاكم الفاسد المتجبر الذى لا يلقى للماركسية بالا واصبح حاكما بأمره يدعى انه زعيم طليعة الطبقة العامله ويتصرف باسمها وتبعه فى ذلك كل الزعماء السوفييت اللاحقون ، فأفقروا الشعب وفعل مثل السوفييت كل زعماء الكتلة الشيوعيه حتى جردوا الانسان من انسانيته ، ثم انهار السقف عليهم بغتة عن طريق ما سمى بالبروسترويكا فشمت كل العالم على النظرية الماركسية بل وكفر بها اكثر اهلها وما زالوا يكفرون فجزيرة كوبا الصامدة ستنهار قريبا وتلحق بركب الرأسماليين .
هل ستعالجون هذه الاخطاء التاريخية وهل سياخذ حزبكم دروسا غاية من امثال هذه التجارب الفاشلة .
ولكم الشكر والتقدير .
المساهمة فى غاية الاهمية وخاصة الدور التثقيفى /التنويرى , ليس فقط للشيوعيين ولكن لكافة افراد الشعب السودانى